مقالات

كلهم مقتدى .. لا أستثني أحدا (2)

يكفي العاقل من هذا أن ينظر إلى دفاعه المستميت عن إيران ومشروعها النووي، ودفاعه عن مقتدى الصدر وجيش المهدي. وادعاؤه المريض المستمر أن هناك مؤامرة للتغطية على عمليات المقاومة الشيعية، وحصر العمليات في المنطقة السنية فقط. بينما المقاومة – حسب ادعائه – سنية شيعية. ولا أدري هل الشيعة يتآمرون على أنفسهم أيضاً حين تخرس وسائل إعلامهم الضخمة المتعددة عن هذا الادعاء أو الإتيان بشواهد من الميدان له؟ وإذا تحدث عن الاحتلال فيصب لعناته على احتلال الأمريكان ويتهمها وحدها بـ(الإرهاب وتوظيف الطائفية بين مكونات الشعب العراقي) – كما جاء في أحد بياناته المقاومية – ويخرس عن استحلال إيران! وفي آخر تلك البيانات الهوائية النارية ضد الاحتلال يتحدث عن أمريكا ويتهمها حتى بظاهرة بيع (حبوب الهلوسة) – كما يسميها – على قارعة الطريق. مع أن الكل يعلم أن حبوب الهلوسة هذه قد أتتنا من بلاد المهلوسين حبيبته الجارة إيران! ولم يذكر إيران إلا في اعتراضه على سكوت المراجع في النجف عن الإفتاء بالجهاد ضد الأمريكان قائلاً: (وايران تطالبهم بالحاح في اصدار فتوى جهادية لمناهضة العدو)[1]!

وعبارة أنقلها من أحد كتبه لا تعني غير تكفير أهل السنة أجمعين! يقول فيها عن بدعة (الخمس): “ومن امتنع عن أدائه كان من الفاسقين الغاصبين لحقهم بل من كان مستحلاً لذلك كان من الكافرين”[2].

 

محمد حسين  فضل الله

سئل محمد حسين فضل الله: هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟ فأجاب: ” لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام، لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة “[3].

ويذكر الأستاذ صباح الموسوي الأحوازي أن فضل الله هذا قام بطرد أحد المشائخ الشيعة اسمه (طالب السنجري)، من حوزته الكائنة في منطقة السيدة زينب في سوريا، كان أستاذًا للفقه فيها، بسبب تأليفه كتاباً أكد فيه على أن الرجوع إلى الخليفة عمر بن الخطاب كالرجوع إلى الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنهما، لكون الاثنين يستقيان علمهما من منبع واحد، وهو القرآن والسنة[4].

هؤلاء هم (المعتدلون)، ورافعو راية التقريب !

 

محمد باقر الصدر

أما محمد باقر الصدر، المعدوم سنة 1980، والذي لا زال الكثير من أهل السنة مخدوعين به، ويعتبرونه من (المعتدلين)، ودعاة التقريب الصادقين. التقيت أحد خريجي كلية الشريعة في مكتب للحاسبات في بغداد، يريد طباعة رسالة له لنيل درجة الماجستير. كان يستعيد مع صاحب المكتب بعض النصوص من أجل تصحيحها، وسمعتهما يكرران كلمة (الشهيدين) مرات عديدة. قلت: من هما الشهيدان المقصودان بهذه الكلمة من فضلك؟ قال: سيد قطب ومحمد باقر الصدر.! قلت: سبحان الله! كيف جمعت بين الثرى والثريا؟! كيف يوصف من يكفر الصحابة، ويعتقد بتكفير أمة الإسلام بـ(الشهيد)؟ أليست العقيدة أساس التقييم؟ قال: وهل محمد باقر الصدر يكفر الصحابة؟ قلت: نعم. وأتيته بالدلائل. فقال لضارب الطابعة: احذف هذه الكلمة إذن.

والشيء نفسه حصل لي مع مؤلف كتاب يدعو للوحدة والتقريب، ويفرق بين التشيع الصفوي والتشيع العلوي، يثني فيه على محمد باقر هذا، ويعتبره مثلاً للتشيع العلوي. وحين جئته بكتاب لباقر هذا اسمه (أئمة أهل البيت تعدد أدوار ووحدة هدف)، وأريته ما فيه من تهجم وسب وطعن بالصحابة وعلى رأسهم الشيخان، عجب أشد العجب! وصار يعتذر صادقاً أنه لم يكن يتصوره على هذا المستوى من الانحطاط الفكري والاعتقادي. لقد تبين أنه يردد ما يسمع دون اطلاع على ما ينبغي الاطلاع عليه قبل إصدار الحكم بالسلب أو بالإيجاب.

ليس هذا الكتاب متوفرا لدي الساعة، إنما أنقل لكم نماذج من كتاب له اسمه (فدك في التاريخ). والكتاب واضح من اسمه في دلالته على العقلية التي تحرك المؤلف (الوطني) (المعتدل)!

انظروا إلى هذه النفسية الشعوبية الحاقدة ، وإلى هذه العقلية المريضة المنحرفة كيف تفسر ملازمة الصديق t للرسول e في معاركه! فبدلاً من أن يفسرها التفسير المنطقي طبقاً لمقتضيات طبيعة القيادة التي تميز بها الصديق عن غيره من الصحابة، والتي اقتضت هذه الملازمة ترى صاحبنا يفسرها تفسيراً مريضاً معوجاً فيقول:

“وليس لدي من تفسير معقول للموقف إلا أن يكون قد وقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكسب بذلك موقفا هو في طبيعته أبعد نقاط المعركة عن الخطر لاحتفاف العدد المخلص في الجهاد يومئذ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وليس هذا ببعيد لأننا عرفنا من ذوق الصديق أنه كان يحب أن يكون إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب لأن مركز النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو المركز المصون الذي تتوفر جميع القوى الإسلامية على حراسته والذب عنه… شخصية اكتفت من الجهاد المقدس بالوقوف في الخط الحربي الأخير – العريش”[5].

ثم انظروا إليه كيف يطعن في خليفة رسول الله فيقول:

“فلا غرابة في أن ينتزع من أهل البيت أموالهم المهمة ليركز بذلك حكومته، أو أن يخشى من علي عليه السلام أن يصرف حاصلات فدك وغير فدك على الدعوة إلى نفسه. وكيف نستغرب ذلك من رجل كالصديق وهو الذي قد اتخذ المال وسيلة من وسائل الأغراء، واكتساب الأصوات”[6].

ويطعن في شرعية خلافته فيقول: ” تلك هي خلافة الصديق (رضي الله تعالى عنه) عندما خرج من السقيفة… ومعنى هذا أن الحاكمين زفوا إلى المسلمين خلافة لم تباركها السماء ولا رضي بها المسلمون”[7]. ويقول أيضاً: “والنقطة الاولى التي نؤاخذ الصديق عليها هي وقوفه موقف الحاكم في المسألة (فدك) مع أن خلافته لم تكتسب لونا شرعيا”[8].

وعندما وجد نفسه عاجزاً عن إنكار الخير العميم، الذي شمل البشرية فـي عهد الشيخين، راح – بعقليته المريضة – يصرف الفضل في ذلك، لا إلى جهدهما المخلص، وحرصهما على نصرة الدين، ونشره في ربوع العالمين، وإنما إلى الظرف المحيط بهما، فهما قد فعلا ما فعلا خوفاً من المجتمع ورقابته! هل رأيت تناقضاً ومرضاً عقلياً ونفسياً كهذا؟! فيقول:

” صحيح أن الإسلام في أيام الخليفتين كان مهيمنا، والفتوحات متصلة والحياة متدفقة بمعاني الخير، وجميع نواحيها مزدهرة بالانبعاث الروحي الشامل، واللون القرآني المشع، ولكن هل يمكن أن نقبل أن التفسير الوحيد لهذا وجود الصديق أو الفاروق على كرسي الحكم؟! ” . ثم يقدم بعد هذا التساؤل تفسيره الفتاك فيقول:

“ونفهم من هذا أن الحاكمين كانوا في ظرف دقيق لا يتسع للتغيير والتبديل في أسس السياسة ونقاطها الحساسة لو أرادوا إلى ذلك سبيلا، لأنهم تحت مراقبة النظر الإسلامي العام الذي كان مخلصاً كل الإخلاص لمبادئه، وجاعلا لنفسه حق الإشراف على الحكم والحاكمين. ولأنهم يتعرضون – لو فعلوا شيئا من ذلك – لمعارضة خطرة من الحزب الذي ما يزال يؤمن بأن الحكم الإسلامي لا بد أن يكون مطبوعا بطابع محمدي خالص، وأن الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يطبعه بهذا الطابع المقدس هو علي – وارث رسول الله ووصيه وولي المؤمنين من بعده “[9].

هؤلاء هم (المعتدلون) من الشيعة! فأي اعتدال هذا ؟!

 

علي الأمين

يقول (معتدل) آخر هو علي الأمين مفتي صور وجبل عامل في لبنان في لقاء له على قناة (العربية) في برنامج (بالعربي) يوم 22/2/2007:

” تعاونت مع منظمة أمل والمجلس الأعلى لأنهم يحملون مشروعاً معتدلاً ” !

فإذا كانت منظمة أمل صاحبة مجازر تل الزعتر وصبرا وشاتيلا تحمل مشروعاً معتدلاً، فكيف هي مشاريع الآخرين من غير (المعتدلين)؟!

نعم! قد تسمع أو تقرأ كلاماً يبدو معتدلاً لأحد العلماء من منتسبي المجلس الأعلى الشيعي في لبنان، ولكن النتيجة في النهاية واحدة. لا ترى على الواقع إلا عملاً واحداً لهؤلاء وهؤلاء. فليس ثمة إلا الكلام. وكما قالت العرب منذ زمن بعيد: ” أسمع جعجعة ولا أرى طحناً “. ولذلك لا يجد المفتي المذكور من حرج أو مفارقة حين يقرن بين المنظمة والمجلس. لأنهما في الحقيقة شيء واحد. الهدف واحد، ولكنها الأدوار يجب أن تتعدد خدمة للهدف.

سوّق الإعلام العربي علي الأمين إلى الجمهور على أنه مرجع شيعي عربي معتدل. وقدمته قناة (المستقلة) المعروفة بهذا الوصف، وأجرت معه مقابلات كثيرة. وهذه ملاحظات بسيطة تدمغ هذه الشخصية بالطائفية والثعلبية و(التقية الشيعية)([10]).

في الوقت الذي يصمت هذا الشيخ الرافضي صمت القبور عن جرائم الحوثيين، وجرائم الشيعة بحق السنة في العراق وسوريا ولبنان، فلم يستنكر جريمة واحدة من جرائمهم.. يرسل برقية بتاريخ 16/2/2015 إلى شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب والبابا تواضرس الثاني رئيس الكنيسة القبطية تعزية على قتلى الأقباط في ليبيا بيد (القاعدة). والسبب في هذه المفارقة معروف.. أولئك شيعة وهؤلاء سنة!

بتاريخ 20/3/2015 نشر علي الأمين أول منشور له حول اليمن، ولكن عن مقتل الشيخ الرافضي مرتضى المَحَطْوَري مترحماً عليه ممجداً إياه. وله (تغريدة) على (تويتر) بذلك أثبتها هنا.

والمَحَطْوَري مدير (مركز بدر)، الذي تخرج على يده فيه الكثير من عتاة المجرمين قادة مليشيات الحوثيين، مثل أبناء ابن الوزير. وتلاميذه يفجرون مساجد السنة باليمن بحجة أنها (مساجد الوهابية). يمارس هذا الثعلب خطاب التصالح والتسامح عندما تدور الدائرة على الحوثيين، فإذا كانت الكفة لصالحهم وهم يعيثون في الأرض فساداً لا تسمع له كلمة استنكار لجرائمهم. والمحطوري أحد الموقعين على وثيقة تطالب الحكومة اليمنية بسحب الكتب السنية من (صعدا) بحجة أنها محافظة زيدية. فهو يتستر بالزيدية تغطية للرافضية. ويقصد بذلك كتب المناهج الدراسية الرسمية، ومعها المدرسين السلفيين. والمجيء بمدرسين إيرانيين يدرسون العقيدة الشيعية الإثني عشرية، وإحلالها محل العقيدة الزيدية التي لا يكفر الصحابة، ويتعايش أهلها مع الشافعية السنية.

هذا غيض من فيض حقيقة الرافضي الإثني عشري مرتضى المحطوري، الذي يمجده علي الأمين، ويستنكر قتله، مع صمته عن مقتل مئات العلماء السنة في إيران، وأضعافهم في بلاد السنة التي سيطر عليها الشيعة.

وما إن بدأت (عاصفة الحزم) في آيار/2015 بقيادة المملكة العربية السعودية مع الدول العربية المتحالفة معها ضد الحوثيين، حتى ظهر علي الامين بمظهره الشيعي الناعم يكتب مقالات يومية على صفحته في (الفيسبوك) داعياً إلى وقف الحرب والحوار مع الحوثي؛ تحت ستار نبذ التطرف وأن الحرب وقودها رجال ودماء ورؤوس.

هذا بعض ما ظهر لنا من صفحة علي الأمين الظاهرة، فكيف هي صفحته الباطنة؟!

 

محمد محمد صادق الصدر

الشيء نفسه قيل عن محمد صادق الصدر. وقد عانينا ما عانينا أيامها في سبيل أن نقنع المغفلين ببطلان نظرية التفريق بين علماء الشيعة وقسمتهم إلى صنفين: معتدلين أصحاب تشيع علوي، وآخرين أصحاب تشيع علوي، ما داموا يعتقدون بمبدأ (الإمامة). إن أول اللوازم التلقائية للاعتقاد بهذا المبدأ الخطير، هو تكفير من لا يلتزم الاعتقاد به. وهذا أمر اضطراري لا مهرب منه. شأنه شأن اعتقادنا بأصل النبوة، وتكفير من لا يقر به. هل تعلم أن (الإمامة) عند الشيعي أعلى مرتبة من النبوة؟ هل التشيع الذي يتضمن هذه العقيدة الفاسدة التي تقضي بتكفير خيرة الأُمة يليق أن نلحقه بعلي، وننسبه إليه؟! فكيف يقال بعد ذلك عن بعض علمائهم: إنهم من أصحاب التشيع العلوي أو العربي؟ هذا تشيع غلوي – يا سادتي – لا علوي، وعجمي لا عربي.

وحتى بعد أن كشر محمد صادق عن حقيقته، ظل هناك من لا يعرف أو لا يريد أن يعرف الحقيقة! حتى إذا جاء ولده قالوا: هذا هو من ننتظر، وعلى يده سيكون جمع الأمة! وراحت أصوات المحذرين أدراج الضوضاء. حتى كشفت الأحداث عن سوءته. ولم يعد لأحد من عذر للدفاع عنه.

ولا أريد أن أطيل في الإتيان بالشواهد من خطب محمد صادق الصدر وكتبه. يكفي أن أشير إلى ما صرح به أحد أتباعه (المعتدلين) حازم الأعرجي وهو يحرض على قتل أهل السنة في إحدى خطبه النارية المسجلة على شريط مصور، والمبثوثة على شبكة المعلومات، محتجاً بفتوى للمقبور محمد صادق هذا تقول: اقتلوا النواصب إنهم أنجاس، أنجس من الكلب!.

وهذه لقطة مختصرة من إحدى خطبه على منبر الجمعة في الكوفة متحدثاً عن موت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان هناك جوابين لأسلوب موته. أي إنه مات بحادث خارجي جواب من الجماعة – أهل السنة – وجواب من عندنا. الجماعة يقولون: إنه اثر فيه أكل الذراع الذي قدمته اليهودية. وهذا بعيد إلى درجة عجيبة… أذن كيف مات؟ وبأي حادث خارجي مات؟ يقولِ الارتكاز المتشرعي عندنا: إن الحادث حصل من داخل بيته. ربما بعض زوجاته هي التي دست له السم ومات خلال أيام. طبعا بالجرح هذا لا يحتمل. وإنما بالسم[11].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] شبكة البصرة ، 17/3/2007 ، ووجود مثل هذا البيان على شبكة البصرة وترويجها له ، ومدحها لصاحبه ، يؤكد أننا مشروع دائم للانخداع! فمتى تنتهي هذه المهزلة؟!

[2]– حق الإمام في فكر السيد البغدادي، ص10، أحمد الحسيني البغدادي.

[3] مسائل اعتقادية، ص110 ، محمد حسين فضل الله

[4]من مقال بعنوان (محاولات أولية لإصلاح الشيعة) على موقع ” الرابطة العراقية ” في 1 محرم 1428، 19/1/2007.

[5] ص125،128على التوالي.

[6]– ص89.

[7]– ص138.

[8]– ص186.

[9]– ص50-51.

[10]– كتبت إحدى المتابعات مقالاً بعنوان (حقيقة المعمم الشيعي اللبناني علي الأمين)، نشرناه على موقع (القادسية) في نيسان/2015، والكاتبة مدرسة فلسطينية من الأردن اسمها (ميرفت محمد). ما أضفته عن علي الأمين هنا من مقتطفات مستل من مقال الكاتبة المذكورة.

[11]– كتاب منبر الصدر ، وهو كتاب يحتوي على خطب الجمعة التي كان يلقيها محمد صادق الصدر في مسجد الكوفة ، الخطبة الخامسة ، ص51 من الكتاب ، تقرير وتحقيق السيد محسن الموسوي .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى