مقالات

التشيع وقابلية الاستعمار (2)

شواهد التاريخ

قلت في المقالة السابقة: (تغرس ثقافة التشيع في معتنقيها (قابلية الاستدبار أو الاستعمار). وذكرت أن السر يكمن في عقائد الشيعة وعلى رأسها عقيدة (الإمامة) و(التقليد). وبينت العلاقة بين هاتين العقيدتين وقابلية الشيعي لأن يستدبر أو يستعمر.  وفي هذه المقالة أورد شواهد سريعة من التاريخ تصدق ما أقول، وتثبت أن الشيعي لا يشعر بالانتماء إلى غير طائفته من قوم أو وطن؛ لأن عقيدته سلبته قابلية الانتماء، وأبدلت قابلية الاستعمار. وكلما كان الشيعي قريباً من مصدر القرار – كأن يكون وزيراً أو قائداً عسكرياً، أو مستشاراً لدى الحاكم – كان أخطر، وأكثر قدرة على التآمر، واستعمال سلطته في سبيل هدم دولته، والكيد لأولياء نعمته. هذا هو الأصل. والاستثناء قليل، حين تقوم أمامه موانع ذاتية أو خارجية.

 

التمكين للغزاة البويهيين من بغداد

كان لدى الخليفة العباسي الراضي بالله محمد بن المقتدر وزير شيعي يسمى أبا علي محمد بن علي بن مقلة. وما إن وصل هذا الوزير إلى سدة الحكم حتى أخذ يخطط ويدبر لإزالة الخليفة العباسي والتمكين لمجيء الفرس من بني بويه المتشيعين، فأخذ يكتب للبويهيين يطمعهم في بغداد دار الخلافة، ويصف لهم الحال الذي عليه الخليفة من الضعف، حتى قدم معز الدولة بن بويه إلى بغداد واستولى عليها سنة 334هـ. ويومها قال الوزير أبو علي ابن مقلة ” إنني أزلت دولة بين العباس وأسلمتها إلى الديلم لأني كاتبت الديلم وقت إنفاذي إلى أصبهان، وأطمعتهم في سرير الملك ببغداد، فإني اجتنيت ثمرة ذلك في حياتي”[1]. ولن تجد شيعياً اليوم لا يلعن خلفاء المسلمين، ويمجد البويهيين.

 

خيانات الفاطميين

كثيراً ما تعاون الفاطميون مع الصليبيين وتمالأوا معهم على بلاد الإسلام. من ذلك ما فعله العاضد آخر ملوكهم في مصر حين كاتب الصليبيين – كما ذكر المقريزي في خططه – ودعاهم إلى دخول مصر. من أجل الخلاص من صلاح الدين الأيوبي. وفعلاً جاء الفرنجة إلى مصر وحاصروا دمياط في سنة 565هـ، وضيقوا على أهلها وقتلوا أمما كثيرة.

وفعل الشيء نفسه الوزير الفاطمي شاور. فقد راسل الفرنجة ولما وصلت عساكرهم إلى مصر انضمت جيوشه إليها، والتقت بجيوش نور الدين بمكان يعرف بالبابين (قرب المنيا) فكان النصر حليف عسكر نور الدين محمود. ثم سار بعدها إلى الإسكندرية، وكانت الجيوش الصليبية تحاصرها من البحر وجيوش شاور وفرنجة بيت المقدس من البر، ولم يكن لدى صلاح الدين – القائد من قبل نور الدين – من الجند ما يمكنه من رفع الحصار عنها، فاستنجد بأسد الدين شيركوه فسارع إلى نجدته، ولم يلبث الفرنجة وشيعة شاور حتى طلبوا الصلح من صلاح الدين فأجابهم إليه شريطة ألا يقيم الفرنجة في البلاد المصرية. غير أن الفرنجة لم تغادر مصر عملاً بهذا الصلح بل عقدت مع شاور معاهدة كان من أهم شروطها : “أن يكون لهم بالقاهرة شحنة صليبية – أي حامية – وتكون أبوابها بيد فرسانهم ليمتنع نور الدين محمود عن إنفاذ عسكره إليهم. كما اتفق الطرفان على أن يكون للصليبيين مائة ألف دينار سنويًّا من دخل مصر”[2]. وقد تعددت خيانات شاور، ومراسلاته للفرنجة الصليبيين واستقدامه لهم ومقاتلته معهم مرات عديدة.

 

هدم الخلافة العربية الإسلامية، واستقدام المحتل المغولي

لعل أحداً ممن يهمه الأمر من الكتاب والصحفيين والإعلاميين والخطباء وأمثالهم لا يذكر الحقيقة كما هي فيقول: إن سبب كارثة احتلال المغول لبغداد كانت طائفية (شيعية – سنية)، وأن الشيعة أرادوا الانتقام من أهل السنة فقاموا بفعلتهم الشنيعة تلك! يقول ابن كثير: (وذلك كله من آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي. وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة، حتى نهبت دور قرابات الوزير؛ فاشتد حنقه على ذلك. فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع).

كما ذكر ابن كثير أن كبير علماء الشيعة نصير الطوسي كان في حاشية هولاكو عند دخوله بغداد، وأنه كان معه كالوزير. وأنه كان من مقاصد أكابر الشيعة من وراء ذلك هو أن يزيلوا السنة بالكلية، ويظهروا بدعة الرافضة، وأن يقيم لهم المغول خليفة من الفاطميين. يقول خميني (لع) (الحكومة الإسلامية ص 128): (ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام).

ومما يذكره المؤرخون مثل عباس العزاوي في كتابه (بغداد بين احتلالين) أن مائة من علماء شيعة الحلة ممن ينتحل النسبة إلى أهل البيت جاءوا إلى بغداد يقدمون فروض الولاء والطاعة والتمجيد لهولاكو، ويقولون له: أنت الملك الموعود على لسان علي بن أبي طالب. وحين ذهبت جيوشه إلى الحلة استقبلتهم شيعتها بالزينة والأفراح، ونصبوا لهم الجسور لعبورهم!

خيانات شيعة الشام وتعاونهم مع المغول

وشواهدها كثيرة ذكرتها كتب التاريخ. وقد عين هولاكو على بلاد الشام كلها والجزيرة والموصل وماردين والأكراد قاضياً شيعياً هو كمال الدين بن بدر التفليسي. وطلباً للاختصار نكتفي بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته إلى السلطان الملك الناصر في شأن حرب المغول وحثه على البدء بقتالهم قبل أن يبدأوه: (إن غالب أهل البلاد قلوبهم مع المسلمين إلا الكفار من النصارى ونحوهم، وإلا الروافض ونحوهم من أهل البدع هواهم مع الكفار، فإنهم أظهروا السرور بانكسار عسكر المسلمين وأظهروا الشماتة بجمهور المسلمين. وهذا معروف لهم من نوبة بغداد وحلب، وهذه النوبة أيضاً كما فعل أهل الجرد والكسروان. ولهذا خرجنا في غزوهم لما خرج إليهم العسكر . وكان في ذك خيرة عظيمة للمسلمين)[3].

ونثني بقول الأمير بيبرس لما دخل التتار حلب وقتلوا منها خلقًا كثيرًا، وسلبوا ونهبوا وسبوا فكتب الملك الناصر صاحب حلب إلى الملك المغيث صاحب الكرك وإلى الملك المظفر قطز في مصر يطلب منهما نجدة وكانت نفسه قد ضعفت وخارت، وعظم خوف العساكر من هولاكو فقام الأمير الشيعي زين الدين الحافظي يعظم شأن هولاكو، ويشير بعدم القتال ووجوب الدخول في طاعة هولاكو، فصاح به الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وضربه وسبه وقال: (أنتم سبب هلاك المسلمين)[4]. يا لها من كلمة (أنتم سبب هلاك المسلمين)!

 

تواطؤ الصفويين مع الصليبيين على غزو بلاد العرب والمسلمين

أقام الشيعة الصفويون – الذين بدأ حكمهم لإيران في سنة 1501م- تحالفاً مع البرتغاليين ضد الدولة العثمانية السنية. وكانت الاتفاقية بينهم تنص على (أن يقدم البرتغال أسطولهم لمساعدة الفرس في غزو البحرين والقطيف، كما يقدم البرتغال المساعدة للشاه إسماعيل لقمع الثورة في مكران وبلوجستان وان يكوِّن الشعبان البرتغالي والفارسي اتحاداً ضد العثمانيين). حتى إن قائدهم بعث للشاه إسماعيل الصفوي الرسالة التالية: (إنى اقدر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند. وإذا أردت أن تنقضّ على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة. وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأنفذ له كل ما يريد)!. وقد تضمن مشروع التحالف البرتغالي الصفوي تقسيم المشرق العربي إلى مناطق نفوذ بينهما. ومن بنوده أن تكون مصر من حصة الصفويين، وفلسطين من حصة البرتغاليين. وتوقف الفتح الإسلامي لأوربا بسبب هذا الحلف.

 

تحالف الشيعة الأفغان مع الغزاة لاحتلال بلادهم أفغانستان

وذلك بمساعدة إيران وتدبيرها. وقد فعلوها مع الروس أثناء غزوهم لأفغانستان واحتلالهم لها. وكذلك فعلوا عند احتلال الأمريكان وحلفائهم لأفغانستان.

 

الشيعة عند احتلال اليهود لجنوب لبنان 1982

في مقابلة لصبحي الطفيلي الأمين العام السابق لـ(حزب الله) مع صحيفة الشرق الأوسط في (7/2/2004) اعترف بأن شيعة لبنان استقبلوا الجيش الإسرائيلي عند احتلاله جنوب لبنان بالورود والأرز. وكذلك اعترف الأمين العام الحالي للحزب حسن نصر الله في إحدى خطبه التي تجد مقتطفات منها في كتاب (عراق بلا قيادة) ص266-267 للشيعي من حزب الدعوة عادل رؤوف.

 

(حزب الله) هو الحزام الأمني لكيان إسرائيل

وكان مما قاله الطفيلي في تلك المقابلة: (ما يؤلمني أن المقاومة التي عاهدني شبابها على الموت في سبيل تحرير الأراضي العربية المحتلة تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الإسرائيلية. ومن يحاول القيام بأي عمل ضد الإسرائيليين يلقون القبض عليه ويسام أنواع العذاب في السجون). وهو يشير إلى ما يعرف بـ(تفاهمات نيسان وتموز) بين الطرفين، والتي تعهد فيها حسن وحزبه أن يضبط الحدود مع إسرائيل، فلا يتسلل منها أحد لضرب اليهود. وهذه هي الفكرة الأساسية لعلاقة (حزب الله) بإسرائيل! عزل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وخنقها بعيداً عن الحدود. وقد نفذ الحزب – ولا يزال – الاتفاق على أتم وجه. وهو ما أشار إليه صراحة صبحي الطفيلي في كلامه السابق. وما أخرج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بل من لبنان كلها غير الشيعة.

 

مراجع الشيعة عند احتلال الانجليز العراق بداية القرن الماضي

يذكر عالم الاجتماع علي الوردي – وهو شيعي – في كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) كيف أن المرجع الشيعي كاظم اليزدي كان متواطئاً كل التواطؤ مع الانجليز. ويرسم للمرجع الآخر الذي جاء من بعده وهو محمد تقي الشيرازي صورة حين تتأملها تجدها طبق الأصل لصورة السيستاني اليوم وموقفه من الأمريكان!

 

تعاون مراجع الشيعة من ( المجلس الأعلى ) وغيرهم مع الغزاة الإيرانيين

أنشأ خميني المقبور ما أسماه بـ(المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق)، وهو أحد (المجالس) التي أنشأها من أجل غزو العالم الإسلامي. وكان أول رئيس له كبير قضاة إيران محمود الهاشمي! وقد وقف هذا المجلس المشؤوم وذراعه العسكري (بدر)، وقاتل جنباً إلى جنب مع الغزاة الإيرانيين ضد البلد الذي ينتمي إليه طيلة أيام الحرب التي أشعلها خميني ضد العراق. وكان علماء الشيعة في العراق جميعهم في صف إيران، ولكن بعضهم تستر بـ(التقية) خوفاً من الحاكم. ومنهم المقبور محمد باقر الصدر مؤسس (حزب الدعوة العميل)، الذي تواطأ مع خميني للقيام بانقلاب عسكري في العراق، وتمكين إيران منه بأي صورة من الصور؛ ما أدى به إلى نهايته التي يستحقها هو وأمثاله من الخونة. فأعدم سنة 1981 ونال جزاءه الدنيوي خاتمة سوء وبئس المصير.

أما من قاتل من الشيعة ضد الكعبة إيران فقد قاتل خوفاً من الحاكم. علماً أنني أتحدث عن ظاهرة جمعية؛ فلا ينقضها وجود أفراد قاتلوا مدفوعين بشتى الدوافع المشروعة ضد أبناء طائفتهم القادمين من الشرق. وها هي جماهير الشيعة اليوم تخرج بمئات الآلاف ترفع صور الخونة من أمثال الباقرين، تهتف لهم وتؤيدهم وتعلن أنها سائرة على نهجهم الخياني، وتنتخب القائمة التي تفتي مرجعيتهم لهم بوجوب انتخابها، وعلى رأسها الخائن المريض عزيز أخو باقر.

ما فيهمو من طاهر مطيعِ          فلعنة الله على الجميعِ

 

موقف شيعة العراق من الغزاة الأمريكان سنة 1991

لقد قام الشيعة بقضهم وقضيضهم – إلا قلة قليلة – بما يسمونه اليوم بالانتفاضة الشعبانية. وهي أولى أن تسمى بـ(الانتفاضة الشغبانية). بعد أن صدقوا وعود السيد الأمريكي بوقوفه إلى جانبهم. وتواطأوا مع الإيرانيين وأدخلوهم إلى العراق فعاث الجميع بالبلد قتلاً وحرقاً وفساداً لا يعلم قدره إلا الله وحده!

 

تحالف الشيعة مع المحتل الأمريكي الصليبي لغزو العراق

أما آخر الطامات، وشر الفضائح والخيانات فوقوف الشيعة ممثلين بدولتهم إيران (الإسلامية)، وأحزابهم الدينية والعلمانية، وجماهيرهم الغوغائية. التي استقبلت المحتل بالحلوى والورود، وبعضهم بالخمور! وهي تهتف كالأغنام: (اللهم صلّي على محمد والي محمد)! وقد قامت المؤامرة على تحييد الجمهمور الشيعي وكسب عطفه إلى جانب المحتل عن طريق فتوى السيستاني وبعض الفرعيات المرجعية، وبذل الوعود له بالخير والحرية، التي سينعم بها بعد زوال النظام. ومن قرأ مذكرات بريمر ومراسلاته السرية مع شيخ السوء وسيد السرداب عرف جانباً من هذه المؤامرة الخطيرة[5].

وكانت كلمة الرئيس المصري محمد حسني مبارك توصيفاً صادقاً للواقع الشيعي حين قال: (إن الشيعي لا يشعر بالانتماء الوطني. وإن ولاءه على الدوام لطائفته لا لوطنه) ولو كره الترضويون المجاملون والمداهنون من الإسلاميين والعلمانيين أجمعين.

___________________________________________________________________________________________

[1]– السلوك لمعرفة دول الملوك ( 1/25- 27).

[2]– ابن واصل/ مفرج الكروب بني في أخبار بني أيوب (ص152).

[3]– رسالة إلى السلطان الملك الناصر في شأن التتار ص19 ، شيخ الإسـلام ابن تيمية  مكتب التراث العربي .

[4]– أحمد بن علي المقريزي/ السلوك لمعرفة دولة الملوك (1/419) ط لجنة التأليف والترجمة والنشر الطبعة الثانية 1957م تحقيق محمد مصطفى زيادة – بتصريف.

[5]– بعض الشواهد من كتاب خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية، عماد عبد السميع حسين

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى