مقالات

تعانق المشروعين الإيراني والأمريكي في العراق

بين (11) سبتمبر و (22) فبراير

66

تمر الذكرى السابعة لتفجير برجي التجارة في أمريكا، وسط غبار كثيف من التشكيك في الرواية الرسمية للحكومة الأمريكية التي تحمل تنظيم القاعدة المسؤولية الكاملة عن العملية برمتها. صحيح أن التشكيك بدأ مع ولادة الرواية، وصدرت كتب وتقارير علمية بذلك، ولكن هذه المرة تختلف من حيث شدة التركيز على هذا الموضوع. يبدو أن فورة الحماس وتدفق العاطفة قد انحسرت كثيراً؛ ما أتاح للعقل أن يفكر بطريقة أكثر موضوعية وحيادية.

أنا شخصياً اطلعت على كتاب قبل حوالي أربع سنوات اسمه – على ما أذكر – (الخديعة الكبرى) فيه معطيات علمية مقنعة جداً عن أن عملية بهذا النوع والحجم لا يمكن بحال أن تتم من دون تدبير مسبق، من قبل جهات أمريكية حكومية قامت باستدراج الفاعلين وسهلت لهم مهمتهم من الناحية الأمنية والتقنية، وغيرها من النواحي المطلوبة لجرهم إلى الهدف المنشود. كما اطلعت على دراسات أخرى بهذا الشأن تؤيد ما قرأته في هذا الكتاب.

على مواقع الإنترنت تجد الآن أمثال هذه التأكيدات على أن الرواية الرسمية مشكوك فيها، بل الحكومة ضالعة في هذا العمل: (وصلت بعض الدراسات إلى التشكيك في أنّ انهيار مركزي التجارة العالمية بهذا الشكل المريب لا يُعقل أن يكون ناجماً عن ارتطام طائرتي ركّاب، وأنه لا بدّ أن يكون هناك انفجار من الأسفل أدّى إلى انهيارهما. ويرى أستاذ الفيزياء، ستيفن جونز، أن طبيعة انهيار البرجين التوأمين والمبنى رقم 7 في مركز التجارة العالمي لا تفسرها الرواية الرسمية فالطائرات لم تسقط البنايات والتفسير الأقرب أن تدمير تلك البنايات كان من خلال عملية هدم بالتفجير المتحكّم به تمت باستخدام متفجرات مزروعة سلفاً).

وصدر – من ضمن ما صدر أخيراً – كتاب جديد بعنوان “الحادي عشر من سبتمبر والامبراطورية الأمريكية” (يؤكد فيه مجموعة من المفكرين معظمهم من الأمريكيين على زيف الرواية الرسمية الأمريكية عن هجمات 11 سبتمبر. ونقلت وكالة “رويترز” عن ديفيد راي جريفين وبيتر ديل سكوت محرري الكتاب أن باحثين لا ينتمون إلى التيار السائد توصلوا إلى أدلة تفند الرواية الرسمية بشأن المسؤول النهائي عن تلك الهجمات التي أصبحت بمثابة الأساس المنطقي وراء ما يقال إنها حرب عالمية على الإرهاب استهدفت حتى الآن كلاً من أفغانستان والعراق، وبمثابة المبرر وراء التدني المسرف في سقف الحريات الممنوحة للشعب الأمريكي. ويقول مورجان رينولدز الاستاذ بجامعة تكساس والعضو السابق بادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش “أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت عملية زائفة.. أكذوبة كبيرة لها علاقة بمشروع الحكومة الأمريكية للهيمنة على العالم” وعن فكرة الهيمنة العالمية يقول أستاذ القانون ريشارد فوولك وهو رئيس (مؤسسة سلام العصر النووي) “إن ادارة بوش يحتمل أن تكون إما سمحت بحدوث هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وإما تآمرت لتنفيذها لتسهيل ذلك المشروع”. مضيفا أن هناك خوفا من مناقشة حقيقة ما حدث ذلك اليوم حتى لا تكتشف أسرار يصفها بالسوداء).

 

لمــاذا؟

وبهذا وغيره يتبين أن السبب السياسي الذي يقف وراء اشتراك الحكومة الأمريكية في هذا العمل الرهيب هو محاولة كسب الرأي العام الأمريكي والعالمي إلى جانبها في غزو العالم العربي والإسلامي بحجة الإرهاب، الذي تمكن من القيام بعمل إجرامي بهذا الحجم؛ فإن لم نذهب إلى هذا العالم الخطير بحرب استباقية يشترك فيها الجميع، وإلا فإن هذه القوى الإرهابية ستغزونا في عقر ديارنا، والدليل هذا الذي رأيتموه، والقادم أسوأ.

22 فبرايــر

ما حصل عندنا في (22 شباط 2006) يشبه – من حيث التنفيذ والأهداف – ما حصل في (11 سبتمبر 2000). سوى أن العملية التقى فيها مشروعان اثنان لا مشروع واحد، هما المشروع الأمريكي والمشروع الإيراني.

كانت المقاومة العراقية في تلك الفترة تشهد عهدها الذهبي، والتوقعات بهزيمة الأمريكان وخروجهم من العراق تتصاعد. وقد اعترف جورج بوش نفسه قبل أسابيع أن الجيش الأمريكي في حينها كان على وشك الانهيار. أما الكلب الشعوبي الشيعي فرغم كل ما فعله رئيس الوزراء الجعري ووزير داخليته صولاغ، وحملات البرق والرعد والذئب والعقرب، لكن نباحه صار يخفت، ولم يفعل شيئاً إزاء تفاقم الفعل المقاوم. من الناحية الأخرى فإن أهل السنة ثبتوا في أماكنهم بوجه المطحنة الشعوبية، حتى إن مدينة مثل (المدائن) – وقد ركزت عليها إيران وأذرعها الشيعية في العراق كما لم تركز على مدينة أخرى، سوى المحمودية، من حيث حملات الإبادة والتطهير والتهجير – لكن النتيجة النهائية برغم كل ذلك أنها كادت أن تصبح سنية صافية، بعد أن كانت مختلطة. وبقي الحزام المحيط ببغداد سنياً، بل ازدادت سنيته، بعد ما يقارب من ثلاث سنين من المحاولات الإجرامية التي ربما لم تشهد لها الأرض مثيلاً. وهذا مؤشر واضح على فشل المشروع الإيراني. فضلاً عن المشروع الأمريكي.

لا بد من عمل كبير، وكبير جداً يخرج الشيعة من قمقم خوفهم، ورتابة فعلهم إلى حركة شعبية جارفة لا تبقي ولا تذر. يحقق بها أمريكا وإيران مشروعيهما: كل من زاويته الخاصة. فالأمريكان ينظرون إلى الأمر من حيث أن هذا الفعل سيجعل أهل السنة ينشغلون بأنفسهم، ويذهلون عن مقاومة الأمريكان. وإيران وحلفاؤها بهذه الحركة الاجتثاثية يمكن لهم تطهير بغداد وغيرها من المدن المشابهة من أهل السنة، وعلى رأي المالكي: “سيكون السنة ثلثاً تحت الأرض، وثلثاً في المنافي، وثلثاً تحت المطرقة الشيعية”. وهكذا تفتقت الذهنية الأمريكية – الإيرانية عن هذا العمل الإجرامي الوضيع، ألا وهو تثوير الشيعة ضد السنة بتفجير مرقدي سامراء، وإلقاء التهمة على أهل السنة.

وهكذا كان.

ودليلنا على ما نقول طبيعة الفعل طبقاً لرواية الحكومة نفسها، متبرعين ببقية الأدلة لعيون جورج بوش وعلي خامنئي و علي السيستاني.

تفجير القبة طبقاً للرواية الحكومية

أصدرت وزارة الداخلية، وعلى لسان مستشار الأمن القومي موفق الربيعي، بياناً جاء فيه: “في ليلة الأربعاء – 22/2/2006 جاءت مجموعة مكونة من خمسة أشخاص، يرتدون ملابس مغاوير الداخلية إلى الضريح وقيدوا الحراس الخمسة والثلاثين بالقوة، ودخلوا الضريح وقاموا بتفخيخه‏,‏ بدءاً من الساعة الثامنة مساء حتى السادسة إلا ربعاً من اليوم التالي‏‏ وبعدها وقع الانفجار الرهيب”. كما اعترف الجعفري بأن المهاجمين اخترقوا أجهزة الأمن‏,‏ وأنهم كانوا يرتدون ملابس الشرطة الخاصة‏.‏

وبسؤال بسيط نتأكد من أن العمل مدبر من قبل الأمريكان والحكومة التابعة لإيران: أين كانت القوى الأمنية الحكومية والقوات الأمريكية في هذه الساعات العشر؟ هل كانت نائمة كنومة المهدي في السرداب؟ ولماذا لم يصب أحد منهم بأذى في ذلك (الانفجار الرهيب)؟

بتفجيرات (11 سبتمبر) تمكن الأمريكان من تجييش الصليبيين ضد المسلمين. وبتفجيرات (22 فبراير) تمكن الإيرانيون من تجييش الشعوبيين ضد أهل السنة. ناهيك عما كسبه الأمريكان من وراء ذلك؛ فالمشروعان الأمريكي والإيراني يتعانقان في العراق، وإن افترقا في بقية الأماكن والبلدان.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى