مقالات

العراق – المأساة المنسية

في الذكرى الثالثة لانطلاق وحش المليشيات الشيعية ضد أهل السنة

من ينسى يوم الأربعاء (22/2/2006)..؟! وكيف ينسى؟!!

milishya-almahdi08[1]

في هذا اليوم أفلت سعار وحش التشيع الفارسي من عقاله، وأطلق لمليشياته الدينية – على اختلاف انتماءاتها الحزبية – العنان تقتل وتفتك وتحرق المساجد وتنهب وتسلب وتسرق وفي وضح النهار! وما إن غربت شمس ذلك اليوم حتى أتت الجريمة على أكثر من (100) مسجد، وأزهقت أرواح أكثر من (1500) ضحية بريئة من أهل السنة! هذا في يوم واحد.. واحد فقط! ثم تتابع مسلسل الذبح والسحل والحرق والهدم والنهب والخطف والإبادة والتهجير (20) شهراً على وتيرة واحدة تخف حيناً لتشتد أحياناً، وتهدأ في مكان لتثور في أماكن أخرى ثم تعود إليه من جديد. ولم يتوقف إلا بعد (6) أشهر أخرى يوم اختلف الحرامية فيما بينهم، وبدأ بعضهم يأكل بعضاً في آذار- نيسان/2008.

الأغرب والأفظع أن هذه الجريمة المنظمة – التي اشتركت فيها قوات الحكومة والاحتلال وفيلق القدس الإيراني وأطراف إيرانية أخرى وحزب الله بقيادة وإشراف عماد مغنية والأحزاب والمليشيات وجميع القوى الشيعية، إلا ما ندر – كانت تجري بصمت مطبق دونه صمت القبور! وإذا كانت بعض وسائل الإعلام تشير إليها وتنقل بعض أحداثها فبصورة يكون الإعراض عنها خيراً من ذكرها. صورة لم تعنون فيها الأحداث بعناوينها الحقيقية، ولم يشخص الجاني من الضحية، وقد بدا فيها العراقيون كأنهم شعب متوحش قادم من أغوار القرون يفني بعضه بعضاً، والمقاومة مجرد مجاميع طائفية. وغاية ما كان يقال من ذلك وصف المهاجمين بعبارة “مليشيات معروفة”، أو “ذوي الملابس السود” أو “التكفيريين الجدد”، وكلها أوصاف مائعة لا تتناسب وعظم الجريمة، والسكوت عنها أولى؛ لأنها تقزم من حجم الحدث، وتشطب على هويته الحقيقية.

سنة ونصفاً وأهل السنة لا يستطيع أحدهم أن يدخل مدينة المحمودية أو يمرق من خلالها مع أن نسبتهم فيها تزيد على (90%)! ووصلت أعداد الجثث في المقابر الجماعية فيها أرقاماً ألفية، ومجلس النواب العراقي يعقد جلساته يومياً على بعد 20 كم وكأن شيئاً لم يكن! خذ هذا الخبر الذي هو عبارة عن حدث اعتيادي كان يتكرر باستمرار في هذه المدينة المنكوبة دون أن يحرك ذلك ساكناً في الداخل أو الخارج:

وكالة حق/الاثنين 18-6-2007/ افاد مراسلنا في منطقة المحمودية ان مجموعة مسلحة من مليشيا جيش المهدي الصفوية اختطفت اليوم اكثر من سبعين شخصا من اهل السنة من ابناء المحمودية جنوب بغداد واقتادتهم الى جهة مجهولة. واضاف ان عملية الاختطاف جرت من خلال نقطة تفتيش وهمية اقامتها المليشيات امام ما يسمى بمكتب الصدر الواقع في مركز مدينة المحمودية حيث قامت باعتراض كل السيارات القادمة من والى المحمودية وانزلت على الهوية كل الاشخاص الذين تعرفت عليهم وتثبتت من انهم من اهل السنة. واوضح نقلا عن شهود عيان ان النقطة الوهمية واصلت اختطافها للمواطنين على الهوية لعدة ساعات وامام انظار القوات الحكومية التي لم تحرك ساكنا ويبدو ان الامر كان منظما ومنسقا بين المليشيات وهذه القوات فيما اكدت مصادر من شرطة المحمودية صحة هذه الانباء وان مصير المختطفين ما زال مجهولا حتى الان. والجدير بالاشارة ان المليشيات الطائفية الارهابية تسعى وبقوة لافراغ مدينة المحمودية من اهل السنة في اطار مشروع صفوي للسيطرة على حزام بغداد ومحاصرة اهل السنة في مركزها. إ.هـ.

وتحول قبر العبادي الواقع في منطقة ريفية على مشارف المدينة من قبر واحد إلى مقبرة يقول بعض شهودالعيان ممن التقيتهم: تجاوز عدد قبورها ثلاثة آلاف (3000) قبر مجهول الهوية!!!

وحين افتضح أمر الجريمة بعد حوالي سنتين يوم اصطدمت القوات الحكومية بجيش المهدي، ظهر أحد النواب السنة يستنكر ويطالب بالتحقيق، وظهر آخر يرعد ويوعد، وإن هي إلا أيام معدودات لم تصل إلى أسبوع حتى خر ست الألسن، وجحظت الأعين في صفقة مريبة للرجوع إلى الحكومة.

قارن بين هذا وبين ما حصل لغزة من قبل اليهود. ثلاثة أسابيع من العدوان اليهودي الظالم لم يصل عدد ضحاياها من إخواننا الفلسطينيين إلى مقدار ضحايا اليوم الأول فقط من العدوان الشيعي الفارسي علينا! ولكن انظر إلى حجم الإعلام المتابع للجريمة! هل بقي شبر من الأرض لم يصل إليه الخبر؟ هل بقيت قناة فضائية لم تواكب الحدث؟ ثم انظر إلى حجم المساعدات التي انهالت عليهم من كل أرجاء الدنيا. ونحن مع هذا، ونتمنى لكل مظلوم معتدى عليه أن يعوض ويجازى بأكثر من استحقاقه. ولكن قارن بينه وبين ما حصل عليه منكوبو العراق جميعاً! أما المقاومة العراقية التي قامت بعمليات جهادية طيلة خمس السنوات الماضية ما يعادل عدة مرات جميع العمليات التي جرت على أرض فلسطين خلال ستين عاماً المنصرمة! ركّعت فيها دولتين عظميين، وأرجعت الدولة العظمى الأولى في العالم إلى المرتبة الأخرى! ولكن من تبرع لها بكسرة خبز؟؟؟!!! لولا بعض المحسنين ممن يناولون الدرهم والدينار على تخوف وترقب وهم يتلفتون على أركانهم جزاهم الله بكل خير. أما الحكومات فلا شيء، لا شيء البتة. قارن هذا مع تبرع الحكومة السعودية وحدها لضحايا غزة بمليار دولار. بل إن العراقيين – رغم جراحهم وعوزهم – صاروا يتبرعون لإخوانهم في عملية إيثار نادرة، لم يقابلوا بمثلها منهم. بل إن حماس والجهاد وغيرهما من الفصائل يضعون أيديهم بيد إيران الملطخة بدم العراقيين! فلماذا هذه المفارقة؟ لماذا؟؟؟!!!

وأتفرج اليوم على وسائل الإعلام المرئية والمقروءة فلا أكاد أجد أحداً يذكر مأساتنا في ذلك اليوم الأسود، يوم الأربعاء 22/2/2006، حتى من أهل السنة في الداخل، بل وفصائل المقاومة! فلماذا؟ لماذا هذا الصمت؟!

أيها القوم..! إننا نُظلم مرتين: مرة بالاعتداء علينا، ومرة بالإعراض عنا. بل وثالثة بسرقة تاريخنا، وهي أعظم أنواع الظلم. ونُظلم نوعاً آخر من الظلم هو أننا نشارك الظالمين ظلمهم لنا!

على أنني قد نفضت رجلي من الجيل القديم، وأدرت وجهي عنه. إنما أملي أن يهيء الله جل شأنه آذاناً صاغية وقلوباً واعية من الجيل الجديد، تدرك أبعاد المؤامرة فتضرب بالحديد يد كل سارق، وتلطم أنف كل جبان رعديد، وتنخس جلد كل جاهل يمر الماء من تحت مقعدته وهو لا يدري بما يدور. وتستعيد حقنا المغصوب، وتكتب تاريخنا المشرق المجيد.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى