مقالات

لا عذر لكم .. كمال هلباوي في خدمة إيران

 

صورة021

كنت أعبث بأزرار جهاز التحكم أتنقل بين القنوات أبحث عن قناة ضائعة في قائمة من مئات الأسماء غير المرتبة. صادفتني قناة (العالم) الإيرانية، فإذا أنا بـ(كمال الهلباوي) معرفاً بـ(الأمين العام لمنتدى الوحدة الإسلامية) يظهر مع مقدم برنامج وضيف آخر. كان ذلك في يوم (3/8) ليلاً. قلت: كمال الهلباوي وعلى قناة العالم! لا بد من شيء غير طبيعي؛ لأتوقف قليلاً وأرى.

لمحت في الزاوية اليمنى السفلى شعار (أمة واحدة)..! (أمة واحدة) و(وحدة إسلامية)، وعلى قناة فارسية! ما الذي جمع بين هذه المتناقضات؟ وكيف لك يا أخ كمال أن تجمع بينها؟

بعد قليل قطع البرنامج فاصل إعلاني يتحرك فيه شعار (أمة واحدة) ذهاباً وإياباً، يبتعد ويقترب.. جميل! وجميل جداً! ثم بعده كان موجز للأنباء. جاء فيه خبر ملغوم عن غلق السلطات السعودية المساجد السبعة، وكيف أن السعودية تريد إزالة المعالم التاريخية. قلت: هذا يؤكد جداً جداً أن (الأمة واحدة)، و(الوحدة إسلامية)؛ ألسنا في إيران؟

تخلل الخبر ذكر مسجد عمر بن الخطاب، ومسجد فاطمة، ومسجد علي بن أبي طالب. وكالعادة ورد اسم السيدة فاطمة مذيلاً بلقب (الزهراء) ولاحقة (سلام الله عليها)! وسيدنا علي يتقدمه لقب (الإمام)، ويتبعه (عليه السلام). أما عمر فيا حسرة: لا إمام ولا سلام ولا كلام! أكيد هذا من أجل تأكيد (الوحدة الإسلامية) وإثبات أن (الأمة واحدة)، و (جداً جداً). ثم رجعت الشاشة لتكملة اللقاء بين (الأخوة) أبناء (الأمة الواحدة) في (منتدى الوحدة الإسلامية)، ولإثبات أن (منتدى الوحدة) هذا خارج من رحم (الأمة الواحدة) تلك.

صورة013

تذكرت وأنا أنظر إلى الرجل قوله، الذي رواه لي أحد الأصدقاء عنه مباشرة: “نحن الـ(…) حمير لعب علينا إبراهيم الجعفري شرق غرب”. فقد كان إيراهيم جعفري هذا، بشهادة صديقي الذي كان قريباً منهم هناك، يلعب عليهم في لندن لعبة (المفيش فرق)، ويحضر معهم الاجتماعات الأسرية يتدارس الظلال، ويبحث في (هموم المسلمين والأمة الواحدة). كانت اللعبة تسير حسب النظام، لم يكتشفها أحد منهم حتى رأوه رئيس وزراء في العراق لأبشع حكومة طائفية في تاريخه!

ولكن هل استفاد (الإخوة) من اللعبة؟ أكيد؛ فقد انفرج العمل المشترك عن تأسيس (منتدى الوحدة الإسلامية).

ومن أول حرف سمعته بدأ الكذب المتبادل بين الطرفين. ولا أتردد من وصف ما يدور في المشهد بـ(الكذب)؛ لأن اللعبة مكشوفة للأطراف جميعاً سوى جمهور الأمة المنكوبة الذين هم كاليتامي المضيَّعين يبحثون عن أول بسمة بين العابسين!

ليس يخفى على مثل كمال – وهو الإخواني القديم، صاحب السبعين عاماً من العمر، الذي طوف نصف الكرة الأرضية، وقرأ وسمع، ورأى وعلم، وجرب وخبر – أن هذه العبارة التي تفوه بها هي من أكذب الكذب؟! (لا فرق بين ما قاله الخميني في ولاية الفقيه وما جاء في الأحكام السلطانية للماوردي وما كتبه الجويني إمام الحرمين وإمام السلفية جميعاً. إذن الخلاف سياسي، السياسة هي التي فرقت بيننا)!.

وليس الهلباوي بجاهل إلى حد أنه لا يعرف أن (ولاية الفقيه) مرفوضة في أغلب الأوساط الفقهية الشيعية؛ فجمهور علمائهم يعتبرونها بدعة دخيلة على المذهب. أما إذا نقلتها إلى وسط الفقه السني بحيثياتها التي ذكرها الخميني، فلن تجد لها قبولاً على جميع المذاهب الفقهية والكلامية؛ فالبدعية هنا أشد وأشر!

أما حصره أسباب الفرقة بالسياسة وحدها، وشنه حملة نكراء على المنظومة الحكومية المصرية، وأنها وراء الفرقة، فليس لي من تعقيب عليه سوى أن أقول: هل تركت يد السياسة الإيرانية من دولة عربية وإسلامية لم تمتد إليها بالتفريق بين مواطنيها، وبث الفتنة فيها؟ أم لم يأت الهلباوي إلى الآن خبر العراق وما فعلت به إيران، والأحزاب والمليشيات والحكومة الشيعية المرتبطة بها؟ وإن كان الرجل لا عين رأت ولا أذن سمعت؛ فعلام هذا الصراخ الذي تصدعت به رؤوسنا عن الأمة الإسلامية الواحدة، ووجوب الاهتمام بالمسلمين وتتبع أخبارهم، وأن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم؟ أليس أهل السنة في العراق من هؤلاء المسلمين؟ أم أراه – ولا أراه كذلك – أخذ بالمذهب الفقهي الشيعي الذي قال عنه إنه مذهب صحيح فصارت دماؤنا في نظره هدراً، وأرواحنا نذراً؟!

لقد قال بصريح العبارة: “المذهب الشيعي مذهب فقهي صحيح يجوز التعبد على أساسه. وقد أفتى بذلك شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت”. وصار يهاجم الحكومة المصرية ويقول: “لماذا لا يكون الإلحاد تهمة، والتشيع تهمة؟ هذا عيب”. ليسأل الهلباوي نفسه ويجيبها بنفسه: هل لأهل السنة من حقوق في إيران كما للشيعة في مصر؟ وهل لشيعة الأحواز العرب من حقوق ما لشيعة إيران العجم في دولة إسلام جمهورية إيران؟ فالعيب أولى بمن؟

هل الهلباوي يعي ما يقول؟! وإليه هذا المثال الواضح البسيط: يعلم الأخ الهلباوي أن التمتع بالبكر جائز في هذا المذهب العائب، الذي يجيز هو التعبد على أساسه. وفيه أن الفتاة البكر إذا خافت على نفسها الفضيحة فيمكن أن يتم جماعها تمتعاً عن طريق الدبر، أو بواسطة الضم والتقبيل والتفخيذ. فلو أن ابنة الهلباوي أخذت بقوله وتشيعت بمذهب الشيعة، ثم صارت تمارس كل هذا، فبأي نص شرعي أو حجة علمية يمكن له إقناعها بعدم صحة ما تفعل، بعد أن أفتى هو على رؤوس الملأ أن المذهب الشيعي مذهب صحيح والتعبد على أساسه جائز؟! أفيرضى الهلباوي بما تصنع ابنته طبقاً لهذا المذهب؟! وهل يرضى لقومه أهل مصر أن يتشيعوا وتتشيع بناتهم، ليتعبدوا بفقه مذهب فيه مثل هذه البلاوي؟ أم سيشكل لجنة تلتقط ما تريد وتنبذ ما تشاء؟

رأيته بعدها قد صار يتخاجل ويقول: “عار على مصر كيف تسمح بدخول الإسرائيليين من دون تأشيرة ثم تمنع خلية حزب الله من نقل السلاح إلى حماس. هذا الرجل (أظنه يعني به الرئيس المصري) لا يخجل، ليس عنده دم”! من الذي لا يخجل يا هلباوي؟ ومن هو الذي ليس عنده دم؟!

لم أستطع تكملة اللقاء، شعرت بالقرف، أردت أن أبصق.. فتركته وأنا أقول: لو مات هؤلاء قبل عشرين عاماً لكان خيراً لهم، ولترحمنا عليهم.

ستموت يا كمال عاجلاً أم ناجزاً، فإذا بقيت على هذه الحال والعياذ بالله؛ فأين تذهبون؟ وإلى أي ولي فقيه في قبوركم تتوجهون؟ لا عذر لكم؛ لأن الجهل هنا عذر أقبح من الفعل.

لم يبق من العمر شيء يا كمال، لقد جئت إلى الحلبة والسباق أوشك على الانتهاء.

يا خسارة!

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى