مقالات

تفجيرات الأربعاء .. فضيحة الشركاء بامتياز

أم كرار من بغداد تصف للرابطة العراقية التفجيرات الوحشية هذا اليوم - صور جديدة

يوم الأربعاء (19/8/2009) يوم دامٍ من أيام بغداد، بل متميز بدمويته من بين أيامها الدامية على مدى السنين الست الماضية! سلسلة تفجيرات متعاقبة بنسق محترف، استهدف مواقع حكومية حساسة وتجمعات سكانية، فقد انفجرت شاحنة مفخخة قرب وزارة الخارجية بينما انفجرت سيارة مفخخة قرب وزارة المالية، وأعقبهما انفجار سيارة مفخخة ثالثة عند الجسر الرابط بين منطقتي البياع واليرموك ما تسبب بانهيار جزء من الجسر كما انفجرت عبوتان ناسفتان في شارع/20 بمنطقة البياع. وسقطت صواريخ على فندق الرشيد أثناء تجمع عشائري، وتحطم في زجاج مبنى البرلمان العراقي ورئاسة الوزراء. إضافة إلى تفجيرات أخرى في مواقع مغايرة، منها انفجار سيارة مفخخة أمام الجامعة المستنصرية أدى الى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص واحتراق عدد من السيارات.

وأرقب الخبر عن طريق قنوات الفضاء يوم أمس، أي بعد الحدث المزلزل بيوم واحد، قناة الجزيرة والعربية أشهر قناتين إخباريتين عربيتين: الانتخابات الأفغانية تتصدر النشرة على الشاشتين، ثم يأتي مصاب العراقيين رغم عنفه وكارثيته وتميزه في تضاعيف النشرة! لا ليس من شيء.. مئة قتيل، وسبعمئة جريح([1]) فقط لا غير! إنه في العراق. بل إن مصادر أخرى تصل بالرقم إلى (1700) ضحية([2])! ولو جرف إعصار امرأة في بنغلاديش، أو انهار منجم فحم في مجاهل الصين لكان لوكالات الأنباء شأن آخر، دعك من رجل أمريكي عضه كلب سائب في أحد شوارع فلادليفيا! ويا رب احفظ إخواننا في غزة ورام الله والجليل من متاجرة المتاجرين، ومزايدة الآخرين.

المنطقة شديدة التحصين .. فكيف ؟!

الغريب هذه المرة أن بعض الأهداف التي ضربت تقع في منطقة محصنة شديدة التحصين! يأتي على رأسها وزارة الخارجية، وهي بجوار (المنطقة الخضراء) المعروفة باستحكاماتها الأمنية. يقول النائب طه اللهيبي: أنا نائب في البرلمان ولدي خمس هويات، ومع ذلك من غير الممكن أن أجتاز النقاط الأمنية إلى مجلس النواب، وأمر من هذه المنطقة دون تفتيش، فكيف تهيأ للسيارات المففخة المروق عبر هذه الحواجز وبلوغ أهدافها؟! ثم وجه إصبع الاتهام مباشرة إلى إيران، والقوى الأمنية المخترقة من قبلها، مبيناً أن المقصود من وراء ذلك تحقيق الاصطفاف الطائفي نفسه الذي حصل في الانتخابات السابقة في الانتخابات القادمة. ولا أراه قد جانب الحقيقة فيما قال، غير أن لي ملاحظة صغيرة لكنها مهمة، هي أن قوى الأمن العراقية موالية لإيران، وقد صنع قادتها هناك؛ فالتعبير عنها بلفظ الاختراق تخفيف من وقع الحقيقة، وتلطيف في العبارة يقتضيه الموقع السياسي للمتكلم. ولذلك انطلق عملاء جارة السوء يبرئونها من تبعة ما جرى علناً وبلا مواربة. هادي العامري مسؤول منظمة بدر يرد على اللهيبي في اللقاء نفسه على قناة الجزيرة يوم الحادث فيقول: “إنها تصريحات غير مسؤولة”، ويتهم القاعدة والبعثيين بما حدث! وهو مسؤول لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب. وهذا يعني أنه على رأس شركاء الجريمة ومدبريها.

وسرعان ما توالت الأخبار تترى عن الإمساك ببعض الخيوط، إذ (كشفت مصادر أمنية عراقية أن منفذي التفجيرات الدامية هي مجموعات خاصة عملت بشكل متزامن وبإمرة أطراف حكومية داخل بغداد، وجميعها مرتبط بفيلق القدس الايراني. وأكدت المصادر أن المجموعة التي يقودها المدعو (حجي مهدي كناني) نفذت عمليات اطلاق الصواريخ من حي أور، المسيطر عليه من قبل ميليشيات القتل الطائفية، وباتجاه أهداف في المنطقة الخضراء وعدد من المؤسسات العامة، في الوقت الذي تولت مجموعة أخرى بقيادة طرف آخر تسيير الشاحنات المفخخة لمسافة تزيد على (10) كيلومترات داخل العاصمة من دون أن تكتشفها نقاط وأجهزة (كشف المتفجرات) المنتشرة في جميع الشوارع وعند منعطفاتها.. وتمكنت من الوصول الى موقعي وزارتي المالية والخارجية من دون ان يعترضها أحد)([3])!.

لعن الله السياسة أهكذا تفعل بأهلها؟

ولعن الله السياسة ما لنا ولها؟ ولكن من عرف جذور الشيعة والتشيع عرف أن هذا وارد جداً، بل هو التفسير (رقم واحد) لما جرى ويجري، إن لم يكن هو التفسير الوحيد. فلنتوقف عند جذر واحد من جذور التشيع الفارسي المتشابكة.

مبدأ المظلومية

تشكل (المظلومية) العقدة الثانية في سلم العقد، بعد عقد النقص، التي تتكون منها النفسية الشيعية الفارسية([4]). فالشيعي يعيش حالة مستديمة من الشعور بالحرمان والمظلومية، وهي حالة يربى عليها قصداً منذ ولادته، ويكبر، فتكبر معه. ولهم في تغذية أبنائهم بهذا الشعور أساليب شتى!

والمظلومية هي الأساس الأول الذي يعتمد عليه قادة التشيع في إيران والمرتبطين بها من أجل شد جماهير الشيعة إليهم، وعزلهم عن مواطنيهم وأوطانهم، من خلال الإيحاء المستمر بأنهم مظلومون مستهدفون من الآخر، وأنه لا خلاص لهم منه دون اللجوء إليهم والاحتماء بهم. وهم في هذا يشبهون أساطين السياسة اليهودية، الذين استندوا في ترويج فكرتهم، وقيادة جمهورهم، والحصول على عطف العالم من حولهم على هذا المبدأ الخطير متهمين الأغيار بما أسموه بـ(معاداة السامية). وهكذا بنى اليهود كيانهم في فلسطين تحت ذريعة المظلومية. ولم يتورعوا في سبيل ذلك عن ارتكاب أبشع المجازر بأبناء جلدتهم، والتضحية بهم على طريقة الإبادة الجماعية المنظمة، التي اصطلح على تسميتها بـ(الهولوكوست). الشيء نفسه تفعله إيران وقادة التشيع الفارسي بجماهير الشيعة من أجل تحقيق هدفهم عن طريق شد هذا الجمهور الجاهل إليهم والالتفاف حول قيادتهم من جهة، ومن أجل كسب تأييد العالم من جهة أخرى. وهكذا تتكرر التفجيرات وحملات القتل والإبادة للشيعة على يد قادتهم قبل غيرهم كلما احتاج هؤلاء القادة إليها، ومنذ ست سنين! والانتخابات القادمة أحوج ما تكون إلى مثلها.

إن هذا يفسر سلسلة التفجيرات المتتابعة منذ شهور على أهداف شيعية في بغداد وكركوك والموصل والناصرية والبصرة وغيرها. وفي هذا النسق جاءت التفجيرات الكارثية الأخيرة. وقد توقعنا حدوثه من قبل وتكلمنا به للمقربين، كما توقعه الكثيرون، بل نوري المالكي نفسه صرح به وحذر، حسب الظاهر، منه. ولا أستبعد أنه فعل هذا على طريقة ذر الرماد في العيون من أجل إبعاد الشبهة عن موطنها. وصدقت العرب حين قالت في أمثالها: (يكاد المريب يقول خذوني). وربما تشهد الأيام القادمة ما هو أسوأ إذا رأى القائمون على المخطط ضرورة القيام بمجازر أعنف وأقوى، كما فعلوا مع مرقد سامراء المشؤوم.

نصيحتي للشيعة قبل غيرهم أن يعوا المؤامرة، ويفتشوا عن الجاني من بين صفوفهم. وإن نائب رئيس جمهورية يسرق أفراد حمايته مصرفاً محصناً في معقل شيعي، لا يتورع عن فعل ما هو أشد منه بهم. كفاهم سيراً وراء من يتاجر بدموعهم ودمائهم، ويستغل عقدهم وعواطفهم. وليسألوا أنفسهم: ماذا حققت لهم حكوماتهم المتتابعة وهي تدعي أنها منهم وإليهم وعلى نهج (أهل البيت)؟ حتى الماء غاظ من شؤمهم وسوء تصرفهم! والقادم شر.

ألا فليعلم الشيعة أنه لن يقر لهم قرار، ولن تهدأ لهم دار إلا بحكم سني يكون أرحم بهم من أنفسهم، وإلا فسيظلون ينتقلون من سيء إلى أسوأ، ولا يجدون سوى اللطم وندب الحظ ودعوى المظلومية، وهي لا تطعم من جوع، ولا تحمي من برد. وصدق الشاعر إذ يقول:

لا يبلُغُ الأعداءُ من جاهلٍ ما يبلغُ الجاهلُ من نفسِهِ

_________________________________________________________________________________

  1. – موقع قناة الشرقية ، الحصيلة التي أعلنتها منظمة الصليب الأحمر الدولية بعثة العراق بلسان المتحدثة الرسمية باسم المنظمة ديبا فخر .
  2. – موقع الرابطة العراقية
  3. – المصدر السابق .
  4. – انظر كتاب (التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية ، لكتاب المقال .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى