مقالات

كل شيء يعود إلى أصله .. بين موت عارف وعبد العزيز

 

abdul_rahman_arif_0209007_22

لماذا يموت الرئيس العراقي الأسبق عبد الرحمن محمد عارف رحمه الله تعالى في عمان، ويموت عبد العزيز محسن الحكيم في طهران؟

والجواب: لأن كل شيء في نهاية المطاف يعود إلى أصله.

أما تشييعه فقد تقرر أن يكون من حسينية براثا! أتدري لماذا؟ لأن هذا المكان كان مقراً ووكراً للزندقة والشعوبية منذ أوائل أيام الدولة العباسية وإلى اليوم! ألم أقل لكم: كل شيء في نهاية المطاف يعود إلى أصله؟

من الملاحظ في الاجتماع الإنساني أن الشعوب، متى ما تعايشت في مكان واحد فترة طويلة، اندمجت في بعضها، أو نشأ بينها نوع من العلاقة الثنائية التي تنظم التعامل المشترك خدمة للصالح العام. هذا فيما يخص كتلة قومية كبيرة تعيش وسط كتلة أكبر منها. مثلاً العرب عندما استوطنوا إيران، وأفغانستان وما وراء النهر أيام الفتح الإسلامي، لقد ذابوا في الشعوب المحيطة بهم لساناً وزياً ولوناً ودماً؛ حتى لم يعد أحد يميز بين شخص عربي وآخر أمامه أعجمي، إلا إذا تحدث أحدهم فأرجع نسبه إلى العرب. أما إذا كان الأمر يخص عائلة أو مجموعة عوائل تهاجر إلى بلد غريب، تستوطن فيه وتكتسب جنسيته أو هويته الدائمة، فالاندماج والذوبان أشد.

المعروف أن عبد العزيز الحكيم يعود نسبه إلى جده الأعلى مير علي طبيب (حكيم) الشاه عباس الصفوي، قدم معه في غزوه العراق قبل حوالي (500) عام، ثم استوطن مع عائلته النجف ولم يعد إلى إيران. والطبيب في العرف القديم يدعى بـ(الحكيم)؛ ومن هنا اكتسبت هذه العائلة هذا اللقب. يحدثنا التاريخ أن الصفوي، ومعه حكيمه هذا، كانت بيدهم قوائم بأسماء خمسة آلاف من وجهاء العرب في بغداد، أعدوها للتصفية، وقد قتل أكثرهم. ولأن الولد على سر أبيه، ولأن العرب من صفاتهم السلبية، أو لنقل من صفاتهم الإيجابية التي زادت عن حدها فانقلبت إلى ضدها: العفو والنسيان على الدوام؛ فقد أعاد التاريخ علينا نفسه فجاءنا الولد بما جاءنا به أبوه من قبل، قوائم أسماء معدة سلفاً تحمل الويل والشؤم والخراب.

تصوروا…..! خمسمئة عام والعرق الفارسي يأبى على هذه العائلة أن تندمج في محيطها العربي، فهي ما زالت إلى اليوم كما هي قبل خمسمئة عام، بل وخمسة آلاف وأكثر! ما إن تسلم عبد العزيز الرئاسة الشهرية لـ(مجلس الحكم) حتى طالب بتعويض إيران مبلغ (100) مليار دولار عن خسائرها في الحرب مع العراق. وهذه سابقة لم يفعلها أحد من قبله قط! رئيس دولة يطالب حكومته بتعويض دولة أخرى، رامياً بمسؤولية الحرب على دولته! والعجب يكبر إذا علمت أنه في الوقت نفسه طالب الدول العربية الدائنة بإطفاء ديونها تجاه العراق!! وهذا يعني، إضافة إلى ما يعنيه، أن الشخصية (الفارسية) تبقى فارسية حتى في خصائصها النفسية. فلولا (الصفاقة)، تلك الخصيصة المتجذرة في التركيبة النفسية الفارسية إلى حد العقدة، لما تجرأ عبد العزيز، ولا غيره، على كشف مثل هذه العورة الداخلية. وتبقى الفارسية فارسية حتى في موتها، فتموت إذ تموت هناك، ولا تموت هنا. وإلى جهنم وبئس المصير.

عندما سمعت بخبر اللعين قفز إلى ذهني مباشرة قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (الأنفال:50). ورأيته والملئكة يتداولونه بينهم كالكرة يضربونه وجهاً لدبر، ودبراً لوجه وهو بينهم كالجرذ المسلوخ، أو الكلب المنزوع يصيح ويصرخ: هل من عودة؟! هل من رجوع؟! فتعوذت بالله من سوء الخاتمة! وذكرت قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) (ابراهيم:28،29). وعاد بي شريط الأحداث إلى أسرانا الذين ما زال الكثيرون منهم، وبعد إحدى وعشرين سنة على انتهاء الحرب، هناك في إيران مجهولي المصير! وكيف كان عبد العزيز وأخوه محمد باقر يتوليان تعذيبهم بأيديهم، وماذا فعلوا بهم؟ وتسلسل الشريط فرأيت الخراب الذي جلبه المقبور للعراق وأهله! فصرت أصب على روحه اللعنات تلو اللعنات.

عندما يكون الدين في خدمة السياسة

مع كل هذا – وهذا قطرة من مستنقع هؤلاء الأقذار – يجد مثل هذا بيننا من يؤبنه ويثني عليه! ويترحم على روحه، ويسأل الله له الجنة!

لن أعتب على مثل عضروط البصرة المعمم خالد الملا الذي جعل هذا اللعين من الشهداء، وأسأل الله أن يرزقه شهادة كشهادته. إنما أوجه نقدي إلى تنظيم (إسلامي) يفعل معه مثل ما فعل هذا العضروط!

انظر إلى صورة هذا البيان المنشور على موقع (الرابطة العراقية):

فضائح التصريحات: الطالباني يصف الحكيم بـ(المجاهد الشجاع) و(أياد السامرائي) وحزبه الاسلامي اعتبروه (رمز من رموز العراق الجديد وموته خسارة كبيرة).!

أين هؤلاء من قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (التوبة:113).

ثم لم العجب وقد فعلت (حماس) مع قاتل الضباط العراقيين، وقائد المليشيات الطائفية المجرم اللبناني عماد مغنية يوم مقتله، وأبَّنته بأشد من هذا؟! وهذا هو البيان الذي أصدرته بالمناسبة (الأليمة):

Untitled

(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا)

ببالغ الحزب والأسى، وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خبر استشهاد القائد الكبير في حزب الله/ عماد مغنية في جريمة استهدفته مساء أمس، بعد تعقّب وملاحقة طويلة من قبل الأجهزة الاستخبارية المعادية وفي مقدمتها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد). إننا في حركة حماس ندين جريمة اغتيال الشهيد مغنية، ونرى فيها حلقة جديدة في مسلسل الجرائم الدموية التي ينفّذها الاحتلال الصهيوني بحق شرفاء هذه الأمة ومقاوميها ومجاهديها، وإننا على يقين بأن اغتيال الشهيد مغنية لن يزيد المقاومة الإسلامية في لبنان إلا ثباتاً على طريق المقاومة وصموداً في مواجهة العدوان الصهيوني. رحم الله الشهيد رحمة واسعة، سائلين المولى عزّ وجلّ له الفردوس الأعلى، ولأهله وإخوانه في حزب الله الصبر والسّلوان، وعوّضه خيراً. إنا لله وإنا إليه راجعون.

المكتب الإعلامي

الأربعاء 6 صفر 1429هـ

الموافق 13 شباط (فبراير) 2008م

نعم.. لا عجب حين يكون الدين في خدمة السياسة، وتنفلت السياسة من قيود الدين.

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى