مقالات

بين حمار وقرد

أعرب مجموعة من أنصار التيار الصدري في النجف في بيان لهم عن عزمهم القيام بعمليات انتحارية ضد الجيش الأمريكي إن لم ينسحب نهاية 2011.

في الوقت نفسه يصرح جلال الطالباني من طهران أمس بضرورة جلاء القوات الأمريكية كلياً من العراق بحلول نهاية العام… . لكن وسائل الإعلام تضيف لهذا الخبر ذيلاً مؤطراً بصورة له جالساً بين خامنئي مرشد الجمهورية ونجاد رئيسها. يقول الذيل: “… بعد إبلاغه من قبل خامنئي بذلك”!

لا أظن القارئ يحتاج إلى لمحة ذكاء ليستنسخ هذا الذيل ويلصقه بمؤخرة الخبر الأول كي تتم الخلقة. هل رأيتم قرداً بلا ذيل؟ لكن العجيب أن ذيل الحمار هذه المرة هو نفسه ذيل القرد!

سبحانك ربي..! (مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا).

في أوساطنا حمير و …. قردة أيضاً

بتاريخ 12/6/2008 نشرت على موقع (القادسية) مقالاً بعنوان (الطائفي والوطني في موقف الشيعة من الاتفاقية الطويلة الأمد بين العراق وأمريكا) جاء فيه: “أما موقف الشيعة من الاتفاقية أو المعاهدة فموقف الرافض لها، وبالطريقة الاستعراضية المعتادة، التي تُظهر حماساً (وطنياً) منقطع النظير! نقل عن السيستاني قوله: (لن تبرم المعاهدة وانا حي)، على طريقة (أينقص الدين وأبو بكر حي)! ومن إيران يصرح (آية الله) كاظم حائري المتخصص بفتاوى قتل الكفاءات والنخب العراقية بأن الحوزة في العراق لن تعترف ولن تعطي للاتفاقية أي مشروعية. بينما دعا تلميذه البار مقتدى الصدر إلى مظاهرات بعد كل صلاة جمعة للتنديد بالمعاهدة والوقوف ضدها”.

وبعد أن استعرضت موقف شتى الجهات الشيعية قلت تحت هذا العنوان الفرعي (لا تعجل.. فإيران مفتاح اللغز: “وطن الشيعي طائفته، وليس دولته. هذه حقيقة، علمها من علمها وجهلها من جهلها. ولا يهم الشيعي بعد ذلك أن تلتقي هذه المواقف الطائفية في نهاياتها البعيدة أو القريبة مع المواقف الوطنية، أو لا تلتقي. وأحداث السنين الخمسة الماضية الساخنة شاهد على ما أقول”.

لكنني رأيت كثيراً من الحمير في أوساطنا يهللون ويصفقون لهذه المواقف (الوطنية) إلى حد العظم، لا سيما موقف الصدريين في مجلس النواب!

قد يعترض بعضهم على هذه الألفاظ، رغم أنها ألفاظ قرآنية قالها الرب جل جلاله في أشخاص ومواقف مشابهة! ولكن ما رأيه بأن أحد الفضلاء قالها عن نفسه لما فسرت له مشهداً معيناً كان يمدحه ويثني عليه؟! ففي آذار/2007 كنا في مجلس ضم مجموعة من العراقيين من طلبة الدراسات الدينية العليا في بيت زميل لهم أردني في منطقة (سحاب). كان ذلك الرجل الفاضل (وأقول “فاضل” لأنه رجل فاضل فعلاً) ومعه أولئك الزملاء يمدحون فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي على زيارته لإيران ومناظرته لرئيس مصلحة تشخيص النظام هاشمي رفساًجاني. قلت لهم: أما هذه فأنا لست فيها مع الشيخ القرضاوي مع احترامي له. ولي على ذلك أسبابي: فأولاً: هو لم يذهب من أجلنا نحن العراقيين الذين نذبح بسكينة إيران منذ أربع سنين، وإنما ذهب لمقاصد خاصة ومن حقه ذلك، لكن أنا كعراقي ليس لي نصيب في مقاصده تلك، بل هي بالضد مني. قالوا كيف؟! قلت سأعطيكم واحدة:

لقد قرر الشيخ في زيارته ومناظرته قاعدة ما أنزل الله بها من سلطان، ولم ترد في دين من الأديان.. ذلك لما قال: “لا يجوز التبشير بأحد المذهبين في موطن الغالبية للمذهب الآخر”. من أين أتى بهذا التقعيد وكل الأنبياء عليهم السلام كانوا قلة بين أغلبية تدين بغير مذهبه؟ وما زال المصلحون على ذلك. والله تعالى يقول: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (الأنعام:116). ما رأيتموه هو الظاهر من الصورة لغير المتأمل. أما الحقيقة فعلى غير ما ظهر لكم. لقد نظر الرجل – كمصري – إلى مصلحة مصر فقط ففصّل لها ثوباً على قدها، وإن كان هذا الثوب يأخذ من حصة آخر إلى حد العري! وأول (الآخر) سنة إيران والأحواز. ثم إن العراق وإن كانت غالبيته سنة، لكنه عملياً – بحكم الدعوى والقانون الموقع من الكبار – ذو غالبية شيعية. أليست هذه القاعدة تجرم كل داعٍ إلى الله في العراق؟ فعلام أنتم فرحون تتمدحون؟!!!

قال ذلك الشيخ الفاضل: “يا جماعة! ألا ترون أننا حمير؟! كيف فاتتنا هذه الحقيقة؟”!

أيها الإخوة! أنا لا أقول عن هذا الصنف أنهم (حمير)، بل أحترمهم؛ لأن هؤلاء طلاب حق وباحثون عن الحقيقة، والجهل هنا وارد، وليس من عيب في أن يجهل إنسان ما منّ الله تعالى به عليك فأحاطك بشيء من علمه. إنما الحمير الحمير أولئك الذين يصرون على الجهل والتجاهل بسبب من قيود هم صنعوها ألجمت عقولهم عن أن تنطلق، وعيونهم أن تبصر، وآذانهم بعيداً عن السماع.

قد تقول: هؤلاء هم القردة. وأقول لك: ما من شك في أن منهم قردة، ولكن – أستغفر الله – لا يمكنني أن أتهم الجميع بهذه التهمة المقذعة؛ فما من شك – أيضاً – أن منهم صنفاً لم ينحدر ليكون قرداً، بل صمد – برباطة جحش أو جأش – فحافظ على مرتبته ليبقى ضمن فصيلة الحمير.

ملاحظة/ الرئيس السوداني يحضر مؤتمر (مكافحة الإرهاب) في طهران.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى