مقالات

شيعة سوريا

شاهد آخر على " مقتلهم في حمقهم "

C:\Users\f\Downloads\201307041118318.png

تذكرت البيت الشعري التالي وابتسمت في سري:

يا أيها الرجلُ المعلمُ غيرَهُ هلّا لنفسِكَ كان ذا التعليمُ

وأنا أستمع إلى وزير خارجية سوريا وليد المعلم وهو ينذر كل من يعترف بـ(المجلس الوطني السوري) باتخاذ إجراءات مشددة ضده!

أما حين هدد مفتي الجمهورية أحمد حسون في جمع من نساء لبنانيات (الراجح أنهن من شيعة “حزب الله”) جئن حلب يعزينه بمقتل ابنه، بتفجيرات انتحارية ضد أوربا وإسرائيل عند أول صاروخ ينطلق على سوريا؛ فإن لهم استشهاديين واستشهاديات مزروعين في كل مكان في أوربا وأمريكا: فقد كدت أضحك! ولكن الله سلّم، وتداعى إلى ذهني قول رامي مخلوف (ابن خالة الرئيس) في بدايات الحدث: “إن أمن إسرائيل مرتبط بأمن سوريا”؛ ربما لرابط الحمق الجامع بين القولين.

لم أجد في هذه الأقوال إلا ما يشير إلى أزمة عميقة وهاجس رعب يعبر عن يأس تشرب مفاصل النظام، وإلا ما الذي عند المعلم كي يعاقب العالم كله؟! لقد بدأت أُولى حلقات مسلسل الاعتراف بالمجلس الوطني السوري بالظهور من ليبيا، وما ترحيب الاتحاد الأوربي به إلا مقدمة لذلك الاعتراف العالمي. وقبل يومين دعا الرئيس الروسي نظيره السوري إلى تنفيذ وعوده بالإصلاح أو التنحي! وهو كلام ينبئ عن شيء يدبر في الخفاء. فما هو هذا الشيء؟ والذي أظن أنه أحد العلل العميقة الكامنة وراء ذلك الشعور بالرعب؟ هل هو تدخل حلف الناتو عسكرياً في سوريا كما فعل في ليبيا؟ وإذا حصل ذلك فماذا عند المعلم من (إجراءات).. و (مشددة)؟ في تقديري أن تأخر التدخل العسكري الأطلسي لسببن: دراسة كلفة الفاتورة مع عائداتها، وضمان أمن إسرائيل. عندها لا نملك إلا أن نقول: اللهم احفظ إخواننا في سوريا، واجعلها عليهم برداً وسلاماً.

أما تهديدات إيران للسعودية فأختصر القول فيها بما يلي: إن إيران ليست أكثر من مُوقِد يشعل النار، ثم يجلس على التل يستمتع بمنظر ألسنة اللهب المتصاعدة منها. فعند ساعة الحسم لن تضحي إيران بمصالحها القومية لعيون كائنٍ من كان، بل ستلقي بسجادها الإيراني الأحمر تحت أقدام من يخلف النظام كائناً من يكون. كما أن إيران ليست بقد السعودية ولا بطول قامتها؛ وفيها مهوى أفئدة المسلمين، وليس أبناء نجد والحجاز بأقل عزماً وهمة وسطوة من إخوانهم أبناء الرافدين، وإن الكأس التي تجرع منها اللعين السم في 8/8/88 جاهزة لأن يتجرعها مرة أُخرى على يد بني يعرب وعدنان وقحطان. أما ما تسمعونه من تهديدات إيرانية فليس سوى جعجعات هوائية وفرقعات بالونية، طالما سمعناها منهم فما أجدتهم شيئاً. وهي من جنس مثيلاتها التي أطلقها المعلم أمس، وبالأمس.

إرهاصات النصر

إن ثورة الشعب السوري سائرة في طريق اللاعودة. إنها مسألة وقت لا أكثر، بعز عزيز أو بذل ذليل. لقد ذاق الشعب طعم الحرية، وسكر بنشوة التحدي، وصار يتبختر بسربال العزة بعد أن خلع (خردال) الذلة الذي أُلبس إياه كرهاً أربعة عقود ونيف.

سيقول الجيش قولته، ويزداد انشقاقه ويتحول – بإذن الله تعالى – من عصا غليظة بيد النظام إلى سيف بيد الشعب. ولن يبقى مع النظام سوى فلول من أزلام الأمن و(الشبيحة) والضباط الذين ارتبط مصيرهم بمصيره. ثم.. تحل ساعة الحسم. والأمور تسير في تحولاتها حسب طبيعتها وسننها الاجتماعية، وذلك بالتوازي مع حركة الثوار السلمية، وتنظيم المعارضة، وتعاطف الدول، وتدبر السلاح. وإن قانون ابن الوليد: “إنما يكثر الناس بالنصر، ويقلون بالهزيمة” الذي صرخ به في ساحة (اليرموك) في سبيله للتعبير عن نفسه عاجلاً أم آجلاً بعون الله جل في علاه.

في نيسان 2004 يوم هزمت طليعة الجيش الأمريكي في الفلوجة وكسر ظهره في اللطيفية والمحمودية، وبدا للناس أن النصر قاب قوسين أو أدنى، هب أبناء العشائر في أرياف اللطيفية والمحمودية حتى كأن أحداً من الرجال لم يتخلف لحاجة، وامتلأت الروابي وحواف الأنهر والمبازل بالمقاتلين. كان في بعض المناطق الريفية تجمعات عشائرية شيعية في وسط محيط العشائر السنية، فوجئ السنة ببعضهم يحمل سلاحه ويقف معهم. نعم: حتى لا يقال عنهم تخلفوا عن يوم مشهود فاز السنة دونهم بمجده، وصحيح كان ذلك من أجل أن يشاركوهم قطف ثمرته، ولكن الذي أريد قوله هو أن الناس تكثر بالنصر وتقل بالهزيمة كما قال سيف الله من قبل، أو كما قال نابليون من بعد: “الهزيمة يتيمة، أما النصر فله ألف أب”! وسترون مفعول هذا القانون الاجتماعي في سوريا ليس ببعيد إن شاء الله تعالى.

مقتلهم في حماقتهم

هذا.. وما زلت أقول عن الشيعة: (مقتلهم في حماقتهم)!

لكن لي سؤالاً أوجهه للشيعة النصيرية الذين حكموا سوريا بتسهيل المحتل الفرنسي وبغفلة بعض السنة هناك واغترارهم بالشعارات السائدة آنذاك، وما زالت: أي حمق أكبر من اغترار أقلية بقوتها أمام شعب بأكمله، واطمئنانها إلى أن الحال ستبقى أبداً إلى غير زوال؟ لقد كان مثلكم كمثل صاحب الجنتين إذ (قَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا) (الكهف:34-36). فماذا كانت النتيجة؟ (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا) (الكهف:42-43)! وهذا هو مصيركم الذي جركم إليه حمقكم. ولكنكم لا تقرأون القرآن الكريم قط، ولا تعترفون به، فمن أين تعلمون؟

ألم تكونوا في غنى عن هذا الحمق الذي لن تعرفوا إلى أي مصير أسود سيودي بكم؟ أم إن العقد النفسية والعقائد الدينية والإغراءات الشرقية والغربية لم تترككم حتى أوردتكم هذا المهِلك، والله وحده يعلم إلام سيؤول بكم المصير، وأنى يتجه بكم المسير!

بين شيعة سوريا وشيعة العراق

وكلمة أتوجه بها إلى إخواني خارج العراق فيها عبرة ونظرة.. لقد عشت في سوريا الجميلة برهة من الزمن فوجدت النصيريين لا معابد لهم كحسينيات الاثني عشرية، ولا علماء معممين بين أوساطهم يثيرونهم ويعبئونهم بالحقد والثأر كما يفعل علماء وحسينيات شيعة العراق. فمن الطبيعي أن لا يكون شيعة سوريا في حقدهم وعقدهم بمستوى ما عليه شيعة العراق من ذلك كله وغيره. ثم هم قلة قليلة جداً هناك. ومع ذلك رأيتم ولمستم من شواهد الشر الشيعي في سوريا ما تقشعر له الأبدان وتتزلزل الحيطان. إذن لكم أن تجيبوني: هل تصورتم الآن ماذا حصل لإخوانكم سنة العراق على يد الشيعة هناك، ومعهم شيعة إيران ولبنان وغيرهم من شذاذ الآفاق وشراذم النفاق؟!

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى