مقالات

حرب دينية .. سنية شيعية .. وليست طائفية

د. طه حامد الدليمي

سبحان من بيده ملكوت كل شيء! سبحان مغير الأحوال! سبحان الله!

ما عدنا نستطيع ملاحقة الأحداث. فالأخبار كثيرة متتابعة يأخذ بعضها بعنق بعض، ويدفع بعضها بعضاً، ويتناسل عنه في أكبر عملية تفريخ للأحداث والأخبار تشهدها المنطقة، فلا عجب إذ يقف المراقب حيالها حائراً مشدوهاً لا يدري هل يركز على هذا الحدث أم ذاك؟ وهل يتأمل هذا الخبر وبإزائه ثالث ورابع وعاشر… وهلم جراً؟!

مما يخفف الألم ويبعث الأمل، ويستثير النشوة، ويشرح الصدر أن الأحداث جميعاً أصبح تيارها الجارف يجري ضد مصالح الشيعة، الذين ما زالوا في حماقاتهم سادرين لا يعون حقيقة أمرهم، ولا المصير الأسود الذي بات يترصدهم، حتى كأنني أنظر إلى قوم لوط إذ أقبلوا إليه يزفون، والله تعالى ينظر إلى جمعهم ويقول: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الحجر:72)!

  • C:\Users\f\Downloads\111_11.jpg الجامعة العربية تعلق عضوية سوريا، وتلتقي وفداً من المعارضة. كما تعرض على وزير خارجية العراق أن يجد لبشار ملاذاً آمناً في العراق! (هل صار العراق ملاذاً رسمياً للبعثيين السوريين دون العراقيين؟!)، بينما الشيخ أحمد أبو ريشة في لفتة ذكية تهكمية يشترط لذلك أن يجلب بشار جميع المتهمين بتفجير وزارة الخارجية العراقية طبقاً لدعوى رئيس وزراء العراق نوري المالكي نفسه حين اتهم “بعظمة لسانه” النظام السوري بأنه وراء التفجير!
  • العراق يمتنع عن التصويت على القرار في مبادرة لا تعبر إلا عن مزيد من التخبط والغباء السياسي.
  • عودة الملف النووي الإيراني إلى واجهة الأحداث، بعد تقرير وكالة الطاقة الذرية الذي صرح بأن إيران تقترب من إنتاج قنبلة نووية، وفرض عقوبات جديدة على إيران، مع نذر حرب ضدها.
  • البحرين تمسك بخلية مرتبطة بإيران تخطط لتفجير جسر الملك فهد الرابط بين البحرين والسعودية.
  • مظاهرات شعبية في الكويت تندد برئيس الوزراء ذي العلاقة القوية بإيران مطالبين بإسقاطه لتحميله مسؤولية الفساد المستشري في البلاد وأنه يقدم رشى لثمانية عشر نائباً في مجلس الأمة. وقوى الأمن تفرق المظاهرة بالقوة والضرب الذي طال النساء فيهجم المتظاهرون على مقر مجلس الأمة ويحتلونه!
  • المنشقون عن الجيش السوري يشكلون مجلساً عسكرياً مؤقتاً، وقد بلغ عدد الأفراد المنضوين تحت راية المجلس عشرين ألف ضابط وجندي، والانشقاق في تزايد مستمر.
  • تفجير مقر المخابرات السورية في حرستا في ريف دمشق.
  • رجب أردوغان يؤنب بشار الأسد ويصفه بأنه يتغذى على دماء شعبه، ويبشره بنهاية مأساوية.
  • المالكي يظهر عليه الإجهاد الفكري والنفسي والتخبط السياسي إزاء إصرار أبناء السنة في صلاح الدين وبقية المحافظات السنية على المضي قدماً في طريق الفدرالية فيطرح استعداده لتوسيع الصلاحيات الإدارية لها. لكنه يعود فيقول: إن الدستور لم يحدد هذه الصلاحيات!
  • الملك عبد الله الثاني ملك الأردن يقول: لو كنت مكان بشار لاستقلت.
  • محمد جواد لاريجاني المقرب من المرشد الإيراني يقول: إن أفضل حل هو ترك السوريين ليقرروا مصيرهم بأنفسهم.
  • أعلام “حزب الله” تحرق في سوريا وتداس بالأقدام.

المليشيات الشيعية العراقية تعبر الحدود نحو سوريا

ولكن ما أثار اهتمامي ودفعني لكتابة هذه السطور الخبر الذي يقول: إن مئة حافلة تحمل عناصر مليشياوية عراقية تحرسها قوات رسمية تودعها عند الحدود السورية، لتدخل سوريا دون ختم جوازاتهم. والمجلس الأعلى للثورة السورية يطالب الحكومة العراقية بتفسير لذلك، ويندد بهذا التصرف الخطير ويعتبره بمثابة إعلان حرب على الشعب السوري.

في (مرصد القادسية الثامن) نشرنا هذا الخبر تحت عنوان (التعاون الأمني بين العراق وإيران وسوريا عبر الأنبار): “رصدت مصادرنا سيارات نقل ركاب كبيرة على معبر (التنف) الحدودي بين العراق وسوريا تنقل شباباً من فئات عمرية تتراوح بين (25- 30 سنة) إلى سوريا. اللافت للنظر أن السيارات ليس فيها نساء أو أطفال أو رجال كبار السن كما هو معتاد في كل الرحلات البرية إلى سوريا. كما أنها كانت برفقة سيارات دفع رباعية حديثة تستعملها حمايات المسؤولين والأحزاب الحاكمة. وبعد البحث والتقصي تبين أنهم عناصر من (حزب الله تنظيم العراق)، وعناصر من (جيش المهدي) و (فيلق القدس) يتم نقلهم الى سوريا للمشاركة في قمع المظاهرات هناك”.

ربما لم يثر هذا الخبر يومها بعض الذين قرأوه، وقد يكون بعضهم قد زمّ شفتيه متشككاً! لكن لم يمر شهران على ذلك حتى خرج الحدث عن نطاق رصد عين ساهرة لرجل من رجال (القادسية) إلى الفضاء بكل ما فيه من سعة وانتشار وفضيحة وعري!

في التسعينيات من القرن الماضي كنا نقول وكأن أحدنا عراف يرجم بالغيب: إن قضية الأمة الحقيقية هي مع إيران بالدرجة الأولى وليس مع إسرائيل، وسيأتي اليوم الذي تجبر الأحداث إخواننا الذين لم يعوا بعد عمق خطورة المشروع الإيراني الشعوبي على أن ينزلوا الأشياء منازلها ويدركوا أن الخطر الأكبر الذي يهدد – على الأقل – دول الخليج العربي والشام ومصر هو الخطر الشرقي وليس الغربي ولا اليهودي. ومرت الأيام وها هو سوط القدر يفعل ما لا يفعله نور الوحي، وا أسفاه! ووا راحتاه!

حرب دينية

الذي نطمع فيه أن تعي الأمة أن الصراع الحاصل في العراق والذي امتد إلى الشام والخليج ومصر وما بعدها، وقد كانت الأحواز إحدى حلقاته، وصبرا وشاتيلا وطرابلس أحد شواهده، أن تعي أنه صراع شيعي – سني. هذا هو العنوان الحقيقي للصراع. والذي هو تعبير عن صراع حضاري قديم قدم التاريخ بين الفرس والعرب، اتخذ – بعد الإسلام – شكل الصراع بين الشيعة بقيادة الفرس والسنة بقيادة العرب. وأن هذا الصراع من الناحية الشرعية صراع ديني لا طائفي. فالحذر من ترويجات الإعلام لهذا المصطلح. فنأمل من إخواننا السوريين أن يأخذوا بنصيحتنا وينتهوا في مظاهراتهم عن ترديد شعار (لا للطائفية) الذي بدأنا نسمعه أخيراً، على اعتبار أن الصراع بين العلوية والسنة صراع طائفي. وهذا غلط شرعي وواقعي فادح، تترتب عليه عقوبات قدرية تستجلبها تناقضات واقعية لا بد أن تعبر عن نفسها؛ فالشوك مهما غطيته بالحرير لا يحتمل الضغط مهما كان ضعيفاً حتى يكشر عن طبيعته. لقد كنا نقول لهم: إن إيران وحزبها في لبنان هم العدو فاحذروهم فما كانوا ليسمعوا لنا حتى ساقهم سوط القدر إلى إدراك حقيقة الخطر. وأن عسى أن يعوا حقيقة الصراع دون دفع مستحقات القدر العادل ونتائج الواقع الظالم.

وإلى ذلك ندعو الأمة أجمعين.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى