مقالات

إعلان إقليم محافظة ديالى الحدث والدلالة (2)

د. طه حامد الدليمي

الحقيقة

  • مجلس المحافظة مارس حقه الدستوري فصوت بأغلبية (24 من مجموع 29 عضواً)، ولم يتخلف عن التصويت سوى الأعضاء الشيعة الخمسة، لإعلان المحافظة إقليماً مستقلاً. وذلك بسبب الظلم الطائفي المقيت الذي يتعرض له السنة على يد الحكومة الشيعية، وهي تبيت النية، التي ما عادت تخفى على أحد، لتدمير السنة وسحقهم وتحويل العراق إلى بلد شيعي.
  • مجلس عشائر ديالى يؤيد برمته إعلان الإقليم، مصرحاً – على لسان بعض أعضائه – بأن “الإعلان عن إقليم ديالى سيكون له تأثير إيجابي في إيقاف التدخلات الإيرانية في شؤون المحافظة، مبيناً أن الخطوة تحظى بتأييد جميع أعضاء مجلس عشائر ديالى، وتأييد90٪ من أبناء المحافظة. وأن “هذه الخطوة كان من الضروري اتخاذها من أجل وقف عملية التهميش والإقصاء التي تمارسها الحكومة المركزية في بغداد تجاه المحافظة وأبنائها، إضافة لتقصيرها في ملفات الخدمات والإعمار ومواجهة البطالة”. مضيفاً: “نحن كمجلس عشائر ديالى متمسكون بعملية تحول المحافظة إلى إقليم، وسنقوم بالتعبير عن ذلك بكافة الوسائل المتاحة، ومنها التظاهرات والنزول إلى الشارع، في مواجهة الأطراف السياسية القريبة من إيران والرافضة لهذا الإجراء”.
  • وجه مجلس العشائر اليوم تحذيراً للقوى الأمنية: إن لم تبادر لحماية المحافظة من المليشيات فإن العشائر ستتقدم بنفسها لتأديبها.
  • الأغلبية الساحقة للمواطنين في ديالى (وهم سنة) مع مشروع الإقليم، وحين قام بعضهم بالتظاهر استبشاراً بالخبر وتأييداً للإعلان، هاجمتهم العناصر الشيعية المسلحة
  • وقتلت اثنين منهم. اتصلت هاتفياً بأحد أصدقائي هناك فعبر لي عن حالة الخوف التي تجتاح الناس فتمنعهم من تكرار تسيير مواكب التظاهر لتأييد الإعلان، رغم أن الأغلبية السنية معه. وكل الصور والأفلام والأخبار شاهدة على ذلك، ومن ذلك تصريحات محافظ ديالى وجميع النواب السنة ومنهم سهاد الحيالي، هذه المرأة الشجاعة التي تحسب بعشرة من الرجال، ولا عجب! متهمة جهات أمنية وسياسية بتضييق الخناق على الداعمين للقرار. بينما نواب الشيعة يقلبون الحقيقة، ولا عجب؛ فالشيعة (بيت الكذب)!

دلالات الحدث

  • إدراك الشيعة – ومعهم إيران – لخطر إقامة الأقاليم على مشروعهم الرامي للسيطرة على العراق وتشييعه. ومحاولتهم (تصحيح) خطإهم الجسيم الذي ارتكبوه يوم كتبوا الدستور وشرعوا فيه مواد الفدرالية ولو بالقوة!
  • إدراك الكثيرين من السنة (والبقية آتية لا محالة إن شاء الله تعالى) أنه من غير الممكن التعايش مع الشيعة، وأن الفدرالية حل مناسب لإشكالية الوجود السني الشيعي في العراق.
  • آن الأوان لمعارضي الفدرالية أن يعرفوا، ولو من خلال هذه الحمى الشيعية ضد الفدرالية، مدى خطرها على الشيعة ويدركوا فائدتها للسنة.
  • إن هذه الأحداث تشير إلى أن معارضي الفدرالية منا إما غافلون تغلب عليهم النوايا الطيبة في وسط غابة من الذئاب المتوحشة، أو من ذوي الآيدلوجيا الكونكريتية التي لا تتأثر بالواقع، أو منتفعون من الوضع، أو عملاء، أو ما لا أعلم. والله أعلم.
  • آن الأوان لتسفيه رأي المعارضين للفدرالية وبيان خطل رأيهم؛ فمصير السنة في العراق العظيم أهم عندنا من اعتبار الأشخاص وسمعة (المخبصين) ومراهقي السياسة، الذين بنوا وجودهم على حساب قضية أهلهم جهلاً وسذاجة، وحتى يقال عنهم: إنهم أبطال ثابتون، ولو كان في ذلك هلاك أمتهم!
  • كما آن الأوان لفضح عملاء إيران والحكومة الشيعية، ممن يرفضون الفدرالية: لا جهلاً، وإنما غياً وعمالة وخسة.
  • كذلك آن الأوان للتشكيك فيمن تحوم الشبهات حولهم من خلال أفعالهم التي تصب – بلا ريب – في صالح الشيعة وإيران، ولا تأتي إلا بالشر والسوء على السنة.
  • من (الكلايش) المملة والمهترئة فكرياً، التي يرددها ذوو الفكر القديم: “الفدرالية مشروع أمريكي صهيوني إيراني”! مغلبين الآيدلوجيا على الواقع، في تعبير نموذجي عن مرض (التفكير الكونكريتي Concrete Thinking). لست في معرض التفصيل عن تخلف هذه (الكليشة) بهذا الخلط بين موقف إسرائيل وموقف إيران دون النظر لاستحقاق المرحلة والتوقيت واختلاف المصالح، ولكن ألفت نظر القارئ إلى نقطة واحدة تعرفوا من خلالها الأزمة التي يعاني منها هذا الفكر الجامد بإطاره الكونكريتي: يدّعي هؤلاء أن الفدرالية والتقسيم شيء واحد، ويقولون: إيران تريد تقسيم العراق، فإذا كانت الفدرالية تعني التقسيم فكيف توفقون بين وقوف إيران – بكل ثقلها – ضد الفدرالية، وفي الوقت نفسه تسعى للتقسيم؟!
  • أما الأمريكان فساكتون لا تكاد تفهم موقفهم من الفدرالية! حتى إنها كانت غائبة عن طاولة المحادثات بين الجانب العراقي والجانب الأمريكي في زيارة المالكي لأمريكا الأسبوع الماضي. لكن السكوت هنا يدل على واحد من أمرين: إما الرضا بما يجري بطرفيه، أو عدم الاهتمام به لأنه غير داخل في حسابهم – على الأقل – في هذه المرحلة. لكن من خلال الانتباه إلى بعض الإشارات، والركون إلى بعض التحليلات يمكن الاستنتاج – ولو احتمالاً – موقف الأمريكان وهل هو مع أو ضد الفدرالية. ونحن نرجح أنهم ضدها نكايةً بالسنة، وعلى ذلك دلائل آخرها موقفهم من إعلان إقليم ديالى؛ إذ “يلاحظ أن الإدارة الأمريكية كان لها اليد في السماح للميليشيات الشيعية بالانتشار في محافظة ديالى واحتلال مبنى محافظتها وبدعم مباشر منها. (منذ أول يوم كانت ميليشيا عصائب أهل الحق المجوسية قد أغلقت الطرق المؤدية من بغداد إلى ديالى قتلت واختطفت بعض أهل السنة, ورغم ذلك لم يحرك الأمريكان ساكناً, بل والمضحك أن قناة الحرة الأمريكية بثت خبراً يقول بأن قائد القوات البرية العراقية شكر الجماهير التي احتلت مجلس المحافظة لأنهم لم يعبثوا بمحتوياتها)”! “أما الشاهد الأكبر على أن تشكيل أهل السنة لإقليمهم ليس مشروعاً أمريكياً فهو أن وسائل الإعلام الأمريكية – وتحديداً تلك الموجهة نحو العراق – لا تدعم في تغطيتها تشكيل تلك الأقاليم، فمن المعروف أن قناة الحرة الأمريكية هي لسان حال السياسة والمخطط الأمريكي تدعو وتمهد إعلامياً وثقافيا لمخططاته ومشاريعه, لكن من يتابع تغطية هذه القناة لقضية تشكيل صلاح الدين ومن ثم ديالى لإقليمهم, وكيف أنها كانت منحازة لجانب المالكي والمجوس على حساب مجلس المحافظة الذي صوت لصالح تشكيل الإقليم”([1]).
  • سيفتح الحدث في لحظته عاجلاً لا آجلاً عيون السنة على كثير من الأمور التي ما كانوا يتصورونها على حقيقتها، ومنها خطر الفدرالية على الشيعة وفائدتها للسنة! فالجمهور يتعلم بالحدث، فيسبق بوعيه تلك (القيادات) من ذوي أهل الإطر الجامدة في التفكير، الذين يفترض في حقهم – كقيادات – أن يسبقوهم بالوعي من خلال النظر في إرهاصات الحدث قبل وقوعه.
  • تبشر هذه الأحداث بميلاد عصر جديد في العراق يتمايز فيه السنة عن الشيعة، وهو أولى الطرق وأوسعها وأطيبها لامتلاك القوة في دينهم ودنياهم. وفي ذلك منجاة للعراق والعراقيين ككل.
  • الدفع باتجاهين مهمين يمثلان مفتاح نصر السنة واسترجاع العراق من الشيعة وهما: (تبني الهوية)، وتدويل القضية)، أي الهوية والقضية السنية، وهما الحلقتان اللتان بسبب فقدانهما من مشروع العمل الجهادي والسياسي لم نحصل على شيء في (العراق الجديد) رغم كل الجهود والتضحيات الأسطورية التي بذلها السنة.
  • تحمل الأحداث في أحشائها إرهاصات قوية لصراع (سني – شيعي) في العراق، ونذراً لتطور الصراع إلى معارك مسلحة. عندها يكون الشيعة قد ارتكبوا حماقتهم الكبرى بإيقاظ المارد السني، وفي ذلك نهاية الشيعة بإذن الله كي يعودوا إلى حضيرتهم الأولى يلطمون فيها ، ويمارسون ما يشتهون من البكاء والعويل وجلد الذات، ويندبون (مظلوميتهم) وحظهم العاثر، وينفردون بكل مظاهرهم المتخلفة بعيداً عنا.. عن تحضرنا وحضارتنا.. وهكذا أبد الدهر.

وقريباً بإذن الله جل في علاه (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).

_________________________________________________________________________________

  1. – عبد الله الفقير، لو رفضت القاعدة فيدرالية المحافظات السنية لقلتم انها ايرانية، مقال على موقع (كتاب من أجل الحرية)، الجمعة 15/12/2011 على الرابط

    http://www.iwffo.org/index.php?option=com_content&view=article&id=49108:2011-12-16-13-42-14&catid=4:2009-05-11-20-54-04&Itemid=5 .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى