مقالات

في الذكرى (24)

د. طه حامد الدليمي

ليوم النصر العظيم – 8/8/1988

في مثل هذا اليوم قبل (24) عاماً، عند الظهيرة، على ما أذكر، اشتعلت بغداد بأصوات انفجارات غير مألوفة! خرجت مسرعاً لأرى ما الذي حدث! ومن بين أشجار القلمطوز (الكافور) الشامخة نحو السماء تزين شوارع حي الوزيرية رأيت جاري رحمه الله وقد خرج لتوه من داره، قلت له: ها أبو محمد ما الخبر؟! فأجابني ووجهه يتقبض بعلامات المصدق المكذب: (وقفت الحرب.. وقفت الحرب)! لم أكد أصدق أذني! وكان عصف الانفجارات شديداً.

وفي الليل كانت سماء بغداد تأتلق بألوان النصر.. وظهر الرئيس صدام حسين رحمه الله بلباسه العربي المهيب على شاشة التلفزيون يحيي الجماهير التي احتشدت في ساحة الاحتفالات تطلق أهازيج النصر. بينما كان صوت المذيع الشهير مقداد مراد يدوّي بإذاعة (بيان البيانات). وهناك في طهران كان شيطان لعين يقبع في سردابه المعهود، يحتسي كأس السم ويتجرع غصص الهزيمة.

ويمر بنا ربع قرن ..!

ما بين يوم 8/8 في 1988 ويوم 8/8 في 2012 عصفت بالمنطقة أحداث جسام كان المسعر لنارها، والمهيج لفتنتها محور النفاق والشقاق إيران، ومن ورائها أحلاف الشر القادمين من خلف البحار من الغرب والشرق، على ظهور الشيعة.. تلك المطايا المعدة ظهورها دوماً لحمل الغزاة إلى بلادنا.

وتغولت إيران طيلة هذه المدة المتطاولة، وكان العراق (أبو الدنيا) أحد ضحاياها!!!

وتمددت نار المجوس فطالت سوريا ولبنان وغزة واليمن والخليج ومصر وإفريقيا وشرق آسيا، بل وصل طرف لهيبها إلى أمريكا الجنوبية!

ولم نكن ننتظر بها سوى قدر الله.. قدر الله لا غير؛ فليس ثمت بارقة أمل في عالم الأسباب. وفي 2006 فرحت بوصول محمود نجاد إلى رئاسة الدولة.. قلت: أتوقع أن تطرف هذا المجنون سيورد إيران المهالك.. وهو المطلوب!

وأمسح عيني فأقول: لقد توسعوا أفقياً.. إذن سيسقطون عمودياً! وأردف قائلاً: لقد ذهب زمانكم وجاء زماننا.

واليوم……..!

ها هي وقائع هزيمة إيران وشيعتها ومشروعها الفارسي المجوسي لا يسع تسطيرها الورق! وكانت البداية من العراق، ولا تعجبوا.. من العراق المهزوم كانت البداية! ولن تتم هزيمة الشيعة وإيرانها إلا من العراق.. ولن يعلن (بيان بيانات) اندحارها إلا من هناك. هذا ما تقوله حركة التاريخ.. وهذا ما تنطق به مآلات الحدث. ويومها لا أدري أين سيختبئ من أوغل في أذانا، وقتل أباءنا واعتدى على حرماتنا؟

واليوم تدور في سوريا ملحمة يهزم فيها الشيعة شر هزيمة! يهيئ فيها أشاوس العروبة والإسلام مناشيرهم لبتر ذراع إيران، وحفر جحر لشيعة لبنان، لن يخرجوا منه، ورب الكعبة، إلا إلى سراديب نفاقهم، أو كما قال كبير من كبرائهم لكن له شيئاً من العقل هو صبحي الطفيلي: لم يبق أمام “حزب الله” سوى اللجوء إلى إسرائيل! والدور قادم على شيعة العراق، ومن بعدهم سينفرط خرز عقدهم تباعاً دون انتظار.

ذلك ما سيحصل بإذن الله!

هل تعلمون …….؟

هل تعلمون كم خسائر الحكومة الإيرانية جراء الحصار؟ (4) مليارات دولار شهرياً.. أي (48) مليار دولار سنوياً.. هذا من النفط فقط!!! دعك من غيره.

فكيف لو استيقظت الإرادة الشعبية العربية فأعانت إخواناً لها في الأحواز على القيام بثورتهم التي يتحرقون لها؟ عندها سيخرج أكثر من (90٪) من النفط والغاز الإيراني من يد شياطين قم إلى غير رجعة!

فكيف لو ثار الكرد، والبلوش، والأذر، وسنة إيران؟ عندها ستتمزق أكذوبة هذه الدولة المصطنعة إلى (5) دويلات أو أكثر، وينكفئ الفرس في جحرهم!

فكيف لو أطبق عليهم من الشرق سنة أفغانستان، وهم قادمون بإذن الله.. ومن الغرب سنة العراق وهم يستعدون بعون الله، ومعهم العرب أجمعين؟

أيها السنة!

إيران دولة مصطنعة، وأكذوبة مخترعة! ولقد رأيتم كيف تهاوت على وقع صفعات أجدادنا في ذات السلاسل والقادسية ونهاوند! إن هي إلا نطحة أو نطحتان حتى انهارت إلى القاع. والتاريخ يمكن أن يعيد نفسه حين نمتلك الوعي والإرادة.

إلا هل من غيور مقتدر يعيرني بناية بمساحة (100م2) فقط، ويجهزني بما أريد، ويأتيني بعد (5) سنين.. (5) سنين فقط ليستلم مني إيران ممزقة لا تجد يداً تعلن بها عن استسلامها، ولا حتى لساناً تلعق به جراحها؟

لقد استيقظ السنة!

وهزمت الثقافة (الوطنية) الساذجة الخائبة.. لا راية تعلو على راية (السنة) بعد اليوم! فأين سيذهب المجرمون؟ لا أظن سراديبهم تحميهم من غبائهم. ولا أظننا قادرين يومها على حمايتهم من انتقام المنتقمين.

ويومها ستأتلق بغداد بألوان النصر من جديد، وتشمخ أشجار الوزيرية بذوائبها مرة ثانية نحو عنان السماء.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى