مقالات

من خيالات الرافضين للفدرالية (2)

د. طه حامد الدليمي

العملاء

208265470

جمعني يوماً مجلس عام بأحد الحالمين الرافضين للفدرالية.

لهذا الحالم بعض الخصوصية. فهو من ذوي الصوت العالي، والوفاض الخالي. له قناة فضائية بتمويل خارجي، وكان من بطانة النظام السابق، فلما مال به الزمان ترك ما كان عليه من (وطنيات) واتكأ على إيران! ولله في خلقه شؤون.

كان العشاء دسماً.. وبعد أن شرب الشاي والتهم شيئاً من الفواكه المتنوعة الأشكال والألوان، راح يهاجم الفدرالية ومن منظور (وطني) أيضاً.

كنت أنظر إلى شاربيه يرتجفان وهما يقتربان من بعضهما ويبتعدان، وإلى لحيته (السكسوكة) الخفيفة جداً وهي تصعد وتنزل مع ذقنه، ويكتمل المشهد بأصبعيه السبابة والوسطى يقبضان على سيجارة ترتفع معهما إلى فمه تارة وتنخفض إلى ركبته تارة أَخرى. قلت في نفسي: “ما زلت تتاجر بالبضاعة نفسها؟! شيئاً من الحياء”! لكنني لمتني قائلاً: “لو كان عند هؤلاء قطرة من ذلك ما وجدتهم مع كل دَور على طَور”.

وتحدث عن هيمانه بالوطن والخوف عليه من تقسيمه.. وأطنب في ذلك. وارتفع صوته وهو يقسم بالله على حرصه عليه وعلى ساكنيه. وتشعب حديثه واستطال حتى صار يتهم دعاة الإقليم بالخيانة والعمالة، دون أن يراعي حرمة لأحد من الجالسين، وكما يقول العراقيون (عينك .. عينك)!

آن الأوان لإلقام هذا العاوي حجراً؛ لقد عدا قدره وتجاوز طوره. لكن بعلمية وشيء من الهدوء. فقلت له معرضاً به وبعمالته لإيران والمالكي:

لماذا لا يكون معارضو الفدرالية هم العملاء؟

أما دعاة الفدرالية فقل لي بالله عليك: هم عملاء لمن؟ لإيران؟ أم للمالكي؟ أم لأمريكا؟

  • فالكل يعلم أن إيران ضد الفدرالية..
  • والشيعة وعلى رأسهم المالكي ضد الفدرالية..
  • وأمريكا ليست معها.

هل هناك من جهة رابعة يمكن أن يكون دعاة الفدرالية عملاء لها؟

لماذا لا يكون بعض المتحمسين لرفض الفدرالية عملاء للمالكي وإيران؟

إن رافضي الفدرالية هم أولى وأحرى بوصف العمالة والخيانة. ولكن دعونا من تبادل الاتهامات، واتركونا نفكر بشيء من الهدوء وراحة الأعصاب لعلنا نصل إلى حل.

ونظرت إليه لعله يتكلم أو يرد. فإذا هو يكتفي بأخذ جرعات مضاعفة من دخان سيجارته، وهو ساكت كأنما أُلقم حجراً.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى