مقالات

تقسيم نينوى إلى ثلاث محافظات .. لماذا ؟ (1)

التهشيم قادم يا سنة العراق

د. طه حامد الدليمي

قبل ثلاثة أيام أعلن محافظة نينوى أثيل النجيفي ذهابه إلى خيار الإقليم معتبراً قرار مجلس الوزراء بتحويل نينوى إلى ثلاث محافظات من خلال جعل قضاء تلعفر وسهل نينوى محافظتين مستقلتين، خطوة استباقية لمنع تشكيل إقليم موحد.

أضحكتني يا أثيل!

بل إعلانك الخجول عن نيتك في تحويل نينوى إلى إقليم خطوة متأخرة جداً. والمتأخرون يدفعون ثمن التأخر دوماً ولكن من جيوب الفقراء!

لقد طالبناكم من سنين بالذهاب إلى خيار الإقليم، فقلتم: إن الإقليم يعني التقسيم. قلنا لكم: هذا كلام من لا يعرف ألف باء السياسة. ثم قلنا: أنتم مقدمون على التهشيم، وهو أخطر من التقسيم، وحذرناكم من سنين إن لم تبادروا إلى الإقليم فأمامكم التسليم أو الحرب والتقسيم. وذكرنا أن الزمن ليس في صالحنا فالخطة المبيتة لكم هو تهشيم المحافظات السنية، وبعدها حتى لو وافقوكم على إنشاء الإقليم فهو كيان ضعيف مجرد من عناصر القوة المطلوبة؛ فسارعوا ولا تتأخروا، وإلا لن تحصلوا إلا على حصة الضعيف أو اليتيم على مأدُبة اللئيم. فالمالكي لم يستبق بقدر ما أنتم تأخرتم. فأين أنتم من أبجديات السياسة؟

قبل سنتين على قناة ( وصال )

قبل حوالي سنتين عملت حلقتين خصصتهما لمحافظة نينوى، واستطردت فتكلمت عن سامراء وطوق بغداد: إحداهما في يوم 5/3/2012 والثانية في 12/3/2012. ألخصهما لكم ليعلم من لم يكن يعلم كم تأخر هؤلاء الذين تحملوا مسؤولية السنة! علماً أنني أتكلم – كمثال – عن محافظ يعيش في داخل البلد وبين يديه كل المكنات وتفاصيل قواعد البيانات، بينما نحن خارج البلد ومجردون من معظم ذلك بما يقرب من العدم. ورغم ذلك نقرأ الواقع ونحلل ونستشرف المستقبل ونسبقهم في ذلك بسنين!

رجعت إلى ملخص مادة الحلقتين المكتوب عندي فوجدت فيه ما يلي:

– كلما تأخرنا زادت خسائرنا وصعب تعويضها في المستقبل.

– السنة اليوم يتحولون من ضعف الى ضعف، وهو ما يخطط لهم. حتى إذا مرت الدورة الاعتيادية على الجمهور، وانتبه إلى مأزقه الذي دفعته إليه وشجعته عليه تلك (القيادات) التي لا تملك له سوى الحماس الفارغ من المضمون الواثق، والهتاف المتخلف عن الزمان والمكان، وصار يعض أصابع الندم على ما فاته، ثم أخذ يطالب بالفدرالية يكون الزمن قد فاته كثيراً، فالفدرالية التي يمكن أن يحصل عليها حينذاك هي فيدرالية الضعيف.. الفيدرالية التي صمموها ويريدونها لنا مسبقاً.

– ماذا كانت تقول لكم تلك (القيادات) الحالمة صاحبة مشروع (اللامشروع):

  • اتركوا الوظائف الأمنية والعسكرية
  • اعتزلوا العملية السياسية

والحل؟ يقولون:

  • إذا خرج المحتل فكل شيء إلى حل……..! وستزدحم الحدود بالخونة والذين جاءوا على دباباته!
  • وكانت مظاهراتهم في 2011 تنادي بخروج المحتل، وإسقاط المالكي.

وخرج المحتل فاستلم الخونة مقاليد البلد! ولم تزدحم الحدود بهم، بل أغلقت في وجوه أولئك الحالمين الواهمين.

فإذا هم يكابرون بكل صلافة كي يستروا خيبتهم فيقولون: لا لم يخرج المحتل، ما زال موجوداً في سفارته بالمنطقة الخضراء! ثم سمعناهم يرفعون شعار “الشعب يريد التغيير”! ما هو التغيير المطلوب؟ ما أهدافه؟ ما آلياته؟ ما الإمكانيات المرصودة له؟ ……. لا شيء!

– والآن هم ضد الأقاليم، بحجة الحفاظ على الوطن، وقد جعلوا الوطن فوق الدين والكرامة.

تقول لهم: والحل؟ يقولون: الصبر (أي لا مشروع)…… وصبر بلا تقوى لا يحقق مصلحة، ولا هو موافق لدين الله تعالى.

العجيب أن من هؤلاء من يتلفع بلافتة دينية؛ فكيف يقيم شرع الله في العراق بمشروع وطني؟

وهل تخيلتم الصورة: إسلاميون ويستحون من الإعلان بإسلاميتهم. وها هو علي الأديب أمس يقول: نحن بلد إسلامي لا بد من أسلمة الدولة وأسلمة التعليم…………..! وأسلمة الدولة يعني عملياً تشييعها، كما أن أسلمة التعليم يعني تشييعه: مثال على ذلك…….. أصدر الأديب قراراً نظم بقانون غيّر بموجبه اسم (الجامعة الإسلامية) الى (الجامعة العراقية). وقراراً يقضي بإغلاق الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) في الجامعة. وفي زيارته لها قبل أشهر صرّح الوزير أن هذه الجامعة كانت تعود لديوان الرئاسة سابقاً وكانت تعرف بجامعة صدام في ذلك الوقت فلا يمكن لمثل هذا الجامعات ان تعمل لانها تحمل أفكار البعث.

وقد تحولت الجامعة شيئاً فشيئاً إلى جامعة شيعية. وصار من المعتاد أن ترى فيها طلاباً شيعة معممين بعمائم شيعية.

تمييز ديني طائفي واضح.. ومشروع تشييعي ماضٍ على قدم وساق.

– الزمن ليس في صالحنا

المعارضون للأقاليم هؤلاء إما بعيدون عن الواقع، أو لا يحسنون قراءته، أو لا يريدون ذلك، أو عملاء. والصبر والانتظار لن نجني منه سوى مزيد من الخسارات المتتابعة حتى يقضى علينا. فالزمن ليس في صالحنا…….. فالشيعة يعملون ليل نهار على إضعافنا. حتى اذا ما أوصلونا الى حالة اليأس؛ من شدة الضعف استقللنا بحقوق الضعيف فلا أعظمية.. ولا غرب بغداد.. ولا شمال الحلة.. ولا ديالى.. ولا سامراء ولا شمال بغداد ولا غيرها من المناطق المشابهة، وكلها مناطق ستبتلع أو تتغير ديموغرافيتها إن لم نتداركها منذ الآن.

وحتى يصحو السنة لهذه المكيدة تكون بغداد وشمال الحلة وديالى وسامراء وشمال بغداد مهددة بالابتلاع، أو قد ابتلعت فعلاً!

– تفتيت المناطق السنية

وتحويلها إلى جزر منعزلة عن محيطها السني ومحيطها العربي… وتحويل كل منطقة إلى (غزة) جديدة، أي شعب بلا أرض.

– خذو نينوى مثالاً………….. :

تقوم المؤامرة على أساس تقسيم المحافظة إلى ثلاث محافظات، يحصل العرب السنّة فيها على النصيب الخاسر، ويستأثر الشيعة والكرد على مصادر الطاقة والبترول والمياه وجميع مقدرات المحافظة.

يمكننا تفصيل الصورة بقسمتها على المحاور التالية:

  1. التقسيم الاداري إلى ثلاث محافظات
  2. التغيير الديمغرافي لسكان المحافظة
  3. نشر التشيّع في المحافظة
  4. الاقصاء بأساليب مختلفة
  5. شراء الذمم بالمال

اولاً: التقسيم الاداري لمحافظة نينوى

تعمل الحكومة الحالية بقيادة حزب الدعوة ورئيسها نوري المالكي على نشر ثقافة التقسيم بين أبناء المحافظة لتحويلها الى ثلاث محافظات وكما يلي:

1. محافظة الجزيرة ( تلعفر ) الشيعية

قطع جزء من المحافظة باسم محافظة (الجزيرة) وعاصمتها قضاء (تلعفر). وهو قضاء يبعد عن مركز مدينة الموصل 65 كم الى الغرب منها، وتقطنه القومية التركية (الشيعية) بما يشكل نسبة تقرب من 40٪ من سكانها. لكن بعد تهجير أغلب أبناء السنة والجماعة منها أصبحت الغلبة السكانية لمركز القضاء شيعية، وانتقل أغلب السنة إلى المحيط الريفي للمدينة وشكلوا ما يشبه الطوق حولها. يتبع هذه المحافظة بعد تشكيلها المزمع تنفيذه (قضاء سنجار، قضاء بعّاج، ونواحي القيروان والعياضية وربيعة وتل عبطة وزمار).

ومن الإجراءات المعمولة على الأرض مقدمة لهذا التقسيم :

  • إنشاء هيئة حج مستقلة لقضاء تلعفر ومرتبطة بهيئة الحج العراقية في بغداد وتكون رحلاتها مميزة من حيث العدد والمال والسكن.
  • إنشاء جامعة تلعفر بحجة كونهم تركمان، هذا في الظاهر، وباطن الأمر طائفي لكونهم شيعة، تمهيداً لتأسيس محافظة شيعية في أقصى شمال العراق. ومن الخطوات الأولى التي تمت لإنجاح مشروع الجامعة إرسال (50) طالب دراسات عليا (ماجستير ودكتوراه) الى ماليزيا والهند ليشكّلوا الكادر التدريسي لهذه الجامعة وباختصاصات مختلفة.
  • انشاء مديرية شرطة مستقلة ومرتبطة بحكومة المركز.
  • تخصيصات مالية مباشرة لقضاء تلعفر من الحكومة المركزية بما فيها تعويضات لأي حادث تفجير.

C:\Users\ththth44\Desktop\Untitled.jpg

2. محافظة سهل نينوى ( الكردية )

اقتطاع جزء آخر باسم محافظة (سهل نينوى) على أساس قومي مذهبي يجمع بين النصارى باعتبارهم أغلبية نسبية مستضعفة في قضاء الحمدانية ( قره قوش) التي تبعد عن محافظة نينوى (22 كم) الى الشرق، وترتبط بها أقضية (تلكيف) ذات الغالبية المسيحية، وناحيتا (برطلة والحمدانية): يسكنها المسيحيون، (الشيخان)، ، وناحية (وانة) وغالبية سكانها من العرب السنّة من عشيرة البو حديد، وناحية (بعشيقة) وغالبية أهلها من اليزيديين، وناحية (النمرود) وناحية (القرّاج) و(زمار) التي يسكنها العرب السنة، وأجزاء من الساحل الأيسر من مركز مدينة الموصل كـ(الرشيدية) و(كوكجلي). علماً بأن هناك تواجداً في هذه المناطق للقومية الشبكية وهم ذوو أصول فارسية من بقايا جيش نادر شاه ومتشيعيون منذ مئات السنين.

ومن الاجراءات المعمول بها على الارض لتنفيذ هذا المخطط التقسيمي ما يلي:

  • هيمنة الأجهزة الكردية على هذه الاجزاء من المحافظة.
  • بناء مراقد جديدة وواسعة الحجم للشيعة بحيث تحولت الى كربلاء ونجف جديدتين شرقي وشمالي الموصل، أهمها مرقدا (علي رش، وتيس خراب) يطلق عليها بـ(خطوة زين العابدين).
  • إنشاء جامعة الحمدانية، وتضم كلية التربية والعلوم، كما فتحت كليات جديدة هذا العام.

3. محافظة الموصل

محافظة (الموصل)، وهو ما تبقى من الساحل الايسر والساحل الأيمن وجنوب الموصل وناحية (حمام العليل) وناحية (القيارة) وقضاء (الحضر) الصحراوي، وفيها يتركز السنة العرب.

أهداف هذا التقسيم :

  1. تضييق الرقعة الجغرافية لمحافظة نينوى واقتصارها على مركز المدينة فقط وبعض اجزائها الجنوبية كناحية القيارة وقضاء الحضر وناحية حمام العليل. وجعل نينوى (غزة جديدة) أي سكاناً بلا أرض. علماً أن عدد سكان مركز المدينة (2,5) مليون نسمة.
  2. السيطرة على أعالي نهر دجلة، بحيث يكون شرقي النهر للكرد وغربيه للشيعة. وعزل ما سمي (بمحافظة الموصل) عن مصدر المياه، بحيث تكون المسافة بين النهر بالقرب من الحدود التركية ومركز المدينة (100كم).
  3. السيطرة على مصادر الطاقة في سد الموصل (سد صدام سابقاً)، وعزل السنة العرب عنه….. وهو المصدر الوحيد للطاقة الكهربائية للمدينة. هذا فضلاً عن السيطرة على أغلب حقول النفط في (عين زالة) والحقول الغنية المجاورة لها في ناحية (ربيعة). إضافة الى حقول النفط المستكشفة غير المستثمرة مثل حقول (مخمور ووانة وتلكيف).
  4. قطع الاتصال الجغرافي للعرب السنّة مع سوريا؛ فمحافظاتها الشرقية (الحسكة ودير الزور) محافظات سنيّة ذات طابع عشائري كما هو الحال مع أبناء محافظة نينوى لكي لا يكون لهم أي عمق ستراتيجي مستقبلاً. وهو مشابه لما يراد بالأنبار من اقتطاع النخيب لتعزل عن السعودية والأردن.
  5. وضع حزام أمني جغرافي لأقليم كردستان من خلال محافظة (سهل نينوى).

C:\Users\ththth44\Desktop\نينوى\خارطة العراق.JPG

والآن هل تأكدتم أن المشكلة في تأخر السنة، وليس في استباق الشيعة كما يزعم أثيل (حفظه الله ورعاه) وأدامه محافظاً لنينوى مدى الحياة؟ اللهم لا آمين.

وفي الحلقة التالية إن شاء الله تعالى نتابع بقية أهداف التقسيم أو التهشيم.

23/1/2014

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى