مقالات

ملحق إتماماً للفائدة

الهزيمة النفسية وحلول العقل الباطن الوهمية

د. طه حامد الدليمي

في سنة 2001 بدأت بتأليف كتابي (لا بد من لعن الظلام)، وجاء في آخر فصل منه ما يلي بالعنوان السابق، أثبته لمناسبته لموضوع الرسالة هذه، ولأنه يعطي – حسب رأيي –  التفسير العلمي للدوافع النفسية الخفية الكامنة وراء عقد هذه المؤتمرات: كثير من الناس، إذا وصلوا إلى مرحلة اليأس من تغيير ما يودون تغييره، أو انهزموا نفسياً أمام الخصم الذي يئسوا من دحره أو التغلب عليه، يعيشون أحلامهم وأمانيهم، ويحاولون تحقيقها بطريقة أخرى، تجمع بين اليأس الذي يجتاح نفوسهم والحركة المفروضة عليهم أن يقوموا بها في سبيل الوصول إلى الهدف المطلوب من التغيير والتغلب على الخصم. أي الهدف الميؤوس منه.

ملخص القول أن هناك ثلاثة أمور:

  • 1- هدف ميؤوس منه.

2- عمل أو حركة لا بد من القيام بها في سبيل الوصول إلى ذلك الهدف.

3- أناس مهزومون نفسياً ويائسون من الوصول إلى هدفهم، لا يريدون أن يسلموا أو يعترفوا بالهزيمة أمام أنفسهم، أو يقال عنهم: إنهم يائسون منهزمون.

فما العمل للتوفيق بين هذه الأمور المتناقضة؟ بين عقل واعٍ لا يريد أن يُسلِّم بالهزيمة، وعقل باطن يائس مهزوم ؟

هنا يأتي دور الحيل النفسية من أجل إنهاء هذا الصراع.

ولعل التحليل النفسي يعيننا في تفسير هذه الظاهرة:

إن العقل الواعي يريد التغلب على الخصم، ولا يريد التسليم بالهزيمة. لكن العقل الباطن تكمن فيه عقدة الهزيمة، واليأس من الغلب، ويريد تجنب أي نوع من الصراع مع الخصم على أرض الواقع، حتى لا يحصل له أي ضرر أو أذى!

إن هذا يولد صراعاً في داخل النفس. ولأجل إنهاء هذا الصراع، لا بد من القيام بعملية خداع وتوفيق بين هذين الموقفين المتناقضين.

هنا يأتي دور العقل الباطن للقيام بهذه العملية من خلال تقديمه (حلاً) وهمياً يخدع به العقل الواعي، ويجعله يعتقد أن هذا حل يوصل إلى الهدف المطلوب، بينما ينعم العقل الباطن مطمئناً إلى أنه لن يواجه على الواقع أي حركة تجلب له ضرراً أو أذى! لأن هذا النوع من الحلول لا يثير الخصم في الاتجاه غير المرغوب.

إن هذه الحلول ذات وجهين، كل واحد منهما يرضي أحد العقلين: العقل الواعي يريد حلاً، وهذه (حلول). والعقل الباطن يائس لا يريد أن يعمل شيئاً، وهذه (الحلول) وهمية غير عملية!

وهكذا يخدع العقل الباطن العقل الواعي، وتنحل المشكلة، وينتهي الصراع بينهما!

تأمل وضع العرب اليوم! وكيف تفعل الهزيمة النفسية بأصحابها!

إنهم يطالبون بعقد مؤتمرات لتحديد معنى (الإرهاب)! ويصرخون بأعلى أصواتهم أن الإسلام لا علاقة له (بالإرهاب)!

ويتصورون أن هذا هو الحل، أو يخدعون الآخرين بما يقولون.

وخارج هذا الصراخ والضجيج، والتصورات والأوهام، وعمليات التضليل والخداع نجد الواقع يصول فيه المجرمون ويجولون، دون التفات إلى مصطلحات، أو المطالبة بعقد مؤتمرات، أو نفي أو إثبات!

إن الحل الصحيح ليس في عقد مؤتمر أو نفي تهمة، أو تحديد معنى مصطلح أو كلمة.إنه في إعداد ما يستطاع من قوة. لكن اليائسين المنهزمين لا يريدون أن يفعلوا. فماذا يفعلون؟  أيبقون مكتوفي الأيدي يتفرجون؟!

هذا غير مقبول!

فماذا يفعلون؟

لا بد من حركة مكتوفة! هذا هو (الحل).

إنها حركة في ظاهرها، ومكتوفة وهمية في حقيقتها. ولهذا هم يطالبون بعقد المؤتمرات لتحديد المصطلحات أو القيام بالمصالحات ليثبتوا لعالم المجرمين أنهم مسالمون لا يضمرون شراً لأحد!

ولو وعوا حالهم لعلموا أنهم يسيرون في عكس الاتجاه المفروض! وأنهم يبتعدون كلما طال الزمن عن أهدافهم التي أعلنوا على رؤوس الملأ أنها لهم أهداف.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى