مقالات

الأسباب الرئيسة وراء الانهيار

السريع للشيعة وجيوشهم في العراق

د. طه حامد الدليمي

1f59fce53f568648c130c25c11042299

تذكرني الهزائم المتلاحقة للشيعة وجيوشهم الجرارة على يد أسود السنة في العراق بهذه السرعة المذهلة بقول النبي عن المسيح الدجال وقتله على يد المسيح : (إن المسيح سوف يدركه بباب لُدّ فيقلته، فينماع الخبيث كما ينماع الملح في الماء). ينماع أي يذوب.

ويتساءل الناس جميعاً وهم يتعجبون مما حصل كيف حصل؟! ما السر فيه؟! أيعقل أن يتم الأمر بهذه الصورة التي لا تترك للمتابع فرصة أن يلتقط أنفاسه المبهورة؟! لذا لجأ الكثيرون منهم إلى (نظرية المؤامرة) لتفسير ما حدث؛ وذلك نوع من التعبير اللاشعوري عن العجز إراحة للعقل من أن يدأب في البحث عن الحقيقة الغائبة مدققاً وموازناً ومرجحاً. ومن الطريف أن نوري المالكي نفسه لم يجد أمامه ما يبرر به المشهد إلا أن يقول: إنها مؤامرة!

وأختصر الجواب في ثلاثة أسباب: الأول عام في الظالمين جميعاً، والثاني خاص بالشخصية الشيعية حصراً. والثالث بوضع شيعة العراق واختلافهم عن شيعة سوريا.

لا تنظروا إلى قلة ما عندنا .. ولكن انظروا إلى عظمة ما عنده

إن هزيمة الظالمين وزوالهم عقيدة ثابتة بنصوص كثيرة في القرآن الكريم منها آيات في سورة (الأنعام) ترسم خطوة بخطوة صورة حية نابضة لما جرى ويجري لشيعة العراق، يقول الله تعالى فيها: [وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)].

ونحن نؤمن أننا [ننتصر بالأقدار لا بالأسباب. وهذا سر قوتنا، وحقيقة انتصارنا على عدونا رغم قلة عددنا وضعف عدتنا، وتفوق خصمنا بهذا وذاك علينا. لكن إنما نستجلب الأقدار بالأسباب: لا ثمناً يكافئها، وإنما جزاء يناسبها]. هذا ما كتبته ونشرته([1]) يوم 7/11/2012. أقول هذا ليعلم القارئ أننا ننطلق من استشراف سابق اعتماداً على إيمان واثق؛ فيزداد إيمانه. وقلت يومها: (لا تنظروا إلى قلة ما عندنا، ولكن انظروا إلى عظمة ما عنده! ألا وإن إكسير النصر عندنا مركّبٌ من دواءين: سببٌ يُدعى، وقدر يرعى. وعلتنا في اثنين: متواكل ينتظر القدر بلا سبب يستدعيه، ومتخاذل ينظر إلى السبب بعيداً عن القدر فلا يأتيه. وأضفت إليه بعنوان (انظروا إلى أفق القدر .. الشيعة إلى زوال): [وبفضل معرفة العلاقة بين الأسباب والأقدار أدركنا نهاية إيران وشيعتها، وأن بقاءهم لا يطول، وبشرنا بذلك في زمن كان ما نقول أشبه بالخيال! وقلنا: الشيعة يتوسعون أفقيا ويسقطون عمودياً. وكان حالنا كحال الصدّيق يوم راهن المشركين على هزيمة الفرس أمام الروم في بضع سنين، في زمن كان الفرس يختالون فيه بالنصر حتى يقول الناظر: لا يغلبون!].

الشخصية الشيعية

إن الشيعة طرز من الخلق يختلفون عنهم تماماً، لا يشبههم سوى اليهود. لكن (التقية) الشيعية تخفي حقيقتهم عن معظم الناس. ومن خصوصياتهم أن الشخصية الجمعية الشيعية غير متماسكة نفسياً بسبب معاناتها العميقة من (عقدة الشعور بالنقص). وهي عقدة إذا اجتاحت شخصاً أو أمة جعلتها تسلك في تعاملها مع الآخر سلوكاً مزدوجاً: العدوانية والطغيان في حال القوة، التمسكن والتذلل في حال الضعف، وهو ما يسمى في علم النفس بالشخصية (السادو – ماسوشية). ومن خصائص هذا السلوك المزدوج أن صاحبه: فرداً وجماعة لا يمكنه الاستمرار دون التصرف طبقاً لحالة العدوانية التي تكمن فيه؛ لأنها الشيء الوحيد الذي يمنحه وهم الشعور بالقوة والوجود على قاعدة (أنت تتألم إذن أنا موجود)، وفي الوقت نفسه ينهار عند أول ضربة قوية من العدو؛ لأن هذه الضربة هي الشيء الوحيد الذي يضعه أمام نفسه الضعيفة المنخورة وجهاً لوجه؛ فلا يجد أمامه إلا الهرب خلاصاً فيخور وينهار.

وقد كتبت عن هذا منذ سنين طويلة، منها ما ذكرته في خاتمة كتاب (التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية) الذي أنهيته يوم 16/9/2006، تحت عنوان (هشاشة صف الخصم) قائلاً: [وأنا أطمئن أهل السنة فأقول: إن الشخصية الشيعية شخصية اضطهادية. تعاني من النقص والخوف والشعور بالضعف والاغتراب والقلق. لا تعرف الوسطية؛ فهي إما ذليلة خانعة مستكينة – إن هي فقدت أسباب القوة – وإما طاغية متجبرة متوحشة، متى ما شعرت أنها تمتلك سبباً من أسباب القوة. ولا تعرف التعايش مع الآخر. فإما أن تأكله، وإما أن يلجم فمها ليستمر. يجمع بينها وبين مثيلاتها – كالشخصية اليهودية – سمة (التوحد بالمعتدي). ما يعني أنها تفقد تماسكها إن هي توقفت عن العدوان، وعدم قدرتها على تحمل أي إحباط؛ لكون الإحباط يصيب هذه الشخصية بالتهاوي والتفكك والزوال؛ فما علينا إلا العمل على إيقاف ممارستها للعدوان، وعدم إعطائها الفرصة لممارسته في المستقبل.

إن هذه الشخصية غير قادرة على تحمل حالة النصر أو الهزيمة. فهي إن انتصرت اعتدت وخربت ودمرت. وإن انهزمت أحبطت وتهاوت وتفككت؛ لذا علينا أن نعمل على إلحاق الهزيمة بها، وإبقائها خائفة ضعيفة. واعلموا أنها ستتهاوى عند أول ضربة قوية؛ لأن ذلك يشعرها سريعاً بالإحباط، وهي غير قادرة على تحمل أي بادرة له. أما ما ترون من علامات القوة عندها، فالحقيقة غير ذلك. إنها انتفاشة وانتفاخ كاذب يعبر عن خواء ونقص وضعف، أكثر مما يعبر عما يتوهم المتوهمون]. أقول هذا ليعلم القارئ أن ما يراه ويعجب منه شيء طبيعي يمضي ضمن مساره الطبيعي إلى نهايته الطبيعية؛ فلا مؤامرة ولا خفاء. لهذا دعوت قبل سنة ونصف بصريح العبارة أهل السنة يوم انطلاقة حراكهم إلى أن اقطعوا الطريق على الجيش الحكومي ستجدوه ضعيفاً ينهار بسرعة فتأخذوا جنوده أسرى وأسلحته غنائم. ولكن الجمهور لا يسمع؛ فقاتل الله حمير الوطنية!

شيعة العراق يختلفون عن شيعة سوريا

يقيس معظم الناس الوضع في العراق على الوضع في سوريا، ونحن نخالفهم في ذلك وقلناه سابقاً على التلفاز. إن شيعة سوريا مضى عليهم – والفضل لحمير الفكر الوطني – في حكم البلد أربعين سنة تمكنوا فيها من الاستحواذ على جميع مفاصل الدولة وأجهزتها الحيوية ومواطن القوة فيها، واختلطوا بالسنة فلا يميَّزون عنهم بسهولة بسبب افتقار التشيع النصيري للشعائر المميزة؛ فلا عمائم ولا حسينيات ولا صلاة ولا تربة ولا زيارات ولا لطم ولا استعراضات. أما الشيعة في العراق فلم يتمكنوا من المنطقة السنية، ما زالوا غرباء عنها، وما زالت مفاصل الدولة وأجهزتها وقوتها قلقة في أيديهم. فالمعركة معهم أيسر بكثير؛ فيجب العمل على ذلك بسرعة قبل أن يتمكنوا. والمعركة الأساسية مع الشيعة في العراق لا في سواه. فأفعى التشيع تتمدد منه وتسحق فيه.

هذه هي أسباب انهيار الشيعة السريع وجيوشهم في العراق. وما من شك في أن هناك أسباباً تابعة أو مستقلة، لكننا ذكرنا الأسباب الرئيسة – من وجهة نظرنا – والله نسأل الهداية والسداد.

الجمعة

13/6/2014

_________________________________________________________________________________

  1. – على موقع القادسية.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى