مقالات

مفاوضة الحوثيين من وجهة نظر نفس – اجتماعية كلمات في شخصية الشيعي

د. طه حامد الدليمي

أقوى محركات السياسة الفارسية هي المحركات النفسية الجمعية. والشيعة – أينما كانوا – ليسوا أكثر من صدى للفرس.

الشخصية الفارسية معقدة بأكثر من عشرين عقدة جمعية ترسخت على مدى مئات السنين بفعل العامل الجيوسياسي لشعب فقير عددياً واقتصادياً وثقافياً، يتعرض لتحدي أغلبية سكانية من شعوب عديدة تفوقه قوة داخل جغرافيته وخارجها، لاسيما العرب وعرب الرافدين على وجه الخصوص، يشعر إزاءها بالنقص الكمي والحضاري فيواجه ذلك بأساليب وآليات طفولية متخلفة قائمة على هدم الآخر ليظهر تميزه من حيث أنه يشعر عميقاً بعجزه عن مطاولتهم. وهذا رسخ فيه عقدة نقص انبثقت عنها بقية العقد. ورسخ أيضاً عقدة التخريب، فالشخصية الفارسية، وصداها الشيعية، مجبولة على الخبث والمكر والتخريب.

عقدة النقص هذه طبعت الشخصية الشيعية بعقدة مزدوجة، امتزجت فيها عقدة الاستخذاء أو عقدة العبد بعقدة التكبر أو عقدة (السيد)، فكانت شخصية الشيعي شخصية سادوماسوشية. وهذه الشخصية تسلك – حسب الحال – سلوكين متناقضين في الظاهر، متوحدين في الباطن. فإن شعر الشيعي بالضعف ظهر عليه سلوك العبد المستخذي بأوطأ صفاته، وإذا شعر بالقوة ظهر عليه سلوك المتكبر المتسيد بأسوأ حالاته.

المشكلة أن الشيعي ليس لديه سلوك وسطي متوازن. وعلى هذا الأساس فأنت مجبر على معاملته بالقوة، وإلا انقلبت المعادلة فعاملك هو بالقوة، لكن على الوصف الذي أسلفت. لهذا كان خير وصف للشيعي وشخصيته وسلوكه أنه كاللولب المعدني (السبرنـﮒ) المضغوط، ما إن تفلته حتى يطفر في وجهك.

مفاوضة الحوثيين

كانت (عاصفة الحزم) أنسب رد متوفر للتعامل مع الحوثيين، بعثرت حسابات إيران وقطعت الطريق على القاعدة وأخواتها أن تعبر عن جنونها الفوضوي الممنهج، وأبعدت مدى اليد الشيعية عن دول الخليج. وبينما تقدمت العاصفة خطوة فكان (التحالف الإسلامي) الذي يستلزم المنطق أن يسفر عن موقف أكثر حزماً إذا بوسائل الإعلام تتحدث عن تفاوض مرتقب معهم برعاية الكويت. لكنني حسب معرفتي بالطبيعة العربية وما عودتنا عليه من السياسات النصفية، التي تفوت عليها النصف الأهم لأرباح المعركة العسكرية، ومعرفتي المقابلة بالطبيعة الفارسية التي تدرك جيداً كيفية استثمار الطبيعة العربية لتربح ذلك النصف، وربما الكل، في المعركة السياسية، القائمة على المكر والمخادعة، وهي بارعة فيها.. حسب هذه المعرفة المزدوجة لم أتفاجأ بخبر الاستجابة لرغبة الحوثيين في التفاوض.

باختصار…..

التفاوض مع الشيعي لن يسفر عن نتيجة مجدية بسبب شخصيته السادوماسوشية. والتفاوض مع الشيعي الحوثي في هذه المرحلة التي يحتفظ فيها بأصعب الأوراق التفاوضية وهي العاصمة صنعاء، إضافة إلى بقية المدن، والأسلحة وغيرها من عناصر القوة.. خطأ ستراتيجي سيكون له ثمنه لاحقاً. وهو أشبه ببتر ذيل الحية وترك رأسها سالماً.

لا أدري بأي لغة يفاوض المرء عدوه وعدوه مازال قوياً، بينما هو يمسك برقبته، قادر على إنهاكه إلى أبعد نقطة!

في يوم 21/5/2008 كتبت مقالاً بعنوان “اتفاق الدوحة تهدئة لأزمة طارئة..؟ أم حل لمشكلة دائمة..؟”، جاء في أوله: (أنهى المجتمعون في قطر بشأن الأزمة اللبنانية الأخيرة اليوم نقاشات وجدالات صعبة دامت ستة أيام (16-21/5)، وذلك بحل توافقي بين الأطراف جميعاً، وصف بأنه “لا غالب فيه ولا مغلوب”. ومع تمنياتنا بأن تكون تهدئة الأزمة بداية لحل المشكلة من أساسها. إلا إننا لا نجد نافذة لأمل بمستوى هذه الأمنية). وأرجعت الأسباب في مجملها إلى طبيعة الشخصية الشيعية.

وجاء في وسطه: (لقد تم التوافق في قطر دون اتخاذ الخطوة المهمة، التي هي بمثابة نزع صاعق التفجير من العبـوة المتفجرة، إلا وهي تجريد مليشيا “حزب الله” من السلاح، وحصره بيد الدولة).

وفي آخره: (لكل هذه الحيثيات وغيرها لا نرى في “اتفاق الدوحة” أملاً في حل نهائي للمشكلة المستعصية، ولا خطوة في الطريق إليه. إنما هو تهدئة لأزمة طارئة، ومخدر وقتي سرعان ما يزول تأثيره بعدما يفيق المريض ويعود إلى وعيه القديم).

وباختصار أيضاً…..

لا أستبعد أن يكون التفاوض الذي يبدأ اليوم في الكويت مقدمة لواقعين سياسيين خطيرين:

1. لبننة اليمن.

2. صنع (إسرائيل) جديدة في جنوب السعودية وخواصر دول الخليج.

وقد تكون الكويت أول من سيجني حصادها المر عقوبة قدرية وعاقبة سببية.. ما لم تكمل (عاصفة الحزم) مسارها حتى النهاية التي يستسلم فيها الحوثيون استسلاماً كلياً دون قيد ولا شرط. ثم تطويقهم لتطبيق خطة بعيدة المدى من أجل هدفين ستراتيجيين:

1. تحرير الشيعة الحوثيين من عقدتهم وعقيدتهم.

2. العمل على تفكيك إيران.

ولا أرى العرب فاعلين. على الأقل في هذه المرحلة إلى ربع قرن قادم.

العرب الذين لا يملكون منهجاً فكرياً واضحاً، ولا ستراتيجية سياسية راسخة. إنما يتحركون بدافع قانون (الفعل ورد الفعل) دون حساب دقيق لمآلات الأمور. هذا وكل قطر من أقطارهم لا يهمه إلا مصلحته بمعناها القطري المحدود، فبينما تصرح إيران أن حدودها الأمنية لا تنتهي إلا عند ضفاف المتوسط، تكتفي هذه الأقطار بحدود أمنية تبعج خريطتها عشرات الأكيال. وأدل دليل على ما أسلفت تفريط العرب بسنة العراق وهم الحزام الأمني للمشرق العربي كله، فضلاً عن المغرب، وإسنادهم الحكومة الشيعية وهي تبيد السنة، لماذا؟ لأن العرب لا يهمهم سوى الخطر الذي يتهددهم داخل حدودهم حصراً وهو خطر (تنظيم الدولة) ذلك الثور الهائج الذي لا يبدو أنه سينتهي بالانتحار وحده ما لم ينحر السنة معه. أما سنة العراق فليس هناك من أثر من دليل على أن مصيرهم يُهِمُّ العرب. وأضحك من الأعماق من شيوخ الدين الذين ما أحلاهم وما ألطفهم وهم يتكلمون عن (الأمة) و(الأمة) و(الأمة)، وكأن سنة العراق خارج (الأمة)!

21/4/2016

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى