مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

أئمة الحديث التسعة جميعهم عرب

حديثد. طه حامد الدليمي

إن أشهر كتب الحديث في الإسلام ستة، وهي (صحيحا البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه). وهي المعروفة بـ(الكتب الستة). وأما الكتب التسعة، فالكتب الستة مضافاً إليها الكتب الثلاثة: (موطأ مالك ومسند أحمد وسنن الدارمي).

إن ستة من مؤلفي الكتب التسعة متفق على عروبتهم، وهم (مالك وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والدارمي). والاختلاف في ثلاثة فقط، وهم (البخاري والنسائي وابن ماجه). وقد دل البحث على عروبة ابن ماجه، ورجحان عروبة البخاري والنسائي. والراجح في حكم الواقع.

الإمام البخاري

أما الإمام البخاري فلنا عند نسبه وقفات:

  1. نسبته إلى الفرس لا دليل عليها البتة سوى الدعوى، أو الشبهة مثل قول البعض([1]) إن جده كان مجوسياً وأسلم.. أخذاً برواية ابن عدي الجرجاني من أن والد جد البخاري (بردزبه) كان مجوسياً. وقد أسلم جدّه المباشر (المغيرة) على يد والي بخارى يمان الجعفي؛ فانتمى إليه بالولاء، وأصبح الجعفي نسباً له([2]). والقول لا يتجاوز الشبهة؛ فالمجوسية دين لا نسب. ولسنا ملزمين بالتسليم بالدعاوى، وإنما نتمسك بالراجح لدينا حتى تقوم حجة ترجح به.
  2. اوز واحتجوا بأن أصل البخاري من بخارى. وبخارى ليست من بلاد فارس، إنما هي إحدى مدن دولة أوزبكستان. وهي إحدى دول بلاد ما وراء النهر، وهي: (طاجيكستان، وتركمانستان، وقرقيزستان، وأوزبكستان، وكازاخستان). وهي ليست من بلاد فارس وإن احتلها الفرس في بعض فترات التاريخ. وأما النهر فهو نهر (سيحون/سيردريا وجيحون/أموردريا). وأوزبكستان تقع على تخوم الصين، وتفصل بينها وبين إيران دولة تركمانستان. ويغلب على سكانها عنصر الأوزبك والتتار ونسب قليلة من القوميات الأخرى مثل الروس والطاجيك والكرد. وقد بحثت فلم أجد للعنصر الفارسي فيها أثر.
  3. عند الموازنة بين ما في المصادر من اختلاف في نسب البخاري، لا أجد من المستغرب أن يترجح كونه عربياً من بني جعف من سعد العشيرة من مذحج من العرب القحطانية([3]). وقد ذكر هذا عدد من العلماء الأقدمين والمعاصرين. منهم ابن عساكر، وتاج الدين السبكي، وزين الدين العراقي، وابن تغري، وغيرهم. ورجّح هذا القول عدد من المعاصرين كالدكتور مصطفى جواد، والدكتور ناجي معروف، والدكتور عبد العزيز الدوري، والدكتور صالح أحمد العلي، والدكتور لبيد إبراهيم أحمد العبيدي([4]). وقد ذكر بعض المهتمين بالأمر أن المؤرخ المحقق المعروف العلامة عماد عبد السلام رؤوف يقول: إن البخاري عربي الأصل([5]). والراجح في باب النسب في حكم الواقع.
  4. لنفترض أن البخاري ليس بعربي.. فإن الاعتماد على كونه غير عربي لجعله فارسياً لا يكفي ما لم تثبت فارسيته بدليل مستقل. وهذا الدليل لا وجود له: لا نسباً ولا وطناً. أما النسب فلا أثر يدل على أن البخاري فارسي؛ فهي دعوى فارغة لا أكثر. وأما الوطن فقد تقدم بيانه.

الإمام ابن ماجه

عوا وأما ابن ماجه فقد دلت الآثار الأخيرة – التي اكتشفت في مدينة (جهوة) الأثرية، الواقعة على حافة وادي النماص في جنوب المملكة العربية السعودية – على أن الإمام (ابن ماجه) عربي أزدي من قبيلة ربيعة، وتحديداً من بني شهر (شهري)، وماجه أمه وهي فارسية. عاش في مدينة الجهوة، ودرس فيها علم الحديث.

أثبت ذلك من خلال عدد من النقوش الأثرية الدكتور علي بن محمد العواجي([6]) في محاضرة له في (نادي أبها الأدبي) بعنوان (الجهوة ولاية أسقطت من التاريخ وأنصفتها النقوش).

واستهل العواجي محاضرته بالتأكيد على أنه مكث باحثاً في نقوش الجهوة قرابة ست سنوات، ليكشف عن تحول تاريخي وعلمي كانت كتب الأخبار وتراجم الرجال قد سجلته خطأً أو توهماً.

جهوة وألف في ذلك كله كتابه (الجهوة .. تاريخها وآثارها ونقوشها الإسلامية).

 

أئمة الحديث التسعة

أولاً : الأئمة الستة

1. الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ( ت 256هـ )

مر بنا سابقاً الكلام عن رجحان عروبة الإمام محمد بن إسماعيل البخاري. والراجح في باب النسب في حكم الواقع.

2. الإمام مسلم ( ت 261هـ )

الإمام مسلم عربي يعود نسبه إلى قبيلة قشير. وقشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من هوازن من مضر. نسبته إلى نيسابور نسبة مكان لا نسب.

3. الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ( ت 275هــ )

الإمام أبو داود عربي من الأزد. انتهت إليه إمامة الحديث في زمانه[7].

4. الإمام أبي عيسى الترمذي ( ت 279هــ )

الإمام الحافظ محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، عربي الأصل، سُلمي القبيلة. تتلمذ للبخاري وغيره من الشيوخ، وشاركه في بعض شيوخه. قالوا فيه: مات محمد بن إسماعيل البخاري ولم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والورع([8]).

5. أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة الربعي القزويني ( ت 273هـ )

الإمام ابن ماجة عربي من ربيعة، من بني شهر. وقد مر بنا سابقاً كلام الدكتور العواجي عن عروبته.

6. الإمام أحمد بن شعيب النسائي ( ت 303ه ـ)

مر بنا سابقاً الكلام عن رجحان عروبة الإمام النسائي([9]).

ثانياً : بقية الأئمة التسعة

7. الإمام مالك بن أنس الأصبحي ( ت 179هـ )

الإمام مالك بن أنس، عربي الأصل أصبحي القبيلة. قال الذهبي: هو شيخ الإسلام، حجة الأمة، إمام دار الهجرة، أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة، وهو حمير الأصغر الحميري، ثم الأصبحي، المدني([10]).

8. الإمام أحمد بن حنبل ( ت 241هــ )

الإمام أحمد بن حنبل الشيباني. عربي من بني شيبان من عرب العراق. وعربيته أشهر من أن تذكر.

9. الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ( ت 255هــ )

الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي. نسبة إلى بني دَارِم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم. وهو صاحب (سنن الدارمي)، ويعرف أيضاً بـ(مسند الدارمي). ومنهم من يقدمه على (سنن أبي داود).

والسؤال: أين علماء الفرس بين هؤلاء الأكابر؟ وأين دجاجلتهم وذيولهم من هذه الحقائق؟

(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (الإسراء:81).

2009/7/12

………………………………………………………

  1. – منهم أبو الوليد الباجي والخطيب البغدادي والنووي والذهبي وغيرهم.
  2. – الكامل في ضعفاء الرجال، 1/227، أبو أحمد بن عدي الجرجاني، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض وشارك في تحقيقه: عبد الفتاح أبو سنة، الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1418هـ-1997م.
  3. – نايف بن عوض الوسمي http://www.al-jazirah.com/2012/20120422/wo2.httm
  4. – انظر الرابط التالي: https://ar.wikipedia.org/wiki
  5. – انظر الرابط التالي:

    http://majles.alukah.net/t105394/

  6. . أستاذ علم التاريخ بجامعة الملك خالد، وأستاذ قسم التاريخ الإسلامي المساعد بجامعة جازان، ورئيس قسم الأثار والسياحة في الجامعة نفسها. والمحاضرة على الرابط التالي:

    https://www.youtube.com/watch?v=uB-1qFnWbQY

  7. – عروبة العلماء، 1/55،287، د. ناجي معروف.
  8. – عروبة العلماء، 1/293-294.
  9. – عروبة العلماء، 1/55.
  10. – سير أعلام النبلاء، 8/48-49، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي تحقيق مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405ه/1985م. وتهذيب التهذيب، 10/5، أبو الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني، مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة: الطبعة الأولى، 1326هـ.

 

اظهر المزيد

‫3 تعليقات

  1. بإذن الله يزهق كيد الفرس ودجلهم وخبثهم وعدائهم لنا وفقكم الله
    في إظهار هذه الحقائق التي غزة تاريخ وثقافة أهل السنة
    جزاك الله خيرا شيخنا المجدد الراشد طه الدليمي

  2. الجغرافيا والاثار علم دأب ملالي الدين ان يجرموه لنا ويجلوا قراءته جاهلية ولم نكن نعلم ان من وراء ذلك التجريم يدا شعوبية تريد ان تعدم الجغرافيا والتاريخ والانسان ولكت يأبى الله الا يتم نوره على يدك ويد امثالك ممن قرأ الجغرافيا قبل التاريخ فبينت نور العرب وظلمات الاعاجم وايديهم الخبيثة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى