مقالاتمقالات أخرى

أمريكا بين خيارين .. رأس إيران أو نفط الخليج

الحقوقي/ عمر سامي العبيدي/ التيار السني في العراق

تسعى الدول الكبرى إلى السيطرة على المنابع الرئيسة للطاقة وتأكيد نفوذها عليها، ولمّا كان الخليج العربي أهمَّ منطقة جيو اقتصادية من العالم في هذا المفصل، كان لا بدَّ لأقطاب المسرح الدولي أن تولي بالغ الإهتمام لهذا العصب الحسَّاس من المعمورة.
كما أنَّ للمنطقة العربية أهميّة استراتيجيّة في المشهد السِّياسي الإقليمي؛ لِما تتمتّع به من غنى في مواردها الطبيعيّة وعلى رأسها النفط والغاز، فالصراع كل الصراع يدور حولهما.

إذن: الدم مقابل النفط
عندما حدثت أزمة النفط في العام 1973، قرَّرت الولايات المتحدة الأميركية، التي تستهلك ربع إنتاج النفط العالمي وحدها، التي كانت وحتى يومنا أكبر قوة عسكرية واقتصادية، فالنفط يشكِّل لها عاملًا مهمًّا من عوامل قوَّتها ورخائها، وهي عازمة في سياستها الخارجية ألّا تترك إمداداتها النفطية لجوائح المتغيرات السِّياسية، بل عملت على إنشاء مخازن للاحتياطي الاستراتيجي يكفيها 84 يومًا، وقد صدر قرار بذلك من الرئيس الأميركي آنذاك “جيرالد فورد” في عام 1975، وفي الوقت نفسه اتخذت قرارًا تسيطر به بطريقة أو بأخرى على منابع النفط الأساسية في العالم وبخاصة منطقة الخليج، وتمَّ إعداد خطة في عهد الرئيس كارتر العام 1976 سميّت في وقتها “خطة كارتر” ومن ضمن ما تقوله الخطة: إنّ أميركا على استعداد للتدخل الفوري والمباشر عسكريًا في أيِّ نقطة من العالم تمثل تهديدًا للنفط، وقال كارتر: إنَّ تهديد منابع النفط يعنى مباشرة تهديد الأمن القومي الأميركي، وإنَّنا على استعداد لندفع الدم مقابل ضمان استمرار تدفق
النفط.

وهكذا كان كارتر أوَّل من وضع عبارة “الدم مقابل النفط”[1].
ويمكن أن يكتمل فهمنا لمعادلات الصراع إذا أدركنا أنَّ الولايات المتحدة لا تمتلك سوى 21 مليار برميل احتياطي، وأنَّها تنتج أقل من نصف ما تحتاجه وتستورد النقص، ومن المتوقع أن تصل احتياجاتها إلى 26 مليون برميل يوميا عام 2020 وهو ما يعني أنَّها بحاجة ماسة إلى تأمين تدفق آمن للنفط من منطقة الخليج.

النفط السعودي أم الإيراني؟
مع انقسامات القوى إلى معسكرين بارزين، وبقاء أوربا تنظر إلى التزاحم السِّياسي في معركة فرض القوى على “الشرق الأوسط” وهذا مصطلحهم الذي عهدوه، وهنا نسأل:

هل بإمكان العالم الاستغناء عن إيران ونفطها؟

وهل تكون الإجابة سهلة على هذا السؤال؟

لقد ساست أمريكا علاقتها مع إيران ودول المنطقة بنظرية: توازن القوى.

وعقد العالم مع إيران اتفاقية ظلَّت إيران تستفيد منها لسنوات، وربما كانت باللوبي الذي استخدمته أدهى من جميع الموقِّعين.

ومع ذهاب أوباما، ومجيء ترامب الرئيس الاقتصادي، عمل حزمة من التغييرات خصوصًا وهو المتابع لملف إيران والصين بعين المستحقر لسياسة أوباما الذي أضاع كثيرًا من الواردات على أمريكا.

ليلتفَّ على إيران واتفاقها النووي، لا سيما وأنَّ البديل أرجح جغرافيةً واقتصادًا: دول الخليج.

وفعلًا تمَّ ما أراده بغير إضرار على دول ظلمتها سياسة أوباما.

عندها يقول الكاتب، وبعد هذه الموازنة التي تساوي نظرية: توازن القوى: نعم العالم بإمكانه الاستغناء عن نفط إيران، وقد استغنى تدريجيًا بخطة محنَّكة سياسيًا واقتصاديًا وعلى مراحل، فقضت بموجبها على صادرات إيران النفطية تمامًا.
وسؤال يقابل السؤال السابق: هل بإمكان العالم الاستغناء عن نفط الخليج العربي؟
بعد سلسلة الإجراءات التي فعلتها القيادة في المملكة العربية السعودية داخليًا وخارجيًا نستطيع أن نطمئنَّ ونقول: لا يمكن البتة؛ فلو توقفت السعودية أو أي دولة خليجية أخرى من الدول المنتجة للنفط عن تصدير نفطها للعالم أو حتى تقليل إنتاجها منه مجبرة أو مخيَّرة، فإنَّ الإقتصاد العالمي سيتأثر بنسبة لا تقل عن ثلث الانتاج الذي يحتاجه العالم، سوى الاحتياطي الذي يخشى العالم بأسره عليه، فالسعودية وحدها تنتج حاليًا ما نسبته 13% من الناتج الكلي للنفط في العالم – هذا وهي منفردة، فكيف لو اجتمع الإنتاج الخليجي الكلي؟!

وهذه الأرقام مثبَّتة وفق إحصائية إدارة الطاقة الامريكية EIA””.
وإذا وضعنا أمامنا خريطة احتياطيات النفط العالمي حاليًا سنجد أنَّ الخليج العربي يمتلك 64% من الاحتياطي المؤكد للنفط، فالسعودية مثلًا تمتلك 262 مليار برميل احتياطي.
مع الإشارة إلى أنَّ دول الخليج منظومة واحدة في السِّلم والحرب، وأنَّ الإخلال بأمن دولة واحدة سيؤثر على البقية.
ملخص ما أردت قوله: إنَّ النفط الإيراني يمكن تعويضه بزيادة إنتاج دولة أخرى، وقد عوضت السعودية النفط الإيراني في السوق العالمي بعد العقوبات الإقتصادية على إيران.
أمَّا إيران فلا يمكنها أن تكون عوض عن دولة أخرى ولن تكون.

وأضيف كذلك: إنَّ إيران في مهب الريح مع عنجهيَّتها واعتداءتها وتعنتها في سياسة توسعية أفقية لم تحسب للقوى العالمية، والتوازنات العالمية أيَّ حساب، فثأرها التأريخي غطَّى على البصيرة السِّياسية – ولعلَّه مكر الله بها – فهي كريشة في شتاء عاصف وليس السعودية.

ولا ننسى أنَّ إيران في ميزان الإقتصاد العالمي تهاوت داخليًا وخارجيًّا، وأنَّ نظامها في خطر أكثر من أي مرة سابقة.
فهل القوى العاقلة تضحي بمن يملك النفط إنتاجًا واحتياطًا على حساب دولة لا تملك إلا القليل؟

أخيرًا: النفط هو العامل الأهم
النفط والصراع على النفط يفسر كثيرًا من معادلات الصراع والحروب والانتشار العسكري والسِّياسي، بالطبع هنا لا أُغفل بقيَّة العوامل، لكنَّ النفط أصبح أحد أهمِّ عوامل الصراع في هذا القرن وإنِّما تناولت هذا العامل رعاية لنظرية: توازن القوى.
……………………………………………………………

  1. .النفط.. الصراع والدم”، موقع الدكتور محمد مورو.

 

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. ايران ساقطة نحو الهاوية اقتصادا وعسكرا ولكن سر ايران يكمن في مواجهتها ثقافيا وفكريا فهي قد زرعت عوامل نخر في قوة العالم السياسية والاقتصادية وهي الفكر فالاسلام والنصرانية في مجتمعيمها ثقافة تفريس تقصر من حد القوة وتحول النتائج المفرحة الى محزنة وآلام مفجعة فانظر للوراء الى صدام وامريكا لقد ورث صدام سكارته الضخمة ولكن لا يدري ان شعبه سوف يسقطه ويضع النعال على تمثاله ويشنق بيد الشيعة الذي ارسلوا له العقل عهدا منهم وامريكيا التي جلبها التشيع طمعا في اسقاط صدام والاستحواذ على العراق تنبهت لنفسها واذا بها حمارا استخدمته ايران للعبور الى المغرب العربي الا ان امريكا تنبهت بحكم بعد الجغرافيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى