مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

علماء الشيعة يعترفون : مَن وراء تنصيب المرجعية .. النجف ، قم .. أم لندن ؟

د. طه حامد الدليمي

الإنكليز وجذور المرجعية

بحثت هذا الأمر جيداً ووجدت أن الإنكليز وراء تنمية فكرة (المرجعية) وإخراجها من كهوف الانعزال إلى فضاء المجتمع، ومنحها دوراً اجتماعياً وسياسياً فاعلاً لا يقتصر على الشيعة وحياتهم الدينية فحسب، بل يتعدى ذلك الدور السيئ إلى شركاء الوطن.

C:\Users\DR\Desktop\Untitled.jpg

تعود جذور الرعاية الإنكليزية للمرجعية الشيعية إلى تاريخ دخول الإنكليز الهند وسيطرتهم عليها بواسطة (شركة الهند الشرقية)، ثم سعيهم  – كما يبدو من مسار الأحداث هناك – لاستقلال (مملكة أوذة) الشيعية وفصلها عن الهند التي كان يحكمها  المسلمون. وتم ذلك في الربع الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، القرن الثالث عشر الهجري. ثم تعاون الطرفان على تشييع جنوب العراق، عن طريق المال الذي وقفته تلك المملكة ووضعته في مصارف إنكلترا، على أن يحبس أصله بينما تنفق فوائده الربوية لهذا الغرض. ولغرض آخر هو السيطرة على المراجع والمعممين الذين كانوا يستلمون الرواتب من الوكيل السياسي البريطاني في العراق حصراً. واستمر هذا الوقف في العمل أكثر من مئة عام (من 1850 إلى 1953). وكان أول مرجع استلم مالاً من الوقف هو الإيراني محمد حسن النجفي الأصفهاني صاحب الموسوعة الفقهية (جواهر الكلام في شرح شعائر الإسلام)، جد الشاعر المعروف محمد مهدي الجواهري. وقد اكتسب لقبه من ذلك الكتاب.

وآخر من استلم تلك الأموال الربوية هو محسن الحكيم (ت 1970) جد عائلة الحكيم الفاسدة المعروفة والتي يرأسها اليوم الفاسد الفاجر عمار الحكيم. والقصة طويلة وقد كتبت عنها فصلين في رواية (هكذا تكلم جنوبشت): (الفصل 43 مملكة أوذة، والفصل 44 المرجعية)(*).

عباس ابن أبي القاسم الخوئي ودخول الأمريكان مع الإنكليز على خط التنصيب

يقول عباس الخوئي النجل الأكبر لمرجع الشيعة المعروف أبي القاسم الخوئي، في شريط مرئي انتشر في خريف C:\Users\USER\Desktop\خوئي.jpg1425هـ/2004م([1]): عندما دخل الإنكليز العراق سنة 1914 جاءوا بشخص غير مؤهل (رفض ذكر اسمه) وألبسوه عمامة وجعلوا منه مرجعاً أعلى للشيعة. وفي 1919 أعيدت الكرة (أي عند وفاة محمد كاظم اليزدي وتنصيب الميرزا محمد تقي الشيرازي) واستمر الأمر على هذه الحال في تنصيب المرجعيات إلى نهاية الأربعينيات. وكانت فوضى؛ حتى إن اليهودي أو المسيحي يمكنه أن يلبس عمامة ويصير (آية الله)!

وقال عن آلية تنصيب المرجع: المرجع يدعم من قبل الحكام المحليين المسندين من قبل أصحاب القرار الإنكليز. هذا في المرحلة السابقة. أما الآن فدخل الأمريكان معهم على الخط. والمقلدون اليوم لا يدرون أنهم مسيرون بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان من قبل عصابة ينهبون الأموال مكونة من (50) شخصاً، يرأسها – لا أدري – هل هو محمد رضا ابن السيستاني أم هو السيد جواد الشهرستاني؟

وقال: أما الشروط العملية لوصول الفرد إلى المرجعية فهي: أولاً: عمامة ولحية كبيرة. ثانياً: بطانة كبيرة للإعلام والتهريج، لهم صلة بالحكام المحليين وبالخارج. ثالثاً: المال. هذه هي الشروط العملية لصناعة المرجع حتى لو كان إنكليزياً عيونه زرق وشعره أصفر وأعماله سيئة مكشوفة. مثل هذا يصير مرجعاً ولو لم يكن له أصل. هندي مثلاً ويسمي نفسه شيرازي، سيخي ويزعم أنه سيد. إ.هـ. بتصرف يقتضيه تحويل الكلام.

آية الله أبو الفضل البرقعي ( ت 1992 ) ودور لندن في تنصيب المرجع

C:\Users\USER\Desktop\برقع.jpg

آية الله أبو الفضل البرقعي أحد علماء الشيعة في إيران، أصله من (قم). له مجموعة من المؤلفات من أهمها تحقيقه وتضعيفه لروايات أعظم كتاب روائي لدى الشيعية، وهو (الكافي) للكليني بعنوان (كسر الصنم؛ نقض كتاب أصول الكافي). وله آراء جريئة في نقد دين الشيعة، حتى قيل إنه تسنن، انتهت بقتله – كما يقال – سنة 1992م/1413هـ.

يقول البرقعي ذاكراً زيارة لآية الله البروجردي له في بيته وأنه سأل الحاضرين: عن أعلم الفقهاء في رأيهم؟ علماً بأن أبرز فقهاء ذلك الوقت فلم يرد الحاضرون على سؤال السيد؛ لأن البعض كانوا يرون أعلمية السيد حجت كوه كمري أو غيره، فلم يحبذوا ذكر ذلك السيد احتراماً له. فسأل السيد البروجردي مرة أو مرتين نفس السؤال، فقال أحد طلاب العلم الحاضرين واسمه (الحاج آغا مرتضى) مازحاً: يا سيد الذي يعطينا أكثر فهو أعلم، فضحك الحاضرون وقالوا: كلامه صحيح.

وقتها كان الانجليز قد بسطوا سلطتهم على آسيا الوسطى؛ فلم يكن يجري أي أمر في إيران الا تحت نظرهم وبأمرهم, وبعد مرور عام تقريباً على مجيء السيد البروجردي سمعت في إذاعه إنجلترا نبأ وفاة آية الله السيد أبي الحسن الأصفهاني, وكان هو المرجع العام للتقليد ويقيم في النجف، وذكرت الإذاعة أنه تم تعيين السيد البروجردي خليفه له!

حينها تعجبت كثيراً؛ كيف تم تعيين المرجع دون أن يعلم علماء قم التي يتفق أكثر علمائها على وجود من هو أعلم من البروجردي، علماً بأن أكثر علماء قم يرون وجوب تعيين الأعلم من العلماء، والأعلم يحدده أهل الخبرة أي علماء قم والنجف، وليس إذاعة لندن([2]).

الشيخ محمد مهدي شمس الدين ومصطلح ( مرجع أعلى )

C:\Users\USER\Desktop\شمس.jpg وللشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان كلام مهم عن لقب (المرجع الأعلى) ومتى نشأ في أدبيات الشيعة. يقول: مصطلح (مرجع أعلى) خلق وهماً مزعجاً في أذهان الناس بأن هناك في التنظيم المرجعي الشيعي منصبا أو مهمة مرجع أعلى. هذا المصطلح لا أساس له إطلاقاً بالشرع. ولا أساس له قبل الشرع في الفكر الإسلامي. أصلاً لا يوجد في الفكر الإسلامي، ولا الشرع الإسلامي خارج نطاق المعصومين، خارج نطاق النبي (ص) والمعصومين الأئمة (ع). لا يوجد مرجع أعلى على الإطلاق. وأقول للتاريخ: إننا في عهد الإمام السيد محمد باقر الصدر، كنا مجموعة من الناس، وأنا واحد منهم، نحن اخترعنا هذا المصطلح في النجف. وقبل مرحلة الستينات لا يوجد في أدبيات الفكر الإسلامي الشيعي هذا المصطلح على الإطلاق.

هذا المصطلح نحن أوجدناه: السيد محمد باقر الحكيم، السيد محمد مهدي الحكيم , السيد محمد بحر العلوم. ولعله يمكن أن نقول: إن جانب السيد الشهيد الصدر (رض) كان في هذا الرعيل. وهو أعلاهم وأسماهم. والداعي أنا محمد مهدي شمس الدين.. كنا مجموعة تعمل في مواجهة نظام عبد الكريم قاسم المؤيد للشيوعية في نطاق جماعة العلماء، وفي نطاق مجلة الأضواء، وأردنا أن نوجه خطاباً سياسياً للخارج فاخترعنا هذا المصطلح واستعملناه. وآسف لأنه أصبح مصطلحا رائجاً. وهو لا أساس له على الإطلاق. استخدمناه وأفادنا كثيراً. ولكننا استخدمناه كآلية مؤقتاً. ولم نكن نريده غلاً. ولا نريده عائقاً)([3]).

12 كانون الثاني 2019

…………………………………..

(*) شيعة العراق، ص294 وما بعدها، تحت عنوان (خيرية أوذة)، إسحاق نقاش.

  1. – في لقاء صحفي بتاريخ 13/9/2004م – 27 رجب 1425ه)، وصلتني آنذاك نسخة من ذلك اللقاء، عرضنا مقاطع منه على قناة (صفا) في سنة 2010، ونشرناه على شبكة المعلومات بعنوان (عباس الخوئي ابن ابي القاسم الخوئي يفضح المراجع). وإليك الرابط، ركز على الدقيقة (5–8) من المقطع (4):https://www.youtube.com/watch?v=b7rS9NNx3_E
  2. – سوانح الأيام، آية الله العظمى أبو الفضل البرقعي، ص29-30، دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، الرياض – المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى،1431هـ – 2010م.
  3. – التجديد في الفكر الإسلامي، ص45،46، الطبعة الأولى 1997م/ 1418هـ، دار المنهل اللبناني، بيروت – لبنان.

 

اظهر المزيد

‫7 تعليقات

  1. الإنكليز دار رعاية المراجع الشيعية وصانعوهم، كذلك هم من صنع المشارب والتيارات الهدامة كالبابية والبهائية.
    أما عن دور المراجع في العراق فهم من كان وراء إسقاط الملكية ١٩٥٨ وتنصيب عبد الكريم قاسم فقد كان كاظم اليزدي ذي الأفعى السوداء التي لفّها على رأسه.
    هذا المقال وسلسلة اللقاءات المرئية على قناة التيار السني تكتب وتلقي التاريخ الذي مكر الشيعة به فاسروه من زمن الدولة العباسية.
    ولو وجد التاريخ هذه الجهود لتحرر من قيده وفُكَّ من عَناه.

  2. ليس فقط العرب المضربون بالذاكرة المثقوبة كأن أوربا نسيت حراس المعبد وحراس مالطا وفتوى الاديان الثلاثة في ساديتهم وانهم خطرا على المجتمعات ولاول مرة توحدت الاديان الثلاثة في عداوة هذه المجموعات وقتلها اين ما ووجدت وفي هذه الفترة القريبة استحمرت ايران المجتمع الامريكي والاوربي فدمرت الدول والعربية فكانت الهجرة الا ان الهجرة السنية كانت هادئة اما الهجرة الشيعية فاكتوت بها اوربا منها وجن جنونها خاصة والمجموعة تشتغل بجرائم تهريب البشر والإتجار في الأسلحة والمواد المخدرة والهويات المزورة.
    واليوم آن لاوربا ومنها بريطاني ان تجفف هذا الشر من مصدره لئلا يعبر الى ديارها التي تعاني من الانفكاك والتدهو الاقتصادي وهي تحاول تبعد المشاكل عن ارضها ومن استخدم الاحمق استحمره .

    1. كل فكرة يستغلها صاحب المشروع الذي يسير على هدف التغيير ، تنصيب المراجع من قبل الإنكليزي كانت الفائدة الاصحاب القضية من قبل التشيع الفارسي الذي غزى العرب بإسم أهل البيت فكرة المرجعية هي نفس السياق الذي أخذت حيزاً في توسيع الفكر الفارسي أن( الفرس تملي من وراء الستار واليهود والنصارى والعرب يكتبون) وهذا ختراق واضح وكبير لثقافة الشعوب أدت إلى تشوية وتزوير سيرة التاريخ الإسلامي من جوانب عدة وخاصتاً الدولة الأمويةالاسلامية التي سحقة بلاد فارس ،ولحد الآن نحن نعاني من هذا الاختراق التشيع الفارسي الذي أدخلة ثقافة الحقد المسمومفي
      بطون مصادر كتبنا وطعن في رموزنا وخاصتاً معاوية رضي الله عنه، وهو اليوم محور قضيتنا المركزية نحن أهل السنة .

      1. اخي انس!
        الدولة الاموية لم تسحق بلاد فارس ولا غيرها، انما قمعت خوارجها والناقمين على دولة الاسلام، امثال خامنئي والخميني وعملائهم من عرب الجنسية أمثال هادي العامري وجعفر ابراهيم.
        لقد وضعت الدولة الإسلامية على عهد الامويين ومن قبلهم أسس الحضارة وأعلت من بنائها، لتكتمل في عهد بني العباس وأمويي الاندلس. وبطبيعة الحال هي دول يقودها بشر لا ملئكة، لكنها كانت رحيمة وعادلة لم تبلغ الدول الاخرى في كل التاريخ رحمتها وعدلها. والله اعلم.

        1. نعم دكتور الفكرة واضحة ولكن الخطأ في سياق تعبير الكلام جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى