مقالاتمقالات أخرى

الذبح بالقطنة

أ. أحمد المهدي 

قاعدة سياسية مهمة تقول:خسارة المال أي الإقتصاد تساوي خسارة المعركة كاملة بمعنى الغلبة، في قوله تعالى{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} المال هو أساس الاقتصاد وغايته ومن خسره خسر المعركة برمتها.

الحرب العسكرية دليل على فشل المساعي السياسية،والحرب وإن كنت المنتصر فيها بالمجمل فأنت خاسر بالتفاصيل،وتزداد الخسائر كلما كانت القوى المتصارعة متكافئة.
حتى في قانون الغاب الأسد ملك الغابة لا يهاجم الفريسة القوية بل يبحث عن الهرمة أو المريضة حتى لا يخسر عليها جهد ووقت.
مقاييس القوي غير مقاييس الضعيف،القوي يملك مفاتيح النصر القوة والزمن والضعيف مستعجل يريد حلول سريعة لانه في حالة طارئة كالغريق لو ألقيت له أفعى لامسك بها ولا يبالي.

الحرب الناعمة
من دروس الماضي الحرب التي غيرت مفاهيم الحروب في الوقت الحالي الحرب الباردة التي شنتها أمريكا على الإتحاد السوفيتي، القوة الأكثر سطوة في زمنها والتي تملك أسلحة فتاكة لو أن أمريكا خاضت معركة تقليدية معها لكانت النتائج حسب الظروف والكل سيكون خاسر بالتفاصيل لا بالمجمل.
لكن القوي لديه أساليب أُخرى للقضاء على الخصم بهدوء.
ترتكز الحرب الباردة على مرتكزين مهمين هما النسيج الإجتماعي والقطاع الإقتصادي و بخلق بعض الظروف التي تدمر هذين المفصلين سيكون خصمك في أضعف حالاته ويسهل تفكيكه والقضاء عليه.
هذا ما فعلته أمريكا بالإتحاد السوفيتي هشمت الإتحاد بين الدول وأضعفت المركز إقتصادياً فكان لها النصر الذي ما كانت لتحلم به حتى في الحرب التقليدية وبلا خسائر منظورة.
لماذا لا تشن أمريكا الحرب على إيران؟

إستجابات الإنسان للمثيرات تكون حسب ظرفه الواقع. مثلاً لو طلب منك شخص أداء مهمة وأنت مرتاح ومستعد تكون إستجابتك غير إستجابتك وأنت متعب أو تشعر بالنعاس لذا من أراد شيء لابد أن يختار الوقت المناسب لطلبه.
وهذا ينسحب على السياسة بين الدول فأصحاب نظرية المؤامرة بين أمريكا وإيران يقولون:إن أمريكا غير جادة بعدائها لإيران.
ينطلقون من منطلقين الأول هم في حالة طارئة لأنهم مكتوون بنار إيران وأشياعها ويريدون حل سريع وهو أن تشن أمريكا الحرب وينتهي الأمر.
والأمر الثاني هم لا يشعرون بالضغط الرهيب على إقتصاد إيران المتهالك.
أما أمريكا فهي في وضع المسيطر ولا تحتاج الى حرب تقليدية للقضاء على إيران يكفي أن تقضي عليها بخنقها إقتصادياً وتلاعبها بعامل الزمن،فحتى المختنق يحتاج بعض الوقت ليغمى عليه.
والأهم إذا حصل إتفاق بين أمريكا وإيران فماذا ربحت إيران من وراء لعب دور الضحية بل حتى المجنون لايقبل بمثل هذا الإتفاق المجحف الذي خسرت إيران منه كل شيء مقابل لا شيء!

التكامل الإقتصادي بين العراق والاردن ومصر
برعاية أمريكية وبعد عودة الكاظمي من زيارتة لأمريكا ذهب مباشرةً الى الاردن وعقد قمة ثلاثية أنبثق عنها إتفاق للتكامل الإقتصادي في عدة مجالات.
هذا الإتفاق يمثل ضربة قاصمة وحاسمة في صميم الإقتصاد الإيراني؛لان الحرب الأمريكية على إيران وأشياعها في المنطقة عموماً والعراق خصوصاً هي حرب إقتصادية ناعمة وعماد الأقتصاد الإيراني اليوم يعتمد تمويله على العراق من خلال الصفقات الوهمية الفاسدة مع الحكومة الشيعية في بغداد وقد حاربت إيران كل العروض المقدمة من الدول العربية لإنقاذ العراق من أزمات مختلفة في عدة مجالات إلا أن حكومة العراق الشيعية فضلت أن تسرق إيران أموال العراق دون مقابل على أن يدخل العرب لإنعاش الإقتصاد العراقي.
أضرب مثال لتوضيح حجم الصفعة التي صفعتها أمريكا لإيران في إطار الحرب الباردة،إحدى نقاط صفقة التكامل الإقتصادي بين العراق والأردن ومصر هي تزويد العراق بالكهرباء.
وهذه النقطة بالذات يجب بيان حجم الضربة المدوية منها في وجه إيران.
إذا علمنا أن إيران أبرمت عقد مع العراق بقيمة 800,000,000 دولار لتزويد العراق بالكهرباء لمدة عامين وهذا العقد يتجدد منذ 2005
هذا المبلغ الضخم حرم منه الإقتصاد الإيراني.
هنا لابد من ذكر حقيقة تبين حجم فساد حكومة بغداد الشيعة وكيف أنهم باعوا العراق دون مقابل لأيران.
عرضت الحكومة السعودية تزويد العراق بالكهرباء بربع الثمن الإيراني إلا أن الحكومة الشيعية فضلت شراء الكهرباء من إيران،مع أن إيران تأخذ أموال العراق دون أن تزود العراق بكميات الكهرباء المتفق عليها، ولو أن حكومة العراق أشترت من السعودية الكهرباء لوفرت لميزانية العراق كل عام ما يزيد عن 300,000,000 دولار .
قيمة الأموال التي أنقتها حكومة بغداد على الكهرباء في السنوات الاخيرة تصل الى 40,000,000,000 مليار دولار ومعظم هذا المبلغ الفلكي ذهب لجيب إيران.
هذا النهر المتدفق من ملايين الدولارات أغلق في وجه إيران وهذا مورد واحد من عدة موارد في مجال الطاقة فقط،ولم نتكلم عن الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية.
ياترى هل هذا في مصلحة إيران؟!!!

ملاحظة/ بعد كتابتي هذا المقال بعدة أيام أكتشفت بالصدفة أن الذبح بالقطنة هو في الأصل مثل إيراني. وعجبت لهذه المفارقة وهذه الموافقة!

2020/9/12

اظهر المزيد

‫8 تعليقات

  1. ماشاءالله عليك استاذ احمد على هذاالتحليل الممزوج بالإبتسامه والالم والامل مثال جميل جداً في مفهوم الربح والخساره الماليه والميدانيه؟
    سبحان الله امريكى تستخدم معادله قانونيةميدانية رباني
    ((قل ماعندي ماتستعجلون به….)) وقول الحبيب (ص): ولاكنكم قوما تستعجلون
    وهذا المقال اذا دله فهو يدل على وعي أهل التيار السني، الذين يصلحون ماأفسدهُ الناس

  2. جزيت خيرا / استاذ احمد المهدي

    دائما عندما يبدأ اي طرف سياسي معركة عسكرية فهو الخاسر لانها ستطلب منه جهدا كبير وخسارة بشرية وتدمير وتهجير فا اكيد الحرب العسكرية دوما فاشلة لانها تستنفذ كل طاقتك دون جدوى
    وعندنا دليل هو العراق كل تواريخة حروب عسكرية وجراء هذه الحروب دمر لانه لايوجد من يفكر بمصلحته قبل عدوه وكيف سيبدأ حربه عليه .
    #شمعة_مضيئة

  3. نعم مقالة رائعة النظر إلى الحلول الجذرية والإحاطه بالمشكلة التي تواجهها دون أستعجال تحصل على نتيجه إيجابية هي الربح في المعركه دون خساره وهذا مافعلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية أثناء القوة تخفيف ضغط الأعداء تنازل عن أمور وفرق الاعداء وكسبه الاصدقاء ،وهذا ربح عظيم لفتح مكة ، بوركت سواعدكم أخي العزيز

  4. حين نتامل قَولَ اللَّهُ جَلَّ في عُلاه: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنْفَضُّواۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ﴾ المنافقون (7). يتبين لنا خطورة التشيع النفاقي الكفري وكيف يبخل على العرب و اهل السنة وكيف يناصر الفرس فمن جهة العروبة والاسلام بخل وقبض ومن جهة الكفر مسارعة ونصرة وآه من جلد فاجر وعجز ثقة فالثقة عليه ان يعزل نفسه وينمي للمنظومة العربية السنية ويعامل هذا النفاق الكفري بمثل ما يعامله ولكن المحسوب على السنية وهو سياسي ذليل يعمل عبد لهم يخدمهم لاجل كرسي وجاه بلا اهل ولا عزوة .

  5. الدكتور طه الدليمي . بارك الله في جهودكم و سدد الله خطاكم في كشف الزيف و النفح عن حمى هذه الأمة .

  6. العداء بين امريكا وايران !!! خنق ايران اقتصادياً !!! تكامل اقتصادي بين العراق ومصر والاردن !!! واول الغيث حرمان ايران من تزويد العراق بالكهرباء !!! وليش امريكا مدوختنا ومدوخه نفسها ليش ما تسقط حكومة بغداد الايرانية ؟ ابقاء حكومة في بغدادتابعة ل ايران وتأتمر بأمرها وتسرق اموال العراق وتعطيها ل ايران ينسف كل الادلة التي تقول ان هناك عداء بين امريكا وايران

اترك رداً على متابع بصمت إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى