مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

السيف للعرب والدرع للترك والقلم للفرس .. هذه المقولة الشعوبية !

د. طه حامد الدليمي

من حين إلى آخر تطل علينا الشعوبية بوجوه ذات صور وألوان وأشكال شتى. لعل أخطرها ذلك الوجه النفاقي المتجمل بطلاء (حيادية البحث والحقيقة المجردة). وتبعهم جِبِلٌّ كثيرٌ من الجمهور: نخبةً وعامة؛ بسبب الإشاعة والإذاعة والتكرار، وغيرها من مناشط الإعلام الخطيرة، على قاعدة (كل مكرر مقرر).

من صور ذلك الوجه النفاقي دعوى كبيرة كتب لها من سعة الانتشار وسرعته بحيث ما إن هبت ريحها الصفراء من هضبة (إصطخر) حتى تلاطمت بها أمواج الخليج في الشرق لتصل (هزاتها الارتدادية) إلى أطراف المحيط في الغرب!

تنص الدعوى على أن معظم علماء الإسلام كانوا من الفرس، يستوي في ذلك علماء الدين واللغة وباقي العلوم الإنسانية، وعلماء الطب والرياضيات وباقي العلوم الطبيعية. تتوجها مقولة مصنعة بطريقة جاذبة، هي: (السيف للعرب والدرع للترك والقلم للفرس)! وتترجم هذه العبارة إلى عبارة أخرى.. (اللغة العربية لغة الدين والتركية لغة الحرب والفارسية لغة العلم)! مع الإيحاء، والتصريح أيضاً، بأن حضارة العرب والإسلام لم تكن نتاج فكر عربي.

وحتى تسلم هذه الدعوى لا بد من وجود:

– جهد يقوم على التلبيس والتدليس.

– وعقل تقبلي تسطيحي تستغرقه ظواهر الأمور، عاجز عن الغوص في حقائقها. وهو صفة معظم الجمهور في كل المجتمعات.

– أو عقل لا تسنح له الفرصة أو لا يجد الدافع أو لا يشعر بالتحدي الذي يسوقه للبحث والغوص في باطن الأمور؛ فينساق وراء ما يردده الإعلام. وهو حال معظم النخب.

– يترافق ذلك بسكوت العارفين وتقاعس العالمين، وتداول العلم فيما بينهم وترك المجتمع نهبة للإعلام: المغرض منه، والغافل عن الحقيقة.

ثم إن الفرس امتازوا بقدرتهم على استثمار ما لديهم من خرافات وأساطير وزيوف التواريخ لتحويلها من إطار المادة المتداولة بين النخبة إلى فضاء الثقافة الشعبية، عن طريق الإعلام والإشاعة والتكرار وغير ذلك من الطرق. بينما تجد علوم العرب عادة ما  تدور في إطار العلم وساحة العلماء، وقلما يأبهون لإخراج العلم من إطار النخبة وتحويله إلى ثقافة عامة. وبهذا تتغلب أسطورة الفرس على علْم العرب.

هذه هي إحدى المهام الحضارية التي ينبغي أن ينهض بعبئها (التيار السني)؛ إذ نكل الآخرون عن هذه المهمة الخطيرة. والأمر مختصر بخطوتين:

  1. تحرير العلم.
  2. تحويل العلم إلى ثقافة، باتباع الوسائل المناسبة – وأولها الإعلام – التي تخرج بالعلم من قمقم النخبة إلى فضاء الجمهور.

هل تعلم ..؟!

في السجال العلمي يعجبني أسلوب الضربة القاضية. وعندي من هذه النوع من الضرب الكثير المتنوع. والسر في هذا الثراء بسيط، هو أنني قرأت القرآن العظيم وتعلمت كيف أحبو وراء منهجه (وفي عاتقي سلة من ثمر). خذوا عني هذه الضربة المتنوعة المفردات، التي سأختمها مقدماً قبل أن أوجهها إلى هدفها، بهذا السؤال: إن كنت تخالفني فأثبت العكس. مع ضرورة وضع كلمة (هل تعلم؟) أمام كل مفردة:

– أن معظم علماء الإسلام في جميع حقول العلم والأدب والفن هم من العرب !

– ليس لدى الفرس حضارة أصيلة، قاموا بإنتاجها ذاتياً. إنهم يستوردون أو يسرقون حضارة غيرهم؛ ليستهلكوها لا ليصنعوها. ثم يخربوا أو يزيفوا ما تبقى منها !

– الفرس أمة أمية بحكم القانون الرسمي للدولة! وتعلم القراءة والكتابة يقتصر في قانونهم على طبقتي الملوك ورجال الدين. وأن نسبة الذين يجيدون القراءة والكتابة في المجتمع الفارسي ما كانت تتجاوز 1%!

– ليس للفرس خط للكتابة خاص بهم! كتبوا قديماً بالخطر المسماري بمختلف مراحله، ثم تحولوا إلى الخط العربي !

– أن اللغة الرسمية للدولة الفارسية كانت عربية سريانية (يسمونها آرامية للتغطية على أصلها العربي. علماً أن كلمة “آرامي” ليس لها من العلم رائحة)!

– أن أول بيت شعر قاله فارسي باللغة الفارسية في تاريخهم كله قبل الإسلام لم يكن قبل سنة 180هـ! أي في زمن المأمون. سوى بيتين أو ثلاثة لبهرام عندما كان غلاماً يتربى في بلاط الحيرة، قالها تأثراً بما يحيط به من بيئة حافلة بالفن والأدب والجمال!

– ليس في تاريخ الفرس عالم واحد ولا كتاب واحد في أي حقل من حقول العلم والأدب والفن!

– وهل تعلم…؟! وهل تعلم..؟!

بالمناسبة.. السؤال التعجبي (هل في تاريخ الفرس قبل الإسلام عالم أو كتاب!)، الذي وجهناه إلى من لا يعلم من ذوي النوايا الغافلة، وإلى من يتعالم من ذيول الشعوبيين، في مقال عنوناه بالسؤال نفسه يوم 17/9 الماضي.. لم يجب عليه أحد حتى الآن. علماً أننا طرحنا هذا السؤال للتحدي منذ قرابة ثلاث سنين.

ضربة قاضية حقاً!

 

2020/9/24

اظهر المزيد

‫8 تعليقات

  1. 🌴جزاك الله خيرا // د.طه حامد الدليمي 🌴

    حقا في هذا المقال الضربة القاضية لمن يدعي ان للفرس والعجم حضارة من الشعوبيين ،،
    فا نحن العرب اصل جميع الحضارات لان لغتنا هي لغة القران وتاريخنا احافل بالانجازات على جميع الصعد ،،
    ويجب علينا (التيار السني) كما ذكرت حضرتك
    ١. تحرير العلم.
    ٢.تحويل العلم إلى ثقافة، باتباع الوسائل المناسبة – وأولها الإعلام – التي تخرج بالعلم من قمقم النخبة إلى فضاء الجمهور.
    ،،هم لا يقدرون الإجابة على السؤال ببساطة لان ليس للفرس لاحضارة ولا حتى بيت شعر لانهم مزيفون وسراق انجازات غيرهم.

    #شمعة_مضيئة 🌹

  2. ما نراه اليوم من الفرس وغزوهم بلادنا حقيقت تخلفهم وجهلهم هذا شاهد عظيم لمعرفة تاريخهم المزيف بأنهم اصحاب حضارة وادب من كتب هذا عنهم هو عميل لهم بلا شك
    حتى تمثال هم النار يشير الى العنف والظلم
    جزاك الله خيرا لكشف زيغ اهل الباطل وكذبهم

  3. العرب حضارة نظامية تخونها العاطفة؟
    ومن هنا تستغلها الأيادي والعقول الخبيثة وعلى رأسهم الفرس،
    وحينما اتا الإسلام كان سبباً في حفظ نظامهم، الشاهد قول أميرالمؤمنين نحن قوم اعزنا الله بالاسلام وهي المبادء النظامية وليس العبادات المحضة فقط….؟
    فلما تخلينا عنها عاد الطامعو ن؟
    ولكن العقول التجديدية والاقلام الصارخة لهم بالمرصاد……
    طوبا للغربا من أُمتي الذين يصلحون ما أفسد الناس

  4. أولا : في القلم يذكر الطبري فيقول :- : لما اطمأن خالد بالأنبار وظهروا، رآهم يكتبون بالعربية ويتعلمونها، فسألهم: ماأنتم؟ فقالوا: قوم من العرب، نزلنا إلى قوم من العرب قبلنا -فكانت أوائلهم نزلوها أيام بختنصر حين أباح العرب ثم لم تزُل عنها- فقال: ممن تعلمتم الكتاب؟ فقالوا: تعلمنا الخط من إياد، وأنشدوه قول الشاعر:

    قومي إياد لو أنهم امم أولو اقاموا فتُهزل النَّعم

    قوم لهم باحةُ العراق إذا ساروا جميعاً والخط والقلم ُ
    ثانيا في عهود اضاءة حضارة الاسلامية وبناء المدن فقد كان من يحددلعراق اداريا يقول واقصد ابن الفقيه الهمداني ( من ولي العراق فقد ولي البصرة والكوفة والاحواز وفارس وكرمان والهند والسند وسجستان وطبرستان وجرجان ….) واما المدائني فيقول ان عمل العراق من هيت الى الصين والسند والهند يضاف الى ذلك الري وخراسان والديلم والجبال واصبهان التي هي سرة العراق ) . فكيف لمن لايعرف بالقلم ان ينطلق بسرعة هائلة في خمسين سنة ليخرج من الصحراء الى بناء المدن بهذا الترتيب والجمال وهذه السرعة بل ولو أمضينا السير مع المؤرخين والجغرافين لارينا العجب العجاب بوصف هذه المدن جغرافيا واداريا وطقسا .
    ثالثا الهوية كان الوعي العربي وتمثل هذا الوعي باللغة الموحدة والاسواق التجارية وممارسة الطقوسات الموحدة وعلى الرغم من ان هذا الوعي كان سلبيا لم يتح للعرب ان يكون وحدة ظاهرة وعندماء جاء الاسلام دفع بهذا الشعور الى الامام وعمق فيهم الوعي بالذات فحملوا الرسالة الى العالم .
    رابعا
    السيف
    وهذا مايذهلنا فبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اعد الصديق خطط العسكر التي خنقت الفرس والروم وجعلتهم يسلمون الاراضي العربية وهم صاغرون فكيف لامة لا تجيد السيف ان تكون بهذه السرعة في التخطيط وما قيادات الاسلام كخالد ابن الوليد وعمروا ابن العاص والحجاج بن يوسف وقتيبة والمهلب والقاسم الثقفي وغيرهم الا مثال ان الامة فيها الاعداد العسكري الا انه فقدت الفكرة الجامعة .
    ويضحكني قول بان الدرع للترك منذ عهد الحجاج حين احتضن الترك رئبيل ملك الترك الخوارج من امثال عبدالرحمن ابن الاشعث كانت رسالة تهديدية من الحجاج كافية ان يرسل رأس ابن الاشعث وتقضى على الفتن فاين كان درع الترك .

  5. من أراد معرفة قوم عليه النظر إلى واقعهم.
    في بداية الحديث أود الإشارة الى أن تعليقي هذا ساختصره على المقولة الخاصة بالفرس بانهم اهل قلم وأهل حضارة..
    واما العرب انا لا اقول عنهم شي الا كما قال الله تعالى عنهم فهذا أفضل مدح وأرقى شهادة بحقهم( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)أمة الفكر والعلم والإبداع ،هذه شهادة الخالق سبحانه وتعالى ما بعدها ولاقبلها.

    اما الفرس أين هي حضارتهم التي يزعمون… الفرس دائما يبنون أمجادهم على أنقاض الآخرين.
    الحضارة: هي منظومة من العلم والقيم والعادات والأخلاق التي ينصلح بها المجتمع ويتقدم.. لاتعني الابنية والفنادق والخنادق والاعتداء والحروب والغزو وتنوع السجون والمعتقلات والأمراض العقلية والنفسية التي نتجت عنها عقد الشخصية الفارسية وجعلها شخصية عدائية انتقامية غير قادره على التطور والانفتاح، كل هذا تجده في حضارة الفرس والواقع يشهد بذلك ابتداء من قبل الإسلام إلى يومنا هذا فأين حضارة الفرس من حضارة غيرهم…عكس العرب أهل العلوم والمعارف بجميع أصنافها إضافة إلى تشريع القوانين من زمن السومريون والاشوريون وقيام حضارة أكد ونبوخذ نصر إلى القائد حمورابي ومسلته الذي شرع فيها ما يقارب 300 قانون لحماية حقوق الانسان ابتداء من حق الطفل إنتهاءا بحماية أموال الدولة..وهذا كله قبل الإسلام؟!.. ثم لم تتوقف حضارة العرب بل امتدت إلى مشارق الأرض ومغاربها فأصبحت نموذجا رائعا ومصدرا مشرقا لكل الحضارات…شكرا لصاحب المقال الرائع والجميل الذي جعل لنا فرصة لقراءة تاريخنا ومعرفة حضارتنا..

  6. عرف الفرس بالمكر والخداع منذ زمن بعيد، ووظفوا ذلك في علاقاتهم وعملهم السياسي بغطاء ديني، . الفرس متشددين في الفكر متهاونين بالغيرة دخلوا إلى العرب بثوب الإسلام عندما أنتهت قوة السلاح
    دائماً يتخفون ويمكرون في عدائهم المستمر للعرب من وراء الضل
    والفرس جيل بعد جيل تتغير أدوارهم واسمائهم وأفكارهم
    في خدمة قضيتهم ونشر ثقافتهم الفارسية الشعوبية
    واليوم مهمة التيار السني
    لازاله هذا الفكر الخبيث وهذه الثقافة السائدة من عقول اهل السنة والعرب جميعا. وهذا شرف عظيم ودور كبير أختارك الله لهذه المهمة التي غفل عنها الكثير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى