مقالاتمقالات أخرى

سياحة في انفرادات مشروعنا

 

الشيخ عبد الغني شيت الموصلي

منظومة الفقيه القائد/ مشروع التَّيَّار السُّني

 

قبل أسبوعين أو يزيد وعدت شيخنا الدكتور بمقالة على ضوء مقالته التي كتبها – رعاه الله – في عروبة العلماء، لقد مضت الأيام والفكر مشغول بمحن الزمان التي لا تنقضي، على أنَّ سروره يأتيك كالأعياد!

وها أنا اليوم أسرج فكري لأسيح في فكر تيَّارنا الذي لا أنفك أقلب أوراق منهجه يومياً.

طيب… علامَ أكثر السطور وأنا أعلم أن الزمن زمن سرعة؟!

جاء مشروعنا ليوائم بين الهوية العربية والسُّنية وأخذ يفتش ويُقمِّش في كل فقرة تُقيم صلبهما، فانفرد في تفصيل وتصحيح فكرة رقدت ونامت في رؤوس المثقَّفين بكل أصنافهم قبل عوام الناس، ألا وهي سطوة التسليم بأنَّ جلَّ العلماء عجم!

فأباد خضراء هذه الفكرة، واقتلع جذور أدغالها بما كتبه شيخنا الدكتور طه الدليمي أو قاله على قناة التَّيَّار السُّني.

وهنا لي دور فأقول: القيلة والفعلة لها دافع، وكل فكرة وراءه دافع، إذن كل فكرة ودافع لهما فاعل.

فمن الذي افتعل القيلة: جلُّ العلماء عجم؟!

وما وراء هذه القيلة؟

جوابهما

ولكي أجيبكم كان عليَّ أن أؤسس في التأصيل التاريخي والنظر في المذاهب والفرق والتعرف على الشخوص والأفراد والمؤسسات الفاعلة التي أوقدت نار الفكرة ثم رمت القيلة التي سرت على لسان الخواص قبل العوام.

التأصيل التاريخي

أمَّا التأصيل التاريخي لهذه الفكرة فتعود لعهد المأمون الخليفة العباسي الذي صاده الفرس (أخواله) وتركوه يتقلب في شِراك المعتزلة، وثانيها تشجيعه ودفعه لترجمة كتب الفلسفة اليونانية والمنطق الأرسطي مشوباً غير مُنقَّى من السفسطة والمخالفات والضلالات، فكانت هذه الحركة معبِّدة للمرحلة الثانية للتضليل والتجهيل القادم.

لكن من الذي تبنَّى إيراد هذه الكتب وإشاعتها بين العرب والمسلمين؟

الجغرافية

إنَّها خراسان وبلاد فارس كجغرافية، فهي قد عملت قبل تسعين سنة من ولادة المأمون على تشكيل مثلث المكر – خراسان الكوفة الحُميمة – لإسقاط الدولة الأموية، وسارت بمرحلة تليها أخرى حتى جاء دور التضليل والانحراف في عهد المأمون الذي فهم العالم الإسلامي أنَّه كان راعيًا للعلم!

والحقيقة أنَّه كان راعيًا للأفكار الفارسية والمجوسية والمعتزلية وتكفيه خزي فتنة خلق القرآن.

الشخوص

أمَّا أبرز الشخوص الذي تبنَّوا الانحراف فهم:

1.الفارابي، محمد بن محمد بن أولغز 260 هج، عجمي كازاخستاني – شيعي. ولم يتعلم العربية حتى دخل بغداد وهو كبير.

2.ابن سينا، حسين بن عبد الله 370 هج، فارسي، قرمطي.

وقد أخذا على أيدي فلاسفة نصارى واشتغلا به لغاية تقرير فساد وإفساد مقابل حركة العلم الذي كان ينتشر في الأندلس برعاية الدولة الأموية هناك بعد سقوطها في المشرق.

فعمَلُ هؤلاء في المشرق كان عملاً مؤسسياً له منهجه ودوافعه ومؤسسة قائمة عليه وبرعاية خلافة محسوبة على السُّنة!

3.الغزالي الطوسي الإيراني الفيلسوف، وقد تاب ولكن بعد ما نشر وأذاع الفلسفة!

وجاء بعدهم شخوص تأثروا بما نشره هؤلاء وإن كان بعضهم عربًا، لكنَّهم مغرورون بصرعة ذلك الوقت: الفلسفة والمنطق.

وإذا عدنا بالزمان وجدنا أنَّ الذي تبنَّى الانحراف في الإيمان وأصوله عجم، وعلى رأسهم:

1.الجعد بن درهم 46 هج، أعجمي من خراسان.

2.الجهم بن صفوان 78 هج، أذري أعجمي.

3.مقاتل بن سليمان150 هج، أفغاني من بلخ.

وهؤلاء الثلاثة رؤوس الانحراف والدعوة إلى الرفض والتشبيه والإرجاء.

إذن الذي أنتجت التحريف والتخريف خراسان، ورؤوس الشياطين منها!

الفكرة والدافعية

وهكذا كانت الدافعية وراء جرِّ أسماء عربية وسُنيّة صليبةً لاحتسابها للعجم ثم خلط الأوراق وتناسي وتعتيم الأضواء على جغرافية الأسماء المنتنة هي وشخوصها.

كل هذا سرى بليل عتيم كالح الظلمة إلى فكرنا وفكر عامة أهل السُنة والجماعة حتى أتى الدكتور ناجي معروف ليكتب في عروبة العلماء كتاباً يرد فيه الدعوى الباطلة في عجمة العلماء، لكنَّ كتابًا لا يعمل شيئًا غير وجوده على الرف، أما تنزيل الفكرة على الواقع وفي باحة الفكر الجمعي المصحِّح هو منشودنا الذي سيكون له الأثر، وهكذا تبنَّى المشروع الفكرة لينتشر السطوع اللامع في زوايا مظلمة عمَّ بظلمتها بلوى عظيمة في الفكر.

الخاتمة من رسالتي في الماجستير

يحسُن بي أن أستطرد وأنقل لك سطرين من خاتمة رسالتي في الماجستير أردت منهما التوجيه لعدم التسليم للأفكار الجاثمة على عقول أهل السُّنة والجماعة فأقول: أيُّها القاريء الكريم أعود بك إلى القرآن وهو غائيٌّ مقاصدي مجدِّد، يجعلك في سيلان ذهني تحلِّل وتصيغ وتشكِّل وهذا يدعوني وإياك لإعمال النظر المنعِم في أفكاره، فانظر في النعمة وأدم شكرها.

2020/1/10

 

اظهر المزيد

‫8 تعليقات

  1. عفوا شيخ عبدالغني حفظكم الله..
    ليسمح لي فضيلتكم مناقشة بعض النقاط التي وردت في مقالكم..
    قلتم ( ودفعه لترجمة كتب الفلسفة اليونانية والمنطق الأرسطي مشوبا غير منقى من …)
    ربما ترون هذا الفعل الذي قام به المأمون ومن عمل على ترجمة تراث الامم السابقة ونتاج الحضارات الغابرة من علماء حضارتنا العربية الاسلامية – اقول ربما ترونه عيبا ومثلبة وهو من ما يميّز حضارتنا وعلماءها الافذاذ فقد نقل وترجموا بعلمية والتزموا بأمانة النقل حتى اذا تكامل لديهم تراث الحضارات الماضية ناقشوا واختصروا ونقضوا وبنوا على ما كان صحيحا منه.
    فأين الخطأ في دقة الترجمة وأمانة النقل!!!
    النقطة الثانية:
    هي في قولكم( خراسان وبلاد فارس كجغرافية…)
    لو حددتم لنا يا استاذنا أي خراسان تقصدون هنا … أهي مقاطعة خراسان التابعة لايران أم القصد ولاية خراسان الإسلامية (خراسان الكبرى تشمل خمس مقاطعات وتضم تركمنستان وكازاخستان واوزبكستان وافغانستان) وشعوب هذه المناطق ليسوا فرسا…

  2. أما النقطة الثالثة: فلها صلة بالنقطة الأولى..
    فقد قلتم (حتى جاء دور التضليل والانحراف في عهد المأمون الذي فهم العالم الإسلامي أنَّه كان راعيًا للعلم!
    والحقيقة أنَّه كان راعيًا للأفكار الفارسية والمجوسية والمعتزلية وتكفيه خزي فتنة خلق القرآن.)
    لا ننكر أن للمأمون اخطاء جسيمة، لكن قولكم هذا يعني أن العصر الذهبي للحضارة الاسلامية وما قدمته الخلافة العباسية العربية من دعم للعلم والعلماء وحركة الترجمة التي حفظ الله بها التراث الانساني الغابر وتطور حركة التأليف والابتكار والاختراع والنهضة العلمية والحضاربة الشاملة .. كل هذا خطأ !!!
    كيف رعى المأمون الافكار الفارسية المجوسية ؟!
    وما علاقته بـ شيوع فكرة ان جل علماء الامة من العجم !!

    بقي نقطة اخيرة وهي نسبة ابن سينا الى الفرس ورميه بتهمة التشيع .. وكلها لا تثبت فـ ابن سينا والده بلخي من بلخ وبلخ في افغانستان .. التي تنتمي لـخراسان الكبرى لا خراسان بلاد فارس وولد في افشنة بالقرب من بخارى وبخارى ايضا ليست في بلاد فارس!! فكيف يكون ابن سينا فارسيا؟!
    اما تهمة التشيع فقد نفاها عنه ابو عبيد الجرجاني وقال انه رفض افكار والده الذي كان اسماعيلي المذهب … وانه كان اذا حزبه أمر واستشكلت عليه قضية توضأ وذهب للجامع ليصلي ويسأل الله ان يفتح عليه.. ثم ان سيرته وتراثه العلمي والفكري يثبت انه ليس بشيعي ..
    اما الفارابي فقد اتهم بالالحاد -ومن اتهموه بهذا انما نتيجة لفهمهم كتبه وليس لان الرجل كان ملحدا!!-
    شكر الله لكم جهودكم وسدد قولكم

    1. حياك الله..
      أما حركة الترجمة في عهد المأمون فلم تكن حركة عفوية لأنها ركّزت على علمي المنطق والفلسفة وهما العلمان اللذان ولجا على اصول الدين عقيدة واصول دين، وهذا ما دعى لتحريم الاشتغال بهما.
      أما خراسان فاقصد به الإقليم، وباقي المدن التي دخلت في المقال فهو من باب الأغلبية في الجهة الشرقية التي وردت منها الفتن والانحرافات.
      وقولك ما علاقة المأمون ب..
      العلاقة هنا علاقة المسببية فهو من تسبب في تبني الترجمة لكتب تخالف أصول ديننا وقد أقحمت فيما بعد في أأصل علمين.
      قضية ابن سينا.. عودي للموسوعة العربية العالمية وهي موسوعة رعاها ملوك المملكة العربية السعودية رحمهم الله حتى صدرت نافعة دانية الفوائد والعوائد، كذلك عودي لموقع الدرر السنية وموقع الشيخ عبد العزيز بن باز وما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثالث من مجموع الفتاوى.
      وأشكر ملاحيظك.

  3. ورد كلمة اصول الدين جوابي للأخت عنود.
    ولعل اليد سبقت الذهن في الطباعة. والصحيح: أصول الدين وأصول الفقه.

  4. مؤرخون سابقون ومعاصرون من بني قومنا غافلون وجهلة وجدوا بين أيديهم كتباً مصنفة وضعها خصوم الأمة ومن هنا لا بد من تمحيص التاريخ وتنقية صفحاته مما يشوبها من اتهامات باطلة أو تزوير مقيت.

  5. عندما تهاون العباسيين في دخول الفرس الى دولتهم وجعلهم وزراء في حكمهم تمكنوا من اختراق كتبنا ووضع
    ايديهم في تحريف الكثير والطعن والتشويه وسرقت التاريخ بان اغلبية العلماء عجم وليس عرب وتغيير الثقافة السنية الى شعوبية فارسية مقيته
    وجاء التيار السني ليزيل عفن الماضي ويشرق بمستقبل سني نقي… من غير شوائب فارسية خبيثة
    جزاكم الله خيراً وبارك فيكم وكل العاملين فيه.

  6. ودال على سرعة وعظمة هذه المؤمرات، أن المؤمون حول الخلاف للعلوين فأصبح علي الرضى ولي المؤمنين، لولا ان سبق عليه الاجل

  7. الدولة العباسية سلمت السلطه التنفيذية للفرس فخترقت كل مفاصل الدولة ومن هنا بدأ التوسع الفارسي يمد جذوره بتجاه العرب ولم يصطدم بأي جه تمنعه من هذا التوسع والانتشار الجغرافي في وسط ارض العرب السبب لآن الثقافة العربية السنية كانت أنظارها متوجه نحوا الغرب ،والمشكلةالاساسية متعلقه بنظر إلى النصوص الثابته دون النظر إلى واقع الحال وهذا الذي سهله التشيع الفارسي أن يمر مرور الكرام أمام أنظار الدول العربية السنية.

اترك رداً على تصحيح المسار إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى