سياسةمقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

في الذكرى الخامسة عشرة لتفجير القبة المشؤومة في سامراء

د.طه حامد الدليمي

 

إنّ في الطاقِ المُذَهّبْ … وكذا الرأسِ المخضّبْ

والـثيابِ الـسودِ حزناً … نُــذُرَ الـفـرسِ لـيـعربْ

  تمر اليوم الذكرى الخامسة عشرة لتفجير قبة المهدي الموهوم المشؤومة في سامراء. كان هذا اليوم إيذاناً بانفلات مليشيات إيران في العراق من عقالها، ولم تزل كذلك حتى أوان كتابة هذا المقال!

لقد التقت الإرادة الشيعية والإيرانية في سامراء مع الإرادة الأمريكية، كما التقت الإرادتان في المحمودية فكانت المقابر الجماعية والإبادة المنظمة لأهل السنة فيها، وفي غيرها من المدن العراقية. المكان واحد، والوسيلة واحدة وإن اختلفت الأهداف.

إيران والشيعة يحلمون بتحويل سامراء إلى محافظة شيعية يقتطعون لها نصف محافظة صلاح الدين وشمالي بغداد كله لتعرية العاصمة من حزامها الأمني الشمالي السني كي يكملوا عملية الإجهاز على الوجود السني فيها تزامناً مع ديالى عبوراً إلى الأنبار والموصل فيما بعد. إن تحقيق حلم تكوين (محافظة سامراء) يعني إيجاد محافظة شيعية في قلب المستطيل السني، وهذا الإنجاز له ما بعده في عملية تشييع العراق. أما الأمريكان فأوشكوا على إعلان هزيمتهم في نهاية 2005 أمام ضربات المقاومة السنية، فليس هناك أفضل لهم من تفجير حرب أهلية طائفية بحجم كبير يشغل المقاومة بنفسها عنهم. وهكذا اتفق الطرفان على تفجير القبة (الطاق المذهب) في سامراء.

وفجأة وبلا مقدمات خرجت تلك الأعداد الغفيرة، تحمل هذا الكم الهائل من الحقد والغضب والثورة كما لم يكن عندما قصفت الحكومة الشيعية بقيادة رئيس الوزراء إياد علاوي وإسناد الجيش الأميركي القبة المنسوبة إلى علي، وهو أفضل من صاحب قبة سامراء. بل ترك مرجعهم الأكبر إمامه الأول وخطه الأحمر، وذهب ليخط خطوطه في لندن!

شركاء الجريمة

كل الدلائل والمعطيات الواقعية، وكل التحليلات العلمية الموضوعية تشير إلى أن الحدث اشتركت فيه الأطراف الرئيسة نفسها التي تآمرت على غزو العراق واحتلاله: إيران، وأمريكا، ورؤوس التشيع الفارسي وأشياعهم في العراق ممثلين بالحكومة والمليشيات والأحزاب، كل طرف يستفيد من الآخر في تحقيق هدفه. وإليك بعض هذه الدلائل والمعطيات والتحليلات:

تفجير القبة طبقاً للرواية الحكومية

ليلة الأربعاء 22/2/2006 – حسب تصريح المصادر العراقية الرسمية التي وردت في بيان وزير الداخلية باقر جبر صولاغ، وعلى لسان مستشار الأمن القومي موفق الربيعي – جاءت مجموعة مكونة من خمسة أشخاص، يرتدون ملابس مغاوير الداخلية إلى الضريح وقيدوا الحراس الخمسة والثلاثين بالقوة، ودخلوا الضريح وقاموا بتفخيخه‏,‏ بدءاً من الساعة الثامنة مساء حتى السادسة إلا ربعاً من اليوم التالي‏ – أي لمدة ‏10‏ ساعات متواصلة تقريباً‏! -‏ وبعدها وقع الانفجار الرهيب. واعترف الجعفري بأن المهاجمين اخترقوا أجهزة الأمن‏,‏ وأنهم كانوا يرتدون ملابس الشرطة الخاصة‏.‏

وهذا يعني أن المهاجمين احتاجوا إلى عشر (10) ساعات بالتمام والكمال كي ينجزوا مهمتهم. فأين كان الأمريكان؟ وأين القوات الحكومية الشيعية؟ التي كانت تتواجد بكثافة في ذلك المكان!

الغريب أن الانفجار رغم عظمه وهوله لم تسقط فيه ضحية واحدة من القوات العراقية ولا الأميركية! حتى حراس المرقد قُيدوا وأبعدوا إلى ناحية أخرى، إلى أن جاء الناس بعد الحادث، وأطلقوا أيديهم.

تحرك جموع الشيعة في وقت واحد بعد التفجير مباشرة

بمجرد الإعلان عن التفجير انتشرت سيارات مدنية تحمل المقاتلين الشيعة في بغداد ومدن عراقية أخرى، وبدأت عمليات حرق المساجد وقتل أئمتها والمصلين فيها، أو اختطافهم وتعذيبهم والتمثيل بهم. الغريب أن هذه الجموع المتوحشة خرجت في جميع أنحاء البلد في وقت واحد! واللافتات الجاهزة والمخطوطة سلفاً بأيديهم. والهدف واحد وواضح: المساجد. والسؤال: من الذي خط اللافتات المعدة؟ لا بد أنه الذي خطط للحدث.

 ضلوع السيستاني في المؤامرة

ذكر مراسل “مفكرة الإسلام”: أن منزل السيستاني في النجف، شارع المثنى أصبح خلال فترة الاعتداءات اليومية علىأهل السنة مرتعاً لقياديي فيلق بدر وجيش المهدي، وكأن المنزل أصبح غرفة عمليات مشتركة يتم فيها التخطيط لذبح أهل السنة.

وانطلقت حناجر رجال دين الشيعة وعلمائهم وخطبائهم وبكائيهم، كحازم الأعرجي و(آية الله) مجتبى الحسيني الشيرازي، وخطيب حسينية براثا جلال الدين الصغير، والعلماني المعمم أياد جمال الدين.. تصب الزيت على النار وهي تحرض علناً على قتل أهل السنة وتخريب مساجدهم، التي أسموها (مساجد الضرار).

 اعتراف بعض رجال الدين باشتراكهم في الجريمة

بعد قرابة سنة وفي يوم (11/1/2007) ألقى الأمريكان القبض على خمسة عناصر مخابراتية إيرانية يعملون في قنصلية إيرانية بأربيل، أدلوا باعترافات خطيرة عن ضلوع إيران بمؤامرة تهجير أهل السنة، وتصفيتهم، ومخططاتها للسيطرة على المنطقة، والشبكات والأشخاص المرتبطين بها. ومن ضمن الشخصيات الخطيرة التي ورد اسمها في هذه الاعترافات الشيخ عبد الهادي الدراجي. فقام الأمريكان على إثرها بدهم محل سكنه واعتقاله، واعترف أثناء التحقيق بالدور الإجرامي الموكل إليه.

وأفاد موقع “مفكرة الإسلام” بعد أيام من اعتقاله: أن عبدالهادي الدراجي، الناطق الإعلامي باسم التيار الصدري، اعترف بعلاقته بمسؤولين كبار في الحرس الثوري الإيراني، وبقائد ميليشيات فرق الموت المدعو “أبودرع”، وأن تلك العلاقة تحت عين وبصر رئيس الوزراء الشيعي “نوري المالكي”.

ومما اعترفت به تلك العناصر أن الدراجي رئيس محكمة شرعية تقوم بإصدار الفتاوى والأحكام على العراقيين المعتقلين والمختطفين في بغداد وغيرها من المدن.

 اعتراف الجنرال الأمريكي جورج كيسي بأن إيران وراء تفجير سامراء

كانت فضيحة عالمية مدوية تلك التي فجرها رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، والقائد العام للقوات المتعددة الجنسية في العراق بين عامَي 2004-2007 الجنرال جورج كَيسي أثناء كلمة ألقاها في مؤتمر للمعارضة الإيرانية عقد في باريس يوم 22/6/2013، عندما قال: إن إيران هي المسؤولة عن قتل آلاف العراقيين، وعن تفجير سامراء سنة 2006، متهماً طهران بأنها مسؤولة عن أغلب الهجمات المسلحة في العراق. وذكر أنه أبلغ رئيس الوزراء نوري المالكي في حينها بكل ذلك. مضيفاً أن إيران تستخدم الإرهاب للوصول إلى أهدافها وتسعى إلى نشر الاضطراب وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وإنها لن تتوقف عن ذلك. وأن الإيرانيين يقومون بتدريب المليشيات الشيعية في مخيمات تدريب في إيران، ويمولون الكيانات السياسية العراقية. معترفاً بأنهم فشلوا في إيجاد ديمقراطية في العراق.

هكذا نقتل نحن السنةَ العربَ باسم أهل البيت مرتين: مرة وهم أحياء، ومرة وهم أموات! رغم أننا نصيح ومنذ مئات السنين بأننا لسنا الفاعلين، وأننا والله وتالله وبالله نحب أهل البيت أجمعين أكتعين أبصعين.

آن الأوان أن تغيروا ستراتيجيتكم أيها السنة؛ فالحسين قُتل في دار الشيعة بكربلاء لا دار السنة بالأنبار.

2021/2/22

اظهر المزيد

‫6 تعليقات

  1. مقال يجعل البدن يقشعر وهذه جزئية بسيطة لجرائم هؤلاء سفاكين الدماء وهدامين البناء ومنتهكين العرض والارض في كل يوم يسجل تاريخ مكرر لجرائم بحق السنة حتى اصبحت السنين والتواريخ تتحدث بشفاه الواقع وتصرخ انكم ياسنة عدوكم امامكم (الفرس ايران التشيع ) الخفافيش المتعطشة للدم الوحوش التي تريد الانتهاك …
    بحق من رفع السماء بغير عمد ماذاااا تنتظرون لماذا تقفون والحل الوحيد في هذا الكون الاقليم السني وبمؤسسة التيار السني في العراق .
    #سنية اموية

  2. سبب الشئم والبلاء هذه المراقص.. (المراقد)
    التي تعبر عن الشرك والكفر والعبودية لغير الله
    والفتنة ﴿لا يَزالُ بُنيانُهُمُ الَّذي بَنَوا ريبَةً في قُلوبِهِم إِلّا أَن تَقَطَّعَ قُلوبُهُم وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ﴾
    [التوبة: ١١٠]

  3. نعم هكذا نقتل وتستبيح ديارنا وبلادنا بمكر الفرس وخداعهم لنا..مقال رائع فيه حقائق مهمة لاهل السنة
    يوجه بوصلتهم ويكشف لهم دور الفرس ولعبهم بعقول العرب يصنعون القصص بأسم اهل البيت ويذبحونا باسمهم ويضربوننا ببعض..لفرض قوتهم وسيطرتهم
    وفق الله التيار السني لما يكتبه في فضح هؤلاء البغات الطغات وتحذير الأمة السنية من مكرهم.

  4. مازلت شيخي تصحح المسار،
    وتضع الحقائق أمامه الانظار،
    في زمن التيه التشبّع يلبس ثوبان، ثوب المظلوم وثوب الانتقام المشئوك؟وهنايذبحنا ونحنونتأسف عليه…..
    سددالله خطاكم يالغالي ومن ساره على طريق التصحيح،🌹

  5. مؤمرات التشيع الفارسي لايحد ها حدود أمام المجتمع السُني ،، الشيعي يحمل القضية العقائدية والعقد النفسية في نفس الوقت وهو بهذا الحال فقد الرحمة بكل معاير الحياة لانه يرتبط بمرجعية فارسية تقوده أين ماتريد ،، ومن سلم عقله بيد المرجع نفذ كل الجرائم التي يمارسها بحق السُنة بأسم المرجع الذي يقلده .

  6. ذكرى أليمة على قلوبنا؛ لكن علينا ان نُحسن التدبير وان نستثمر ما تبقّى لصالح الهويّة السُنيّة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى