مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

الشاهنامة .. من أساطير ( الحضارة) الفارسية

د.طه حامد الدليمي

تعتبر الشاهنامة لدى الفرس الكتاب الذي سجل مجمل تاريخهم القديم.

على أن من المعلوم بالضرورة عدم وجود كاتب إيراني واحد تولى كتابة تاريخ إيران؛ لهذا يعتمد الناس في معرفة تاريخها على ما كتبه المؤرخون العرب واليونان والرومان. بل ولا يعرف تاريخهم القديم طوال اثني عشر قرناً (من 539 ق م – 636 م) كاتباً إيرانياً أنتج كتاباً واحداً في أي حقل من حقول العلم والأدب والفن!

ويرى أكثر الباحثين الإيرانيين أن (الشاهنامة) أهم موسوعة عن الفرس قبل الإسلام. يقول رستم عليوف: “الشاهنامة موسوعة تتحدث عن ثقافة الشعب الإيراني وعلمه وفنه وتاريخه القديم. ونحن بحاجة إلى سنوات مديدة من البحث والدراسة حتى يمكن فهم وإدراك عمق الكاتب الكبير”([1]).

فما مدى حقيقة هذه المبالغات؟ تعالوا بنا معاً نغوص في العمق.

ليس للشاهنامة مؤلف محدد متفق عليه

المشهور أن الشاهنامة تفرد بكتابتها أبو القاسم منصور بن أحمد بن فُرَّخ الفردوسي. وقيل الحسن بن علي الطوسي، وأنه توفي سنة (416هـ = 1025م)([2]). وقيل: الحسن بن إسحاق بن شرفشاه([3]). وأنه كان من قرية (رزان) بالقرب من (طوس)، وقد لقب نفسه بـ(الفردوسي) نسبة إلى حديقة هناك تسمى (الفردوس) كان والده يشتغل بستانياً فيها.

لاحظ الطبيعة المتغطرسة للفارسي، وما يضفيه على نفسه – بسبب عقدة النقص – من ألقاب فخمة. عندما تقرأ لقب (الفردوسي) يسبق إلى حسك شتى الصور الفخمة التي  يتوشح بها من استحق هذا اللقب. ثم تكتشف أن كل ما في الأمر أن والده كان بستانياً يعمل في حديقة هناك تسمى الفردوس، استنسخ الرجل اسمها وانتسب إليه دونما أي علاقة سوى تلك العلاقة التي هي عين البساطة فجعلها عين الفخامة!

أما أشعارها فقيل: إن الدقيقي (ت 975م = 365هـ) بدأها فنظم منها ألف بيت لأحد الملوك السامانيين ثم اخترمه الموت قبل تمامها، فتولى الفردوسي المهمة بعد ذلك بعشرين أو ثلاثين سنة([4]). وقيل: إنها كتبت من قبل ستة كتاب عاشوا في فترات مختلفة، جمعوا فيها ما تمكنوا من جمعه شفهياً من الأساطير الفارسية القديمة. وقام الفردوسي وغيره بصياغة ما جمعوه على ألسنة الناس في قصيدة طويلة. ويقول المستشرق إدوارد براون: (وكان ذلك في سنة 999م = 389هـ كما يقول نولدكة)([5]).

إن هذا الاختلاف فيمن نظم الشاهنامة، بل في اسم الفردوسي نفسه، يضفي ظلالاً من الشك ويجعل الباحث في قلق من الحقيقة يمنعه من الوصول فيها إلى نوع من التصديق.

الشاهنامة أساطير بشهادة أعظم شاعر وأعظم مؤرخ إيرانيَّين معاصرين

وبينما يرى أحمد شاملو، أعظم الشعراء الفرس المعاصرين، أن الشاهنامة لا تعدو كونها مجموعة أساطير حيكت من قبل شعوبيين بتحريض بعض الحكام لأغراض سياسية؛ ولذلك لا يمكن اعتبارها أساساً لتاريخ إيران قبل الإسلام.. نجد المؤرخ الإيراني ناصر بوربيرار قد وصفها بالأساطير، وسفّه الذين يعتمدون عليها في كتابة التاريخ([6]).

القيمة الفنية والأدبية للشاهنامة

أما من حيث الفن والقيمة الأدبية فيقول إدوارد براون: (الشاهنامة – في رأيي – لا يمكن أن ترقى الى مستوى المعلقات العربية). وذكر من جملة عيوبها قصورها من ناحية الجمال والعاطفة والذوق الفني. والتشبيهات الكثيرة المضجرة للغاية؛ (فكل بطل فيها فهو الأسد الرابض أو الفيل الهائج أو التمساح المائج، وإذا تحرك فهو الدخان المتطاير أو الغبار المتناثر أو الريح الصافر…). ووصفها بقوله: (وهي تشمل كل التاريخ الخرافي الذي عرفته إيران منذ أقدم الأزمنة إلى الفتح العربي في القرن السابع الميلادي)([7]).

أما د. أحمد أمين سليم فيقول: (ومما يؤخذ على هذا المصدر، أن ما ورد فيه من معلومات قد انتقلت شفاهاً جيلاً بعد جيل، مما أضفى عليها كثيراً من الزيادات، ففقدت الصدق وضاعت الحقائق التاريخية فيها، فنسبت أحداث كثيرة وأضيفت إلى فترات أخرى، ونقلت أسماء أشخاص من عصر إلى آخر. كما أن كثيراً من الأحداث الهامة والملوك لم يرد لهم ذكر في هذه القصص)([8]).

أثر اللغة العربية في الشاهنامة

انتهى الفردوسي من جهده في صناعة الشاهنامة في أواخر القرن الرابع الهجري، أي بعد زمن طويل امتد قروناً من هيمنة اللغة العربية وآدابها وثقافة العرب على بلاد فارس؛ فكان أثر العربية واضحاً في نسيج الكتاب وطريقة نسجه. وقد نظمَه طبقاً لقواعد البلاغة العربية والشعر العربي، ومن ذلك نسجه على بحر (المتقارب).. كل ذلك شاهد على مدى أثر العربية وآدابها على الفارسية وآدابها. هذا مع حرص كاتبها على الابتعاد ما أمكن عن التأثر بالعرب ومنتجاتهم الفكرية. ومع ذلك خضع رغماً عن أنفه لاستعمال لغة العرب وقواعدها بهذا الحجم!

الفردوسي رافضي شعوبي رفض العلماء دفنه في مقابر المسلمين

ينضح الشاهنامة -كبقية كتب الفرس – بالحقد على العرب وذمهم والتهوين من شأنهم. فقد وُصفوا فيه بأﻨﹼﻬم جهلاء ﻻ ﻴﺘﻘﺒﻠﻭﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ. والحقيقة الملموسة حتى اليوم، وشواهده في العراق بعد 2003 لا تخفى، أن هذا هو وصف الفرس يمارسون (إسقاطه) – كما هو ديدنهم بسبب عقدة النقص لديهم – على غيرهم خصوصاً من يكونون على الضد من وصفهم. ومن علامات حقده وتعصبه حرصه الشديد على الابتعاد ما أمكن عن استعمال الكلمات العربية. لكنه لم يستطع أن يبلغ سوى بعض ما أراد؛ والسبب – كما يقول براون – أن (كثيراً من الألفاظ العربية كان قد تأصل في اللغة الفارسية في هذا الوقت بحيث أصبح من المستحيل عليه أن يتحاشاها أو يتجنب استعمالها… إذ تبلغ الألفاظ العربية فيها أربعة أو خمسة بالمئة من مجموع ألفاظها)([9]).

لا بأس أن أختم كلامي بأن الفردوسي كان شيعياً رافضياً، حتى إن أحد الخطباء في بلدته، وهو الشيخ أبو القاسم الجرجاني رفض أن يدفن في مقابر المسلمين وأصر على ذلك وصار يصيح: أنا لا أجيز أن تصل جنازة الفردوسي إلى مقابر المسلمين؛ فقد كان رافضياً أمضى عمره في مدح أبطال المجوس والزرادشتية. وكان له حديقة هناك فدفنوه فيها([10]).

1 نيسان (4)2021

____________________________

[1]- الموسوعة الحرة (ويكيبيديا)، أبو قاسم الفردوسي. وفي الهامش: فردوسي وشعر أو – محمد علي جمال زاده (ص108.

[2]- تاريخ الأدب في إيران من الفردوسي إلى سعدي، ص156، المستشرق إدوارد جرانفيل براون، ترجمة الدكتور إبراهيم أمين الشواربي، مكتبة الثقافة الدينية.

[3]- المصدر السابق، ص165.

[4]- المصدر نفسه، ص153.

[5]- المصدر نفسه ص157.

[6]- الموسوعة الحرة (ويكيبيديا)، المصدر السابق.

[7]- تاريخ الأدب في إيران من الفردوسي إلى سعدي، ص168-169. مصدر سابق.

[8]- إيران منذ أقدم العصور حتى أواسط الألف الثالث قبل الميلاد، ص79. مصدر سابق.

[9]- تاريخ الأدب في إيران من الفردوسي إلى سعدي، ص174-175. مصدر سابق.

[10]- المصدر نفسه، ص164.

اظهر المزيد

‫12 تعليقات

  1. ما اقبحهم من اقوام يتمادون على غيرهم بسبب الجهل والحقد والخزي والعار الذي هم فيه الفرس المجوس والان احفادهم الشيعة المتشيطنين وعديمي الاخلاق لانهم لا يشكرون العرب الذين هم اصل الحضارات هم الاصلاء ذوي الكرم والاخلاق بينما الفرس عكس هذا لعنهم الله حيثما حلوا .

  2. – كتاب واحد يعتبر مصدر تاريخهم وهو خرافي ولا يتعدى كونه أساطير كُتبت لأغراض سياسية، ولا يوجد له مؤلف متفق عليه.
    – عدم وجود كاتب إيراني واحد تولى كتابة تاريخ إيران.
    – لم يعرف لهم وعلى طول ١٢ قرنا قبل الإسلام كتابا ولا كاتبا.
    – أثر العربية واضحاً في نسيج الشاهنامة وطريقة نسجها.

    كل هذا الإفلاس، وعندما تُعدد حضارات العالم، يرفعون أيديهم ويقولون: وحضارتنا أيضا!
    بل وقذارتهم أيضا!

    1. الشاهنامه كتاب ابتدعه (صاحب لقب الحديقه(الفردوسي) وغيره ) ابتدع فيه تاريخ مقطوع من شجره لااصل له….بل وربي خرافه لاحقيقه لها …والمضحك بالامر على الرغم من استنكافهم للعروبيه واللغه العربيه الا انهم رغم انوفهم استحوجوها في تاريخهم ..لعنهم الله عديمي الاصل لاتاريخ لكم لا تحاولوا ان تحفروا الارض بحثا عنه فإنكم والله لن تجدوا سوى عضاماً متعفنه راجعه لأبو الحديقه وغيره اقصد به (الفردوسي)…ستفضحون مادامَ هناك امثال دكتور طه حفضه الله.

  3. كم غفله أهل السنة عن التنقيب في حضارة اهل الحق التي دفنتها 🔥رمال الخبث وثيول العار؟! ولكن لكل زمن رجال، يصلحو ما أفسد الناس

  4. الفرس صنعوا ديناً مزوراً ​بإسم
    علي وأولاده فمن الطبيعي أن يصنعوا حضارة مزورة مبرقعه بالخيالات والأساطير والألقاب المثيرة …

  5. تاريخ الفرس وحضارتهم المزعومة مهما حاولوا
    رقيه يبقى اسود ويعتمد على الجهل والخرافة
    جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل لما تقدمه من جهود
    لفضح الفرس… وما اخفي من تاريخهم وحضاراتهم
    المكذوبة المسروقة!!

  6. نرى هذا النقص واضح على تلاميذهم من الشيعه الروافض
    عند وصف مراجعهم..
    مراجعنا العضام، ايه الله العضمى، ولي الفقيه، النجف المقدسه….
    وما هذا إلا من النقص والقصور والضعف

  7. لك ان تتخيل كيف ان قوما ليس لهم تاريخ شعري الا ماكتبوه من شعر فهلوي وهو اقرب الى الشعر الشعبي ان يكتبوا ملحمة شعرية كهذه بعد قرنين من الزما ن وهي فترة الهيمنة العربية عليهم كتبوها بستين الف بيت حرصوا خلالها على تخليد ملوكهم على غرار ماكتبه العرب من اشعار طويلة كالمعلقات والفيا ا بن مالك استغرق الفردوسي في كتابتها ثلاثين عاما بامر من الغزنوي مقابل اموال مدفوعة والتساؤل هو كيف نظموا هذه الملحمة بدون اساس تاريخي او ادبي والقارئ لهذه الملحمة يرى سرقة الصياغة البلاغية والادبية كما يرى حقد الفارسي فيها وشعوبيته فمما جاء فيها _ (العربي عدو لي على اي حال _متعصب غاضب شيطان )وهذا مايؤكد بحث الدكتور من انه شيعي شعوبي .جزى الله اخانا الدكتور وجعله من المدافعين عن ديننا وتاريخنا .

  8. لا شك ولا ريب ان هذا الكتاب من الاساطير كما طير العنقاء والسعلوة ومن اين الشعر والادب لامة ليست تحمل الاخلاق والادب امة بُني دينها على الخرافة والخيال فمن السهل ان تضع الروايات الكاذبة عن تاريخها الوهمي .

  9. الشاهنامة كما وصفها أستاذنا الدكتور هي من الأساطير لان الفرس لايحسنون سوى التسطير واللطم والنهيق والتطببر .
    الحضارة الفارسية نعم موجودة لكنها جذراً واصلا هي عربية المبنى والمعنى والمغنى.. والفرس ليسوا سوى أطفال مشاكسون بل طفيليون على جدران الحضارة العربية من تطهر وتعافى منهم فقد فاز بحظ وافر.
    ولعل السرقات والتزوير والخرافة التي أبدع الفرس بفنونها هي المخارج الوحيدة لبناء أدب اجوف لأمة اشتهرت بالكذب والخداع والجدل والجهل.

  10. كيف للفرس ان يُنتجوا كتاباً فيه من البلاغة والفصاحة والفن والذوق وهم تعمّدوا تجهيل مجتمعاتهم وجعلوا طلب العلم مقتصراً على الامراء وابنائهم وكهنة معبد النار، فكان الجهال سائداً في مجتمعهم، الا انهم اهتموا فقط في الامور التي من شأنها غزو الاخرين فقد اهتموا فقط في الطُرق والاعلام وسايكلوجيا الجماهير.

اترك رداً على نهاوند محمد إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى