مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

الصدّيق .. ذلك الرجل الأتقى

حوار قديم مع شيعي

د.طه حامد الدليمي 

أذكر قبل  عشرين سنة.. جمعني في بيتي باللطيفية مجلس مع أحد الشباب الشيعة، ودار بيننا نقاش حول الإمامة، ومن هو أحق بها؟

قال هذا الشاب: أنا أعجب من تفضيلكم أبا بكر على علي!

قلت: لم نفضله نحن، الله تعالى في كتابه هو الذي فضله.

فقال وقد اتسعت حدقتاه عجباً: القرآن فضّل أبا بكر على علي؟!

قلت: نعم، وسأثبت لك ذلك إن أردت. فقال وبلهجة المتحدي الذي لا يشك في موقفه قيد شعرة: إذا أثبتّ لي ذلك فسأتبرأ من علي ولن أعترف به بعد اليوم. قلت: لا.. هذا لا يصح. ما كان أغناك عن هذا الانتقال الحاد من النقيض إلى النقيض! كل ما اريده منك تصحيح موقفك من أبي بكر؛ فتحبه كما أحببت علياً دون غلو أو دنو.

والآن من فضلك استمع وأجب:

– يقول تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فهل هناك أفضل، وأعلى منزلة من الأتقى؟

لا.

– من ترى المقصود بـ(الأتقى) في قوله تعالى: (وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى)؟

فأجاب بعد تردد:

– الإمام علي.

– فما جوابك على أن هذا (الأتقى) يصفه الله بأنه: (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى)؟ والآية مكية من أول ما نزل على النبي عليه السلام وعلي ما زال غلاماً يافعاً لا مال له، وإنما يعيش في كفالة النبي عليه السلام. فهل كان علي رضي الله عنه عند نزول الآية ذا مال ينفق منه حتى يصح وصفه بأنه (يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكى)؟

حاول الشاب عبثاً أن يتملص من قبضة السؤال فلم أشأ أن أحرجه بالتركيز على ضرورة الإجابة على السؤال. فانتقلت إلى سؤال آخر:

– فما قولك عن تقييد الآيات وصف هذا (الأتقى) بأنه ليس لأحد عليه من نعمة أو فضل سابق قابل لأن يجزى؟ (وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى) وعلي كان يعيش في نعمة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ نعومة أظفاره. حتى إذا كبر زوجه ابنته، فأي نعمة أعظم من هذا؟!

لم يجد صاحبي هنا إلا أن يقول: لعل (الأتقى) رجل آخر غير أبي بكر، فإذا سلمت أنه ليس علياً، فمن أين لك أنه أبو بكر لا غير؟

قلت: إذا وصلنا إلى هذه المرحلة فأنا لا أحتاج إلـى أن أثبت أنه أبو بكر حصراً. ما يهمنا أنه ليس علياً، فيكون (الأتقـى) رجلاً آخر غير علي. وهذا يعني بطلان ما تعتقدون في أفضلية علي على جميع الصحابة. ومن القرآن لا غيره!

عند هذا الحد لاذ الشاب بالصمت! فقلت: والآن اسمع الأدلة على أن المقصود بالآية على وجه الخصوص هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وليس أحداً غيره .

وبدأت أسرد له الأدلة… فكانت القاضية.

22 رمضان 1442

4  مايس 2021

اظهر المزيد

‫10 تعليقات

  1. اروع مفهوم دعوي للدكتور حفظه الله الاستدلال القرآني بأساسيات الدين أصول الإيمان العقيدة وأصول الشريعة وضروريات الحياة مع أي طائفة تدعي أنها على الحق( تجعل الأمي السني ينتصر على المعمم الشيعي) في إثبات أصول الدين من خلال القرآن الكريم
    جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل

  2. جزيتم خيراً شيخنا الفاضل
    التشيع هو دين التقية(الكذب) ودائماً ما يأخذون الآيات المتشابهة دون المُحكمة لكي يهربوا من الضربة القاضية لكن دون جدوى دائماً يقضى عليهم رضي الله عن الصدّيق ابا بكر .

    *سُنية_أموية

  3. حوار رائع شيخي وكما قلت في احد حلقاتك على اليوتيوب الضربه القاضيه في النقاش والحوار لجعل الطرف الاخر يصمت ويدخل في حيره من امره هي “المحكم من القرآن الكريم”
    ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
    بوركت شيخي اطال الله في عمرك

  4. سبحان الله كنا البارحة عنده أحد الخوه في دعوة إفطار، وبعدها تنولنا المنهج الإستدلالي القرآني وميزتهُ عن المنهج الإجتهادي المتخلف ألمتناقض ألمتعب في الاستدلال على أساسيات الدين؟!والله ومن ضمن ماذكرنا هذا الحوار الذي دار بينك وبين ذالك الشيعي المسلوب عقلياً، فجزاك الله خيراًعلى هذه الفكره الرائدة التي جعلتنا وسط هذا النور في مفهوم ألاستدلال على اساسيات الدين وبكل ثقة 🌷

  5. جزاكم الله خيرا الجزاء على هذه الضربة وان شاء الله ضرباتنا تتوالى على رؤوسهم !

  6. عندما يكون توجيهك قرآني ورباني
    في مواجهة اهل الباطل وزيغهم وطعنهم
    في دين الإسلام ورموز اهل السنة تكون لديك
    الضربة القاضية في رده وسقوطه متهاوين أمامك
    وهذا ما وجهتنا إليه شيخنا المجدد طه الدليمي
    جزآك آلله خير عن كل الأمة السنية العربيه

  7. ذكّرتنا ياشيخ النقاش مع الشيعة، فلا يوجد شخص تتلمذ على يدك إلا وله صولات وجولات مع الشيعة في المناظرات والنقاشات، خاصة عندما اصدرتَ كُتيّباً جعلتَ فيه الضربة القاضية👊🏻 هي اختصاراً مثمراً لتلك النزالات الكلامية والفكرية، بل امدنا بقوة الدليل القرآني الذي لم يترك اصوله يعبث بها العابثون ويؤولها المتأولون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى