مقالاتمقالات أخرى

الإسقاط عند المعارضة

أ. أحمد المهدي

بين الماضي والحاضر تتشابه الأساليب وتختلف الثقافات ولكن الهدف واحد.. الحصول على السلطة.

لم يتغير أسلوب المعارضة للوصول الى السلطة فهي تحاول أن تظهر الحاكم بأسوء صورة. الحقيقة ليس لديهم طريقة غيرها فلا يمكن أن تقول المعارضة أن السلطة الفلانية جيدة ولكن لا تعجبنا ونريد تغييرها؛ فهذا لا يحقق الفصل بين الجمهور والسلطة الحاكمة، لذا تبحث المعارضة دوماً عن الشبهات وتفخمها وتبالغ فيها وتصطنع القصص. ومن هنا.. من إصطناع القصص ينبثق الخطر.

لماذا؟

لان القصص تنطلق من مخيلة الشخص إذن هي بنات أفكاره.

وتولد تلك القصص من نزعاته الخاصة ولهذا تجد المعارضة عندما تصل الى السلطة تقوم بكل ما كانت تعيبه على السلطة السابقة. ولماذا أيضاً؟

لانهم أسقطوا كل مايدور في داخلهم على السلطة السابقة فما تقوله المعارضة ما هو إلا إسقاطات ذاتية.

والذي يريد أن يعرف مستقبل أي بلد في ظل وصول معارضة الى السلطة لا يحتاج الى التنجيم. جل ما يحتاجه مراجعة تصريحات المعارضة التي أطلقتها ضد السلطة السابقة والأمثلة كثيرة.

قبل سقوط نظام صدام حسين كانت المعارضة تتنقل من بلد الى آخر وهي تتكلم عن بطش النظام بالشعب وعمليات القتل التعسفية واستهداف الطائفة الشيعية والسجون السرية مع المقابر الجماعية وسرقته لقوت الشعب وفساد أبنائه وحاشيته.

وقد أُسقط نظام صدام إنطلاقاً من هذه الحجج، وقدمت المعارضة نفسها على أنها البديل الذي سيرسخ الحرية والديمقراطية في مرحلة ما بعد صدام وكان ما كان من أحداث وأخذت الأرض دورتها وإذا هم يتمسكون بتلابيب السلطة وبدأ عصر “الديمقراطية” المزعومة وبدأت المعارضة بتصفية شركائها حتى استأثر الشيعة بالسلطة لأنفسهم.

ثم بدأت مرحلة التحشيد الطائفي ضد السنة ومن ثم عمليات قتل وتصفية وحرب شعواء للقضاء على الأغلبية السنية في بغداد بعد أن قضوا على الوجود السني في جنوب العراق إلا القلة المتبقية الصامدة في البصرة، وبحجة محاربة الإرهاب وضعوا شباب السنة في السجون السرية والعلنية. تلك السجون التي كانوا يتهمون نظام صدام بامتلاكها والتي لم يرها العراق حقيقةً وواقعاً إلا في زمن ديمقراطية المعارضة.

نموذج آخر كان يكفر نظام صدام لعدم تحكيمه شرع الله وهم الإخوان المسلمون في العراق ولكن عندما وصلوا للمناصب صاروا ينادون بالليبرالية.

كذلك في مصر كانت المعارضة المصرية ذات صبغة إسلامية (جماعة الاخوان) تعيب على نظام الرئيس حسني مبارك أنه نظام علماني وعميل وله علاقات مع أعداء الأمة ومنهم إسرائيل وكانت المعارضة تنادي بالحاكمية لعشرات السنين. ونُزع ملك مصر من النظام واعتلى الإخوان سُدة الحكم فإذا هم علمانيون أكثر من سابقهم. ومن جملة ما قاموا به مددوا تراخيص المراقص لثلاث سنوات بدل سنة واحدة!!!

والسؤال أين الحاكمية في زمن الحكم؟

ماهو البديل ؟

سؤال واحد في إجابته يكمن حل سحري للبقاء على الأمن المجتمعي الذي يمثل العنصر الأهم في استقرار أي دولة في كافة المفاصل، إذ لا قانون ولا إقتصاد ولا صحة ولا ولا… وعدد ما شئت…. بلاد دون أمن كل شيء فيها يزول وتصبح الدولة هدف سهل للمتربصين.

والسؤال في حال الإطاحة بأي حكومة على ما فيها وعلى ما لها.. من البديل؟

هل يوجد بديل جيد يحقق المنشود؟

أم هو الفوضى والحكومات الوكيلة التي تجعل من البلد ريعاً للدول الأخرى كما حصل في العراق وليبيا ومصر واليمن وسوريا ولبنان وتونس… وغيرها.

ومن تجارب الماضي القريب يمكن أن نقول: لا يوجد بديل مناسب بل العكس كل البلدان التي سقطت في كارثة الربيع للعربي قد أصيبت بالتراجع في كافة المجالات والتبعية للأعداء، والسبب يعود الى التراجع الفكري للأمة وبقاء الإنفصام عن الواقع إذ ما زالت الشعارات القديمة تقود الجمهور وعدم الإدراك أن الماضي قد ذهب وأن هناك واقعاً جديداً يفرض نفسه وعلى الجماهير أن تتطلع لمسارات جديدة والنظر للواقع بعين الجغرافية لا بعين التاريخ.

 

2021/6/6

اظهر المزيد

‫4 تعليقات

  1. المعارضة غالباً ما تكون فيها عُقد تسقطها على الحاكم أو الرئيس وعند سيطرتها تفرض هذه العُقد على الشعب كما وضع العراق الان في ظل الحكم الهمجي للشيعة المجانين والفرق الشاسع بين حكم صدام حسين رحمه الله ، ، رغم أن من اسقط حكمه الشيعة بمساعدة إيران اللعينة .

    1. ما شاء الله يا شمعة! تتطورين سريعاً.
      وتغوصين في الألفاظ فتدركين معانيها.
      استمري وفقك الله وبارك فيك

  2. المعارضة دائما تعتمد على المظلومية فتتهم النظام بشتى التهم لكنها تمارس الظلم عينه بل تزداد فيه عندما تكون زمام الامور بيدها ، ومن يمسكون السلطة هم زعماء الشيعة والذين لم يكتفوا بقمع اهل السنة فقط بل فعلوا باتباعم الافاعيل واصبحو افاعي تاكل صغارها .

  3. ومن التصحيح للمستقبل كثيرًا مانسمع الدكتور
    يقول لانريد أن تتحول في أهل السنة المظلومية إلى عقدة،
    وهذا ينتفع منه أنصار التيار، سددالله خطاكم وبارك أفكاركم ونفعنا في مقالاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى