سياسةمقالاتمقالات أخرى

القائد الجغرافي وجمهورية التاريخ

أ.أحمد المهدي

رهينة الماضي

القائد هو الرائد ينطلق من الواقع ليبني أمجاده على الجغرافيا. هنا يأتي دور التاريخ ودور الجمهور ليتحدثا عن تاريخ ذلك القائد في المستقبل القادم.
لكن الطريقين: الطريق القيادي والطريق الجماهيري متعاكسان في الإتجاه. الطريق القيادي مبني على أفكارٍ استشرافية
لمعطيات الواقع وإستغلال الموجودات من أجل بناء تاريخ، والقيادة متعددة الأوجه فكل مبدعٍ في أي تخصص هو قائدٌ في تخصصهِ، ولكن الجمهور يعيش في التاريخ لذلك لابد من أن لا يترك في التاريخ ما يتحول الى سجن يحبسُ الجمهور فيه ويبقى رهين الماضي.

العقد التاريخية

العقد التاريخية كالعقدة التي تصيب الخيط و يسهل قطعه بسببها، العقد التاريخية تبقى مستعصية على النسيان وتربك حركة المستقبل وتسحب المجتمع الى الماضي والسبب كما قلنا سابقاً هو أن الجمهور ينظر للتاريخ من المستقبل واذا غاب القائد عاد الجمهور الى التاريخ وبالمثال تتضح الفكرة، صياد السمك الماهر دائما مايفحص سلك الصيد ليتأكد من خلوه من العقد لان العقدة اذا ما وجدت و تعرض السلك للشد القوي ستحتك اطراف العقدة وتولد حرارة مما يتسبب بقطع السلك وضياع الصيد المستقبلي، بمعنى ان الصياد ينظر الى المستقبل من الواقع فلا يترك عقدة ورائه تسبب له خسارة الصيد في المستقبل، ولكن إذا قال الصياد إنها مجرد عقدة بعيدة عن السنارة التي ستصطاد السمكة لاحقاً كانت السبب في ضياع الصيد الذي يمثل المستقبل و العودة الى نقطة البداية وضياع الوقت والجهد و المال.
كثير يرى أن محاولات فحص بعض فصول التاريخ الإسلامي التي تسبب عقد تاريخية تحبس الجمهور في للماضي هي محاولات للتنبيش عن فتنة، والحقيقة أن هذه المحاولات تهدف الى فك عقال الماضي لتحرير ذاكرة المسلم من العقد التي تعيده الى زمن الفتن والتي تجذبه دائماً الى الزمن الماضي، و معارضة تفكيك الماضي تستند الى سببين الأول الضعف العلمي وعدم الثقة بالنفس التي تمكنهم من إتخاذ قرار والحكم على حادثة معينة و السبب الثاني جهل هؤلاء بقوانين علم الإجتماع تلك القوانين التي تتحكم بالشخصية الجمعية للمجتمعات.

مقتل الخليفة عثمان مثالاً

واحدة من أكبر العقد التاريخية التي ما زال أثرها طاغٍ على شخصية الأمة الإسلامية، إذ كل الكتابات وكل الدراسات في هذه الحادثة غير مقنعة و غير دقيقة بل طغى عدم الواقعية على عنوان المشكلة ذاتها إذ تحول الصراع من صراع بين عثمان (رضي الله عنه) وقتلة عثمان (الفئة الباغية) الى عنوان آخر هو صراع على السلطة بين علي ومعاوية(رضي الله عنهما) مع أن ما حصل بينهما كان نتيجة لمقتل عثمان فتحول مسار القضية بالكامل وأصبحت عقدة تلتف عليها كل لوثات الماضي من أكاذيب وأباطيل و تعليلات وإنحيازات وعدم الموضوعية قادت بالنتيجة الى تمزيق أمة عظيمة و أصبحت شخصيتها مصابة بالخجل و الضعف إزاء هذه العقدة الصغيرة في ذاتها و الكبيرة بسبب عدم تفكيكها وحل رموز الإشتباه فيها.
و حل هذه العقدة بسيط من حيث منطق الحدث و عودة الأسباب الى مسبباتها والحل يرتكز على سؤال واحد محوري السؤال هو من هي الفئة الباغية هل هي فئة الخليفة عثمان (رضي الله عنه)ومن معه أم قتلة عثمان؟
الجواب قطعاً قتلة عثمان (رضي الله عنه) هم الفئةُ الباغيةُ إذن كل ما إنسحب من قرارات وأحداث قام بها قتلة عثمان فهي باطلة.
السؤال الآخر لماذا يسمى قتلة عثمان(رضي الله عنه)بالثوار وعندما قتلوا علي(رضي الله عنه)هم ذاتهم سموهم الخوارج مع أن الجهة القاتلة هي ذاتها؟
لو أجاب العلماء عن هذين السؤالين بمنطق الحدث وبكل موضوعية لما وصلنا الى وما وصلنا اليه اليوم.
الجمهور يسكن التاريخ والتاريخ يسكنه لذلك يجب حل عقد التاريخ لتحرير الجمهور لانه رهين للتاريخ، الفرق كبير بين من يتحدث بالتاريخ وبين من يتحدث التاريخ عنه وكل فئة لها قوانينها الإجتماعية التي لابد من إحترامها، وعلى القادة أن يعبدوا طريق سفر الجمهور من المستقبل الى التاريخ لكي لا يتعثروا ويبقوا هناك “نحن نصنع التاريخ نحن نكتبه”.

2021/6/19

اظهر المزيد

‫7 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نعم ولكن الرافضة الملاعين قلبوا الحقائق وشوهوا التاريخ .
    شكراً لك و بارك الله بك ونفع الله بعلمك المسلمين

  2. القائد الرباني هو الذي يتقدم الصفوف ليضع الحلول الجذرية قبل وقوعها في زمن المشكلة الأساسية التي تؤثر بالمجتمع السني من الناحية الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الإنقاذ الجمهور السُني من لوثة التشيع الفارسي المجوسي.
    القائد ينتصر بالجمهور والجمهور ينتصر بالقائد قال تعالى ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)

  3. اعادة النظر في دواوين التاريخ ليس ترفا فكريا كما يظن كثير من الناس بل حاجة ملحة لما لهذه الدواوين من أثر كبير في ثقافتنا وفكرنا بل وعقيدتنا..

  4. بارك الله في كل قلم رصاص .. يخط برصاصه رصاصة توهن وتهزم إيران وغربان خرابها ..
    النظر في أحداث التاريخ بحاجة لتنقية هذا الموروث الذي انتفخ لدرجة التفسخ والانفجار بالمفاجئات والغرائب والحيات والعقارب.. وهذا بحاجة لموسوعة من أصحاب الوعي في العقول والأمن الفكري والاحاطة بدسائس إيران وشيعتها… فمن تسلح وتترس بذلك أصبح فارسا مغوارا وقائدا جسورا.. ومن خاض ميدان التاريخ بدون ذلك.. فهو كساع إلى الهيجا بغير سلاح.

  5. بارك الله في كل قلم رصاص .. يخط برصاصه رصاصة توهن وتهزم إيران وغربان خرابها ..
    النظر في أحداث التاريخ بحاجة لتنقية هذا الموروث الذي انتفخ لدرجة التفسخ والانفجار بالمفاجئات والغرائب والحيات والعقارب.. وهذا بحاجة لموسوعة من أصحاب الوعي في العقول والأمن الفكري والاحاطة بدسائس إيران وشيعتها… فمن تسلح وتترس بذلك أصبح فارسا مغوارا وقائدا جسورا.. ومن خاض ميدان التاريخ بدون ذلك.. فهو كساع إلى الهيجا بغير سلاح.

اترك رداً على هاف مون* إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى