سياسةمقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

ثالوث الإرهاب .. وكارثة الجهل به على مستوى العالم/ 1

د. طه حامد الدليمي

ج: \ المستخدمون \ DR \ سطح المكتب \ Thigh.jpg التشيع والشيعة وإيران..

ثالوث خطير صانع للإرهاب بجميع أنواعه. اجتمع الثالوث مع الجهل بحقيقته من قبل الجميع فنتجت عنهما كارثة محلية وعالمية!

  1. جهل الجميع أن المشكلة في التشيع قبل الشيعة، وفي الشيعة قبل إيران.
  2. وجهلوا أن الفرس صنعوا التشيع وجعلوا منه ديناً– كما بينت في المقال السابق – يستبطن عقائدهم الدينية، ويحقق أغراضهم القومية، ويكون بديلاً عن الإسلام.
  3. وجهلوا أن أهم محرك للسياسة الإيرانية هو المكونات الداخلية المعقدة للشخصية الفارسية. كما جهلوا أن على ذوي العلاقة أن يبدأوا دراساتهم العلمية من هذه النقطة.
  4. وجهلوا أن الشخصية الفارسية شخصية مريضة بشبكة من العُقد الجمعية تزيد على (20) عقدة. وما لم يتم التعرف على هذه العقد يستحيل التعامل السليم مع إيران.
  5. وجهلوا أن (الفارسية) ظاهرة اجتماعية لا عرقية. كل جنس يساكن الفرس ويعايشهم يُعدى بأمراضهم، بل يكون الدخيل أشد تمثلاً لتلك العقد واندفاعاً بالحركة على أساسها من الفارسي نفسه! الصفويون ترك لا فرس، وخامنئي أذري. وشيعة العراق معظمهم عرب.

خازوق إيران 

إذا ضربنا المثل عن ذلك الجهل بأمريكا، فإن هذه الدولة العظمى الأولى من بين دول العالم، رغم المراكز والمؤسسات البحثية والكفاءات العلمية والمكنات المادية، وقفت عاجزة عن فهم المحركات الكامنة وراء أخطر المواقف التي اتخذتها إيران تجاهها وتجاه دول المنطقة! خذ مثالاً على ذلك الجهل هذا الخازوق الذي أجلست إيران عليه أمريكا وبإرادتها.

شيء طبيعي أن تدرك إيران أنها محصورة بين فكّي كماشة بنظامين سنيين: أفغانستان من الشرق، والعراق من الغرب، يقفان حائلاً أمام طموحاتها في استرجاع إمبراطوريتها ودورها العالمي في التاريخ القديم، تحت لافتة (تصدير الثورة). وأنه في أي لحظة يتفق ضدها الطرفان تكون قد بلغت نهايتها.

حاولت إيران التخلص من النظام العربي القومي بقيادة الرئيس صدام واحتلال العراق معتمدة على النسبة الكبيرة لمواليها من الشيعة فيه؛ فشنت حرباً استمرت ثماني سنين. لكن لم تحصد في النهاية سوى الفشل الذريع. تطور الأمر في خريف 1996 ليكون على رأس السلطة في أفغانستان نظام سني متشدد هو طالبان. لا بد أن تفعل شيئاً وإلا كانت النهاية لحلمها الإمبراطوري الكبير. لكن ماذا تفعل وطاقتها قاصرة عن بلوغ ما تهدف إليه؟ هل تعلم ما فعلت؟!

قررت استخدام أمريكا لتنفذ المهمة بالنيابة عنها! مستغلة جهلها بالشخصية الفارسية.

وبلغ بأمريكا الجهل أن استجابت بسذاجة تحسد عليها للاستدراج الإيراني فأقبلت بحشودها عبر المحيط الأطلسي والبحار المكملة له حتى دخلت أرض العراق لتقاتل هناك بالنيابة عن إيران، وتسقط لها نظام صدام حسين، المهووس بالتاريخ الغائب عن الواقع. واتخذت من أمثاله المصابين بالهوس التاريخي والعمى الواقعي مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري أدواتٍ نفذت بها تفجير برجَي التجارة في نيويورك، الحدث الذي هز العالم ومنح الرئيس المهووس أيضاً جورج بوش الابن العذر أمام شعبه لغزو المنطقة. بادئاً بالعدو الأضعف نظام طالبان ثم ثنى فكان الضحية نظام صدام!

هكذا ضربت إيران العصافير الثلاثة ببعضها وجلست على التل تتفرج دون أن تطلق رصاصة أو تفقد قطرة دم أو تخسر توماناً واحداً! ثم تحوز الحاصل كله لها! ولولا الجهل بالشخصية الإيرانية ومحركاتها النفسية الداخلية ما وقع هذا العدد من (العصافير) في الفخ مرة واحدة، دون أن تغني عن أمريكا مراكز بحوثها ودراساتها وما كانوا يخططون!

دفعت أمريكا لذلك ثمناً باهظاً، ألخصه – إذا اعتمدنا عدد القتلى مقياساً للثمن – بأكثر من (4300) جندي، حسب إحصاءات وزارة الدفاع، وهذا يعني – بإضافة الجنود غير الحائزين على الجنسية الأمريكية– أكثر من (43،000) جندي! وإذا اعتمدنا الخسائر في المال هو المقياس فقد بلغت الخسارة (3000) مليار دولار بتصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب! لكن ما يهمني هنا اعتراف بعض كبار المفكرين والمخططين الأمريكان، ومنهم المفكر الأمريكي الشهير فرنسيس فوكوياما صاحب كتاب (نهاية التاريخ)، وهو من رواد فكر المحافظين الجدد، وكان من أكثر المتحمسين لغزو العراق، بأن احتلال العراق كان خطأً كبيراً. ما يعني أن دراسة وزارة الخارجية التي أخبر أنها استغرقت مدة عام، وغيرها من الدراسات كانت خاطئة، تُهَوِّم بعيداً عن الواقع!

كل هذه الكوارث التي أصابت العراق، ودول المنطقة، وإيران بعد أن انقلب السحر عليها، وأمريكا وحلفاءها في الشرق والغرب إنما بسبب جهل الجميع بالشخصية الفارسية. ولو بدأ فوكوياما وأمثاله، فدرسوا تلك الشخصية وحقيقة الظاهرة (الفارسية)، بما يكفي، ولم يغفلوا هذا الجانب، وهو الأهم، ما كانت أمريكا لعبة بيد إيران! ولجنبت شعوب المنطقة نتيجة جهلها الكارثية.

التيار السني في العراق

شعا لكن (التيار السني في العراق) كان أعلم بكل هذا من الأمريكان وغير الأمريكان. سابقاً الجميع بتشخيص العلة ووصف العلاج المناسب لها بأكثر من ربع قرن! ولذلك أسبابه:

1. اعتمد أولاً على الاستعانة بالله جل جلاله العظيم، والاستنارة بكتابه الكريم.

2. كان أقرب إلى الواقع ومعاناته. كما كان مدركاً بعمق أن (المحلية طريق العالمية).

3. درس الأعماق النفسية للشخصية الجمعية الإيرانية، في ضوء الفقرتين السابقتين.

هكذا اجتمع لـ(التيار السني في العراق) ذلك الثالوث الرباني الذي لا يُهزَم: (الربانية والواقعية والفكر في إطار المعرفة)؛ فكانت القراءة (بِاسْمِ رَبِّكَ) هي المقدمة، والواقع هو الميدان، والمعرفة هي النتيجة.

كان هذا منذ تسعينيات القرن الماضي.

C:\Users\DR\Desktop\شيع.jpg

التشيع عقدة لا عقيدة

طلع من ذلك بحصيلة قيمة عبارة عن كتابين:

الأول: (لا بد من لعن الظلام): تم تأليفه في خريف 2002. وخصص الفصل الأخير منه لدراسة الشخصية الإيرانية.

الثاني: (التشيع عقدة لا عقيدة): وهو عبارة عن بيان ضافٍ وشرحٍ وافٍ لذلك الفصل، شُرع في كتابته عام 2006. وقد خصص كله لهذه الغاية. وخرج بجملة قواعد ومنطلقات وتحليلات صالحة بما يكفي لفهم المحرك الخفي للحركة الظاهرة: الواقعة والمتوقعة من قبل أي جهة شيعية: فارسيةً كانت أم عربيةً، وكيفية التعامل معها بذكاء ودقة. في جو محلي وعالمي يمتاز بالتخبط والاضطراب، يقوم على أساس (التجربة والخطأ) في سبيل تحديد الموقف المناسب تجاه التحدي الشيعي: فكرةً وموقفاً وتصرفاً. وليس على أساس الدراسة والبحث كما يزعمون؛ فوقعوا ضحية الأكاذيب (الفارسية). هذا بعد دفع الإثمان الباهضة في الدم والمال والجهد والزمن!

ومنذ ذلك الحين والعالم في تخبط كتخبط الطفل التائه في حومة الزحام. وغاية ما وصل إليه من صواب لا يعدو ما تم اعتماده  في تقريرات ومنهج (التيار السني في العراق) وفكره الموسوم بـ(الفكر الرابع)،منذ أكثر من ربع قرن!

يتبع لاحقاً إن شاء الله

2021/7/29

 

اظهر المزيد

‫10 تعليقات

  1. جزاك الله خير دكتور
    لم اكن اعلم ان (الفارسيه) ظاهرة اجتماعيه وليست عرقيه ولطالما كنت اتساءل لماذا كل هذا الولاء من قبل الشيعة لايران حتى اطلعت على هذه المقالة.

    1. اهل مكه ادرى بشعابها وانت يادكتور والتيار السني اعرف بالشيعه وعقائدهم وعقدهم وامهم ايران لعنه الله عليها ان شاء الله نهايتهم قادمه على يد الاحواز وباقي القوميات الايرانيين اللهم انتقم منهم ياعزيز يامنتقم يارب

  2. بالضبط اساس الاختلال هو الجهل بعِلل القوم وهذا الجهل الذي يعاد تدويره في كل مرة بافكار قاصرة لا تستوعب الماضي ولا تدرك انها لم تضع يدها ابداً على العلة قادهم إلى سوء التقدير بل وسوء التدبير أيضا..
    والذي جعل الفكر الرابع سابقا عصره .. وينطبق على اصحابه وصف : “قوم قادمون من المستقبل ليأخذوا بيد الحاضر إلى المستقبل” تشخيصه الدقيق للعلة وفهمه لجذور المرض ومعالجة هذا المرض طبقا لرؤية واضحة ومنظار دقيق ..

    *اشارة ذكية وملاحظة دقيقة تلك التي اشرتم فيها الى دور ايران وعلاقته باحداث ١١ سبتمبر .. ولو فقه قومنا خيوط اللعبة ونظروا بهذا المنظار ما اكتوينا بنتائج “١١سبتمبر ” والحرب على الارهاب ..
    سدد الله القول والعمل

  3. ملاحظة مهمة جداً دكتور؛ أن ليس بالضروري ان تكون الفارسية قومية بل هي عقيدة وعُقدة يمكن ان تصيب اي شخص يتعايش معهم فيسلك مسلكهم وينهج منهجهم، ولم تجانب الصوب حين ذكرتَ ان التيار السني هو الوحيد الذي تعامل بتشخيص العلّة ووضع العلاجات الواقعية التي يمكن تحقيقها، (الفرس يُتقنون فن الخداع).

  4. الأمر الذي انتبهت له منذ عام 1996 بعد أن قام مؤسس التيار السُني (الدكتور طه حامد الدليمي ) بتأليف أول كتابين وهما:
    (القرآن وعلي والصحابة) و(قراءة في نهج البلاغة) فقد ضمنهما -وخاصةً الأول- أفكاراً رئيسة وأساسية تحولت كل واحدة منهما إلى مؤلف مستقل بذاته مثل: العصمة وعصمة الأنبياء والخمس والصحابة بين ميزانين وغيرهما، وقد تجلى ذلك مرة أخرى بعد تأليف كتاب (القواعد السديدة) والذي تحول فيما بعد إلى كتاب ضخم هو (المنهج القرآني الفاصل) والذي أنتج منه كتب عديدة.
    خلاصة ما أريد قوله: أن فكر التيار السُني تطور وتقدم وتميز من خلال معاناته في أرض الواقع حتى وصل إلى ما وصل إليه، وليس كمراكز الدراسات والبحوث التي هي مراكز أقرب للمعرفة والعلمية منها للواقعية.

  5. هنا المشكلة حقاً.. بالتشيع عقيدة وبالفارسية ظاهرة اجتماعية قبل ان تكون عرقية وكلاهما مجموعة عُقد..
    بوركت وصحت رؤية التيار السني في العراق سدد الله الخطى 🌹🌹

  6. الشيعة والتشيع وإيران “ثالوث الإرهاب” …

    نفعكم الله ونفع بكم ، حقائق يجهلها الكثير ، كان الله بعونكم وسدد خطاكم.

  7. الفرس يخططون والعرب ينفذون،
    ماجائت هذه ألمعادلةمن فراغ،
    التي أكتشفها المشروع السني بعد قرائه عميقة وواقعيّة حقيقية ،
    حينما صنفهم العدو الأول والاخطر ،
    وققكم ألله ونصره حلمكم، وحفظه أنصاركم

  8. جزاك الله خيرا وحماك من كل سوء أستاذنا الفاضل..
    التحليل الذي بينه عن الثالوث في صنع الإرهاب (الشيعة والتشيع وإيران) هذا تشخيص لاجتماع هذه المواد القذرة المخدرة للجهل لإنتاج الإرهاب..
    ثم بينت العلاج الناجح والناجع التي عجزت عنه عجائر أمريكا وصنوها من المؤسسات البحثية مجتمعة عن الحل بل تهاوت بوحل جهلها بإيران ومكرها.
    هكذا اجتمع لـ(التيار السني في العراق) ذلك الثالوث الرباني الذي لا يُهزَم: (الربانية والواقعية والفكر في إطار المعرفة)؛ فكانت القراءة (بِاسْمِ رَبِّكَ) هي المقدمة، والواقع هو الميدان، والمعرفة هي النتيجة..

  9. الثقافة الفكرية المنهجية الربانية للتيار السنُي هي التي وضعت النقاط على الحروف في بيان معرفة جذور التشيع المتأصله بالعداوة الأبدية مع العرب منذ القدم وخطر على الإسلام عقائدياً وجغرافياً وسياسياً وتاريخياً منذ سنين بجهود وعطاء متواصل …
    جزا الله خيرا شيخنا الفاضل المجدد دكتور طه الدليمي حفظه الله

اترك رداً على محمد الدليمي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى