سياسةمقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

حكاية عبد اللهيان .. وشخصية عبيد إيران

د.طه حامد الدليمي 

 

هو عبد اللهيان؟ أم عبد اللاهيان؟ أم عبد اللاهيين (إذا راعينا قواعد النحو العربي)؟ وهل هو عبد للاهي واحد؟ أم لاهيين؟ أم أكثر؟ ومن هذا اللاهي الذي صار عبداً له هذا المسكين الفارسي الذي يعاني – لا شفاه الله – من عقدة (النقص) أو عقدة (السيد) التي هي تعبير معكوس للعقدة الأصلية المتجذرة، في الشخصية الفارسية منذ 3000 سنة؟

حسين أمير عبد اللهيان هو وزير خارجية إيران، حضر قبل أول أمس مؤتمر بغداد، وعند التقاط الصورة التذكارية للمجتمعين ترك المكان المخصص له في الصف الثاني حيث يقف وزراء الخارجية ومن في مرتبتهم، وتقدم ليقف في الصف الأول مع  رؤساء البلدان ونوابهم، بين نائب رئيس الإمارات محمد بن راشد ورئيس مصر عبد الفتاح السيسي.

كان تصرفاً خارجياً عن اللياقة الدبلوماسية، أثار انتقاداً واسعاً، وتكلم عنه الكثيرون، من عدة جوانب، لكن نادراً ما وجدت أحداً أشار إلى الدافع العميق وراء هذا التصرف.

عقدة النقص أو الدون هي الدافع

تتنازع (الفارسي) عقد تبدو في ظاهرها متناقضة، ولكنها في حقيقتها تنبع من مصدر واحد وتتفاعل فيما بينها بتناسق وتساند. فهو من ناحية يعاني من عقدة الشعور بالنقص، ومن ناحية أخرى يحيط نفسه بمظاهر الفخفخة والكبرياء، ويتصرف بغطرسة واستعلاء. الحقيقة أن هذه من هذه!

يقول د. علي الوردي عن جعفر بن محمد: (ما من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة وجدها في نفسه). وهو قول يصدق في حالات كثيرة. فلقد ذهب بعض الباحثين إلى أن الكبرياء تستعمل أحياناً كستار للتغطية لدى بعض الأفراد؛ فإن الذي يملك مزية حقيقية تميزه عن غيره من الناس لا يحس بحاجة إلى هذا الستار. فهو يدخل بين الناس على طبيعته من غير تكلف أو تكبر أو رياء.

أما الذي يشعر بأنه دون الناس، أو مثلهم على الأقل، فهو يحاول أن يضع بينه وبين الناس حجاباً من الكبرياء؛ لئلا تنكشف حقيقته العادية بينهم. ويلجأ إلى وضع هذا الحجاب في الغالب أولئك الذين صعد بهم القدر إلى مناصب ليسوا هم في الحقيقة أهلاً لها. إنهم مضطرون في مثل هذه الحالة أن يتخذوا لهم سلوكاً خاصاً بهم لكي يتميزوا به عما سواهم من الناس. وبعبارة أخرى: إنهم يخلقون لأنفسهم مظاهر التميز، ويتصنعون بها تصنعاً لكي يعوضوا بذلك عما فقدوه من حقيقة التميز الطبيعي. إن الفوارق الاصطناعية التي يلتزمها الناقصون ويتعصبون لها تشبع فيهم رغبة لا شعورية للتفوق والاستعلاء والتباهي)([1]).

فالاستعلاء والكبرياء إذن ما هو إلا غلاف يحيط به نفسه لستر شعوره بالنقص إزاء الآخرين! وذلك كما فعل إبليس مع آدم عليه السلام حين فضله الله تعالى عليه فـ(أبى واستكبر) و(قال أنا خير منه). وكما فعل اليهود من بعدُ، حين ادعوا انهم (شعب الله المختار) و(قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه).

عقدة الاضطهاد وعلاقتها بعقدة الدونية

ولـ(عقدة الاضطهاد) المغروسة عميقاً في نفسية (الفارسي) علاقة وثيقة بـ(عقدة السيد). يقول د. محمد احمد النابلسي (استاذ الطب النفسي وأمين عام الاتحاد العربي للعلوم النفسية): (ان مشاعر الاضطهاد تشكل عنصر الدعم الأساسي لمشاعر العظمة والتفوق. وهذا ما تثبته الوقائع العيادية- النفسية. حيث يترافق جنون العظمة (البارانويا) دائما مع مشاعر الظلم والاضطهاد. مما يجعل من هذه الأخيرة ضرورية للشعور بالأهمية والعظمة والتفوق)([2]).

وتأمل إطلاق الفرس على أنفسهم اسم (السادة) و(الأحرار) حتى صار هذا الاسم علماً عليهم دون غيرهم من جميع الأمم! فإذا قيل (السادة) أو (الأحرار) لا يعني القائل ولا يفهم السامع  منه سوى (الفرس) لا غير. ومن هنا جاء لقب (السيد) علماً على (رجال الدين)، لا سيما إذا عرفت أن الفرس لا يفرقون بين (رجل الدين) ورجل المُلك، وعلمت أن الدين والملك عندهم محصور في بيت واحد.

احتقار الأمم لا سيما العرب

وظل الفرس يسمون أنفسهم كذلك تعصباً لعنصرهم، واحتقارا لغيرهم من الشعوب لا سيما العرب؛ لأنهم يشعرون تجاههم بـ (عقدة الدون). ومن شواهد ذلك ما روى لنا التاريخ من أن الملك الوحيد الذي مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم من بين الملوك الذين راسلهم النبي بكل عنجهية وكبرياء هو كسرى حتى قال الخبيث (لع): كيف يتجرأ فيذكر اسمه قبل اسمي وهو عبد من عبيدي؟! ثم ماذا فعل بعدها؟ انظر إلى هذا التصرف الذي لا ينم إلا عن عقدة مريضة: أرسل إلى نائبه على اليمن أن ابعث رجلين من قبلك إلى هذا الذي يزعم أنه نبي وليأتياني به مقيداً!

ومن طريف ما يذكر في هذا الصدد أن أحد علماء السنة المعروفين في شيراز على عهد الشاه إسماعيل الصفوي وهو شمس الدين الخفري حين تقدم بين يدي الشاه من أجل امتحانه في سب الخلفاء الثلاثة انبرى يلعنهم لعناً شنيعا فنجى بذلك من الذبح، ولما خرج من عند الشاه عاتبه أصحابه وقالوا له: كيف ارتددت عن دينك ولعنت أئمتك الثلاثة؟! فأجابهم: لأجل هؤلاء الأعراب الثلاثة أقتل أنا مع ما أنا عليه من الفضل والكمال!([3]). انظر كيف عبر عذره عن (عقدته) الكامنة في نفسه – عقدة (السيد) التي هي النظير الجلي لعقدة الدون الخفي!

هل عرفنا الآن السبب الحقيقي وراء تصرف عبد اللهيان، وكل عبد من عبيد إيران؟

وللحكاية بقية.

2021/8/31

 __________________________________

80- خوارق اللاشعور، ص216، د. علي الوردي.

2- لقاء مع مجلة اللواء الإسلامي، طرابلس، مستل من الإنترنيت.

[3]- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، 1/58، الدكتور علي الوردي، مطبعة الإرشاد، بغداد- 1969.

اظهر المزيد

‫11 تعليقات

  1. منذ ان قرأت لكم كتاب التشيع عقدة لا عقيدة ورأيت الطرح العلمي المتزن والتحليل الدقيق لعلل وعقد هذه الشخصية وأنا افهم وادرك جيدا السبب وراء أي تصرف يقدم عليه الفارسي سواء كفرد أو كدولة ..
    بارك ربي قلمك وسدد قولك وعملك 🌷

  2. أسباب كراهيت الفرس للعرب،
    صدرت سلسلة طويلة من الكتب المؤدلجة في المدارس الإيرانية التي تسخر من العقلية العربية وتتهكم على القومية العربية وتغذي هذه المناهج وتنمي الكراهية والحقد للعرب التي أصبحت إرثاً تاريخياً يتوارثه الفرس ويستمر في اللاوعي التاريخي والجمعي عبر الأجيال .

    لقد أكد الإيراني الصفوي الحاقد (صادق زيبا ) حقيقة الحقد الأسود للعرب بقوله : (نحن لم ننس بعد هزيمتنا أمام العرب في القادسية ففي أعماقنا حقد تجاه العرب وكأنه نار تحت الرماد تتحول إلى لهيب كلما سنحت الفرصة)؟هكذا ينقل أحد الكتاب))منقول؟ أما صاحب التيار السني يرى أن العداء المجوسي، ٣،٠٠٠سنة تأريخ وواقع عقدمتراكمه بعضهافوق بعض وبعد التحا ليل أصبحت النتيجة واضحة التشيع عقيددينيه أم عقددينيويه،
    ومنها مزاحمة الوزير الإماراتي والحبل على الجرار

  3. ( الفرس تغذوا جيلاً بعد جيل على هذه الثقافة «كراهية العرب» فقد نما داخلهم وعبر الحقب الطويلة موضوع أو بالأدق مشروع الانتقام من هذا العربي الذي قضى على عرش كسرى الذي هز عرش ومجد الفرس.
    فكسرى بالنسبة للإيرانيين والفرس عموما ليس مجرد «امبراطور» ولكنه رمز تاريخي عظيم وكبير للمجد الفارسي والفخامة الفارسية التي نمت بجانبها عقدة الاستكبار والاستعلاء عندهم وعلى العرب بالذات.
    الرئيس الايراني الحالي حسن روحاني كان في منتصف الثمانينات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الايراني واثناء زيارة وفدٍ من مجلس الامة الكويتي كان من بين اعضائه الدكتور النائب في ذلك الوقت الاستاد عبدالله النفيسي فطلب له روحاني «فالوده» ليحلي بها بعد الغداء ثم سأل النفسي رأيه في هذه الحلاوة فقاله له «طيبة ولذيذة» فعلق روحاني اجل انها مثلكم ايها العرب سهلة الهضم.. فهل عرفتم العقدة المتوارثة في الثقافة الفارسية في كراهية العرب.
    وحتى لا نذهب بعيداً نستل مثالاً ونموذجاً معاصراً لكراهية الفرس للعرب من شاعرهم مصطفى بادكوبه وهو شاعر معاصر قال هذه القصيدة في 2013 في بلدية همدان «يا رب.. يا إله العرب.. ليس عندي مشكلة ان تلقيني في جهنم ولكنني اطلب منك وارجوك ان لا اسمع حرفا واحداً من اللغة العربية في جهنم» فهل نحتاج الى دليلٍ آخر على الكراهية التي توارثها الفارسي المتشدد في عصبويته ضد العرب.
    اذن نحن العرب امام حالة فارسية غريبة التركيب شديدة التعقيد من حيث تتأصل معها عقدة التوسع واطماع الامتداد وعقدة الكراهية التاريخية القديمة للعرب والتي اخذت مع السنين والاعوام اشكالاً للتعبير عن هذه الكراهية التي لم يستطع معها كبار ساستهم وكبار مثقفيهم وكبار قادتهم مداراتها والتستر عليها ولو بـ «التقية» التي يؤمنون بها اسلوبا لأنها تطفح منهم كلما دقت اسماعهم كلمة أو حرف عربي كما ان هذه الكراهية توظف توظيفا كبيراً لخدمة استراتيجيات نظام الملالي في قم وطهران.)عداوة الفرس عداوة ابدية ضد العرب قديماً وحديثاً من عهد كورش قبل الاسلام إلى رستم وكسرى وإلى يومنا هذا الخميني وخامنئي لعنهم الله جميعاً

  4. مقالة مهمة وتحليل دقيق للشخصية الفارسية

    إن الرغبة في السيطرة – من قبل الفرس في قلتهم العددية وتدنيهم الحضاري – على شعوب تفوقهم عددا وحضارة، ولها امتدادات خارجية، هو الذي أنتج عندهم ذلك الشعور العميق بالنقص، والذي ترسخ بمرور الزمن وتراكم المعاناة حتى صار عقدة لا تفارقهم. مثلهم كمثل شخص جاءت به ظروف الحياة ليقود فريقاً من الرجال يفوقونه في تحضرهم وتحصيلهم العلمي وقوتهم ووجاهتهم، فإذا لم يكن متماسكاً نفسياً تولد عنده شعور بالنقص تجاههم. فإذا تكرر الموقف نفسه – بصورة أو بأخرى – نشأت عنده عقدة النقص.

    وبما أن تحقيق رغبة الفارسي في هذه السيطرة بالوسائل الطبيعية غير ممكن، فإن ذلك جعله يجنح دوماً إلـى أساليب ملتوية وحيل غير مألوفة يوازن بها هذا الفرق في التفوق، ويصل بها إلى هدفه من السيطرة.

    لقد ترسخت هذه الأساليب الملتوية والحيل الشاذة على مر الدهور وكر العصور حتى صارت جزءا من شخصيته وسمة أو طابعا يدمغ تلك الشخصية. أي تحولت إلى عقد نفسية متأصلة، ممتدة الجذور عميقاً عميقاً في نفس الفارسي.
    بوركت جهودك شيخنا المجدد

  5. كما أوضحت شيخنا العزيز… وكلنا يعلم أن إيران تفرض نفسها على العرب استكبار و استحقاراً ، يجب التأكيد على أن الصراع العربي – الإيراني ليس وليد اليوم، بل هو موغل في القدم، فقبل بزوغ شمس الإسلام، كان العداء العربي – الفارسي أو ما يسمى «العجمي»، آنذاك، على أشده، وكانت المناوشات بين العرب والفرس حاضرة، وكان الفرس يمثلون مع الروم قطبي القوة في العالم في تلك الفترة، في حين كانت الدولتان العربيتان آنذاك: المناذرة في الحيرة (العراق)، والغساسنة في الشام، تدوران في فلك هذين القطبين، فدولة المناذرة حليفة للفرس، ودولة الغساسنة حليفة للروم، وكان العراق يمثل المركز السياسي والاقتصادي للإمبراطورية الفارسية.

    وسجل عام 609 ميلادية أول صراع مباشر ومسلح بين العرب والفرس شهدته أرض العراق أيام الجاهلية ،،، حكمة بالغة صدع بها أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلا: «ليت بيننا وبين فارس جبلا من نار لا ينفذون إلينا ولا ننفذ اليهم»، وفارس الآن هي ايران وسجلها طويل في المكر والدسائس …

  6. مقالة ترسم الحاله النفسية للفرد الشيعي وسيده الفارسي والعقد التي يعاني منها حيث تتجلى واضحة في الشخصية الشركية الوثنية المجوسية
    (مقالة مصدر من مصادر علم النفس) في انتظار التتمه بوركتم.

  7. بارك الله فيكم أستاذنا الدكتور..
    صار معلوم كما تفضلت بايضاحة وكشفت لثامه عن الشخصية الفارسية الملئية بالعقد النفسية والتي تعبر عن الدونية المتجذرة بجيناتهم فتراهم يتفاخرون بها.. أرأيت شخصا يتفاخر بالديون وينتفخ بها.؟! فهذا هو الفارسي. ولعل المجتمعات المتأثرة بعقد الفرس حتى العربية منها فهي تعتبر اسوء الناس أخلاقاً وقيما وهي عبارة عن حاويات قمامة كل رذيلة..
    ولذا جاءت هذه التحليلات النفسية التي نورتنا بها هي العلة وعلاجها وهذا يغفله ويجعله حهابذة عناتر السياسة وفرسان حمير اغلب المتصدرين للمعرفة والعلوم الدينية الذين تخلفت رواحلهم وبركت برمال التخلف ابلهم حتى زهقت أرواحهم وهم لايدرون بأي وحل يخوضون.

  8. جزاك الله خير دكتور.
    في كل مقال لحظرتك دكتور اثراء لافكار ولمحات لم نستشعرها سابفا
    ففي حديث (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)
    والكبر كما اشرت حظرتك ناتجة من شعور بالنقص، والشعور بالنقص يولد البغض والكراهيه، وهي ليست من صفات اهل الجنة.

  9. لا عجب ولا غرابة من أُناسٍ بنية شخصيتهم على مشاكل نفسية وعُقد متعددة، والمشكلة انَّ هذه العُقد اصبحت متوارثة من الفرس الى من شايعهم من العرب، العربي تلك الشخصية البهيّة اللامعة على جميع الاصعد؛ الا انهم اخذوا الكثير الكثير من صفات الفرس واكبرها هي الشعور بالنقص والدونية وووالخ.

  10. طالما تسألت لماذا يسمون رجل الدين ب (السيد) هل لمكانه الدينيه؟ مع علمي بنحراف فكرهم في جميع المجالات..
    شكرا يادكتور على هذه المقاله المتعمقه بتفسير الشخصيه الفارسي والتي ترد على كل التسأولات
    عقد، ونقص، وكِبر، ودونيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى