مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

سلسلة التحليل النفسي لأهم العقائد والطقوس الشيعية الحلقة الأولى / المهدي المنتظر

د. طه حامد الدليمي

الجذور الفارسية بشهادة الفرس أنفسهم

د. علي شريعتي – لمن لا يعرفه – عالم اجتماع إيراني، أشرطته الصوتية التي كان الشعب الإيراني يتناقلها بشغف أواخر عهد الشاه، تعتبر في نظر البعض أنها مهدت السبيل لنجاح ثورة الخميني. شيعي فارسي قح، يعاني من العقدة الفارسية. له أفكار جريئة في نقد التشيع، لكنها في سياق عملية (الإصلاح من الداخل)، لا أكثر. أود أن أبدأ موضوعي بشهادة له تعزز القول بأن التشيع عقدة قبل أن يكون عقيدة؛ لأنها تمثل اعتراف شيعي وفارسي وعالم اجتماع، يؤديه تجاه نفسه.

يقول د. شريعتي في معرض حديثه عن صعوبة التفريق بين (التشيع الصفوي) و(التشيع العلوي): “المشكل هنا أن المذهبين لهما من حيث الاسم نفس الأصول ونفس الفروع دون اختلاف، وهذا يجعل الفرز والتشخيص أكثر تعقيداً، ذلك أن التشيع الصفوي جاء وأرسى دعائمه على هيكلية مضاهية لهيكلية التشيع العلوي، واستعار نفس القوالب الفكرية والعقائدية لهذا التشيع بعد أن أفرغها من مضمونها ومحتواها الواقعي وركّب عليها نفس أسسه ومبادئه بأسلوب ماكر وهادئ وبالاستعانة بعلماء ذوي خبرة واختصاص، وذلك لكي يتسنى له تمرير هذه العملية على ذقون الناس، وقد نجحوا بالفعل إذ لم ينتبه الناس لعملية التبديل تلك، رغم أنها طالت كل شيء وشملت الله والكتاب والنبي والإمام وسائر الشخصيات البارزة في الدين والتاريخ، لقد تبدل كل شيء من دون أن يشعر أي أحد! وإلى يومنا هذا ما زال الناس غير قادرين على اكتشاف عملية التزوير التي تمت وتم من خلالها تبديل اللب والإبقاء على القشور فقط”! إلى أن يقول: هو تشيع يتعاطى مع كل العقائد النبيلة المشار إليها بشكل مختلف ويحولها إلى أحقاد دفينة وضغائن سياسية وقومية وعداء بين العرب والترك والإيرانيين… وبالتالي عمل على توظيف كل العواطف والعقد الشيعية في سبيل تحقيق أهدافه ومراميه المتمثلة بإقامة الدولة الصفوية)([1]). والآن أدخل في التفصيل:

الجذور النفسية لعقدة المهدي المنتظر

نشأت هذه العقيدة من تفاعل عدة عقد في النفسية الفارسية أولها عقدة النقص، ثم عقدة الاضطهاد وعقدة الحقد، وما يترتب عليها من الحاجة للانتقام والتشفي والثأر والعدوان.

إن عقد النقص تؤدي إلى التعلق بأوهام الخلاص، على يد منقذ سحري، من خارج الذات. يقول اللبناني د. مصطفى حجازي: “تميز مشاعر الدونية بشكل عام موقف الإنسان المقهور من الوجود. فهو يعيش حالة عجز إزاء قوى الطبيعة وغوائلها، وإزاء قوة السلطة على مختلف أشكالها. مصيره معرض لأحداث وتغيرات يطغى عليها طابع الاعتباط أحياناً والمجانبة أحياناً أخرى. يعيش في حالة تهديد دائم لأمنه وصحته وقوته وعياله. يفتقر إلى ذلك الإحساس بالقوة والقدرة على المجابهة الذي يمد الحياة بنوع من العنفوان ويدفع إلى الاحترام والمجابهة. الإنسان المقهور عاجز عن المجابهة. تبدو له الأمور وكأن هناك باستمرار انعداماً في التكافؤ بين قوته وقوة الظواهر التي يتعامل معها. وبالتالي فهو معظم الأحيان يجد نفسه في وضعية المغلوب على أمره، يفتقد الطابع الاقتحامي في السلوك، سرعان ما يتخلى عن المجابهة منسحباً أو مستسلماً أو متجنباً إما طلباً للسلامة وخوفاً من سوء العاقبة، أو يأساً من إمكانية الظفر والتصدي. وبذلك يفقد موقفه العام من الحياة الطابع التغييري الفعال، ويقع في أسلوب التوقع والانتظار، والتلقي الفاتر لما قد يحدث.

ثم هناك انعدام الثقة بالنفس، إذ لا شيء مضمون في وجوده. فقدان الثقة هذا يعمم على كل الآخرين أمثاله. وهكذا يشعر أنه وإياهم لا يستطيعون شيئاً إزاء قهر الطبيعة وقوى المتسلط. ويصل الأمر حد انعدام الثقة بقدرة الجماهير على الفعل والتأثيرح ما يلقي به، وبشكل نكوصي، في الاتكالية على منقذ منتظر بشكل سحري.

صورة هذا المنقذ – عند المقهور – على العكس من صورته عن ذاته. إنه القوي المتمتع بالجبروت، الكفيل بقلب الأمور رأساً على عقب، حامل الخلاص العاجل. ومن البديهي أن هذا الموقف يهيء هذه الجماهير إلى التعلق بالزعيم الفرد، تعلقاً يغري بالتسلط والدكتاتورية تحت شعار إنقاذ الوطن وخلاص الجماهير. إنسان العالَم المتخلف يفتقر نظراً لما يعانيه من مشاعر دونية إلى الإيمان بالجماهير. يحس إحساساً عميقاً بأنه لا يمكن أن يُنتظر شيء يذكر من هذه الجماهير المقهورة على غراره. وإذا كان هناك من خلاص ممكن فهو بالتأكيد لا يأتي، في نظره، عن طريق هذه الجماهير العاجزة”([2]).

نستخلص مما سبق جملة عناصر متفاعلة ومقدمات ونتائج أهمها:

  1. إنسان مقهور يشعر بالقهر والظلم المسلط عليه شعوراً عميقاً.
  2. يعاني من عقدة الشعور بالضعف أو النقص إلى حد فقدان الثقة بالنفس والشعور التام بعجزه عن التغيير من خلال ذاته.
  3. (يُسقط) هذا الإنسان فقدان الثقة بنفسه على الجمهور المقهور، فيشعر أنه وإياهم غير قادرين على التغيير.
  4. وعليه يكون التطلع إلى المنقذ الخارجي هو السبيل الوحيد أمامه للخلاص.
  5. تكون العلاقة مع المنقذ الخارجي سحرية وخيالية، يضفي المقهور فيها عليه صفات أسطورية ينزهه بها عن كل أوجه القصور والعجز التي يشكو منها الإنسان المقهور، ويضعه في مرتبة المثل الأعلى له، وتجعله قادراً على تغيير الأمور بشكل فجائي سحري، ومن دون تدخل المقهور الذي يظل قاعداً ينتظر الخلاص والخير والأمن والهناء على يد ذلك المنقذ الذي سينشق عنه حجاب الغيب!

هكذا يتوهم المصاب بعقدة الشعور بالنقص أو الضعف – دائماً وأبداً، بسبب أو غير سبب – بالاضطهاد والقهر، وأنه إنسان مضطهد مقهور، أو مغبون مغلوب على أمره. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يحس بالعجز عن التغيير من خلال ذاته المجردة أو الجمهور المقهور من أمثاله دون منقذ من خارجه.

يتمثل هذا المنقذ الخارجي في عقيدة الشيعي وتصوره اللاواعي، بالمهدي المنتظر. أما في سلوكه فبالاستعانة بالأجنبي للخلاص من القهر الداخلي. فعقيدة المهدي المنتظر أساسها عقدة نفسية متأصلة عند الفارسي هي عقدة الشعور بالنقص، إضافة إلى عقدة الحقد الدفينة ضد العرب والتي تأججت أخيراً بفعل إزالة العرب لدولة العجم ما جعل هؤلاء يتطلعون باستمرار إلى رجل من آل كسرى يكون على يده تحقيق الخلاص والانتقام.

المهدي المنتظر صورة منعكسة عما في الشخصية الفارسية من عُقَد

في التراث الشيعي روايات كثيرة عن قيام المهدي بمجازر فظيعة ضد العرب عامة والعراقيين خاصة، وأنه يبدأ – أول ما يبدأ بانتقامه – بقريش! ويهدم الكعبة والمسجد النبوي  وغيرهما من المساجد.

بل ورد فيها أنه رجل من آل كسرى! كما جاء على لسان محمد باقر المجلسي الذي روى نقلاً عن ابن عياش في المقتضب بسنده عن النوشجان بن البومردان قال: (لما جلا الفرس عن القادسية، وبلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم وإدالة العرب عليه، وظن أن رستم قد هلك والفرس جميعاً، وجاء مبادر وأخبره بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل، خرج يزدجرد هارباً في أهل بيته ووقف بباب الإيوان، وقال: السلام عليك أيها الإيوان! هأنذا منصرف عنك، وراجع إليك أنا أو رجل من ولدي لم يدنُ زمانه ولا آن أوانه. قال سليمان الديلمي: فدخلت على أبي عبد الله ع فسألته عن ذلك وقلت له: (أو رجل من ولدي) ؟ فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عز وجل السادس من ولدي ، قد ولده يزدجرد فهو ولده)([3]).

وهكذا تجد هذه العقيدة، كغيرها من عقائد التشيع، تبتدئ من عقدة نفسية فارسية، وتنتهي بخدمة أغراض وأهداف الفرس، وما جماهير الشيعة إلا ضحية ساذجة لا تدري إلى أين يسير بها جزارها: إلى حتْف بظلْف؟ أم إلى علَف بشغَف؟!

2022/9/13

___________________________________________

[1]– التشيع العلوي والتشيع الصفوي، ص247و264 الدكتور علي شريعتي.

151- التخلف الاجتماعي، سيكولوجية الإنسان المقهور، ص42-43، د. مصطفى حجازي.

152- بحار الأنوار، 51/163-164.

اظهر المزيد

‫15 تعليقات

  1. لذلك اكتسب العرب جزء كبير من هذه العقد النفسية والثقافة الشيعية التي اثرت وكان اثرها واضحاً و مدمرا في آن واحد النقص و الحقد و الانبطاح للغير و وو..الخ

    لذلك نرا ان مجتمعنا منحط بعد الاحتكاك الثقافي الفارسي واثره الواضح على مجتمعنا و حتى ديننا والخيالات عقده العبودية والانبطاحية اثرت في الناس لا يعلمون الخير فيهم ومنهم لا من اشخاص يدعون انهم فقهاء وانبياء وهم ليست لديهم اي فكرة عن الدين سوا التمثيل به واطاحه الجهله من الناس ولا يعلمون ان في كل عصر صحابه وانا افضل التركيز على نقطة الا وهي (العبودية) و عبادة آله او اسياد من دون الله

    وجزاكم الله خير الجزاء وبارك في جهودكم وجعلنا وثبتنا وإاكم على هذا النهج القويم والقرآن العظيم 🌹🤍

  2. تحليل في غاية الاهمية في بيان هذه العقدة الخبثة
    نسال الله لنا ولكم الثبات وجزيتم خيرا

  3. تحية طيبة دكتور..
    هذا يؤكد ويثبت من خلال دراستكم الميدانية وتحليل الشخصية المريضة للتشيع التي تعاني من عقد جمه مركبه بعضها على بعض ومتشابكةالتي يتبلور منها انسان غير طبيعي مزعزع يشعر بالنقص والظلم والألم
    ويشعر بان العالم كله ضده فهو بحاجة الى منقذ ومخلص ينجيه يملك قدرات خارقة يخالف العقل المنضبط والمنطق

  4. باركَ الله فيكَ د.طه على هذهِ المقاله ألتفاته رائعه تحياتي لك ولأهل التيار السني في العراق 👏🏻🍀

  5. السلام عليكم د.طه حرفيا روعه المقال بارك الله بك وبأهل المشروع وحفظك الله جميعا.

  6. بارك الله فيك دكتور وبوركت جهودك 🌿
    مثل هذه الدراسات والحقائق المدفونة يجب طرحها على أرض الواقع «الواقع الذي نتعايش معهُ الآن»
    التشيع ليس “دين عقائدي” بال عُقد وامراض نفسيه يجب مُعالجتها والتخلص منها.
    متشوقين لباقي مواضيع وحلقات السلسة🌿

  7. عندما صنع الفرس شخصية المهدي وخرافته المزعومة
    ورسخوها في عقول الشيعة وأهل السُنة باحاديث ضعيفة
    جعلوا هذه الشخصية تحمل جميع العقد الفارسية ومن سلاله فارسية وأذا ظهرت تفتك الأمة الإسلامية العربية!!!
    يجب ترك القدسية لشخصية المهدي حتى ينظر أهل السُنة
    لما يجري من حولهم من مكائد فارسية….
    مقالة قيمة…جزاك الله خيرا شيخنا المجدد

  8. التشيع الحالي لن يقف أويتوقف عن التطور النفسي الغلياني على ألانسانية جمعاء والخصوصية للعرب ولاخص من هم أهل السنة من عهد ساساني….
    حي الله د. على هذا الجهد

  9. (ويهدم الكعبة والمسجد النبوي وغيرهما من المساجد!!)
    مهديهم المنتظر أكثر قوة وجبروت حتى من المسيح الدجال الذي لا يدخل مكة والمدينة😅
    ويا لحماقة من يعتقد أن في هؤلاء المجانين عاقلا يمكن أن يصغي إليه!!

  10. التشيع عقد نفسية ورثت عقيدة دينية
    تعطل العقل والدين والحياة
    هذه حقيقة التشيع.
    أما المهدي أكذوب لا أصل لها في ديننا الإسلامي
    (..الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚۚ..).
    لاحاجة لنا بالمهدي ….أن كان هناك مهدي!!!

  11. أن الدين الفارسي مبني على أعمدة العقدة الفارسيةعقدة نقص وغيرها وتهاون بالغيرة هكذا بنو هذا الدين الملعون .
    المهدي القذر هذة الشخصية العجيبة صحاب أكثر حقداً على العرب لانة من حفاد يزدجرد وهو الان أيران الذي حاولة تغلب على عقول بعض الدول العربية ونجحت

    بارك الله في سعيك شخنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى