سياسةمقالاتمقالات أخرى

باسم الكربلائي والمنهج الترضوي

أ. العنود الهلالي

أثار الرادود الشيعي باسم الكربلائي بقصيدته المسيئة للصحابة استياءً واسعاً في العراق. وكانت ردود الفعل الرسمية المنددة والمستنكرة لما ورد في قصيدته على النحو التالي:

نددت لجنة الأوقاف البرلمانية في بيان بـ«أشد العبارات وأقساها ما صدر في أحد المجالس الحسينية على لسان الرادود (باسم الكربلائي) وتجرئه بالتهجم على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتشبيههم بمفردات لا يمكن السكوت عليها لأنها تثير الفتن والنعرات الطائفية بين أبناء البلد الواحد». وأضافت أن «الأمة الإسلامية تواجه أزمات وتحديات كبيرة وما أحوجنا اليوم إلى رصّ الصفوف ونبذ الطائفية وتجنب إثارة الخلافات الطائفية والمذهبية، وكما هو معلوم للقاصي والداني أن هذه الخلافات لا تمس أصول الدين ولا أركانه». وطالبت اللجنة ديوان الوقف الشيعي بـ«تحمل مسؤوليته القانونية والشرعية بالتدخل السريع لإيقاف مثل هذه التجاوزات التي تحدث بين الحين والآخر، والتي تسعى لتكريس الفرقة والانقسام وتعميق هوة الخلافات الطائفية بين المسلمين ومتابعة تلك المجالس وحثهم على الوحدة».

وأصدر ديوان الوقف السني هو الآخر بياناً غاضباً طالب فيه بـ«التحقيق بالقضية وتقديم المتسببين بالإساءة إلى القضاء، وتعميم الفتاوى الشرعية التي تحرم الإساءة لصحابة النبي محمد، وتشديد الرقابة على محتوى القصائد من النواحي الشرعية والقانونية والمجتمعية». وعلق رئيس تحالف «السيادة»، خميس الخنجر، على قصيدة الكربلائي بالقول إن «الأمة لن تسمح لأبواق الفتنة المأجورة أن تعبث بوحدتنا وأخوتنا، ونطالب جميع المؤسسات المختصة بضرب المفتنين». أما الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فقد أصدر بياناً اعتبر فيه أن “التهجم والإساءة للصحابة ستؤدي إلى تفتيت الأمة وأنها فتنة وحركة طائفية قبيحة لا يقبلها أي مسلم مهما كانت طائفته”. وجاء في البيان “نحن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يضم عشرات الآلاف من العلماء وعشرات الجمعيات العلمية.. ندعو جميع المسؤولين حكاماً ومرجعيات في الطائفة الشيعية أن يمنعوا هؤلاء السفهاء من الإساءات القاتلة، التي تفرق الأمة أكثر وأكثر، ولا تساعد على لم الشمل”.

منهج ترضوي انهزامي

المتأمل في ردود الفعل هذه والبيانات الصادرة عن هذه المؤسسات الرسمية التي تمثل السنة؛ يرى بوضوح آثار المنهج الترضوي السائد في الساحة الدعوية السنية وهو (منهج يعتمد أساساً على الابتعاد عن التعرض للباطل، وعن كل ما يزعج أهل الباطل ويثيرهم أو .. ينفرهم، على اعتبار أن بيان الحق كفيل بزوال الباطل)[1].

فالبيانات الصادرة تتودد للطائفة الشيعية بالتذكير بأننا أمة واحدة، ولا يجب أن تفترق، وأن الخلافات بين السنة والشيعة ليست إلا خلافات يسيرة ” لا تمس أصول الدين ولا أركانه” ، وأنه يجب محاسبة هذا الرادود ليس لأنه تجاوز على رموز ديننا بل لأنه يثير الفتنة ويؤجج الطائفية!!

في حين أن ردود الفعل الشيعية على هذا الاستياء السني الناعم كانت صارمة؛ فقد اصطفوا إلى جانب الرادود الكربلائي وراحوا بكل صفاقة يكيلون التهم إلى الأوقاف النيابية والوقف السني الذي طالما صمتوا عمن شتم أهل البيت. مع أن المشكلة هي سب الصحابة وتكفيرهم لا سب أهل البيت!

عن هذه الصفاقة يقول الدكتور طه الدليمي: (إن داء الصفاقة هو الذي يجعل الفارسي لا يتردد من سب الصحابة في وجهك ببرودة أعصاب وجمودة وجه كأنه يترحم عليهم! دون أن يعير لشعورك أدنى اعتبار. حتى إذا أنكرت عليه قال متغيظاً: لماذا تكرهون أهل البيت؟ ولك مني جائزة مجزية إذا تمكنت من حل هذا اللغز الذي يجعل من الدفاع عن الصحابة هجوماً على أهل البيت!!)

معالم المنهج المطلوب في خطاب الشيعة

في كتاب لا بد من لعن الظلام للدكتور طه الدليمي بيان شاف ومقارنة دقيقة بين المنهج الإلهي النبوي، والمنهج الأرضي الترضوي في خطاب الشيعة.

وقد بين في نقاط عدة المعالم التفصيلية للمنهج المطلوب تطبيقه في خطاب الشيعة في ضوء المنهج القرآني. وسأذكر في هذه العجالة ثلاثة معالم ما كان ينبغي للبيانات المنددة بقصيدة الكربلائي أن تخلو منها:

1/ نبرة الاستعلاء الإيمانية:

ففي خطاب القرآن العظيم لأهل الباطل نبرة استعلاء إيمانية واضحة تغرس الثقة في النفس وتجعل المؤمن في منأى عن حمأة الشعور بالنقص الذي هو السبب وراء محاولات الترضية المخجلة المتمثلة في كيل المدائح المجردة للرموز الصالحة عسى أن يعتقد المنتسبون زورا اليهم أننا نحبهم فيرضون عنا أملَ إبليس في الجنة.

2/ إنكار أباطيلهم ومنكراتهم بتفاصيلها صراحة ومواجهة.

3/ اعتماد أسلوب الهجوم : فالقرآن يستعمل أسلوب الهجوم على مرتكزات الخصم كخط ثابت معتمد، ولا يجنح إلى الدفاع إلا في حالات معينة. وهذا هو الذي يهزم الخصم.

ردود من وحي المنهج الترضوي

يقول أحد المستنكرين لفعل الرادود الكربلائي في معرض “تنديده الشديد” لمن يحاول أن يثير الطائفية بوصف الصحابة بـ العصابة :

شكرا باسم الكربلائي !!! .

اشعلها فتنة باسم الكربلائي في الشارع العراقي .. مرددا:

(( شيل اسم الصحابة واكتبهم عصابة)) يظن انه سيوجع بها اهل السنة والجماعة.

#وهنا نقول له .. هل تعلم: ان الله انطقك بفضل صحابة رسول الله رغما عنك .. على خلاف ما تظن، وقد فاتك ان هناك حديثا نبويا شريفا صحيحا يقول به صلى الله عليه وسلم:

(( اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي؟ اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تَعْبُدْ فِي الْأَرْضِ )) -أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الجهاد- يعني: بلسان رسول الله صلوات ربي عليه هؤلاء الصحابة فعلا “#عصابة” .. وهذه “#العصابة” رضوان الله عليهم هي من انجزت وارست ونشرت ورسخت هذا الدين الذي تعيش وتنعم في ظله .. فاسعد بها يامن احزنك وازعجك قول هذا الناعق باسم !! .

تبا للصفاقيين ..

وإلى متى أيها الترضويون .. وإلى متى .. وحتى متى أيها الترضويون!

2022/9/17

___________________________

[1] د. طه حامد الدليمي، كتاب لابد من لعن الظلام

اظهر المزيد

‫15 تعليقات

  1. برأيي لولا الإ سلام و الصحابة الاخيار رضي الله عنهم ،، لما ارتفع هؤلاء الزنادقة الذين يصرخون ليل نهار في حسينيات الدجل و يشركون بالله اما عن الترضويون فهؤلاء اخس والعن منهم ، جزاكم الله خيرا واعلى الله شأنكم و بوحكم
    🇮🇶🤍🇸🇦🌹

  2. بوركتِ ست عنود الهلالي على هذا المقال وعلى هذه الاقتباسات القيمة من كتاب لابد من اهم الظلام للدكتور طه الدليمي .. نلاحظ كيف ان المنهج الترضوي منهج خجول وكيف ان منهج اهل الباطل منهج جريئ وصريح وهدفه واضح لذا للأسف كانت ثمار اهل الباطل ونتائجهم على الواقع افضل من اهل السنة الذين لم يعوا خطر الشيعة ولم يستخدموا المنهج الرباني في مواجهتهم..

  3. بارك الله فيكِ

    نعم لهذه العصابة فضلاً كبيراً علينا لمدداد الدين الاسلامي
    الى ارجاء العالم وبسب العصابة (رضوان الله عليهم) كُسر رأس الفرس في العراق وتم دحرهم …..
    اما الترضويون هم الذين جمدوا العقل السُني بالعبادة وابعدوه عن القضية الحركية وحولوه الى قضية جمود

  4. الرد علي أذناب ايران يتطلب وجود “حِزب سني” يمتلك مكتب ويُصدِر تصاريح رسمية وهُنا تكمن المُشكلة لأن الفِكر السني يحارب فِكرة الأحزاب … الأخ طه قام مشكوراً بتأسيس التيار السني لكنه مازال تيار إفتراضي يفتقر للأعضاء وليس له وجود في وسائل التواصل الإجتماعي فقط.

  5. فعلا ردود باردة لا هدف لها سوى إرضاء الشيعة
    ويكتفون بالقول أنها فتنة رغم حجم الكارثة
    ولم يذكروا فضل الصحابة وتزكيتهم في القرآن الكريم
    ولم يقولوا كيف يعتدى على كتاب الله وتزكيته لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ونعلم جميعنا أن شتم الصحابة والطعن فيهم موجود في كتب الشيعة المعتمده
    لنفرض قال هذا الكلام احد زعماء الغرب أو أحد قساوستهم ماذا تكون ردة فعل الجمهور السُني!!!
    بوركت أناملك وجهودك أستاذة عنود مقالة قيمة

  6. السلام عليكم
    شكرا لك مقال يستحق التأني فعلا.
    شكرا لك قلم يدافع عن النبي و آله وصحبه أمام جيش المشركين المدعين لحب آل البيت وهم بالواقع يحبون آل كسرى المهزوم على يد النبي و خلفائه الراشدين.
    اتمنى لك المزيد من التوفيق
    تقبل تحياتي الصادقة

  7. المنهج الترضوي تربت عليه اجيال عديدة .. ليس من اليسير تغيير هذه التربية
    وهذه البيانات الهزيلة هي أفضل ما لديهم، لا يمكنهم اكثر من هذا حتى لو أرادوا فالفكر الذي تربوا عليها لعقود يجبرهم أن يسلكوا هذا المسلك مع الشيعة ..
    يعني هم الحين يقولون بداخلهم: كثر الله خيرنا استنكرنا وما سكتنا!

  8. دائماً أهل السنة في حال الدفاع وليس الهجوم هذا أسلوبهم سابقاً وحاضرا نفس الفكر والجمود لم يتحركوا خطوة إلى الأمام والسبب لم يهتدوا لمنهج القران أمام مواجهة الباطل.
    في زمن ضعف الإسلام كان القرآن يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيات المحكمات لمواجهة تحديات المشركين بقوة البيان أمامه عقيدتهم الباطله ..
    (فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ)
    ( فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)

  9. جزاك الله خيرا وسددك..
    كلامك في محله وتحليلك واقعي.
    لكن هل الصحابة يمثلون العراق فقط أم أمة الإسلام.؟
    الجاني جرو عراقي بدرع إيراني وحصانة عربية..فمسرح الجريمة في عمان والإقامة في الكويت. والمجنى عليه رموز أمة الإسلام.
    يطالب السني العراقي بالتضحية وقد سحقت حتى عظامه ولم يجد قبرا يواريه ولا ملجأ يؤيه فصار للكلاب طعاماً وللمزابل قمامة واضحى جثة مجهولة الهوية.
    بالامس كنت بقرب مقبرة الكرخ في أحد قصص مقابرها الستين جثة …هذا عنوان هويتها…هذا عنوان الاستدلال عليها..! هؤلاء جهلتهم حتى المشاعر.! لا عين دمعت بحرارة فراقهم ولا وجدان تمعر لأجلهم… حتى راوي الحكاية يقصها لي وكأنه سمر ليل يؤنس المجالس..
    باختصار شديد… هؤلاء من أهل السنة في منطقة الإسكان لم يجدوا درعا للدفاع عن حياض الأمة ورموزها سوى الحفاظ على الهوية السنية..جمعهم الشيعة في سيارة… كوستر..وقتلوهم واحرقوهم بنفس السيارة وتركوهم على مزبلة تاريخ الأمة التي تطالبهم بالتضحة ولم تظرف لأجلهم دمعة أو تذكرهم في كلمة.
    لقد دفنهم الأمريكان ولم يجدوا لهم إسما لضياع معالهم وجهالة هويتهم…فكان عنوان الهوية مقبرة الستين جثة.
    باسم الكربلائي تؤيه إيران وتحميه جرائها وجيرانها..
    ونحن من يؤينا..؟!
    الحمدلله على كل حال..

    1. حياك الله أخي أبو عائشة..
      وما ذكرت حقيقة لا نجادل فيها..رحم الله شهداء السنة الذين يعرفهم الله وإن جهلهم الناس..
      لكنني هنا اتحدث عن المنهج الترضوي الذي لازال السنة يستخدمونه في خطابهم للشيعة، وخطورة هذا المنهج الذي كان من نتائجه هذه البيانات الترضوية الهزيلة..

  10. لولا المنهج الترضوي الانهزامي لما تجرأ أهل الباطل على أهل السُنّة ورموزهم، وكان الأولى أن يدمغ الحق الباطل لا العكس.

  11. اتمنى ان تكون صفعة باسم قد ايقضت من يظن اننا اخوة ومن يظن اننا كذالك عفواً ! اتريد صفعة اخرى؟ الم تكفيك صفعة اعقتال آلاف السُنة واعدام آلاف اخرى ؟ وصفعة تهجيرهم واخراجهم من منازلهم وتجريدهم من الآمن والاستقرار الم تكفيك ؟ كفاك غفلة نحن والشيعة لن ولم نصبح اخوان والى الأبد .
    احسنتي استاذة عنود ابداعك متجدد كالعادة

  12. لاحول ولاقوة الا بالله
    سلمت يداك على هذا الرد الذي يبعث الثقة في النفس ويرسخ الايمان والاستعلاء على المنهج الترضوي الضعيف والخانع وعلى اهل الباطل المتطاولين بغياب اهل الحق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى