مقالاتمقالات أخرى

هذا معاوية الحقيقي! (1)

أ. معاوية الميلب

مضت حقبٌ وحقب، والجمهور السُنّي يترنّح في ثقافته تجاه أحد أعظم قادة المسلمين بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ألا وهو الملك الراشد ومنقذ الخلافة من بين أنياب الفرس الروافض والخوارج وأول مجدد في تاريخ الإسلام، معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-

دعني أولًا أسألك وأتسائل معك:

– هل تعلم من أين أتت الروايات التي أثَّرت في ثقافتنا سلبًا والتي تُسيء لخال المؤمنين والمستأمن على الوحي؟

– هل وجدنا في التاريخ أحداً كتب في معاوية قبل ال 132 هجرية؟

– لماذا يعاني الجمهور السُنّي في العثور على معاوية الحقيقي، ومن وراء الإخفاء القسري لإنجازاته؟

فتعال لأريك معاوية الحقيقي لا معاوية الذي فُرِض عليك.. وفُرِض على كثير من المنابر السنية:

عند الاستقراء نجد أن أكثر الروايات المسيئة لأمير المؤمنين معاوية والأمويين جمعها البلاذري 279، والطبري 310 اللذان أمضيا حياتهما في بغداد، واعتمدا على الروايات التي تُفضِّل عليًا -رضي الله عنه- والعباسيين باعتبار أن الثقافة البغدادية كانت علوية عباسية وأن الصراع يوصَف بأنّه هاشمي أموي في مرحلة، وعباسي أموي في مرحلة أخرى، على أن رواياتهم لا تخلوا من استثناءات معينة.

واستند -البلاذري والطبري- في كثير من رواياتهم على عدة رواة شيعة، منهم -على سبيل المثال لا الحصر-:

– لوط بن يحيى، وهو شيعي محترق طُعن في روايته للحديث، ويقول عنه الذهبي: “إخباري تالف لا يوثق به”.

– سيف بن عمر، قال عنه ابن حبان: “كان يروي الموضوعات عن الأثبات”. كما يقول عنه الحاكم النيسابوري: “اتهم سيف بالزندقة وهو بالرواية ساقط”. ويقول عنه ابن معين: “ضعيف الحديث فليس فيه خير”. وقال ابن أبي حاتم: “متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي”.

– الواقدي، وهو شيعي، ومن المتهمين بالكذب عند علماء الحديث، قال عنه النسائي: “ليس بثقة”، وقال مسلم: “متروك الحديث”. والواقدي له علاقة وطيدة مع البرامكة.

فاتهام علماء الحديث لهؤلاء الرواة تحاصرهم من كل جانب. وهؤلاء هم الذين أسسوا الروايات التي تطعن في معاوية ابتداءً ومن ثَمَّ بقية الأمويين.

فأكثر ما نقرأه في التاريخ عن معاوية هي النصوص التي كتبها البلاذري والطبري ومعاصروهم، ونصوصهم التاريخية لا تخرج في سردها عن الإطار العلوي العباسي والأحقاد الفارسيّة الدفينة.

ونحن نعلم أن كل دولة تأتي عقب دولة أخرى تعمل على تشويه شخوصها وكل إنجازاتها، وهذا الذي عملته الدولة العباسية مع الدولة الأموية ومؤسسها (المستأمن على الوحي) ونخبة قادتها.

فالتاريخ حينها كُتب استجابةً لتوجيه العباسيين. وكانت الثقافة الشعبية المتشيعة هي التي تُملي على المؤرخ انعكاساتها.

وقد نجحت فعليًا (المؤسسة الفارسية العميقة) في تشييع المعارف والثقافة الشعبية في العراق، وجعلها تدور في فلك هذه الروايات التي وضعتها وروجت لها. وساعد تقهقر البحث العلمي عند كثير من المؤرخين السُنّة في نقل كثير من الروايات الموضوعة المضطربة إلى الكتب التي تُصنَّف بأنها سُنيّة؛ لهذا ترنّح السُنّي في ثقافته وعانى الجمهور في العثور على معاوية الحقيقي!

فهذه هي حقيقة من كتب في سيرة معاوية، وإلا فجدوا لنا من كتب فيها قبل تغلُّب العباسيين والدولة الفارسية العميقة!

وللمقالة تتمّة..

اظهر المزيد

‫9 تعليقات

  1. احسنت استاذ معاوية ، أسال الله ان يلعن كل يد كتبت لتدنيس صوره هذا القائد العظيم على عدد لاعنيه الان
    وننتظر منك تتمه المقالة ..

  2. انه لمن العار أن تتلقى أمة العلم تاريخ عظمائها عبر ألد الاقلام عداء
    والله انه لأمر عجيب كيف يسطر تاريخ امة بيد عدوها
    والأعجب ان يستمر التزوير والتدليس لقرون ويحارب كل باحث ومحقق ممن يحسبون على هذه الأمة ????‍♀️

    1. عندما تُفتَقد القضية لا يدرك الإنسان كثير من الأخطار.. حتى تلك التي تهدد وجوده.

  3. تعقب ممتاز لمسألة التاريخ الذي كتب في معاوية رضي الله عنه وعرض واضح يبين لنا ان اغلب ما كتب عن تاريخ معاوية والامويين كتب بأيدي اعداءه لا بأيدي مؤيديه او على الاقل ايدي محايدة!
    لذا من المتوقع جداً ان يكون اغلب التاريخ المكتوب تاريخ مشكوك فيه..
    ربما حسب رأيي من الأخطاء التي وقعت فيها الدولة الاموية انها لم تؤرخ حقبتها مما افسح المجال لمن جاء من بعدهم بأن يكتبوا ما يحلو لهم..
    وهنا يحضرني ما يقوله الدكتور طه الدليمي حفظه الله بأنه اذا اصبح التاريخ غير مفهوم ومشوه فأفضل ما يمكن ان يقوم به الشخص هو تتبع الخطوط العامة والعريضة التي حدثت في تلك الفترة أي ما تم انجازه من منجزات واحداث واضحة ومشهورة مثل الفتوحات والقضاء على الفتن والمنجزات التي ساعدت في استقرار دولة الاسلام وازدهارها والحرص قدر الامكان من العثور على روايات وكتابات بعيدة عن ايدي الشيعة والكذابين والزنادقة ، بهذه الطريقة من الممكن فهم التاريخ بصورة افضل.
    بانتظار التكملة اخي استاذ معاوية بارك الله فيك

  4. المشكلة في العقول ليست في المنقول فقط..
    العقول تقرأ تحت تأثير الاحكام المسبقة التي رسختها الثقافة السائدة المشبعة بالتشيع..
    لذا تجد ان العين عوراء فلا ترى الا ما تريد وتعرض تماما عن اي حديث آخر لا يتوافق مع الافكار التي ترسخت في عقولهم..

    1. يا أستاذة هناك تقييد لخاصية النقد في العقول، ورسّخ هذا التقييد قواعد ما أنزل الله بها من سلطان.

  5. عندما تمكنت الدولة العباسية
    ومكنت معها الفرس وجعلهم
    وزراء مقربين من الحكم
    هنا بدء الطعن في الدولة الأموية
    والاساءة لجميع من حارب الفرس
    والخوارج…بوركت واحسنت أستاذ معاوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى