التشيع وقابلية الاستعمار (1)
عقيدة الإمامة والتقليد
تغرس ثقافة التشيع في معتنقيها (قابلية الاستدبار أو الاستعمار). والسر يكمن في أمور، أهمها – كما ذكرنا في المقالة السابقة – عقيدة (الإمامة) ومبدأ (التقليد).
عقيدة (الإمامة)
إن عقيدة “الإمامة” لا تترك مجالاً عند الشيعي لأن يرى الفرق بين الكافر المعلن بكفره، والمسلم الذي لا يدين بهذه العقيدة: فالكل عند الشيعة في الأصل كفار يحل دمهم ومالهم على حد سواء!! بل إن المسلم عندهم أشر وأولى بالعداء! ليس بسبب ما يفرزه الاحتكاك المباشر من غيرة وحقد وعداوة لا يشعر بها الأقربون تجاه البعيد، فحسب، بل إن هذه العقيدة قد بنوا عليها أحكاماً فقهية قائمة على أن المخالف أكثر سـوءاً، وأغلظ نجاسة، وأولى بالعداء والحرب مـن الكافر الذي لا ينتمي أصلاً إلى الإسلام.
تمثل (الإمامة) في معتقد الشيعة الاثنى عشرية الأصل الأعظم من أصولهم. وهي عندهم أعلى مراتب العبودية – بما فيها النبوة – التي يمكن لبشر أن يرتقي إليها، لا يفوقها في المرتبة سوى مرتبة الربوبية، وهي خاصة بالرب جل وعلا.
وعلى هذا الأساس قالوا بكفر منكرها، وصرحوا بخروجه من ملة الإسلام! بل جعلوه شراً من الكافر الأصلي من كل وجه!
روى الكليني (أصول الكافي 2/409) عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة.
وروى (1/435) عن أبي الحسن (ع) في قوله تعالى: (إن المتقين في ظلال وعيون) (المرسلات:41) أنه قال: نحن والله وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا وسائر الناس منها برآء.
كما روى (2/650) عن أبي عبد الله (ع) وقد سئل: ألقى الذمي ويصافحني؟ أنه قال: امسحها بالتراب وبالحائط. قلت: فالناصب؟ قال اغسلها.
ثقافة هذه جذورها ماذا ترى تخرِّج لنا من أجيال؟!
لهذا لا يكون الشيعي في حرج حين يهدد الوطن أو يحتله الأجنبي؛ إذ لا فرق عنده بين الكافر الخارجي و(الكافر) الداخلي. بل هو يتبرع، ويسعى إلى استقدام المحتل أملاً بالخلاص من الآخر الذي يكرهه إلى حد العقدة.
والملاحظ تاريخياً وواقعياً أن الشيعة – كلما هدد البلاد خطر خارجي، أو سعوا هم إلى استقدامه – يبدأون بإشاعة مقولة خطيرة، ونشرها بين الناس تنص على أن: (الكافر العادل خير من المسلم الجائر). وقد انتشرت هذه المقولة أيام التهديدات الأمريكية قبيل غزو العراق. وحين نقلب صفحات التأريخ نجد أن نصير الدين الطوسي قد أشاع هذه المقولة في أوساط أهل العراق قبيل غزو هولاكو عن طريق رسائله التي كان يرسلها إلى الأمراء، وعن طريق عملائه المنتشرين بين الناس!
وقد لوح نظيره مؤيد الدين ابن العلقمي لشيعة بغداد والعراق بأن خلاصهم من (اضطهاد) أهل السنة ودولة الخلافة السنية سيكون على يد هولاكو. وهكذا جاء التتر كما جاء الأمريكان، وسمي هولاكو بالفاتح والمحرر كما سمي جورج بوش والأمريكان بالاسم نفسه!! للسبب نفسه. وهذا هو سر قتالهم لأهل الإسلام وتركهم لأهل الأوثان والصلبان.
قد يقال: إن كلامك هذا يثير الطائفية، ويقف حائلاً دون الوحدة الوطنية. وجوابي: إن هذا الاعتراض لا قيمة له عندي البتة؛ لأن الأمور ما لم تناقش بصراحة، وما لم يكشف عن الجذور، والدوافع الحقيقية وراء الطائفية، ووراء هذا الانبطاح المتكرر للأجنبي على مدى التأريخ، وتوضع الأسباب الرئيسة على طاولة البحث الصريح فإن دعوات التآلف والوحدة تمسي نوعاً من المجاملات الزائفة، ليست أكثر.
ولست أقول هذا الكلام وأنا مستلق أتثاءب على أريكة في إحدى جزر المحيط ، وإنما أقوله وأنا في وسط غبار المعمعة التي ندفع ثمنها ألواناً متعددة: الدم واحد منها! بسبب أولئك الذين باعوا وطنهم بحكم الدين والعقيدة ثم صاروا عملاء لمن اشتروه منهم بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الطامعين.
التقليد
والعقدة الأخرى التي تغذي العقد كلها، وتنميها وترعاها، هي أن علماء الشيعة إما عجم قلباً وقالباً، أي أصلاً وثقافة. وهم الغالبية المسيطرة. وإما مستعجمون، أي عجم بالثقافة والولاء والانتماء، وإن لم يكونوا – في الأصل – عجماً. وهؤلاء العلماء – العجم والمستعجمون – يقودون الجماهير المخدرة بحقنة (التقليد).
هذه الحقنة السامة التي تصور لـ(رجل الشارع) الشيعي أن الخروج على المرجع هو خروج على الدين نفسه، وأن العمل لا يقبل عند الله من دون تقليد لمرجع معتبر.
و(المرجع المعتبر) في الوقت نفسه يقود تلك الجماهير المقيدة بزمام (التقليد) إلى تنفيذ سياسات مشبوهة تراعي مصلحة إيران وسياساتها قبل النظر في مصلحة الوطن، أو حتى الشيعة أنفسهم! رغم أن هذه الجماهير – في بلادنا – عربية الأصل، عراقية الموطن! ولا زالت تسير على رسم التقاليد العربية التي تأبى عليها الضيم والاستخذاء للأجنبي. لكن المرجع (العجمي) يعمل – بكل حيلة ووسيلة – على تفتيت تلك التقاليد وتذويبها في نهاية الأمر دون أن تعي تلك الجماهير المستغفلة حقيقة ما يجري حولها وباسمها، لأنها معصوبة الأعين ومغيبة الوعي أو مخدرة بسبب تلك الحقنة السحرية الفتاكة: حقنة (التقليد)!.
والسيستاني مع المستعمر الأمريكي مثال واضح على ما أقول. كما كان سلفه كاظم اليزدي، ومن بعده محمد تقي الشيرازي على عهد مستعمر الانجليز.