لماذا وكيف استهدف الشيعة .. قضاء المحمودية جنوبي العاصمة بغداد (1)
المحمودية.. لماذا…؟!!!
سمع العالم في الأيام القليلة الأخيرة عن فضيحة جديدة من فضائح الاحتلال والقوى المرتبطة به.. مقابر جماعية عديدة اكتشفت في مواقع مختلفة في قضاء المحمودية التابع لبغداد، على بعد (25) كم إلى الجنوب منها: البيوت المحيطة بمكاتب الصدر، باحات المساجد، مكبات النفايات…إلخ. والجثث المكتشفة تعود لضحايا من أهل السنة، قتلوا غدراً على يد المليشيات والقوى الأمنية، المدعومة حكومياً وأمريكياً.
والسؤال الذي يرد هنا: لماذا استهدفت المحمودية؟ وما الذي يميزها عن غيرها من مدن العراق؟ لتستحق من الشيعة كل هذه الجهود الإجرامية؟
نظرة واحدة إلى خريطة بغداد تجيب على الجزء الأكبر من السؤال، وما عداه تفاصيل، لا أكثر. تنفتح بغداد من جهاتها الثلاث: الشرقية والشمالية والغربية على محيط سني، تتخلل بعضه جزر شيعية هي عبارة عن أقليات في وسط ذلك المحيط. أما جهتها الجنوبية فتنفتح على المحيط الشيعي متمثلاً بالمحافظات الجنوبية التسع ذات الأغلبية الشيعية من بين محافظات القطر الثماني عشرة. وهذا الانفتاح يمر عبر بوابتين هما: المحمودية الواقعة في الجانب الغربي لنهر دجلة، بأقضيتها الثلاثة: الرشيد واليوسفية من شماليها الشرقي والغربي على التوالي، واللطيفية التي تحيط بها من جنوبيها كاملاً لتنتهي بحدود محافظة بابل (الحلة)، التي تشكل أول مدن المحيط الشيعي، ويقطنها من أهل السنة ما يزيد على ثلث سكانها. يمثلون الامتداد السني الغربي والشمالي باتجاه الجنوب، ويتركزون في مدن الحصوة والإسكندرية وجرف الصخر والمسيب والمحاويل، وناحية جبلة التابعة للمحاويل من جنوبها الغربي، والمحاذية لمحافظة واسط من طرفها الشرقي. التي يسكنها من أهل السنة حوالي الثلث أيضاً. والبوابة الثانية هي قضاء المدائن الواقعة في الجانب الشرقي لنهر دجلة الذي يفصل بينها وبين قضاء المحمودية.
لهذا السبب ركز الشيعة من بداية الاحتلال على هاتين المدينتين؛ لأنهما يمثلان القصبة الهوائية لشيعة بغداد باتجاه رئة الجنوب. ومعبر شيعة الجنوب إلى العاصمة بغداد. وإذا كان المخطط الإيراني، الذي ينفذ بأيد شيعية عراقية وغير عراقية، يهدف إلى الاستيلاء على بغداد وجعلها مدينة شيعية خالصة، أو ذات أغلبية شيعية ساحقة، فإن هذا الهدف لن يتم ما لم يكسر الطوق الأمني المحيط ببغداد، خصوصاً جزأه الجنوبي. (من أجل التواصل مع التكتل الشيعي في الجنوب. وإلا فإن استمرار هذا الطوق القوي على حالته السُنّية يعني أحد أمرين: إما أن يَترك الشيعة بغداد ويذهبوا إلى الجنوب. وهذا يعني نهاية حلمهم في تشييع العراق، ومن ثم الانطلاق إلى دول الجوار. أو أن يكون وجودهم الشيعي داخل بغداد محصوراً من كل الجهات، وكما قال أحد نوابهم: “سيكون شيعة بغداد رهينة بيد الإرهابيين” (يعني السُنّة)؛ ولذلك تم اختيار منطقتي المدائن والمحمودية (وهما من أقضية الجنوب والجنوب الشرقي لبغداد) .. فالمدائن هي البوابة التي يتصل بها شيعة بغداد بمحافظات واسط والعمارة والناصرية، أما المحمودية – وهي الأهم إستراتيجياً بالنسبة لهم – فهي تربطهم بمحافظات بابل وكربلاء والنجف والديوانية والسماوة، وبدأ التخطيط لكسر الطوق السُنّي في هاتين المنطقتين، وموضوعنا هنا هو ما قاموا به في المحمودية)([1]).
مشكلة المحمودية بالنسبة للشيعة أن غالبية سكانها من أهل السنة، وبنسبة قد تصل إلى (90%). في محيط عشائري يكاد يكون سنياً خالصاً، تتصل امتداداتها، وتتعشق بالعشائر السنية في شمالي محافظة الحلة والشمال الغربي لمحافظة الكوت. ولا يتواجد الشيعة بنسبة ملموسة إلا في مركز المدينة. تكلل ذلك بتصويت أهلها لجبهة التوافق السنية بنسبة رسمية هي (85%) في الانتخابات العامة يوم (15/12/2005)! ولا شك أن هذه معضلة كبيرة في وجه المشروع (الإيراني – الشيعي). لا بد من إزالتها، أو معالجتها بحيث لا يعود للوجود السني فيها أي تأثير على المشروع المذكور؛ ومن هنا بدأت حملة (التطهير) و (الإبادة الجماعية) لسكانها من أهل السنة. سبقتها حملة إعلامية تضليلية عن أهل اللطيفية، وغيرها من نواحي القضاء.
إن المحمودية هي أهم منطقة في العراق، في إطار المعركة المصيرية بين المشروع الإيراني الشعوبي، وبين المشروع السني العروبي. هذه الحقيقة أدركها الشيعة من عشرات السنين. ولم نكن قبل الاحتلال سوى قلة من الواعين ندرك حجم المؤامرة التي تحاك ضدها! حاولنا جهدنا أن نرسم بعض الخطط الإستراتيجية لإجهاض المؤامرة، وننبه المسؤولين الحكوميين والعشائريين والدينيين والمتنفذين إلى أن المحمودية تمثل الحزام الأمني الأهم والأخطر للعاصمة بغداد، وقد انكسرت عند أسوارها الجنوبية (الإسكندرية والحصوة) موجة الحركة الغوغائية الشعوبية سنة (1991). وهذا شيء لن ينساه الشيعة. وتكلمنا عن المعطيات الأرضية لتركيز الشيعة على تشييع تلك الأسوار. ولكن لم يسمعنا أحد قط! فاعتمدنا على أنفسنا في أن نخطو خطوات حرصنا بكل طاقتنا وفكرنا أن تؤسس لمشروع كبير، يكون له أثره المستقبلي البعيد، في علاج هذا الوضع الديموغرافي الأمني الخطير. ولكن بعد الاحتلال ابتدأت قصة أخرى. هذه بعض شواهدها:
صور من الواقع عن المحاولات الشيعية المستميتة في تشييع المحمودية
في يوم (23/7/2006) صرح النائب الصدري بهاء الأعرجي، وعلى شاشات الفضائيات أنهم قاموا باعتقال (49) إرهابياً (أي سنياً) في المحمودية، لكن القوات الأمريكية برعونتها قامت بإطلاق سراحهم.
إحدى تلك القنوات قناة الفيحاء الطائفية، وكتبت التصريح الآنف على الشريط الإخباري! كما أظهرت الفضائيات بالصور ما وجدته تلك القوات عند مداهمتها أحد مقرات جيش المهدي من آلات تعذيب، وملابس يرتدونها عند نزولهم إلى الشوارع وممارستهم لمهمتهم اليومية في الهجوم على أهل السنة وخطف أبنائهم.
كانت فضيحة من العيار الثقيل. ولكنها مرت أمام أنظار أهل السنة، وعلى أسماعهم – وكالعادة – مرور الكرام! ولو فعلها واحد منهم لأقام الشيعة الدنيا وأقعدوها، ولم تهدأ ثائرتهم حتى يقدموا الفاعل إلى المحاكمة، ويطردوه من مجلس النواب. هذا على أقل تقدير. ولكن حتى هذا الأقل لم يفعله، ولا ما هو دونه، نواب أهل السنة!
بعد ذلك بأسبوعين، وتحديداً في يوم (7/8/2006) أظهرت الفضائيات فضائحهم من داخل أوكار الخطف والتعذيب التي نشر غسيلها إخوانهم الأمريكان، في حي الثورة (المسمى بالصدر) في مداهمتهم لمقراتهم بعد أن اختلف اللصوص فيما بينهم.
هذا ولم يعد الأمر بحاجة إلى تصريح من جهة مسؤولة فيهم، أو مداهمة أمريكية، أو شهادة شاهد؛ فقد صار (اللعب على المكشوف)! عصابات جيش الدجال تجوب الشوارع منطلقة من مقراتها المعروفة المألوفة (الحسينيات في مقدمتها)، تقتل وتعتقل وتعذب. وتنادي بمكبرات الصوت برحيل أهل السنة من المحمودية. ومن المهازل أنهم كلما أرادوا الهجوم على هدف من الأهداف السنية، يبلغون من خلال الأجهزة الصوتية في الحسينيات، والأجهزة المحمولة: (جهاد…! جهاد…).. أي الهجوم على أهل السنة، وليس على الأمريكان. وصار مألوفاً النداء على تجمعاتهم بأن يتحركوا للهجوم على (الوهابيين والتكفيريين والكفرة الصداميين). كما صار مفضوحاً ماذا يقصدون بهذه الألقاب؛ إذ الواقع خير مفسر لها، بعد أن عجزت الكتب، وتخلى العلماء، والنخبة عن مهمتهم في الفضح والكشف والبيان. فبعد كل نداء يهاجم مسجد، أو حي من أحياء أهل السنة، أو تجمع من تجمعاتهم السكنية.
ومن المهازل التي تضحك الثكلى، نباحهم من مكبرات الحسينيات يطمئنون أصحابهم في المدينة: (جاءكم إخوانكم في مدينة الصدر المقدسة والشعلة المنورة)! ولو رأيت (مدينة الصدر المقدسة الشعلة المنورة) وقذارتهما، وأكوام المزابل التي تقاس بالأطنان، والمياه الآسنة، والحيوانات بجميع أنواعها: السائبة منها والداجنة، وفصائل البشر التي يشبه ولا يشبه بعضها بعضاً، لوليت فراراً وأنت تقول: سبحانك ربي ما خلقت هذا باطلاً !
الشيعة عازمون على (تطهير) المدينة من أهلها
كتبت هذا قبل سنة وثمانية أشهر، والقلب تتقطع نياطه على ما يحل بأهلنا في هذا القضاء الحيوي، الذي يحزم العاصمة بغداد من جنوبيها بحزام ريفي أخضر خلاب. وكتب الخيرون، وتكلم البعض، ولكن لم يسمع أحد. واستعمل البعض الآخر السلاح، ولكن دون جدوى. لقد تخلى الناس عن مدينتنا إلا أقلهم، والحكومة عازمة بقواها الأمنية بمختلف صنوفها، ومليشياتها على اختلاف انتماءاتها. تدعمهم القوات الأمريكية، على جعل المحمودية خالصة للشيعة الذين جاءوها دخلاء في القرن الماضي، دون أن يتحسس من وجودهم سكنتها الأصلاء من أهل السنة والجماعة. والأعمال الإجرامية تجري علناً آناء الليل وأطراف النهار. وتمكن المجرمون من قطع الطريق على أهل السنة، فلا يستطيع أحد منهم دخول السوق، وإلا كان مصيره الخطف والقتل بعد التعذيب الذي تقشعر لسماع هوله الجلود! على أيدي المليشيات الطائفية، أو القوات الحكومية. وفرغ سوق المدينة من أي بائع أو تاجر سني. ليمسي (صافياً دافياً) للشيعة وحدهم دون شريك. وذلك منذ ما يقارب السنتين!
وانتشرت مكاتب الصدر، التي خدع بها عامة أهل السنة أيام انتصارات المقاومة في الفلوجة واللطيفية، وسيطرتها على المحمودية، وكان الصدريون في حالة ضعف ونبذ. فكانت العلاقة بين الطرفين حتى على مستوى المقاومة جيدة. ويكفي أن يعرِّف حامل السلاح الشيعي نفسه بأنه من جيش المهدي، أو مكتب الصدر ليمر آمناً مطمئناً، ولربما مع (حبة عين). حتى إن الزقاوي أصدر بياناً في أيام الود تلك التي لم تدم، وما كان لها أن تدوم طويلاً، يستثني التيار الصدري وجيش المهدي من الاستهداف!
انتشرت المكاتب الصدرية في المدينة وتشعباتها، وكان أشهرها مكتب أحمد اللامي. الذي كان يتهجم صراحة على أهل السنة من مكبرات الصوت في حسينية حي الجزائر وغيرها، ويقول بلا تردد: “يعيرنا أهل السنة بأننا إيرانيون، نعم أنا إيراني، وأتشرف بإيران”! كان هذا القن القميء يتمتع بنفوذ واسع داخل القوات الحكومية، وله أمر لا يرد على آمر اللواء الرابع من الفرقة السادسة – وهو القوة المكلفة بـ(حماية المدينة) – العميد الركن (علي جاسم الفريجي). وإن آمر الفوج الثاني من اللواء العقيد (فوزي كاظم السوداني) يتصرف معه كالعبد مع السيدّ! وفي المحمودية مكتب تابع لوزارة الدولة لشؤون الامن الوطني، مهمته جمع المعلومات عن أهل السنّة وتسليمها مباشرة لمكتبي الصدر، ومكتب بدر في المدينة.
صارت المليشيات تصول وتجول في الأحياء والأسواق، بأسلحتها وثيابها ذات اللون الغرابي المميز، تهجم على من تشاء، وتعتقل وتختطف غادية رائحة من أمام دبابات الأمريكان وناقلاتهم ومقراتهم، بل بإسناد وتشجيع منها، ومن قوى الجيش والشرطة (العراقية)! وصارت أفواج الحثالات البشرية تتقاطر على المدينة من محافظات الجنوب الشيعية كالعمارة والناصرية. وتتموضع في أحيائها ومجمعاتها السكنية.
وافتتحت حملة البرق الأمنية في (آيار/2005) باكورة أعمالها الإجرامية بقيادة مجرم الدريل وزير الداخلية العجمي بيان جبر صولاغ بالهجوم على مركز القضاء وأحيائه وأريافه، واعتقال العشرات من شبابه وشيبه. ومنهم من لم يعثر له على أثر إلى اليوم!
من أمثلة الجريمة
أحد أصدقائي من أهل ناحية اللطيفية. شيعي الانحدار، له سبعة إخوة. اعتقل في هذه الحملة. لكنه تمكن من الإفلات منهم بحيلة لعبها على الأمريكان، متظاهراً بأنه صحفي فأطلقوه بعد حوالي عشرين يوماً. مع مصادرة سيارته على أيدي الحرس الوطني. لكن أخوين من إخوانه اختفيا. أما أحدهما فوجوده مقتولاً في الطب العدلي، وعليه آثار تعذيب بشعة. منها كسر عظام يديه كلتيهما. له ابنا عم شيعيان اختطفا معه، أطلقوا سراحهما بعدما علموا أنهما شيعة. وخرجا ليقصا على مسامع أهله قصة حفلة التعذيب التي أقيمت لابن عمهما. وكيف كانا يسمعان صراخه وهو يستغيث بجلاديه ويصرخ فيهم: “اخوكم.. أخوكم” وهم يهشمون عظامه دون رحمة: “دلنا على أخيك فلان، وصاحبه فلان” حتى لفظ أنفاسه. وأما الآخر فلم يعثر له على أثر. بعدها بمدة اختطف أخواه مع سيارة حمل كبيرة لهما (تريلة) في الطريق إلى حي بغداد الجديدة ذي الغالبية الشيعية. وذهبا، وذهبت السيارة معهما، كما ذهب الحمار بأم عمروٍ فلا رجعت ولا رجع الحمار. وبعد مدة أخرى قتل أخوه الخامس في حادث غير طائفي. وبقي اثنان.. اثنان فقط من سبعة إخوة! لم يجد أهلهما حيلة في الحفاظ عليهما غير تهريبهما إلى منطقة بعيدة آمنة. والثامن هجر ديرته وأهله إلى بلاد أخرى. وخلا البيت الذي كان عامراً بساكنيه، ولم يبق إلا الأم والأب – وهما شيخان كبيران – يدوران بين حجراته الخالية، ويديمان النظر الذاهل نائحين، أو ساكتين في زواياه التي كانت بأحبابها ناطقة آهلة! قال لي يوماً، وقد رأيته بعد هذه المصائب، في أحد أحياء ريف دمشق الفقيرة، يصور لي حزنه وألمه: “خرجت قبل أيام من المسجد بعد صلاة العشاء متجهاً إلى شقتي، فلم أنتبه لنفسي حتى كدت أصل أطراف الحي”! ثم أردف يقول: “هذا حالي أنا خريج كلية الشريعة.. الذي أحفظ كثيراً من القرآن. فما هو حال الذي لا يعرف من القرآن سوى سورة الفاتحة وقل هو الله أحد”؟!!! في إشارة إلى أمه وأبيه. “حزام زلم يا أبو عبد الله! لا واحد ولا اثنان.. سبعة!!! لم يبق منهم أحد في الدار! خمسة تحت التراب، وثلاثة مشردون كل واحد تحت نجمة”!!!
هذه قصة واحدة من قصص.. ومثل واحد من أمثلة! والعدد دخل خانة المئات وتجاوزها إلى الآلاف، التي صارت تعد بالعشرات، إذا أخذنا بالحسبان من هجروا من ديارهم، وأخرجوا من محال رزقهم، وطردوا من وظائفهم، وروعوا واعتقلوا وأفرج عنهم، أو لا زالوا في ظلمات السجون! وغياهب المعتقلات.
وهكذا قضى الشيعة على صوت المقاومة في المحمودية وضواحيها، من أبناء القبائل الأبية، وعلى رأسها الجنابيون والدليم والعبيد والغرير والجبور والسعيد وحمير وقراغول، وباقي العشائر العربية الأصيلة. ولم يعد يطلق على الأمريكان إطلاقة، أو تفجر عليهم عبوة، أو يسمعون دوي الهاونات، وصخب الصواريخ التي ما كانت تهدأ ساعة حتى تثور من جديد. وكان لهذا العمل الغادر الجبان استحقاقه. وقد كان. وهو ما نقلنا صورة مصغرة عنه في السطور القليلة الماضية.
… ولا من مغيث..!!!
قدم السكان عشرات الشكاوى، ووجهت قوى عشائرية وفردية وسياسية عشرات الكتب إلى مكتب نوري المالكي، ووزير الدفاع عبد القادر العبيدي، وغيرهما من المسؤولين. مرفقة بالوقائع والدلائل والصور. وفي (أيلول/2006) جربوا أن يتوجهوا برسائلهم إلى حكومات الدول الإسلامية يحثونهم على التدخل لإيقاف – ما أسموه – عملية ذبحهم من قبل الشيعة. وجاء في الرسالة عن جموع غفيرة من أهل السنة ضرورة التدخل السريع لنجدتهم من عمليات الذبح الجماعية التي يتعرضون لها على مدار الساعة، دون أية عين إعلامية ترصد تلك الجرائم. وأوضح الشيخ عبد الرحمن الغريري أن الحكومة الشيعية تعمل خلال هذه الأيام على إبعاد أهل السنة المحيطين بالمدينة وتهجيرهم إلى مسافة (15) كم عن المدينة من جميع اتجاهاتها؛ لغرض تأمين حماية الزوار الشيعة – حسب ادعائهم – وأضاف الغريري: أن عملية الإجلاء القسري بدأت, حيث تشهد طرق مدينة المحمودية حملات قتل واختطاف وتهجير وتهديد كان آخرها اختطاف (24) سنياً من عشيرة السعيدات والعثور عليهم مقتولين في إحدى مكبات النفايات. مشيراً إلى أن الحملة تشمل عشيرة الغرير والسعيدات والجبور والقراغول السنية. وقال الغريري خلال اجتماع عشائري عقد لهذا الغرض، ضم أكثر من (100) شخصية سنية في المحمودية: إن الحكومة العراقية أرسلت أكثر من (4000) آلاف عنصر من جيش المهدي وفيلق بدر ومغاوير الداخلية إلى منطقتنا خلال الأيام الماضية وهم يهاجموننا بين الحين والآخر, ويستقرون في مجمع القادسية السابق خارج المحمودية[2].
كل هذا جرى، ويجري.. ولكن لم يستجب أحد: فرداً كان أم مؤسسة أم حكومة! ولم نجد لذلك أدنى أثر في إيقاف، أو تخفيف جرائم المسلسل الطائفي في المدينة. ولم نسمع أحداً من الشيعة، وعلى جميع المستويات، رفع صوته بالنكير على هذه الجرائم البشعة، أو سعى – ولو في ظاهر الأمر – في رد مظالم أهل هذه المدينة المنكوبة، كباقي مدن أهل السنة في العراق.
ويختلف السراق فتظهر السرقة
ثم تدور الأيام دورتها وتتكشف الحقيقة على أيدي المجرمين أنفسهم، بعد أن اختلف الحرامية على المسروق فظهرت السرقة. وصارت وسائل الإعلام تنقل صور وأخبار المقابر الجماعية في المحمودية، والجثث بالمئات، والعدد مرشح للمزيد!
الغريب أن المتحدث باسم خطة فرض القانون في بغداد اللواء قاسم عطا خرج أمس (27/4) على قناة الشرقية، في تصريح رسمي يقول فيه: “اكتشفت الجهات المسؤولة (51) جثة مجهولة الهوية في المحمودية، قتل أصحابها على يد الإرهابيين والتكفيريين خلال السنتين الماضيتين”…!!!
___________________________________________________________________________________________