مقالات

التعايش مع الشيعة بين الأحلام المجنحة والحقيقة المرة

imaااs

هذا الموضوع هو آخر فقرة في مقالة كتبتها في محور (الموضوعات الأساسية التي يرتكز عليها منهج المواجهة التغييرية)، بعنوان (بيان خطر الشيعة والتشيع). ولأهمية الموضوع ارتأيت أن أبرزه، وأفرده بمقالة خاصة.

يقول الكثير ممن ألتقيهم، وأشرح لهم رؤيتي عن الشيعة، وتشخيصي لحقيقة مشكلتهم: الشيعة طائفة كبيرة في العراق، ويستحيل علينا أن نلغيهم من الوجود؛ فلا بد من التعايش معهم. وكلامك هذا يلغي هذا الحل – الذي لا حل سواه – من الأساس.

وأقول: المشكلة أن بعض (الحلول) هي في حقيقتها عبارة عن هروب من الحل، أو قفز على المشكلة، ومحاولة حلها بعدم مواجهتها؛ تنصلاً من تحمل تبعات الحل الحقيقي، وتهرباً من دفع ثمنه.

أنا أقول ما قلته تشخيصاً للداء، وتقريراً لواقع موجود. فإن كان ما قلته صحيحاً، فليس ذنباً أن أنطق حقاً، وأقول صدقاً. إنما الذنب ذنب من يتجاهل الحق، ويزعجه الصدق. وإن لم يكن الأمر كذلك فيكن الاعتراض مبنياً على أن ما أقوله غير صحيح. وعندها يأخذ النقاش منحى آخر.

إن هذا الذي أقوله هو الحقيقة عينها. ومما يدل على حقيقته الاعتراض المذكور. وما أقوله لا يلغي مبدأ التعايش. بل هو الذي يوجده ويثبته؛ لأنه يجعله قائماً على ركن ركين، ويبنيه على أساس مكين. لا على الوهم، والمجاملات الزائفة والمداهنات الخاطئة الكاذبة. التي لا يحرص عليها سوى المنتفعين والنفعيين من أهل السياسة، أو الواهمين الحالمين من ذوي القلوب (الطيبة) والعقول الساذجة.

أنا لا أقول هذا لأنني لا أؤمن بالتعايش، أو لا أريده. إنما أريد أن أقول:

إذا كنا مضطرين للتعايش، فلا يعني هذا أننا نقبل به على أية حال. حتى حال الذل والمسكنة والهوان. ولا يلزمنا هذا بدخول الساحة كالعميان، دون أخذ العدة، وتوفير الشروط اللازمة لصحة الأمر وثباته ودوامه.

إن التعايش بين طائفتين كعقد البيع والشراء، أو الزواج بين اثنين: يعد باطلاً وغير ممكن التحقيق ما لم تكن الرغبة والموافقة حاصلة بين الطرفين. وما لم يتسلم كل طرف حقه المنصوص عليه في العقد.

عقيدة (الإمامة) و(التقليد) كعقيدة عند الشيعي – إضافة إلى العقد النفسية التي يعاني منها كعقدة النقص والشك والاضطهاد وغيرها – تمنعه من التعايش مع الآخر؛ لأنها تعدم عنده إرادة ذلك من الأساس، وتجعل فكره محصوراً في كيفية طرده، أو تهميشه والسيطرة عليه. والوضع في العراق اليوم شاهد صارخ على هذه الحقيقة.

في المناطق والدول التي يضعف أو يقل وجود الشيعة فيها، تجد الشيعي يتبع أسلوب التمسكن والتمظلم، طارحاً شعارات الأخوة والحوار والتقارب والتعايش والدين الواحد، وما إلى ذلك. لكنه ما إن يتمكن حتى يتنكر لذلك كله. وإيران – والعراق أيضاً – يشهد على صحة هذه الحقيقة. لقد تنكر الخميني لوعوده لقادة أهل السنة، وجازاهم جزاء سنمار. يكفي أن يعلم أن طهران لا وجود لمسجد سني واحد فيها، مع سبق المنع والإصرار. وكذلك فعل قادة الأحزاب الشيعية في العراق مع أهل السنة، الذين صدقوا وعودهم، ولم يعتبروا بغيرهم.

الشيعي لا رغبة لديه في التعايش، ما لم يكن مضطراً أو ملجأً إلجاءً إليه.

وعلى هذا الأساس لا مهرب لنا – إذا أردنا التعايش مع الشيعة – من امتلاك القوة، وأن نكون نحن الحاكمين؛ لنمنع الشيعة من تدميرنا، وتدمير أنفسهم معنا. يجب علينا أن نكون أرحم بأنفسنا من أن ندعها بأيدي السفهاء يلعبون بها. وأن يعلم السفهاء أننا بذلك نكون أرحم بهم من أنفسهم عليها.

نعم ليس الشيعة كلهم هكذا. ولكن هؤلاء المخالفين قلة غير مؤثرة؛ فلا يمكن أن نعول عليها كثيراً، ولا قليلاً. إلا في الجانب الدعوي، أو محاولة استثمارهم، والأخذ بأيديهم نحو المقاصد الخيرة. دون أن نفرط بأخذ الاحتياط الواجب في امتلاك القوة، التي هي الضمان الوحيد للتعايش المنشود.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى