مقالات

التيار الصدري وجيش المهدي

احذروا التلاعب بالألفاظ

b845bfc35026f85ceac0df8180a3a8cd

من أعظم ما جاء به الإسلام مبدأ العدل المقترن بالرحمة. ومن دون العدل لا تتحقق الرحمة. والله تعالى عدل كما أنه رحيم. وكلاهما من أسمائه الحسنى وصفاته العلا. ومن العدل الجمع بين المتشابه، والتفريق بين المختلف. ومن دونه يقع الظلم، وترتفع الرحمة.

بدأنا نسمع في الأوان الأخير نغمة نشازاً، وسط العديد من الأنغام المماثلة التي تعزفها جوقة العراق الجديد. فبعد أن فضح الله تعالى ما يسمى بـ(التيار الصدري) بقيادة مقتدى الصدر، من خلال الجرائم الكبرى التي ارتكبها (جيش المهدي) التابع له، والتي ما عاد يستطيع أحد أن يتستر عليها، ثم الانتقام الرباني الذي حل به تسليطاً بعضهم على بعض – يخرج بعض المتحذلقين، الذين يحاولون التلاعب بالألفاظ؛ للتوصل إلى نتائج هي ليست أكثر من إخراج الثعلب من الباب، وإدخاله من النافذة لابساً فروة تغطي سوءته! ليقول: “ثمة فرق بين التيار الصدري الوطني، وجيش المهدي. نحن لا نتهم التيار، وإنما نتهم جيش المهدي من خلال التصرفات الخارجة على القانون، التي يرتكبها هذا الجيش”…….!

هذا والكل يعلم أن (جيش المهدي) هو الذراع العسكري الضارب للمؤسسة الدينية والسياسية المسماة بـ(التيار الصدري). ولا يمكن لهذا الجيش أن يتحرك إلا بأوامر التيار الذي يحكمه ويقوده ويوجهه!

أمس على قناة (الجزيرة مباشر) عرض برنامج شارك فيه عدة أشخاص منهم د. أسامة التكريتي المراقب السابق للحزب الإسلامي العراقي، وعضو مجلس النواب الحالي في جبهة التوافق عن الحزب الإسلامي، والشيخ حسن الزركاني وكيل مقتدى ومسؤول العلاقات الخارجية للتيار الصدري في دمشق، وكان يتحدث من طهران. وقد ردد د. أسامة أثناء اللقاء تلك النغمة النشاز، مفرقاً بين (التيار) و(الجيش)! ولا أدري لمصلحة من هذا الكلام الذي لا يعتقده أو يصدقه حتى المتحدث نفسه! بل إن الزركاني استنكر هذا التفريق، ولم يوافق عليه! بل إن مقتدى وعلى قناة الجزيرة قبل أسبوعين صرح بأنه لا يوجد أحد من جيش المهدي خارجاً عليه. سوى قلة قليلة، لم تلبث أن اعتذرت ورجعت!

وما ينكره الزركاني اليوم، قد يعود إليه، ويقره – عندما يحتاج إليه – غداً، متعلماً الدرس من جماعتنا، كما حصل مراراً من قبل. فقد ردد جماعتنا قبل حوالي سنة ونصف نغمة أن الذين يرتكبون الجرائم من جيش المهدي هم الخارجون على أوامر مقتدى. وتلقفها المالكي منهم بعد مدة ليقوم بترديدها، والعزف بها على آلته، كما عزف بها آخرون من الفصيلة نفسها. ولا عجب؛ فقد قيل: إن رجلاً فكر بارتكاب عمل شاذ، يصعب تنفيذه، فاحتال له بطريقة عجيبة. حتى إذا انتهى منه، ورجع إليه عقله انطلق يلوم نفسه، ويستعيذ من الشيطان الذي ورطه. فما كان من الشيطان إلا أن تمثل له بشراً ليقول: والله إن هذا الفعل لم يخطر لي من قبل على بال. فإذا علمته أحداً من بعد فمنك تعلمته؛ فعلام تشتمني؟!

تأملوا هذا الإصرار على الدفاع عن المجرمين، بما لا يحسن المجرمون أن يدافعوا به عن أنفسهم! وتأملوا هذا التقلب! فلقد قالوا أولاً: إن الجرائم إنما يرتكبها الخارجون على أوامر مقتدى من جيش المهدي، أما بقية الجيش فحاشا وكلا! والحمد لله؛ فإن كانت هذه الجرائم من صنع قلة منهم، فكيف لو اشتركوا كلهم بارتكابها؟! حتى إذا تجاوز الزمن هذه الحجة، ولم يعد هناك من إمكانية للدفاع بهذه الطريقة، غيروا النغمة ليقولوا: الجرائم من صنع جيش المهدي، وليس التيار الصدري! ولا أدري ماذا هم غداً قائلون؟! وبأي شيء يومها سيعتذرون؟! بكل ما تحمله كلمة (غد) من معان.

لا يا د. أسامة! إن ما تقوله ظلم؛ لأنك فرقت بين متشابهين، ظلم ترتفع به الرحمة، وتستمر الكارثة، وتشتد الأزمة.

لا يا د. أسامة! أنت أرفع من أن تكون معلماً لهؤلاء الشياطين!

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى