مقالات

ما رأيكم بهذه الأساليب .. المتدنية من الخداع والكذب المعيب ؟

taha(1)

حين نشرت مقالتي (عجم يتمادون وعلمانيون يتصدون فأين الإسلاميون؟)، لفت نظري بعد أيام قليلة من نشرها ورود تعليقات تميزت بالضدية والتحامل، وكثرتها وسرعة تتابعها، واشتداد لهجتها، وتناولها المقالة من أكثر من زاوية، إضافة إلى سوء الألفاظ المستخدمة في أكثرها، ما يعبر عن شخصية كاتبها ومستواه (الإنساني)!

وأقول.. كل هذا متوقع.

نعم.. شعرت بالضيق حين وجدت هذه التعليقات تجهل أو تتجاهل عن عمد أنني كتبت بموضوعية تامة عن الشخص الذي كان سبب كتابة المقال وهو (النائب مثال الآلوسي)، والأشخاص الذين ورد ذكرهم عرضاً بسبب التداعيات التي جرها الكلام. فإنني لم أمدح واحداً منهم إلا من الزاوية التي تناولها القلم، وهي الجرأة والشجاعة في الطرح والخطاب. لم أخالف في هذا المدح المحدد بموضوعه: لا شرعاً ولا عقلاً، ولا عرفاً ولا تقليداً. وكل عاقل عنده نصيب من المعرفة يدرك هذا فلا داعي لجلب الأدلة على هذا التقعيد. بل أستطيع القول إنني ذممت المعني ولم أمدحه، ولو قرأ ما كتبته عنه لاغتاظ منه أشد الغيظ، وبداية المقال واضحة وضوح الشمس في هذا الاتجاه. ولو أنني وجهت الكلام نفسه الذي قلته في مثال إلى الجهة التي يتعصب لها هؤلاء فإني أجزم وأقسم على أنهم سيقلبون المعادلة، ويتهمونني بالتجني عليها ووصفها بما لا يليق. الظاهر أن بعض البشر يعاني من عقدة الجبن الأدبي وضعف التعبير عن النفس، فلا تحتمل أعصابه أن يسمع ولو مثل هذا المدح المقيد في خصومه؛ لأنه يذكره بضعفه، وينخسه بنقصه. ولكنه – إذ يدرك أن مدح الخصم بما فيه خلق عربي وإسلامي رفيع، لا يتهيأ له أن يطعن بصاحبه من خلاله – يضطر إلى مغايرة الحقيقة ومجانبة الحق فيدعي أن القائل مدح المذكور بإطلاق، وعندها يستطيع أن يهاجمه؛ لأنه وضعه في الزاوية التي يمكن من خلالها أن تصيبه سهامه. نعم.. وكل هذا متوقع أيضاً..

شخص واحد بشخصيات متعددة

ولكن الشيء الذي لم أتوقعه، هو أن تكون أغلب هذه التعليقات هي لشخص واحد يكتب بأسماء متعددة!!! يستعمل حاسبتين اثنتين لإرسال تعليقاته (المحترمة). هذا ما أخبرني به المدير العام للموقع، وأثبت لي بالدليل الملموس هذه الحقيقة، وذلك عن طريق شفرة الرسالة المسماة (آي بي IP). أضف إلى ذلك توحد الأسلوب والأخطاء المطبعية واللغة الركيكة.

شارك الشخص المذكور بعشرة أسماء! هي على التوالي حسب ورودها: (ابن بغداد، حميد، أحمد، حيدر، يعقوب، يوسف، حمد عبد الأمير السماوي، عمر الدليمي، بطل المقاومة، هدى). وقد تكون له أسماء أخرى لم نتأكد منها حاليا كما أخبرني الأخ المدير العام. بلغت تعليقاته (15) تعليقاً، كلها في يوم واحد هو (21/9) إلا التعليقين الأخيرين. وإذا نظرنا إلى أن عدد التعليقات المعارضة الأخرى بلغ (7) تعليقات، منها (3) معتدلة، و(4) استعملت فيها ألفاظ نابية، وأن مجموع التعليقات إلى حد اليوم (24/9) هو (45) تعليقاً، نخرج بنتيجة هي أن أكثر من (3/4) ثلاثة أرباع التعليقات السيئة، و (1/3) ثلث المجموع الكلي للتعليقات هي لشخص واحد، سمى نفسه بعشرة أسماء، بعضها أرسل أكثر من تعليق!

نعم.. ولكن ليس هذا هو الأعجب الأعيب في الموضوع..!

فلو كان هذا الشخص يكتب معبراً عن شخصية واحدة، يطرح أفكاراً متعددة، وفي كل مرة يستعمل اسماً لهان الأمر، ولقلنا: كذاب يريد تقوية فكرته بالتخييل وإيهام القراء بكثرة المؤيدين لها. لكنه تقمص أكثر من شخصية ولمرات متعددة. حتى وصل الحال به إلى أن يتقمص شخصية شيعية وبأكثر من اسم!!! وكتب كلاماً وافترى تهماً على لسان هؤلاء لا يخطها من يؤمن بالله وفي شهر الله! وللقارئ أن يرجع إلى التعليقات المرسلة باسم (حيدر وحمد السماوي) ويحكم. ولم يكتف بتقمص شخصيتين: سنية وشيعية، حتى انتحل شخصية ثالثة أنثوية ليكتب باسم امرأة اختار لها اسم (هدى)!!! ولا يخفى على المتأمل ما للاسم من إيحاءات كانت وراء اختياره. ربما كان الأخ لحظتها يجتر من خزين عقله الباطن آثار قراءته لكتاب (ثم اهتديت)، لا سيما وقد اختار اسم (السماوي) تعبيراً عن إحدى شخصياته الشيعية.

وقفة مع هذه التعليقات

ابتدأت التعليقات باسم (ابن بغداد) وهو التعليق الذي يحمل الرقم (26) حسب تسلسل الورود، ثم (حميد) وله تعليقان بينهما فاصل، وبعده أحمد وله تعليقان كذلك أيضاً. ثم في التعليق الرابع تقمص شخصية (حيدر) الشيعي مبتدئاً باللعن المتبع عند الشيعة ليوهم القارئ أنه شيعي صليبة! ثم صار كأي شيعي يتمسكن ويتمظلم. ثم أخذ يدافع عن الشيعة بأنهم غير راضين عن أفعال (الصدر والحكيم)، وهي النغمة التي يعزف عليها اليوم من أوكل إليهم (الدور الوطني) و (العروبي) من الشيعة على قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف). وبلغت به الجرأة أن يزعم أن الاعتداء الطائفي بدأ به السنة ضد الشيعة، وليس العكس! ثم صار يكيل التهم الباطلة ويعظ بالتقوى! وكرر الشيء نفسه باسم (حيدر) مرة أخرى، متقمصاً شخصية العراقي الوطني الذي لا يفرق بين سني وشيعي. لكنه يحرض بالقتل ضد أحد المعلقين وضدي! وتقمص شخصية الشيعي مرة ثالثة باسم (حمد عبد الأمير السماوي) من النجف، وفيها دعاوى وكلام من لا يخاف الله ولا يتقيه مع دعوته إياي للتوبة والتقوى! وهذا يدل على أن هذا الرجل يحمل في نفسه خصومة شخصية لا فكرية؛ فهو يستعمل كل الوسائل لمهاجمة الخصم، المهم أن ينال منه بأي وسيلة، ولو كانت غير شريفة! بعد (حيدر) دخل باسم (يعقوب)، ثم (يوسف) يرد على (أبو بكر العبيدي) ويقول له: (والله أكثر ظني أنت الآن نايم بالأردن وتوزع شعارات ونصائح روح لبغداد وتكلم لنسمعك وهناك نقول نعم تكلم الآن. ولا أظنك تستطيع الذهاب لأنك تجاهد وتقاتل وتقاوم من الأردن حال الشيخ مثلك ناموا وناهضوا المحتل من الخارج). المضحك أن هذا الشخص (نايم بالأردن) وفي عمان تحديداً – حسب ما تأكد لدينا جزماً ذلك من خلال شفرة الرسالة – ويرسل تعليقاته وشعاراته ونصائحه ومواعظه من هناك!!! ثم صار يرسل باسم (عمر الدليمي) ليباعد بينه وبين الربط مع الشيعيين (حيدر وحمد عبد الأمير السماوي)، وهنا صار يتفوه بعبارات سوقية، أتبعها برسالة ثانية بالاسم نفسه سبني فيها بعبارة سوقية جديدة. ثم لم يكتف حتى انتحل اسماً آخر صار فيه (بطل المقاومة) – من الأردن طبعاً – يضع الحلول، ويوزع المواعظ المحايدة، ويرد على الطرفين بأن ما هم فيه ليس هو الحل! مع أنه أسوأ الطرفين رداً. والحمد لله الذي جعله ينطق بها بنفسه، ويرد على مهاتراته بما يبطلها نص إدانة من فمه! لكنه بعدها مباشرة رجع شيعياً حيدرياً يكرر نفسه! ولم تغرب عليه شمس يوم (21/9) حتى انقلب أنثى اسمها (هدى) تمدح (المنبطحين)، وتدعو الآخرين لأن يصيروا (رجالاً)…!!!

في اليوم التالي أرسل تعليقين: أحدهما باسم (عمر الدليمي) مرة ثانية، والآخر باسم (أحمد) مرة أخرى، ختم به تعليقاته مقسماً أنه لن يدخل الموقع مرة أخرى، وأنه سيقوم بالتحذير منه. ونحن نشد على يده ونشجعه على هذا؛ فإنه خير وسيلة دعاية ونشر للموقع.

هل رأيتم مثل هذا الكذب والتلون والتحايل؟! أو مثل هذا السفه والادعاء والتطاول؟! ونحمد الله على أن أمثال هؤلاء هم الذين يعارضون مشروعنا في الحفاظ على بيضة أهل السنة، وتحصينهم أمام الهجمة الشيعية الفارسية. يذكرني هذا بخالي رحمه الله، وهو رجل شبه أمي لا يحسن غير قراءة القرآن، حصل مرة بينه وبين شيعي جدال، فقال له الخال: “قل لي: هل الكيولية شيعة أم سنة”؟ – و(الكيولية) طائفة من الغجر تمتهن الرذيلة والرقص الشعبي – لم يجد الشيعي بداً من الاعتراف بأن الكيولية شيعة. وهنا أنهى خالي النقاش، وقد ضج الحاضرون بالضحك، قائلاً: “الحمد لله الذي جعل الكيولية شيعة، ولم يجعلهم سنة”!.

إلى إخواننا في (الحزب الإسلامي)

الظاهر من قراءة التعليقات أن صاحبها ينتمي إلى (الحزب الإسلامي)، أو هو أحد المتعصبين له. ولا أظن شخصاً بهذا المستوى من مصلحة أي حزب أو جهة الحرص على وجوده بينهم؛ فإن هذا وأمثاله يسيئون إليهم أكثر مما يحسنون. فنتمنى من إخواننا في الحزب المذكور أن ينتبهوا إلى وجود هؤلاء في صفوفهم، وينفوا خبثهم من بينهم، أو يعالجوهم قبل فوات الأوان، لا سيما والحزب اليوم في طور الحكم وقيادة الدولة؛ فيكثر الاندساس فيه من قبل طلاب الدنيا. وعلامتهم التعصب الأعمى للحزب ليظهروا بمظهر الصادقين في الانتماء إليه، تدفعهم إلى هذا التصرف الشاذ عقدة (الدخالة). علماً أننا حينما ننتقد (الحزب الإسلامي) لا ننتقده لأن بيننا وبين أصحابه خصومة، فعلاقتي أنا على المستوى الشخصي بهم كأفراد وأصدقاء راقية وطيبة، وفيهم كثيرون متدينون صادقون، ذوو أخلاق سامية، لم أنقطع عنهم، ونصيحتي لهم دائمة، وإذا كان ثمة انقطاع فهو من الخط الآخر. لكنني أنتقد (جماعة) لنا – نحن كإسلاميين، وكمواطنين سنة انتخبنا قائمتها – عليها حقوق كبيرة وكثيرة قصرت فيها، ولم تؤدها، وهي اليوم في سدة الحكم، وليست مجموعة تعمل في السر منعزلة عن الجمهور، وغير مسؤولة ، كما كانت من قبل يوم كنا ندافع عنها. إننا اليوم – مع كل هذه الحيثيات وغيرها – نجد أنها خذلتنا في يوم نحن بأمس الحاجة والضرورة لنصرتها وموقفها؛ فمن حقنا أن نقول ونتكلم وننتقد، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن لصاحب الحق مقالاً). وأنا – على المستوى الشخصي – عشت زهرة شبابي وسحابة عمري إلى أن شبت معها على طول الخط مناصراً ومؤيداً حتى حسبني الكثيرون منها، وهي تعدنا بأنها تسعى لأن تقيم دولة الإسلام، وترجع لنا عزة الخلافة، وتتهم دولة البعث بأنها علمانية لا تحكم بشرع الله، ثم لما ظهروا على السطح لم يأتونا بشيء يمكن أن يخرج عن دائرة العلمانية. وهكذا انتظرنا (الجبل) سنين وسنين طويلة ومريرة، يتمخض عن ناقة فإذا هو لم يلد لنا سوى قبضة ريح ضاعت مع الريح والضجيج.

ننتقد منهجاً لا أفراداً.. وليس بيننا وبين إخواننا – لا هالله – ثأر شخصي. نعم ننتقد منهجاً لا أفراداً. ومن موقع جمعي لا شخصي.. منهجاً أعظم مبادئه (الحاكمية)، ثم ها هو اليوم رضي بما يسمونه (الإصلاح السياسي)، وتداول السلطة مع الملحدين واللادينيين، باسم (الديمقراطية) الغربية، ويصرح أقطابه بأن مبدأ (الديمقراطية) خيار أبدي لا مرحلي! فأين (الحاكمية)؟! منهجاً أشهر شعاراته (تجنب المشكلة)، مع أنه لولا المشكلة ما كان الحل. منهجاً يغمض الطرف عن الشعوبية أعظم خطر يهدد العراق والأمة، وليس له من حلول تجاهه سوى ارتعاشات (ترضوية) لم تأتنا إلا بالخسران والخيبة. وها هو فضيلة الشيخ القرضاوي يعترف أخيراً بهذه الحقيقة الصارخة في بيانه ضد المتهجمين عليه ممن كان يصفهم بـ(المعتدلين). ونحن صرخنا بها وبأعلى صوتنا – ومن عشرين سنة – مشيرين إلى جهة الخطر، واضعين يدنا على موضع الداء. وهذا واجب لن ننكل عنه بإذن الله؛ لأننا نعتقد أن النكول عنه هزيمة، والسكوت عليه خيانة. لسنا ضدهم ولكننا ضد الشعوبيين، ونحذر من الساكتين والذين يريدون أن يلتقوا مع الباطل في وسط الطريق. فماذا ينقمون منا؟ نعم ستجد في لهجتي حدة أحياناً، قد أتجاوز بها الخطوط الحمراء – والخضراء أيضاً – ولكنها حدة من رجله على الجمر، ويده تطيش تبحث لها عن ماء! فلسنا في واحة غناء، أو روضة فيحاء؛ فليتق الله فينا الآخرون، وليعذرونا إن شاءوا، أو لا يعذرونا..؛ فليس هذا من شأننا، ولسنا عليه حريصين.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى