أبعدوا الدين .. عــن هذه المهزلــــــــــة
في الأسبوع الماضي دعا مقتدى الصدر إلى مظاهرة وصلاة مشتركة في ساحة الفردوس الشهيرة وسط العاصمة بغداد. وفي يوم الجمعة (21/11) – أي قبل يومين – تجمعت الحشود القادمة من حي الثورة، وبقية الأحياء المتخلفة التي ابتليت بها بغداد.
نظرت من خلال شاشة قناة (الشرقية) في ظهيرة ذلك اليوم إلى ذلك الحشد في تلك الساحة. فإذا أنا أرى فيه الوجوه نفسها التي تدافعت إلى المكان نفسه يوم 9/4 تحيي جنود الاحتلال. ورأيت فيهم جموع الغوغاء نفسها التي كانت تتسابق على نهب بغداد وتخريبها وحرقها، وأمام أنظار كاميرات الفضائيات. ورأيتهم في بعقوبة يجترحون الفعل عينه قبل أن تتناخى عليهم العشائر العربية بعد بضع ساعات قليلة وتشتتهم بقوة السلاح ليغسلوا العار عن شرف مدينتهم العريقة. هم هم لم يتغير منهم شيء، الأشخاص والأسماء والأسمال. وعادت إلى مخيلتي صورهم يوم اندفعوا لا يلوون على دين ولا وطن ولا حياء ولا إنسانية ولا خلق بعد التفجير المدبر للمرقد المشؤوم في سامراء.
ها هم اليوم يتناهقون: “إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه”. ابتسمت والسخرية تمرمر فمي.. “قلت: صحيح؛ لأن السلعة لا تباع مرتين في وقت واحد”.
ودققت النظر.. الحمد لله! يظهر أنه ليس بينهم من أحد من أهل السنة. قلت: “لا خوف من التاريخ”. وتباطأت نبضات توجسٍ أثارتها عقدة الدستور.. وعقد أخرى…
انتظرت فترة فقاموا إلى صلاتهم! أين الخطبة التي تسبق صلاة الجمعة؟! المهم.. بعد انقضاء الصلاة نزى على المنصة مجرم القتل الطائفي حازم الأعرجي ليتجشأ هذه العبارة: “لا فرق بين سنة وشيعة”. حقاً لقد هزلت! قال هذا ليقدم الشيخ قتيبة عماش نائب الأمين العام لـ(جماعة علماء العراق)، الذي كان أمام وخطيب (جامع النداء) في مدخل مدينة الشعب ذات الصبغة الشيعية. ثم ألجأه (إخوانه) الشيعة إلى تركه بعد هجمات تكررت على الجامع رغم النداء.
الشيخ قتيبة عماش في أحد مؤتمرات التقريب في طهران آيار/2008 يغط في نوم عميق
ما علينا مما قاله الشيخ من العبارات التقليدية المكرورة عن الأخوة الحميمة بين السنة والشيعة، وأنه لا فرق بين الطائفتين، ووجوب التوحد بينهما…إلخ…إلخ.
أما هذه الجموع الغوغائية…؟ أما هذا المجرم حازم الأعرجي الذي كان يخطب ويصرخ بأعلى صوته فيهم ويقول: “اقتلوا الوهابية.. دم الوهابي أنجس من دم الكلب, قالها محمد صادق الصدر (أبو مقتدى) قبل سبع سنين”. ويلعن من يتلكأ في تنفيذ هذه الدعوة العلنية إلى جريمة يحاكم الإنسان وينال جزاءه على أقل منها بمئات المرات. يوم كان السني (الوهابي بالتعبير الأعرج) يذبح ويطارد في شوارع بغداد كما يطارد أي كلب سائب! الكل ينظر إلى المشهد ولا أحد يقول: لا..! كفى! هذا إنسان.
ثم ها هي عمائم السنة تستجيب لنداء هؤلاء المجرمين وكبيرهم الذي علمهم الإجرام. بدلاً من أن تدعو إلى محاكمتهم!
أي وحدة وأي جماعة نحلم بها مع هؤلاء؟! شيئاً من الحياء! على الأقل غيروا وجوه المجرمين. لربما يمكن أن تقولوا: تلك الجرائم قام بها أناس محسوبون عليهم وجهلة وممن اشتروا. أما أن تدعوا إلى الوحدة ومع رؤوس الإجرام فتباً لها من وحدة! وتعساً لها من جماعة، لم يخولكم أحد بعقدها. وهل الجماعة رخيصة إلى هذه الدرجة؟ ودماء أهل السنة ومساجدهم هينة إلى هذا الحد؟ وهل نحن حريصون على الحياة ولو كانت بهذه الصورة المهينة الذليلة؟ ويكون مثلنا كمثل الذين قال الله تعالى عنهم: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) (البقرة:96). أفهذا هو النداء الذي سمي باسمه (جامع النداء)؟
الحقيقة أني شعرت بالقرف.. وبالخجل من عيون التاريخ. أما الدين………….! نعم! الدين………..!
عذراً.. أي دين تقصد؟!