مقالات

بين هدهد و ….. هد هد

SWWE

وصلتني على بريدي الإلكتروني رسالة من موقع (شقائق النعمان) الألكتروني تدعوني للاطلاع وإبداء رأيي في نقاش دار في منتدى الموقع المذكور حول موضوع مستل من كتابي (لا بد من لعن الظلام) بعنوان (التشيع الذي نرفضه) نشرته الأخت الفاضلة (سمر التميمية).

وأنا إذ أشكر الأخت المشرفة على الموقع، وأحيي همتها، وهمة الأخت (سمر)، وبقية الأخوات الفضليات أواصل كلامي وأقول: وفي الحال نفذت من الروابط المرسلة إلى الهدف المرسوم، لأطلع على محاور النقاش ومضامينه.

لا أخفي عن أخواتي سروري بما اطلعت عليه! وكانت دواعي هذا السرور عديدة: فمن ذكاء في تخير الموضوعات المفيدة، إلى تمكن علمي في الرد والمحاورة، ومن أدب جم في النقاش ورد الفكرة بالفكرة، إلى أدب آخر في التعامل مع الشيوخ والاساتذة دون الوقوع في شرك الصنمية أو التقديس الممنوع. وانشرح صدري كذلك لرد الأخ الفاضل الذي أنا في حيرة من تسميته: هل أسميه (هدهد) كما تشير الأحرف الأجنبية التي رمز بها إلى اسمه (hdhd)؟ فليعذرني إن أسميته بهذا الاسم المعبر؛ فالهدهد هو الرائد الذي جاء قومه بالخبر اليقين.

كان جواب الأخت العزاوية على تعقيب أخي (هدهد) مسدداً، لم أجد فيه ثغرة، وأعجبتني حركتها الرشيقة آخر الرد في تحويل الدفاع إلى هجوم منظم حين ردت على غريمها بضاعته الطيبة قائلة: (واتمنى ان يثبت هو وجوده ويرفدنا برايه وفكره وكتاباته ليتسنى لنا الاستفادة منها). وعبرتُ منه إلى التعقيب الذي يليه وأنا أقول: بنت أبيها!

الأخت الفاضلة ذات الأفكار النيرة (سمر التميمية) عبرت عن رأيها بصراحة وأدب رفيع.

وأما رفيقة الدرب القدمى الأخت آملة البغدادية، فإني أشاركها استغرابها في أول ردها، وأشكرها على أدبها المتزن، وأتفق مع أخي (هدهد) أنه لا بأس بأن يقيِّم التلميذ نتاج شيخه، وأن يستفهم أو يعترض أو يخالف في بعض الأمور الفرعية، كل ذلك ضمن الضوابط، وهو ما قالته الأخت آملة أيضاً. والأمر وسط بين حالة الصنمية والتأليه، وحالة الانفلات والتشويه.

بعدها عرجت على تعقيب أخي الفاضل (هدهد)، والظاهر من رده أنه من أهل العلم وطلابه، جعلنا الله تعالى منهم. وقد كان استجابة كريمة لطلب الأختين (العزاوية والبغدادية) يشكر عليها. وأول ما فعلت معه هو أنني حاولت جاهداً أن أجد في ردود الأخوات عيناً أو أثراً لما أخبر به عنهن بقوله: “أقامت الأخوات الدنيا ولم يقعدنها من باب كيف تطلب منا أن نقيّم كلام الشيخ؟”: فلم أجد عيناً ولا أثراً! ولا قياماً ولا قعوداً، فضلاً عن إقامة أو إقعاد: لا لدنيا ولا لغيرها!

على أنني أوافقه ولا أخالفه في كثير مما قاله في تعقيبه، كالقاعدة التي ذكرها وهي (ما كل حق يقال). ولكن أنظار البشر تختلف في تطبيقاتها، وهو مجال فسيح لا مشاحة فيه، وإذا كان الأمر مقترناً بالمصلحة من عدمها، وبما يناقضها من المفسدة، فكذلك تختلف الأنظار في هذا. فإن كان أخي يتساءل منكراً: “أين المصلحة في نشر ما قاله علماء الشيعة أن عمرا (عمر) (مأبون ينكح في دبره) أو أن علماؤهم (علماءهم) يكفّرون السنة”؟ فله ذلك وهذا رأيه نحترمه، ولكننا نرى المصلحة كل المصلحة في نشره لإيقاظ الأمة النائمة على (ودانها)، وإقامة الجيل المنبطح على بطنه ليستوي على سوقه. وقد فصلت الأسباب الداعية في كتابي المذكور (لا بد من لعن الظلام)، الذي أدعو أخي إلى إعادة قراءته؛ فالظاهر أنه قرأه من مدة طويلة، ربما عند أول ظهوره في سنة (2002). إن كثيراً من الاعتراضات التي وردت في تعقيب الأخ الفاضل عليها أجوبة مفصلة في الكتاب، ولا يحتاج إلا إلى مراجعة سريعة لها ليستعيد الجواب.

غير أني أذكِّر كل قارئ لما نكتب بأننا أصحاب منهج جديد، وكل جديد فيه غرابة تورث صاحبه غربة، وليس ذلك علامة ضعف لزوماً، بل هو علامة قوة في أكثر الأحيان، ولا أنكر أن في بعضه شططاً هو من لوازم حركة التجديد، وأشواك ورودها. ومن إفرازات ردود الفعل المصاحبة التي يفرضها احتباس الصدر أحياناً حين يستشعر المجدد غربته، ويحس أنه يعيش بين قوم لا يفهمونه، أو لا يريدون فهمه أساساً لما اعتادوا عليه من الجمود والركون إلى العوائد. وهي حالات تعتري كل إنسان يمر بحالة مشابهة، فكيف بأصحاب المناهج التجديدية التي من طبيعتها الغرابة، ومن آثارها الغربة؟

أما كلمة (المنهج الترضوي) فهي مصطلح مبتكر استخرجته طبقاً للضوابط اللغوية العلمية، اضطررت إليه لوصف الحالة التي أنا بصدد علاجها، وإلا كيف أتحدث عن حالة مجهولة الاسم؟ والعلماء يقررون أنه (لا مشاحة في الاصطلاح). والابتكار علامة صحة وعافية، وليست عيباً ينتقد. وبطبيعة الحال يسمى صاحب هذا المنهج بـ(الترضوي). وإلا فنحن مستعدون لما يشير به علينا الأخ (هدهد) عن أي اسم آخر أصلح وأوفق. لكنني أقول: ليست المشكلة في الاسم أو إطلاقه، وإنما في انطباقه على المسمى من عدمه. فإن كنا نقر أن ثمة حالة مَرَضية اجتماعية تجعل صاحبها يقف موقف المتخاذل أمام الشيعة، يحاول ترضيتهم بكل حال، فليس هناك من مشكلة في إطلاق وصف (الترضوي) على المنهج المصاحب لهذه الحالة، وعلى أصحابه (الترضويين). وإن لم تكن هناك هذه الحالة فنحن ممتنون مقدماً لأخينا (هدهد)، ونشكره من أعماقنا إن أثبت لنا عدم وجودها، حتى نريح ونستريح. وينسحب هذا الحكم على الوصفين اللذين ذكرهما الأخ الفاضل: (انهزامي، انبطاحي): فإن أصابا هدفهما فلا بأس باستعمالهما، وإن لا فلا.

ولا أدري لماذا جعلت هذه الكلمات أخانا يقفز فوق الحاضر المليء بالشواهد ليتذكر “اتهامات النظام السابق لأهل المساجد..خونجي..وهابي..سلفي” فتكون شواهده من ذلك العهد الماضي الذي لم يعد له من وجود، ولم يغرف من شواهد العهد الحاضر المزدهر بهذه (الاتهامات)؟! مع أنه يكتب باسم مستعار!

أما قوله: “التشيع واحد.. والعراقيون العرب اليوم يتشيعون أكثر من الفرس والواقع يؤكد ذلك” فصحيح. لكن تسمية التشيع المذموم بـ(الفارسي)، وغيره بـ(العربي) صحيحة أيضاً؛ وذلك لاعتبارات ربما خفيت على أخي الفاضل، فكان رأيه الذي لا نصادره ولا نرضى من أحد أن يصادره؛ لأن هذا عدوان منهي عنه، وإنما لنا أن نناقشه فيه ونقول: ما ذكرته من وقائع تاريخية كشواهد للاعتراض لا نراها صالحة لذلك؛ للاعتبارات المشار إليها آنفاً. ولنا مقالة بأربعة أجزاء نشرناها على موقعنا (القادسية) قبل شهرين بعنوان (نحن والفرس من يتجنى على من؟) أرجو من أخي الحبيب اللبيب أن يراجعها في (إرشيف الموقع) فإن فيها جواباً شافياً بإذن الله تعالى. على أن ابن جبير لم يخرج في ثورة شيعية، وإنما خرج مبايعاً لابن الأشعث خليفة على المسلمين. وأما أبو حنيفة فما يقال عنه من تأييد الخارجين على دولة الإسلام في زمانه فمعلومة تاريخية خاطئة يجد تفصيلها في إحد الهوامش في الفصل الأول من الباب الأخير من كتاب (لا بد من لعن الظلام). وحتى أختصر على أخي الجهد أنقل إليه الهامش ذاك بنصه: (قام الدكتور ابراهيم أمين عزيز الجاف بتحقيق الروايات المنسوبة إلى الإمام أبي حنيفة (رحمه الله) المتعلقة بالإفتاء بالخروج على الخلفاء، وأنه كان يناصر الخارجين على الخلافة الإسلامية مثل ابراهيم بن عبدالله بن الحسن، في رسالته (مناهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية) التي نال عنها شهادة الدكتوراه بدرجة امتياز، من مجلس معهد التاريخ العربي في بغداد. وتوصل إلى بطلان نسبتها إلى الإمام أبي حنيفة للأسباب الآتية:

  1. عدم صحة أسانيدها .

2. بطلان متونها. ومن ذلك أن ابراهيم حين خرج في الكوفة في أول رمضان عام 145 هـ كان أبو حنيفة حينها في بغداد منذ ثمانية أشهر تلبية لأمر الخليفة المنصور (رحمه الله) الذي اختاره ضمن اللجنة المؤلفة للإشراف على تخطيط مدينة بغداد وبنائها . بينما تقول الرواية : إن الخليفة المنصور قد أرسل في طلب أبي حنيفة بعد خروج إبراهيم وقتله مباشرة ، فلما وصل بغداد بقي فيها سجيناً خمسة عشر يوماً ثم سقاه السم فمات! في حين أن الثابت تأريخياً أن أبا حنيفة مات بعد مقتل ابراهيم المذكور بخمس سنين أي في عام 150 هـ !

3. تعارضها مع روايات أخرى جيدة الإسناد صادرة عن الإمام أبي حنيفة في وجوب طاعة الخلفاء وعدم جواز مخالفتهم فضلاً عن الخروج عليهم .

4. تعارضها مع القواعد الفقهية التي أقرها أبو حنيفة وعليها إجماع أئمة المذهب الحنفي وبقية الفقهاء في عدم جواز الخروج على السلطان إلا في حالة واحدة هي وقوع الكفر الصريح منه. / الرسالة المذكورة ص 363-368.).

وعلى هذا الأساس أجدد دعوتي لأخي (هدهد) بإعادة قراءة كتابي (لا بد من لعن الظلام) حتى يستعيد بعض معلوماته الضرورية، التي ربما أغنته عن بعض اعتراضاته الواردة في تعقيبه هذا وغيره، أو كلها. ذلك الكتاب الذي يمثل معلماً من معالم المنهجية الجديدة التي نصبنا أنفسنا لإحيائها في نفوس الأمة بإذن الله تعالى.

أخيراً نطمئن الأخ الفاضل أننا لن نصادر رأيه، ولا رأي أحد من الناس من أمثاله أصحاب العلم والأدب الرباني، في النقاش والرد والتعقيب. وليست المخالفة في الرأي مما يناقض هذا التقرير. ولهذا فإنني لن أتردد في أن أختم كلامي بأنني أخالفه تمام المخالفة فيما ختم به كلامه من قوله عن أباطيل الشيعة: “فإن كان ما يفعلونه كفر (كفراً) فحسبنا أن ننصحهم لا أن نستهزئ من أفعالهم وصدق الله القائل لنبيه مبينا اسلوب الدعوة الصحيح مع المعاند الجاهل.. (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قُل لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ). ولست في مقام التفصيل في الرد. ولكن أقول ما قلته وقعدته بالأدلة العلمية الربانية النبوية في كتاب (لا بد من لعن الظلام): إن أصحاب الباطل أصناف منهم المعاند المسرف، ومنهم الجاهل المتكبر، ومنهم الضال المستبصر، ومنهم المجادل بالباطل مضموناً وأسلوباً، ومنهم من يجادل بأدب. ولكل واحد من هؤلاء أسلوب. ثم إن الكلام له مقامات مختلفة: فمقام الجدال غير مقام الدعوة، وهذا غير مقام بيان الفكرة أصلاً. ولكل مقام من هذه المقامات مقال. والآية الكريمة في بيان كيفية التعامل مع صنف واحد من هذه الأصناف، في مقام واحد من المقامات. وللبيان الكامل مواضع أخرى استوعبها القرآن، وأحسب أنني استوفيتها في كتابي المذكور، الذي أود من أخي (هدهد) وبإلحاح أن يقرأه من جديد قراءة جيدة سينتفع بها كثيراً بإذن الله.

أكرر إبداء سروري بالنقاش والمتناقشين أجمعين، وأشكرهم جميعاً على ما أبدوه من رأي ورأي مقابل، وأدعوهم إلى مواصلة هذا العمل الصالح داعياً الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياهم من الصالحين المصلحين. والحمد لله رب العالمين.

د. طه حامد الدليمي

المشرف العام على موقع القادسية

من ردود الهدهد ( كما وردت دون تصحيح )

بسم الله..

تحيتي وثنائي للعاملين في هذا المنتدى ..

لدي ملاحظات أرجو من الله أن ينتفع بها قارئها..

1 بالنسبة لمنتدى قيد الانشاء أرى ان اثارة هذا الموضوع وبهذا التعميم (الشيعة) غير صحيح..

2 هذا التعميم الذي اشير اليه هو نصف الشعب العراقي رضينا أم لم نرض..

3 من قال ان الشيعة كلهم راضون عن وجود المحتل فهناك التيار الخالصي وتيار البغدادي وجمهرة عظيمة من الشيعة غير راضين ..

4 وبالمقابل هنالك جمهورا عظيما من اهل السنة مرحبون بوجود المحتل كالحزب الاسلامي (الذي يكاد يكون الواجهة لاهل السنة في الخارج) ولا أريد أن أن أذكر القراء بما قاله أبو ريشة لبوش ((احنة بجالكم))واذا كان هذا القول والرأي لا يمثل السنة فالعكس بالعكس..

5 كفانا طرقا على موضوع أثبتت الايام أنه يفرقنا ويهلكنا بصرف النظر عمن نحن سنةاو شيعة ولنتق الله أن نورّث ابناءنا حقدا عانينا منه الأمرّين..

وأخيرا وليس آخرا ..أسأل الله السميع المجيب أن يوفقكم لجمع االكلمة ..

أختنا العزيزة ..

السلام عليكم..

لا أريد سجالا أو جدالاً يضيع فيه الحق ،أنا أقرّ أن ما قلتيه صحيح بل وكل ما يقال .. ولكن ماذا نفعل حيال أناس نحن ملزمون بالعيش معهم … ولا أقول الرضى ولكن التأقلم مع وجودهم وصدق رسول الله (اللهم إني أعوذ من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحوّل). ولا أزال أقول عسى الله أن يهدي أجيالهم القادمة الى جادة الصواب ، فقد حكم سلفهم الفاطميون مصر قرونا عديدة حتى كادوا أن يحوّلوها دولة رافضية ولكن تصدّت لهم مشيئة الله وعادت مصر الى أهلها ، وأعيد… صدق رسول الله (عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله) .. وشكرا للإهتمام..

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى