تم اليوم (9/7/2009) إطلاق سراح الجواسيس الإيرانيين الخمسة الذين اعتقلهم الأمريكان في أربيل في يناير (كانون الثاني)/2007، وبحوزتهم مخططات خطيرة لإحداث فتنة طائفية كبيرة، وتطهير بغداد من أهل السنة.
أعلن الأمريكان أن هذا الإطلاق جاء في إطار تسليم الملف الأمني للحكومة العراقية، أي إن الحكومة هي التي أطلقت سراحهم، كما أطلقت قبل أيام المجرم عبد الهادي الدراجي، الذي اعتقله الأمريكان في الفترة نفسها، بعد تسليمه إلى الحكومة. وعبد الهادي هذا هو مفتي جيش المهدي الذي كان يدير عمليات قتل أهل السنة في الرصافة. وكان مخترقاً لهيئة علماء المسلمين، ويحضر في مقرها في جامع أم القرى الاجتماع الأسبوعي حسب ما أخبرتني بعض المصادر المطلعة.
يذكرني هذا بإبراهيم جعفري حين تولى رئاسة الوزارة فكان أول أمر أصدره هو إطلاق سراح (400) معتقل إيراني في الحلة.
أما قصة هؤلاء الخمسة فملخصها: أن القوات الأمريكية اعتقلت يوم (11/1/2007) من مبنى القنصلية الإيرانية في أربيل خمسة ضباط في جهاز المخابرات الإيرانية (اطلاعات)، وبحوزتهم وثائق استخبارية خطيرة، تتضمن خطة متكاملة أعدت في إيران، لتهجير أهل السنة من بغداد. أما أدوات تنفيذها فهي مليشيات المهدي التابعة لمقتدى، ومليشيات بدر التابعة لعبد العزيز الحكيم. وتناقلت وسائل الإعلام هذا الخبر. ومنه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية([1]).
اعتقالات مشابهة كثيرة
وفي تلك الفترة جرت اعتقالات متتالية لعناصر مخابراتية إيرانية من قبل الأمريكان. منها:
جرى توقيف خمسة من كبار ضباط الاستخبارات الإيرانيين في بغداد في (20/12/2006) يعملون تحت غطاء سياسي؛ بغية التأثير على الحكومة العراقية الموالية للاحتلال ووضع البدائل حال إخفاقها. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في (4/1/2007) عن مسؤول بريطاني – لم يفصح عن هويته – قوله: إن ضباط المخابرات الإيرانيين كانوا يحضرون اجتماعًا مهمًا جدًا. وذكر مسؤولون بريطانيون في العراق أن الإيرانيين كانوا يعتزمون عقد اجتماع على مستوى عالٍ مع ممثلي عدد من الفصائل الشيعية في العراق، وأن المناقشات تناولت ما إذا كانت حكومة (نوري المالكي) ستنجح ومن يجب أن يشغل مناصب وزارية في حال فشلها. ويعد هذا هو الحادث الثاني الذي يتم الكشف عنه في شهر واحد، حيث أوقفت قوات الاحتلال الأمريكية في (21) من ديسمبر الماضي عشرة إيرانيين للاشتباه في قيامهم بتهريب أسلحة؛ بعد أن عثرت بحوزتهم على وثائق وخرائط وصور وأفلام فيديو في عملية مداهمة لمركز تابع لزعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (الشيعي) في العراق “عبد العزيز الحكيم”؛ بناء على معلومات استخباراتية على حد قول المتحدث باسم القوات الأمريكية “وليام كولدويل”. وكان الأشخاص العشرة هؤلاء مرتبطين “بنشاطات غير مشروعة” والتي تستهدف في أغلب الأحيان سنة العراق، وذلك بعد يوم واحد من توقيف ثلاثة دبلوماسيين إيرانيين ثم الإفراج عنهم. وتلح واشنطن على بغداد حاليًا للإعلان بأن الإيرانيين الذين تم توقيفهم “أشخاص غير مرغوب فيهم”؛ لمنع عودتهم إلى العراق. لكن السلطات العراقية خالفت ذلك معربة عن استيائها لتوقيف الإيرانيين، موضحة أن وجودهم يأتي في إطار التعاون الأمني بين طهران وبغداد([2])!
كما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية, أن القوات الأمريكية عثرت أثناء هجوم على مقر مسؤول إيراني في بغداد, على خرائط لأحياء في العاصمة، في خطة تستهدف تهجير السنّة من بغداد. ونقلت الصحيفة عن وزيرة الخارجية الأمريكية “كوندوليزا رايس” قولها: إن العمليات الامريكية الأخيرة في العراق ضد مصالح إيرانية, جاءت بأمر من الرئيس جورج بوش أصدره قبل عدة أشهر ويقضي بشن هجوم واسع النطاق على مثل هذه المصالح في العراق. وأضافت رايس قائلة: إن الرئيس اتخذ هذا القرار بعد فترة لوحظ خلالها زيادة في نشاط الإيرانيين في العراق، وزيادة في عدد القتلى ناتجة عن هذا النشاط.
وكانت قوات الاحتلال تغض الطرف عن هذه العمليات طوال الفترة الماضية, فيما يرى بعض المحللين أن خلافات في المصالح بين طهران وواشنطن أدت لحملة المداهمات الأخيرة. وجاءت تعليقات “رايس” بعد احتجاجات من الحكومة الروسية على اعتقال مسؤولين إيرانيين في مدينة “أربيل” شمال العراق([3]).
الطريف في الخبر الوارد في مفتتح حديثنا أن الحكومة العراقية استقبلت الجواسيس الإيرانيين واعتذرت لهم!
فهنيئاً للعراق الجديد بحكومته الوطنية الإيرانية الجديدة!
_______________________________________________________________________________
- 1- موقع وكالة حق ، 13/1/2007 . ↑
- 2- موقع المختصر الإخباري ، 17/12/1427 ، 6/1/2007 . ↑
- 2- موقع المختصر ، 15/1/2007 , يراجع كتاب (غربان الخراب في وادي الرافدين)، للدكتور طه حامد الدليمي. ↑