جريمة أم ثقافة ؟ ذلك الذي يحصل في السجون العراقية اليوم ..!!!
عَنْونة الأشياء وتسميتها ليس شيئاً هامشياً، أو فرعياً يمكن التخيير بين إهماله وذكره. العنوان أو الاسم يعبر عن حقيقة المسمى، ويستلزم استحقاقات تتعلق به وبغيره تتناسب وتلك الحقيقة التي يحملها الاسم.
ما هي مشكلة الخوارج مثلاً؟ لقد نقلوا الكبائر من عنوان (الفسق) إلى عنوان (الكفر)؛ فترتب على هذا التغيير كوارث تدفع الأمة ضريبتها فرقة ودماً ودماراً إلى اليوم!
وفي الجاهلية الحديثة شرقاً وغرباً يسمون الزنا (خيانة زوجية)، والربا (فائدة بنكية)… وهكذا.
وفي الحديث عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)([1]). وقد بوَّب البخاري في صحيحه: (باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه). وجاءت رواية بلفظ: (يأتي على الناس زمان يستحل فيه خمسة أشياء بخمسة أشياء: يستحلون الخمر بأسماء يسمونها بها، والسحت بالهدية، والقتل بالرهبة، والزنى بالنكاح، والربا بالبيع)([2]).
وفي أدب القضاء تصنف الجريمة حسب نوعها ودرجتها إلى أصناف، لكل صنف منها اسمه أو عنوانه عقوبته: فمن الجرائم ما يسمى (جنحة)، ومنها ما يسمى (جناية)، ومنها (خيانة عظمى)… وهكذا.
إذن تسمية الأشياء باسمائها مسألة مهمة وخطيرة، شرعاً وعقلاً، وعلماً وتطبيقاً.
المعتقلات العراقية وجرائم الاغتصاب
حينما كشفت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز الأميركية) قبل حوالي ثلاثة أسابيع في تقرير أعده مدير مكتبها في بغداد أن قوة خاصة تابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي تدير سجناً سرياً في بغداد يحتجز فيه (431) معتقلاً من أهل نينوى، تطور الخبر، وتدخلت جهات حقوقية محلية وعالمية، لتكشف عن فنون من التعذيب يتعرض لها هؤلاء المعتقلون، وغيرهم في السجون السرية الأخرى والعلنية. ومن هذه الفنون الاغتصاب الدوري للمعتقل من قبل الشرطة ورجال إدارة المعتقلات! وتكشف للعالم أن هذه الممارسة ليست حالات فردية ترتكب في الخفاء، وإنما باتت تشكل ظاهرة اعتيادية في سجون الحكومة العراقية الحالية.
الشيء نفسه تكشفت عنه سوءة السجون الإيرانية، لا سيما بعد الأزمة الكبيرة عقب إعادة انتخاب محمود نجاد لدورة رئاسية ثانية، بحيث أن الشيخ محمد أبطحي نائب الرئيس الإيراني في زمن محمد خاتمي كان ضمن الذين مورس معهم فعل الاغتصاب!
وقد سمعنا من الأسرى العائدين من إيران قصصاً قاسية عن اغتصاب الأسرى، وعن انتشار الشذوذ بين حراس المعتقلات من الإيرانيين، دون حرص كبير على التخفي منه.
أما الأسرى الإيرانيون في العراق، فيحدثني عنهم صديق لي كان ضابطاً مجنداً، يشرف على أحد المعتقلات لهم. قال: لفت نظري تكرر رؤية اشتراك اثنين من المعتقلين في بطانية واحدة، وكثيراً ما كانوا يمسكون أثناء ذلك بالمصاحف كأنهم يقرأون فيها! وهذا ما كان قد أبعد عن نفسي الهواجس والشكوك في البداية. ولكن كثرة المشهد دفعني للتحقق من الأمر فصعقت حين تبين لي أنهم كانوا يمارسون الفعل تحت البطانيات والمصاحف بأيديهم!!! يتظاهرون بالقراءة فيها لذر الرماد في العيون!!! ولما قررت إبعاد المصاحف عنهم لإكرامها عن هذه الإهانة التي لاتخطر إلا في بال الشياطين، وجمعتها بحجة إعادة تجليدها، فوجئت بكتابات وخطوط ورسومات عجيبة غريبة في داخل أوراق المصاحف: نساء باوضاع معينة، وقلوب حب مضروبة بسهام تجري الدماء منها، وغيرها!!!
عراق اليوم وإيران فقط ! لماذا ؟
دولتان فقط من دول المنطقة يرتكب جنودها اغتصاب المعتقلين كظاهرة جماعية: إيران، والعراق في زمن حكم الشيعة! أما بقية الدول: عربية كانت أم إسلامية فلا يعرف عنها ذلك إلا على سبيل الندرة. لماذا؟
يخطئ كثيراً من ينظر إلى الموضوع نظرة مجردة عن جذوره ونشأته، وأسبابه ودوافعه.إن الخلاف في هذا الموضوع هو خلاف بين ثقافتين!.. وصورة من صور الصراع بين حضارتين!!.
إن هذا النوع من الممارسات الشاذة لا يمكن أن يكون له وجود في مجتمعنا لأن ثقافة هذا المجتمع تلفظه، وترفضه كما يرفض الجسم السليم المعافى دخول جسم غريب عليه، مهما كانت المبررات، ومهما ابتغي إليه من حيل.
كما أنه بالمقابل لا بد أن يكون له وجود، ولا بد أن يترعرع ويجد له رعاية ودعاية في المجتمع الآخر لأن ثقافته تقبله وتؤويه، وتحرص عليه وتنميه، مهما كانت الأدلة المانعة، والأسباب الطارئة الدافعة! فإنها ستدفع في وجهها، أو تتحايل عليها بما يتوافق وتلك الثقافة.
فالخلاف إذن خلاف بين ثقافتين مختلفتين، وتعبير عن صراع بين حضارتين متناقضتين: ثقافة وحضارة تقبله، وتعمل على فرضه وتصديره، وثقافة وحضارة ترفضه، وتعمل على قمعه وتحجيمه.
من خصائص الحضارة الفارسية أنها حضارة قامت على الفساد والتحلل الخلقي والإباحية الجنسية. وقد اختلفت في ذلك عن الحضارة الغربية بأن أطرت فسادها بإطار الدين، على عكس أختها الغربية التي ظلت واضحة في فسادها، صريحة جلية في عهرها.
وإذا كانت هناك شعوب اشتهرت بالإباحية والفساد الخلقي فإن الشعب الوحيد – على ما يبدو – الذي غلف فساده بالدين، وأعطاه مشروعية دينية هو الشعب الإيراني. ومنذ أقدم عصور التاريخ.
فالزرادشتية تبيح زواج الابن لأمه والأب لابنته والأخ لأخته([3]). والمزدكية تقول باشتراك الناس في الأموال والنساء وأصبحت دين الدولة الرسمي في عهد الملك قباذ الاول عام 488م. يقول ابن النديم: (وصاحبهم القديم مزدك أمرهم بتناول اللذات والانعكاف على بلوغ الشهوات والأكل والشرب والاختلاط وترك الاستبداد بعضهم على بعض ولهم مشاركة في الحرم والأهل لا يمتنع الواحد منهم عن حرمة الآخر ولا يمنعه)([4]). والخرمية – وهي ديانة متطورة عن المزدكية ، وتعني بالعربية دين
الفرح- تمتاز بالإباحية العامة([5]).
الثقافة الإيرانية والولع بإتيان الذكر
ولأصحاب هذه الحضارة ولع خاص بالشذوذ ونكاح الذكر أو الغلام. ولعل هذا هو السبب وراء انتشار اسم (غلام) بينهم.
وقد انسحب هذا الولع على علاقتهم الزوجية فتاوى أجمعوا بها على جواز ممارسة الأسلوب نفسه مع الزوجة. على أن بعضهم يغلف فتواه بالكراهة التي هي مجرد كلمة لا أثر لها عند الفعل. ومن معلوماتنا القريبة الموثقة أن أكثرهم تعاطياً للواطة هم طلاب الحوزات الدينية!
وانتقل – بصورة أو بأخرى – تقليد نكاح المحارم الذي كان يمارس في إيران قبل الإسلام إلى جميع الفرق والمجتمعات التي صارت تدين بهذا الدين الدخيل الغريب على حضارتنا الإسلامية وجذورها العربية.
لقد انتقلت هذه الثقافة إلى المجتمعات التي تدينت بدين إيران عن طريق الحث والعدوى الجمعية، سوى المجتمعات العشائرية التي ما زالت تتمسك بتقاليدها العربية، وكلما ابتعدت عن الريف والعشيرة واقتربت من المدينة – خصوصاً المدن الدينية، والتي فيها مدارس حوزوية – بدأت هذه الرذيلة بالظهور والانتشار والتركز شيئاً فشيئاً.
وقد تحدث عباس الخوئي عن تفشي اللواطة بين علمائهم! ثم عقب قائلاً : المشكلة ليست في هذا، المشكلة حين يصير الملوط به مرجعاً، وقد حصل!!!
التقيت بعض الأحوازيين فإذا هم يحدثوننا الحديث نفسه! حدثونا عن حي في مدينة أصفهان اسمه (سَي وسَه ﭙُل)، هو عبارة عن مركز دعارة علني متخصص بمارسة اللواطة! وذلك تحت سمع وبصر حكومة دولة إيران (الإسلامية) دون أي تضييق أو محاسبة!! ومن المعتاد أن يسأل سائق التاكسي أثناء الطريق من يستأجره إلى ذلك الحي: كم تريد عمر الغلام: 10 سنوات،11،12؟! كما أن كثيراً من مدرسي الحوزات لا يتزوجون قبل الأربعين، فإذا سألت أحدهم كيف لك أن تعيش من دون زواج؟ يضحك ويجيب: “عايشين على… وعلى الطلاب” (كبرت كلمة تخرج من أفواههم)!
وحدثني أحد المعارف – كان يسكن الديوانية في الجنوب العراقي – له جار يدرس في إحدى مدارس الحوزة النجفية. يقول: لفت نظري أن جاري هذا يذهب إلى النجف صباحاً ويعود مساء كل يوم. فسألته: لماذا لا تبيت في القسم الداخلي للطلبة؟ فأجابني: لا أدري ماذا أقول لك؟! هل تصدق أن ثلاثة أرباع الطلبة يمارسون اللواطة مع بعضهم بعد انتهاء الدوام؟!
وإليك هذه العجيبة – وهي مفردة يومية من مفردات حياة كثير من معممي الشيعة – حدثني من لا أتهمه، قريب وصديق لي يعمل في استيراد السيارات. يقول: رأيت شاباً شيعياً من أهل مدينة العمارة في الجنوب العراقي، كان يبحث عن عمل في (المنطقة الحرة) في (عدرا) بسوريا. اتجه بنا الحديث إلى أن قال هذا الشاب: لي صاحب يسكن قريباً مني في حي السيدة زينب، وكنا نبحث عن عمل فلا نجد. مرت الأيام سريعة، فلاحظت تغيراً على صاحبي في ملبسه ومأكله، وجيبه! قلت له: يظهر أنك وجدت عملاً؟! قال: نعم. قلت: ألا يمكن أن تشركني فيه؟ قال: لا ينفعك، ولا تقدر عليه. قلت: أخبرني عن هذا العمل؟ ما طبيعته؟ قال: دعه، لا تسل عنه (!). وألححت عليه، وكان بيني وبينه علاقة حميمة وميانة. فقال بعد تلكؤ وتردد: تعرفت في هذه المنطقة على معممين شيعيين اثنين مأبونين، أزور كلاً منهما مرة في الأسبوع… وأحصل من ورائهما على مبالغ محترمة.
ويشيع في الوسط الإيراني نكاح المحارم الذي انتقل بالحث والعدوى إلى جميع المجتمعات التي تدين بالتشيع. إن أشد المجتمعات تديناً بالتشيع، أشدها ابتلاء باللواط ونكاح المحارم والشذوذ الجنسي. والنجف مثال! وقد كان في سجن أبي غريب على عهد النظام السابق، ومن مدينة الثورة فقط معقل (جيش المهدي)، التي صارت تسمى مدينة الصدر (8000) سجين بجريمة زنا المحارم. وقد روى لي الثقات أن أحد المحكومين بجريمة الشذوذ الجنسي شاب من مدينة العمارة الشيعية وعده أبوه بأن يزوجه من الفتاة التي يحبها إن هو رجع إلى الخدمة العسكرية. وحين رجع إلى بيته في الإجازة الدورية وجد أباه قد تزوج تلك الفتاة! فما كان منه إلا أن أمسك، ثم عراه من ملابسه، وربطه بقضبان الشباك، ثم قام باغتصابه!!! هل سمعتم بمثل هذه الجرائم الجنسية، وتخيلتم صور شذوذها؟!!!
وما كثرة الحديث عن هذه القاذورات في (الرسائل العملية) للفقهاء إلا انعكاس للواقع الاجتماعي الفاسد.
ثقافة الاغتصاب
نخرج من كل هذا بحصيلة واحدة مهمة هي أن ما يرتكب في السجون العراقية اليوم بحق السجناء من اغتصاب الرجال – فضلاً عن النساء – إنما هو تعبير عن ثقافة اجتماعية شيعية فارسية، وليست جريمة عادية فحسب. ويترتب على هذا العنوان نتيجة عظيمة هي أن معالجة هذه الحال المأساوية لا تتم بإحالتها إلى القضاء فقط، ما لم يستنفر أهل السنة قواهم جميعاً للوقوف بوجه هذه الثقافة الخطيرة.
إنها مسؤولية دينية وقومية واجتماعية وتاريخية سيسأل عنها الجميع كل حسب قدرته وما تصل إليه يداه، وأملنا كبير بالله تعالى، وثقتنا بسننه لا تتزعزع؛ فإن الجرائم كلما كبرت وعمت، وكان في الناس من يتصدى لها وينكرها بما يستطيع، كان ذلك سبباً في التعجيل بعقوبة مرتكبيها. (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) (هود:81).
بلى.. وإنا لذلك منتظرون.
- – قال الإمام ابن القيم في (إغاثة اللهفان): رواه أبو داود بإسناد صحيح. ↑
- – قال الشاطبي في الموافقات: ويروى موقوفاً على ابن عباس ومرفوعاً. ↑
- – دماء على نهر الكرخا ص 73 – حسن السوداني. ↑
- – الفهرست، ص 493. عن دماء على نهر الكرخا ص 73. ↑
- – المصدر نفسه، ص74. ↑