مقالات

لأننا سنة .. ولأنهم شيعة

نتائج الامتحانات الوزارية : نظرة وعبرة

jj

قبل أيام قليلة (في يوم 11/7) أعلنت وزارة التربية العراقية عن نتائج الامتحانات الوزارية. وكانت المحافظات الست الأولى في نسب النجاح كلها شيعية، وهي حسب ترتيبها كالآتي: (كربلاء – القادسية – النجف – بابل – ذي قار – البصرة)!!!.

هذه النتيجة المزورة يعلن عن مثلها كل عام تحت ظل الحكم الطائفي الشيعي؛ إذ تتقدم القائمة دائماً عدة محافظات شيعية! ولم يحدث أن نالت هذه النتيجة محافظة سنية، حتى ولو من بين المحافظات الكردية. فسبحان من رزق الشيعة هذا الذكاء السوبرماني، وحرم منه أبناء السنة! بل إن نتائج الامتحانات في المحافظات السنية تدعو إلى العجب! فهي – على الدوام – تحقق أعلى نسبة في الرسوب، ويعلن عن رسوب طلبة منهم في مواد مؤجلة وتعطى لهم درجة أو علامة وهم لم يدخلوا الامتحان أو الاختبار فيها أصلاً! بل أعلن العام الماضي عن رسوب طالب من أهل الأنبار في مادة التربية الإسلامية، مع أن هذا الطالب مسيحي! والمسيحيون غير مطالبين رسمياً بهذه المادة ولا يمتحنون فيها من الأصل!

لماذا ؟

تعاني الشخصية الشيعية من “عقدة المظلومية”، و”عقدة النقص” بما تعكسه من “وهم الخوف من الآخر” إلى حد “الرهاب” أو “الفوبيا”، وتداعيات هذه العقد من “إسقاط” لوازمها على الشريك السني بحيث تتبادل الشخصيتان، في شعور الشيعي، ذاتيهما تبادلاً تاماً، فيصير الجلاد هو الضحية، والضحية هي البعبع الخطير والشر المستطير الذي ينبغي محوه من الوجود، وحرمانه من كل الحقوق إن عجزت الضحية – الجلاد عن الوصول إلى سحقه ومحقه من مسرح الحياة. أضف إلى ذلك عقيدة الإمامة التي تستلزم تكفير السنة، وتوجب قتلهم والاستيلاء على أموالهم.

بهذه الشخصية المعقدة والمثقلة بأوزار التاريخ المشوهة، وبتلك العقيدة السرطانية المتوحشة، يقود الشيعة العملية السياسية، فيسعون إلى حرمان السنة من كل ما لهم من حقوق في الحياة والعيش الكريم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. إضافة إلى شعورهم الواعي، واللاواعي، بأن إيران هي ملاذهم وأُمهم الحنون؛ فينساقون وراءها، إلا يوم تختلف المصالح بينهم، أو تفطمهم أمريكا عن ذلك بفعل ما لديها من قوة.

الانتخابات النيابية

انظر إلى الانتخابات النيابية! أربعة أشهر ويزيد على إجرائها، ولا من أمل في حسم رئاسة الحكومة لمن تكون؟ وقد لا تشكل الحكومة قبل مرور بضعة أشهر أُخرى!

لا شك في أن أحد الأسباب الرئيسة لهذا التأخر هو التنافس الحزبي بين الكتل الفائزة. وثمة أسباب أخرى فاعلة، منها التدخل الخارجي. ولكن هناك سبباً يأتي على رأس الأَسباب، يتحاشى الكثيرون الإتيان على ذكره، ألا وهو الاختلاف الطائفي الشيعي – السني. ذلك الاختلاف المتجذر الأصيل، الذي لم يزد المحتل على أن أذكى أواره، وعزف على أوتاره حتى كان النغمة الأساسية في سلم الموسيقى السياسية العراقية.

لو كان العراق شيعياً كله، أو سنياً كله، لما بقيت المعضلة الانتخابية دون حل إلى اليوم.

ذنب العراقيين الكبير

إن “ذنب العراقيين الكبير” يكمن في مكابرتهم في الاعتراف بالمشكلة الطائفية أساساً للحل، إن العقيدة والعقدة الشيعية، هي أس البلاء في هذه المشكلة، وما لم يتم العلاج على أساس هذا التشخيص فإنه لن يكون هناك من حل إلا على حساب حقوق أهل السنة ووجودهم ورزقهم وأمنهم. والأحداث في العقود التسعة الماضية تثبت ذلك بجلاء. فبغداد والبصرة كانتا مدينتين سنيتين بامتياز، احتضنتا الهجرة الشيعية إليهما بطيبة وبلاهة تنظر إلى الطائفتين على أساس وطني لا يفرق بينهما، فماذا كانت النتيجة؟

جلب الاحتلال بدعوى المظلومية، ومساندته ومطاردة المجاهدين بحجة الإرهاب، وذبح السنة على أنهم نواصب ووهابية، وتهجيرهم وحرمانهم وإقصاءهم وتهميشهم بشتى العلل والدعاوى والحجج. ونكران جميلهم كيف احتضنوا الشيعة وسمحوا لهم في مشاركتهم مدنهم وأراضيهم، وكيف أخذوا بأيديهم من طائفة تعيش على هامش الحياة، يشيع فيها الجهل والتخلف والأُمية، وتفتقد إلى الكفاءات العلمية، فليس بينهم من المثقفين وخريجي الجامعات العلمية إلا القليل، وربما ليس فيهم ضابط واحد؛ لأنهم يحرمون الخدمة تحت ظل الدولة العثمانية السنية (الكافرة)! والدراسة في مدارسها المدنية. أخذوا بأيديهم وتعاونوا معهم إلى حد أن البعثات العلمية والدراسات العليا كانت، في العادة، أغلب أفرادها من الشيعة! فكان منهم الأساتذة والدكاترة وذوو الكفاءات، وصار منهم آلاف الضباط والقادة العسكريين الذين وصلوا إلى أعلى الرتب العسكرية بما فيها رئاسة أركان الجيش ووزارة الدفاع. وهذا كله تحت ظل الحكم الذي يوصف بأنه سني طائفي، وفي رعايته([1]).

شواهد من وراء المحيط

تذكر المس بيل في مذكراتها([2]) أنها أوصت السيد عبد الرحمن النقيب رئيس أول حكومة أن يضم أحد رجال كربلاء والنجف البارزين إلى عضوية مجلس الوزراء، لكن إحدى الصعوبات هي أن جميع رجال الشيعة البارزين في المدن أو كلهم تقريباً هم من رعايا إيران! فالشيعة يتشكون من أنهم غير مُمَثَلين تمثيلاً كافياً في المجلس وهم بهذا يتغاضون بالكلية عن أن قادتهم كلهم تقريباً “رعايا إيرانيون”، وعليهم ان يغيّروا جنسيتهم قبل أن يتبوأوا المناصب في الدولة العراقية. إن رجالهم المتقدمين في المجتمع من العلماء وأسرهم كلهم من رعايا إيران… عندما يأتي اليّ بعض الناس شاكين من أن فلاناً أو فلاناً لم يدخل اسمه في قائمة الوزراء، وانا أسألهم قائلة: أفندم، هل يمكنني أن اسأل عما إذا كان الموما اليه من رعايا الدولة العراقية أم لا؟ فيكون الجواب: أفندم، كلا انه من رعايا ايران! ثم تقول عن الشيعة: إنهم أصعب العناصر انقياداً في البلاد، وهم كلهم متذمرون مستاءون تقريباً، ولا يبالون بالمصلحة العامة بالمرّة. ثم انظر كيف تعبر عن أملها في أن تتغير ثقافتهم من ثقافة طائفية إلى وطنية بهذه العبارة: “هذا هو موقف الشيعة… إني آمل في الأخير أن يصبح قسم منهم عرباً بالتمام ليسهموا في تمشية شؤون الدولة”([3])!

نعم تحول قسم منهم فتجنسوا بالجنسية العراقية العربية، ولكن لم تكن أوراق الجنسية كافية لأن يصبحوا بها عرباً لا بالتمام ولا بغيره! إن عقدة النقص” أورثتهم “عقدة اللؤم” ونكران الجميل؛ فجازوا شركاءهم – رغم هذا كله – جزاء سنمّار.

السؤال الكبير

والسؤال الكبير الذي ينبغي أن يطرحه كل سني على نفسه وأهله: لو لم يكثر الشيعة في بغداد، ولو لم تتحول البصرة من سنية إلى أغلبية شيعة، هل كان من الممكن أن يحصل للسنة ما حصل لهم من ظلم فاق حد الخيال بعد الاحتلال الأخير؟

هذا هو الفرق في المعادلة الطائفية بين الاحتلال البريطاني والاحتلال الأمريكي. كان الشيعة أقلية ضعيفة في بغداد والبصرة، وتركز وجودهم في القرى، وحول المدن الدينية، بعيداً عن العاصمة بغداد؛ فلم يتمكنوا من أن يفعلوا ما فعلوه بعد ذلك حين تمكنوا من قلب العراق!

إيران : تلك الأُم الرؤوم

قبل أيام قليلة أطلق المالكي بضعة وخمسين معتقلاً إيرانياً، بينهم أفغانيان، من معتقل في ذي قار، تجاوزوا الحدود بصورة غير قانونية، وقد تزامن هذا الفعل مع زيارة مسؤول إيراني كبير للعراق، لم يفصح عن هويته. وهذا يذكرني بإطلاق إبراهيم الجعفري لحظة تسلمه لمنصب رئيس وزراء الحكومة العراقية المؤقتة عام 2004 لأكثر من أربعمئة معتقل إيراني من أحد سجون بابل. ويقولون: لسننا عملاء لإيران، ولا مرتبطين بها!

ما هو الحل ؟

إزاء هذه الصورة (عقيدة سرطانية، وعقد نفسية جمعية، وعمالة إيرانية) ليس أمامنا إلا حل واحد، هو امتلاك القوة لحكم البلاد من جديد، استرجاعاً لحقوقنا، وإنصافاً لخصوم هم، على كل حال، شركاؤنا، لكنهم لا يصنعون اليوم أكثر من أنهم يدمرون أنفسهم وأنفسنا.

وحتى نصل إلى هذه الغاية، لا بد من المرور بمرحلة تقويم الذات وترميمها وتقويتها، والسعي الحثيث لأخذ حقوق أهل السنة بهذا المسمى دون تردد أو خجل؛ فالعمل جارٍ في العراق على هذا الأساس الطائفي. لا بد من إعادة تعمير مناطقنا، وتفعيل القوانين التي تجعلنا ندير محافظاتنا بأنفسنا دون تدخل الحكومة الشيعية ممثلة بقواها الأمنية وغيرها في شؤوننا الداخلية. حتى إذا قويت شوكتنا ضربنا على أيدي المفسدين فأزحناهم، وكافأنا الخيرين فشاركناهم، ورحمنا المظلومين فأنصفناهم. وما ذلك اليوم منا إن شاء الله ببعيد.

_________________________________________________________________________________

  1. – اعترف بهذه الحقيقة الصحفي والكاتب الشيعي المعروف حسن العلوي في كتابه (الشيعة والدولة القومية في العراق 1914-1990 ، ص227 ، دار الثقافة للطباعة والنشر ، إيران – قم)، إذ يقول: “ظهر في إحصائية مودعة بوزارة التخطيط أواخر السبعينات أن (80%) من حملة الشهادات العليا في الفروع العلمية، كانوا من أبناء الشيعة”.
  2. – هي مذكرات شخصية لم تكتبها للنشر، وإنما كانت في أغلبها رسائل تبعثها لأبويها في لندن؛ فليس فيها ما يمكن أن يقال إنه كتب للتضليل والتآمر، إنما هي معلومات ومشاهدات وانطباعات اعتقدتها ولمستها إما عياناً بنفسها، أو لها شواهد من الواقع أقنعتها بها.
  3. – موقع شبكة المنصور الإلكتروني، 3 تشرين الأول 2009 . كما سجل هذه الحقيقة (قلة المتعلمين والمثقفين في أوساط الشيعة في بداية العهد الملكي) إسحاق نقاش في كتابة (شيعة العراق)، انظر مثلاً ص215.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى