محاولة واقعية .. لرؤية سياسية مستقبلية
قبل حوالي ثلاث سنوات (وتحديداً في 3/2/2008) وردتني الرسالة التالية، أنقلها بنصها، سوى بعض التصحيحات الإملائية، وهي قليلة، وإلا كلمة إطراء ختم بها المرسل رسالته، كرهت تقييدها، وأشكره على حسن ظنه بي الذي حمله على كتابتها:
إلى الاستاذ الشيخ الدكتور طه الدليمي
أنا صديق لك وأعرفك معرفة شخصية، حيث كنت أحضر خطبك ومحاضراتك مع الشيخ المجاهد الصديق الشهيد (مجاهد محمد طه). وكان لهذه الخطب والمحاضرات الدور الأكبر في هدايتي أنا وأهلي خصوصاً أننا كنا من الشيعة الضالين، وهدانا الله.
وكنت أتابع مؤلفاتك التي كانت باسماء مستعارة، وتصلنا عن طريق الاخ والشيخ (ع…) الكبيسي، واستخدمناها لهداية الكثير من الناس الضالين ونجحنا والحمد لله. إلى ان جاء سامري القرن العشرين (محمد صادق الصدر) الذي فعل كفعل السامري في بني اسرائيل حيث اشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم من بعده. وكذلك فإن الشيعة العراقيين اشربوا في عقولهم الشرك وكره المسلمين والتعدي على حرمات بيوت الله. وكنا عندما نحذر منه ومن دعوته يتصدى لنا البعض من الاغبياء من اهل السنة وحتى من بعض المشايخ ويتهموننا بالتعصب، وبعضهم تباكى عليه عند موته!! وكان الشيعة ينتظرون الفرصة لتنفيذ مخططاتهم، ووفرها الاحتلال لهم. وكنت يا شيخنا صاحب رؤية واضحة وصحيحة عما يحدث اليوم وحذرت منه ولكن مع الاسف تركوك وحدك كما تركونا.
ونتيجة لذلك اود ان اسألك:
ما هي نظرتك المستقبلية عما سيحدث في العراق:
- هل سيخضع للتقسيم؟
- أم هل سينجح الفرس في مخططهم حتى النهاية كما هم ناجحون؟
- وهل سيبقى الناس من الشيعة – وحتى من ابناء السنة – مخدوعين بالسامري محمد الصدر الذي أضل كثيراً من الناس عن طريق فتنة صلاة الجمعة، والذي اكمل ابنه المسيرة المجوسية ونفذ مخطط والده وحرق المساجد وروع الآمنين وانتهك حرمات الناس واغتصب النساء، ويخرج لنا علنا في قناة العراقية ويقول بالنص: (حبيبي هنالك فتوى من المراجع بقتال النواصب)!
- وهل سيبقى ابناء السنة نائمين، ويفعلون مع كل داعية خير كفعلهم معك؟
افيدونا افادكم الله وحفظكم من كل سوء… .
اقتنصت فرصة بعد أيام (وتحديداً في 14/2/2008) لأجيب السائل بهذا الجواب:
الجواب
نحن في العراق نمر بمرحلة تشبه في بعض جوانبها المرحلة التي مر بها أهل فلسطين عند قيام دولة إسرائيل.
لم تكن الحلول التي اتبعت واقعية، بل كانت عاطفية حماسية. وهكذا ضاعت فلسطين.
دعاوى حماس وفعل عباس
القوة أم السياسة؛ فسياسة بلا قوة يتيمة مضيعة.
لكن الذين دخلوا في العملية السياسية من أهل السنة، دخلوا وهم مجردون من القوة، حالهم حال عباس (ابو مازن) مع اليهود، لا يملك الا التنازلات. والناظر في شأنهم، وشأن من رفض الدخول في العملية السياسية، يجدهم يدّعون دعاوى حماس، ويفعلون فعل عباس!
هذه مهزلة.. إن استمروا عليها فسيقسم العراق. وعندها تصبح الفدرالية التي يتظاهرون برفضها مطلباً غالياً دونه لحس السماء على هؤلاء الضعفاء!
انظر إليهم! يريدون عراقاً موحداً.. ولكن…. أي وسيلة يتخذون؟
كلام.. خطب.. مؤتمرات.. مفاوضات.. دعاوى.. شعارات.. حماسيات. وهذا كله لا ينفع من دون قوة. وفي الواقع تجد: الشيعي يحكم منطقته كلها إضافة إلى العراق، والكردي كذلك: يحكم منطقته كلها مع العراق. الا أهل السنة! فهم لا يملكون التصرف حتى في مناطقهم إلا هامشاً ضيقاً لا يسمن ولا يغني من جوع!
قد تقول لي: فأين المقاومة؟ أقول: على الرغم من الإنجازات الضخمة التي حققتها المقاومة نكاية بالعدو، لكنها عجزت عن الانتصار على نفسها. وهي تعاني من ازمات داخلية حقيقية. فالعراق مقبل على مرحلة مجهولة الله اعلم بنهايتها.
ربما يعيننا التاريخ في الجواب
لكن الناظر في التاريخ يجد العراق قد مر بمثل هذه الظروف من قبل، وخرج منها موحداً. كيف؟ لا أدري؛ فانني بحاجة الى دراسة جديدة للتاريخ لم تتوفر لي من قبل، ولا أجد لي فرصة في الوقت الحاضر للقيام بها.
تأسيساً على ما سبق ذكره أُرجحُ أن العراق سيكون دولة فدرالية إلى أن تتغير الظروف القاهرة، وربما عندها سيتقوى أهل السنة ويعيدون توحيده من جديد. فالحقيقة تقول: العراق لن يتوحد الا باهل السنة. ولن يتمكن اهل السنة من توحيده الا عندما يكونون أقوياء.
أما الشيعة فطائفيون يعانون من عقائد سرطانية، وعقد نفسية كثيرة تدفعهم للانتقام من مخالفيهم. فهم لا يجيدون سوى الهدم والتفتيت. إنهم يعانون من عقدة القلة والضعف، رغم دعاواهم العريضة بأنهم أغلبية أهل العراق، وهذه العقدة تدفعهم للتقوقع والانعزال والانفصال. فسيطرة الشيعة على البلد ليس له من نتيجة الا ذلك.
وأما الاكراد فتغلب عليهم الشعور القومي على الشعور الوطني والسني. وقد زاد هذا الشعور عند الغالبية حتى انقلب إلى عنصرية، والعنصرية نوع من الطائفية، وهذه الطائفية لا يسلم منها حتى أكثر المتدينين – كما لمست وسمعت- فهم لا يصلحون لحكم العراق، وليس لهم قدرة ذاتية على ذلك. ولو افترضنا جدلاً حصوله، فإنهم سيفتتونه ويقسمونه…
ونحن وإن لم نكن مع الفدرالية، ونعلم أن الفدرالية خطوة باتجاه التقسيم، الذي يريده الشيعة والكرد، فإن لم يتمكنوا منه لجأوا الى الفدرالية، أقول : نحن مع كل هذا نرى أن الحل إما بامتلاك القوة لحكم العراق وتوحيده، وإما أن نقبل الفدرالية كخيار مرحلي من باب أكل الميتة للمضطر، ريثما نمتلك القوة. فنستطيع خلال هذه المرحلة التحرك في مناطقنا بأمان، وتقويتها وإعداد العدة لليوم الموعود. والا فقادتنا لا يعول عليهم. وإن بقوا وبقينا على هذا المنوال فسيفرطون بالعراق تحت لافتات حماسياتهم الفارغة، وينتهون به الى التقسيم. لا سمح الله. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
والسلام
ملاحظة
بعض الأفكار المطروحة آنفاً تطرق إليها التعديل؛ بفعل الزمن والخبرة ومستجدات الأحداث والأفكار. أنا أرجح الآن، فيما لو سعى السنة العرب لتفعيل قانون الفدرالية في مناطقهم، فإن إيران والشيعة ربما سيكونون أول المعارضين([1])!
أما لماذا فنتركه إلى حين.
_________________________________________________________________________________
- – هذا ما وقع بالفعل يوم أعلنت محافظة صلاح الدين خيار الإقليم في 27/10/2011، ولحقتها ديالى بعد مدة. فتوقف المشروع. ↑