مقالات

( القادسية ) يعود من جديد

بعد معركة بدر الكبرى نزلت سورة (الأنفال) تعقيباً على تلك المعركة الفاصلة التي انتصر فيها المسلمون. ولكن بعد معركة (أُحد) التي خسروها نزلت سورة أخرى.. أطول منها بكثير، احتلت الرقم (3) في تسلسل ترتيب سور القرآن العظيم، وبينها وبين (الأنفال) أربع سور من الطوال.. تلك هي سورة (آل عمران)، قرينة سورة (البقرة) في الفضل والمنزلة.

وقفت طويلاً عند هذه السورة العظيمة، وألقيت عنها من فوق منبر جامع المحمودية الكبير سنة (2002) خمس خطب، أجلي فيها بعض ما دار في عقلي القاصر من حكم باهرة احتضنتها ثناياها، وجادت بها عليَّ مُنَحها وعطاياها. يكفي أن تعلموا أن أحد طلبة الشريعة أفرغها من أشرطتها قبل ثلاث سنوات، وقدمها بنصها – سوى بعض التحويرات والزيادات التي لاءم بها أسلوب البحث – فنال بها درجة الماجستير في التفسير! دون أن يشير إلى المصدر، ولا اسم صاحبه قط! مكتفياً بالاستئذان الشفهي عن طريق مكالمة هاتفية جرت ذات يوم بيني وبينه. هكذا فلتكن الأمانة العلمية!

كثيراً ما أقول: لو أن معركة (أُحد) لم يخسرها المسلمون، هل كانت ستنزل سورة (آل عمران) بمعانيها العميقة، وحكمها الباهرة؟! أين الخسارة إذن؟

فيا لله! ما أعظم حكمته!

الهزيمة حالة وليست حدثاً .. كذلك النصر

من هنا أقول، كما أقول دائماً: “ليس المهم الحدث، إنما استغلال الحدث”. وإذا كان ذلك صحيحاً، وهو كذلك جزماً، فإن هذا يفتح أمامنا أُفقاً عريضاً من الأمل الوثيق. فقد تنقلب الخسارة إلى نصر متى ما وعينا الدرس، فكانت مدعاة لاستغلالها في كيفية التغلب عليها، واستثمارها لتحقيق النصر القادم. ليست الهزيمة إذن في أن ننهزم، إنما الهزيمة في الاستمرار على حالة الهزيمة. في الشعور بالهوان، واجترار الأحزان، اللذين يورثان انكسار الإرادة، وفقدان الطموح. (َلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران : 139].

إذن الهزيمة حالة، وليست حدثاً. والنصر كذلك.

هكذا كانت الحال مع موقع (القادسية)..!

أنشأناه بالإرادة.. الإرادة فقط. لم يكن لدينا من المال إلا النزر اليسير، ولا من الرجال القائمين عليه أكثر من إصبع السبابة التي تشير بالتحدي، وإن زادوا فالوسطى معها تومئ بعلامة النصر!

أتصدقون؟!

وما زلنا كذلك….!

و… أتصدقون؟!

بدأنا.. وكنا كمن يتعلم السباحة وسط المحيط. فعن طريق التجربة والخطأ، واكتساب الخبرة بالممارسة، والاستعانة ببعض الدورات العلمية، كانت إدارة الموقع، الذي ساهم في تقديم شيء مهم وجديد إلى ميدان المعركة، اختصرناه في رسالته وملخصها (بيان المنهج والأُسلوب الأمثل في مواجهة خطر التشيع). تلك الرسالة التي أقضت مضاجع الشيعة، وحرمتهم طعم النوم، فتسللت خفافيشهم إليه في الظلام، عابثة به، مخربة.

وتكرر الأمر أكثر من مرة. فكان ذلك مدعاة إلى أن نفكر جدياً في تطوير قدراتنا الفنية، واستتبع ذلك إجراء عملية تطوير شاملة للموقع شَكلاً وبرمجة، اقتضت منا فترة طويلة والمراسلات تترى بيننا وبين شركة التطوير، بحيث لو أجرينا اليوم مقارنة بين الموقع وإدارته قبل التطوير وبعده لأمكننا القول: لقد كنا في حال، وأصبحنا على حال، ولله الحمد والشكر في الأُولى والآخرة.

هكذا استغللنا الحدث – بفضل الله تعالى – فحولنا الخسارة إلى ربح وانتصار. وها نحن نزف البشرى إلى رجال ونساء (القادسية) بعودة موقعهم إلى الظهور أقوى مما كان، وأجمل، وأثرى. ليَشْفِيَ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ، ويذهب غيظ قلوبهم، ويخزي قوماً فاسقين، ويكبتهم ويغيظهم، محتسبين عند الله – تبارك اسمه – الأجر ليس فيما نقدمه من فوائد للمؤمنين فحسب، وإنما نبتغي عظيم الأَجر كذلك في إغاظة الفاسقين والشيعة المنحرفين عن صراط رب العالمين.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى