مقالات

من دفتر الذكريات الأليمة (3)

اليوم السادس عشر للحرب على العراق

الضمائر والمصالح

http://www.alqadisiyya3.com/upload/userfiles/images/gul.jpg

هل ماتت ضمائر العالم أمام هذه الكوارث التي يصبها الطغاة على العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان؟!

أمريكا تجتاح العراق.. تقصف طائراتها المساكن والشوارع، وتقتل الناس الأبرياء في مناظر مروعة تتناقلها محطات التلفزة دون أن يستنكر أحد من حكام دول العالم سواء كانوا أجانب أم عرباً أم مسلمين ما يحدث ويتخذ خطوة فعالة مؤثرة لإيقاف هذا المسلسل المروع سوى أصوات خافتة هنا وهناك، القصد منها إحداث بعض التوازنات الشخصية المصلحية دفاعاً عن النفس، أو تحسباً للمستقبل وما سيكتب التاريخ.

الاتحاد الأوربي مشغول بالكيفية التي يمكن بها الحصول على حصة في القصعة العراقية مع الأميركان.

حتى الإسلاميون! هل ماتت ضمائرهم؟ أم غابت أمام المصالح؟!

فرحنا كثيراً حينما فاز الحزب الإسلامي التركي في الانتخابات أخيراً واستبشرنا خيرا.

أمس (3/4).. لو رأيت وزير الخارجية التركي عبد الله كول! وكيف يحتضن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول ويصافحه بشدة وحرارة، ويضحك بملء فمه وهو يرحب به ومعه رئيس الوزراء رجب أردوغان. هذا وقنابل كولن باول على رؤوس العراقيين كالمطر، ولا يتمعر لإخواننا في تركيا وجه!

ربما يقال: قد يكون الإنسان مغلوباً على اتخاذ موقف ما. ولكن……

من أجبره على أن يظهر على وجهه البشر إلى هذا الحد؟ ولو رأيتموه وهو يكاد يطير من فوق الأرض!

عجيب!

أين الأخوة الإسلامية؟! بل أين الشعور الإنساني؟!

شعب مسلم يذبح، وإخوانهم يستقبلون ذابحهم بالأحضان مهللين فرحين!

أين منهم قوله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)([1])؟ وقوله: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)([2]) أي لا يظلمه هو، ولا يتركه لظالم يظلمه فلا ينصره. وقال أبو بكر رضي الله عنه: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة:105] وإني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابٍ منه)([3]).

ورجع كولن باول وحقيبته ملأى من تركيا، لتتواصل أرتال الدعم اللوجستي من الأراضي التركية إلى شمال العراق.

وفرحنا من قبل بالسودان التي صار يحكمها الإسلاميون. ثم قبل أيام يخرج طلاب مدارس يتظاهرون ضد الحرب على العراق فتقمعهم الشرطة السودانية وتقتل ثلاثة منهم!

ولو سألت الحكومة السودانية (الإسلامية) فقد يقول قائلهم: إن المصلحة الوطنية تستدعي منا المناورة !

فأين الدين ؟ وأين الثوابت ؟ وأين الإخوة ؟ أين الأخلاق ؟

كلها تتهاوى أمام المخاوف والمصالح ؟ إذن لماذا نحن مسلمون ؟

ما الفرق بيننا وبين غيرنا إذا كانت مبادئنا تتوقف عند عتبة السياسة ؟!

كلهم سواء ……؟!

وتذكرت موقف (مشايخنا) الهزيلة أمام التشيع الفارسي واعتذارهم بالمصلحة و(الحكمة) و(بعد النظر)، وحين تواجههم بالنصوص والثوابت يحيدون عنها بشتى الحجج.

حتى توصلت إلى نتيجة واحدة هي أن هؤلاء المشايخ وأمثالهم من المحسوبين على الدعوة والعلم لو وصلوا إلى سدة الحكم فلن يختلفوا في مواقفهم عن مواقف هؤلاء وسينقلبون إلى محترفي سياسة حتى العظم. والدليل أن عامة الإسلاميين من العرب وغيرهم الذين وصلوا إلى السلطة وجدناهم كغيرهم من العلمانيين في مواقفهم، يخضعون الدين للسياسة.

هل يمكن القول أن بيننا وبين انتصار الإسلام الموعود زمناً طويلاً ؟!

الله أعلم .

أما أخبار المعركة فهذا هو يومها السادس عشر والجيش الأمريكي يقوم بإنزالات متعددة كثيرة في مختلف مناطق العراق، حتى إن الأخبار الأمريكية تقول بأن إنزالاً وقع في مطار صدام الدولي في بغداد، وأنهم قد دخلوا النجف، والله أعلم بصحة هذه الأخبار؟ غير أنهم يراهنون على المراجع الشيعية لإحداث فتنة طائفية.

الجمعة – 4/4/2003

________________________________________________________________________________

 

  1. – رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه.
  2. – متفق عليه.
  3. – رواه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه الألباني.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى