مقالات

حوار مع .. منتدى قبيلة عنزة

  1. من هو الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي؟ وماهي قضيته؟ وماذا قدم لها خلال السنوات السابقة؟ ومن هو غائب الدليمي الذي ظهر بعد 20 سنة؟

قبل كل شيء أقول لكم: حياكم الله.. وأشكركم على اهتمامكم وثقتكم بشخصي الفقير إليه جل في علاه، وأسأله سبحانه أن يجعلنا عند حسن ظن الصالحين من عباده، ويمنحنا البصيرة والقوة على العمل بدينه والفوز بمرضاته.

إن كان القصد من السؤال عن الهوية الشخصية المدنية فالمسؤول – كما جاء التعريف به على موقع القادسية – ينحدر من أسرة عربية تنتمي من جهة الأب إلى فخذ الحلابسة من عشيرة الدليم المعروفة، قدمت من منطقة الفلوجة وسكنت المحمودية قبل حوالي قرن من الزمان. أما أخواله فينتمون إلى عشيرة العُبَيد (بضم العين وفتح الباء) العربية، فخذ البو هيازع. يقطنون بزايز ريف اللطيفية – شاخة (3). [والبزايز هي النهايات، والشاخة هي فرع النهر]. ولد في بغداد عام (1960). متزوج من اثنتين وله من الولد اثنا عشر: منهم سبع بنات وخمسة بنين. كما أن له أحفاداً من بناته الكبريات الثلاث.

طلب العلم الشرعي على يد بعض الشيوخ، وبجهود ذاتية خارج نطاق الدراسة الرسمية، التي استمر فيها حتى تخرج من كلية الطب/جامعة بغداد عام 1986 وزاول الطبابة حتى نهاية عام 1994 ليتفرغ للعمل الدعوي شعوراً منه بأهمية القضية العراقية.

حقيقة القضية

قضيتنا هي قضية صراع حضاري بين أمتين: فارسية وعربية، تنعكس على الواقع صراعاً طائفياً بل دينياً بين شيعة وسنة. ولما لم يتمكن من الجمع بين الأمرين ترك مهنة الطب لأجل إعطاء القضية العراقية المنسية ما يمكنه إعطاءها من استحقاق.

آمن من خلال المعاناة الدائمة للواقع، والنظر المدقق في جذور المشكلة العراقية:

– أن أعظم خطر يهدد الوطن (العراق) هو الشعوبية الفارسية – الشيعية.

– وأن الشعوبية والإسلام ضدان لا يلتقيان.

– وأن العروبة والإسلام صنوان لا ينفصلان.

– وأن عدونا الأبدي هو إيران.

وأن على أهل العراق أن يتفاعلوا مع واقعهم ويعيشوا له. ولا يصح أن تشغلهم هموم الأمة على امتداد الأفق البعيد أو القريب عن الاهتمام بهذا الواقع: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنفال:75).

لكل بلد قضيته المركزية

لا توجد – من الناحية العملية – قضية مركزية وقضية غير مركزية على مستوى الأمة خارج حدود القطر الذي يعيش فيه المسلم؛ لسبب بسيط هو أن الأمة غير موجودة اليوم. إنها في الحقيقة مجرد مفهوم تاريخي أو فكري عقائدي لا وجود له في الواقع خارج نطاق الذهن والشعور والحلم. وإلى أن يتحقق الحلم تبقى قضية كل بلد هي القضية المركزية بالنسبة لأهله. وعلى هذا الأساس يكون تبني مفهوم مركزية قضية خارج حدود البلد وسيلة تعطيل لقضية ذلك البلد.

ما نحتاجه أكثر هو تصحيح المفاهيم، وعدم الانسياق وراء الإعلام والدعاية دون تمحيص. أنا كعراقي قضيتي المركزية تكون في العراق، وليست خارجه. وهي اليوم إعادة تكوين البيت السني للوقوف بوجه الشعوبية الفارسية الشيعية. والأحوازي قضيته كيف يحرر الأحواز من الاستعمار الإيراني. ليست قضيتي الأولى – مثلاً – هي الأحواز، ولا قضية الأحوازي الأولى هي العراق، ولا قضية العراقي أو الأحوازي الأولى هي قضية فلسطين. قضية فلسطين قضية أمة، وكذلك قضية العراق، وقضية الأحواز، وقضية البحرين، وغيرها من قضايا البلدان. والأمة……… غير موجودة. الموجود هو دول وأقطار مقطعة الأوصال؛ ما يؤدي كنتيجة نهائية أن كل بلد مضطر لحمل قضيته على ظهره وحده دون أن يشاركه الآخرون بغير الشعور والعواطف إلا في ظروف استثنائية خاصة لا تشكل قاعدة يعول عليها. وهذا هو ما يستطيعه أهل كل قطر. على أننا نحاول أن لا نستسلم لهذا الوضع الشاذ، ونسعى لتغييره. لكن يبقى الواقع هو الذي يحكمني، وتبقى من الناحية العملية المجدية قضيتي المركزية هي قضية بلدي.

الذي حصل في التاريخ المعاصر أن قضية فلسطين تضخمت على حساب غيرها من القضايا حتى كادت تبتلعها. وهذا انحراف وخلل خطير. نعم فلسطين في قلوبنا، ولكنها ليست الوحيدة التي ينبغي أن تستفرد بتلك القلوب. فبلاد العرب والمسلمين جميعاً في قلوبنا، لكن تبقى قضية بلدي – على مستوى الواقع والواجب الشرعي بحكم هذا الواقع – تحتل الحيِّز الأكبر من هذا القلب. وللآخرين علي حق تجاه قضيتهم بقدر ما يقدمه أولئك الآخرون تجاه قضيتي، ليس أكثر ولا أقل. الشعور بالشعور، والموقف بالموقف. وتبقى القدرة هي الحكم العدل – بعد ذلك – بين الجميع.

بداية تبلور القضية

منذ منتصف الثمانينيات بدأت القضية تتبلور شيئاً فشيئاً في ذهنه. فكتب وخطب وحاضر، ثم توجه في منتصف التسعينيات إلى المنطقة الجنوبية (الشيعية) وسكنها كإمام وخطيب في أكثر من مسجد في محافظة بابل، وتجول في المنطقة دارساً وراصداً ومحللاً ليخرج بحصيلة علمية وتجربة ميدانية تصلح لرسم خريطة مشروع جديد – بعد أن لم يجد أمامه مشروعاً حقيقياً جاداً – قائم على عنصرين:

1. النظر في الواقع لتشخيص الحالة واحتياجاتها

2. الرجوع إلى الكتاب والسنة والسيرة النبوية، والتجارب البشرية لاستخلاص العلاج

بعد الاحتلال

حاول بعد الاحتلال تكوين عمل مؤسسي يتبنى قضية العراق، بالتعاون مع (الحزب الإسلامي العراقي)، واستمر في هذه المحاولة ما يقرب من ثلاث سنين. لكنه لم يوفق في ذلك؛ بسبب المنهج الترضوي التقليدي الذي يسير عليه الحزب منذ نشأته، ولا يمكنه التخلي عنه. والحال نفسه مع بقية المؤسسات التقليدية (كهيئة علماء المسلمين) الموجودة أمام الأنظار.

يؤمن أن التحدي الأكبر اليوم هو صناعة جيل جديد، يقود الحياة بمنهج جديد، أو تهيئة كفاءات قيادية جديدة بهوية سنية واضحة. له حالياً (2011) أكثر من أربعين مؤلفاً مكتوباً، وعدة دواوين شعرية، وخطب ومحاضرات كثيرة ما بين صوتية ومرئية يعالج فيها قضية التشيع من جوانبها المختلفة.

بين غائب وطه

أما قصة غائب الدليمي فقد كان أبي رحمه الله قد أحب قبل مولدي شابة من أهل الجنوب، وعلى عادة بعض أهل العراق يلقبون من لا ولد له بـ( أبو غايب ) كانت تناديه ويناديها بهذه الكنية. وغابت تلك الحبيبة من حياته لكن أثرها ما زال حاضراً ، فليكن (غايب) هو اسم الابن البكر وفاء لذكرى تلك الحبيبة الغائبة الحاضرة. لكن والدتي رحمها الله اعترضت على هذا الاسم الذي تعوذت منه، وتحدت الوالد – بعد أن أصر على ما أراد – قائلة:

  • سترى اسمي يبقى والا اسمك ؟

وشاء الله تعالى أن لا أُعرف بهذا الاسم ولا أَعرفه إلا يوم دخلت المدرسة! فالأهل والأقارب ينادونني باسم (طه)، حتى كبرت ووصلت السنة قبل الأخيرة من الإعدادية، فغيرته رسمياً إلى اسمي المعروف، ليعود ذلك الاسم إلى غيبته الأبدية كغيبة المهدي. بعد ذلك بعشرين عاماً جاءني من يقول لي :

  • هل علمت بالخبر الجديد ؟
  • أي خبر ؟
  • الشيعة يقولون : هذا يكذب عليكم ليس اسمه شيخ طه ، إنما اسمه غايب

ضحكت وأنا أُجيبه :

  • قل لهم : غائبنا ظهر بعد أقل من عشرين سنة ، لكن شوفوا غائبكم !

“نحن نعلم أن الشيعة تميزوا بالوشاية بين الحاكم والمحكوم وهذه الوشايات لم يسلم منها أحد من أهل السنة في أي بلد تمكن فيه الرافضة من نيل مراتب عُليا في الدولة”

  1. ماهي الوشايات والشائعات التي تعرضت لها من قبل الشيعة في العراق والتي كدت أن تهلك بسببها إبان الحكومة العراقية السابقة في عهد الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله؟

الشيعة كشعب يشبه في تكوينه النفسي – إلى حد كبير – الثعلب الذي يحفر مغارته ويجعل لها عدة فُوَّهات وهمية بحيث إذا حوصر من مكان هرب الى المكان الآخر.

شخصية الشيعي تعيش دائما عقدة الشك لكل من – وما – حولها، فهي مضطربة لا يمكنها العيش مع امتلاك الشعور بالأمان من المجتمع؛ والسبب في ذلك شعورها بالدخالة على ذلك المجتمع. والشعور بالدخالة يجعل الشيعي دائم الشك والشعور بعدم الأمان وكما قال تعالى: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) (المنافقون:4). الشيعي فاقد للشعور بالهوية الوطنية، فإن (وطن الشيعي طائفته) لا بلده الذي يقطن فيه.

حين يجد الشيعة من يتصدى لهم ويفضح خبثهم وسوء طويتهم يحاولون بكل وسيلة الإيقاع والوشاية به.

تعرضت – بسبب ذلك – لمكائد ومؤامرات ووشايات عديدة، شرحت بعضها في كتابي (البادئون بالعدوان) الذي سيطبع قريباً إن شاء الله تعالى. وصدرت فتاوى وتحريضات بالقتل. ووقعت أحداث أكتفي بشرح واحدة منها:

شاهد من شواهد

جاءني إلى بيتي في ناحية اللطيفية أحد أصدقائي يوماً وأنا أتهيأ لألقاء محاضرة في المسجد، ليخبرني بأمر خطير يحاك ضدي. أحد الباعة المتجولين في السوق ممن تحول إلى مذهب أهل السنة، لكنه كان يخفي تحوله عن أهله ومجتمعه، أخبره بأنه مر بمحل لشخص معروف لديه، فوجد عنده رجلاً من أهل النجف، سمعه يتحدث معه بشأن خطة اغتيال تدبر ضدي! أسرع الأخ البائع، ليخبر صديقي بالأمر. وجاءني ذلك الصديق على الفور بما سمع من صاحبه. لم أحمل الأمر على محمل الجد، لكنني سجلت اسم الشخص على ورقة، ووضعتها على الطاولة، وخرجت إلى المسجد. كان ذلك قبيل غروب يوم 8/4/2002.

بعد المحاضرة مباشرة – وبينما كنت ألملم أوراقي – فوجئت بشخصين، أعرف أحدهما، والآخر أجهله، وقد تخطيا صفوف الحاضرين، ليقفا على رأسي والشرر يتطاير من عيونهما، ويتكلمان بكلام خشن، وبنبرة حادة تتزايد وتيرتها مع الكلام. حاولت صرفهما بكل وسيلة فلم أفلح. كان المؤذن لحظتها يرفع أذان العشاء. وأخيراً….. وقع الصدام بيننا، وحدث ما لم أكن أتمناه. سارع بعض الحضور فأغلق الأبواب. وكانت بادرة ذكية، فقد تبين فيما بعد أن هذين لم يكونا إلا طليعة لمجموعة من الغادرين كانوا يتربصون اللحظة المعينة ليدخلوا من باب المسجد الخارجي الجانبي، وينفذوا ما يريدون تنفيذه. قطع المؤذن الأذان وبقيت السماعة مفتوحة. كان مخفر الشرطة قريباً فهرع إلينا بعض أفراده، أحدهم ضابط، وقاموا باعتقال الشخصين. كانت بعض النسوة الشيعيات من جيران المسجد – كما نقل إلي من قبل الناس الذين شهدوا الحدث – يرفعن أصواتهن بالزغاريد. كذلك فعلت نساء أخريات في حي آخر بعيد عن المسجد يقطن فيه أحد الشخصين، وهو الذي كنت أعرفه.

كانت ليلة ليلاء، وحادثة لها ما بعدها. كثرت فيها الشائعات والروايات المتضاربة، والقيل والقال. وحين عدت إلى بيتي منتصف الليل، تفقدت الورقة التي تركتها على الطاولة، ففوجئت بأن الاسم الذي كتبته فيها يعود للشخص الآخر الذي لم أكن أعرفه! وقد عرفته من خلال الحادث حين صار الناس يذكرون اسمه. وتبين لي فيما بعد أنه إيراني الأصل. ينتسب زوراً إلى إحدى القبائل العربية. أمه مديرة مدرسة ابتدائية، وعضوة فرقة في حزب البعث! من المفارقات المضحكة أن أخاً له حضر إحدى مرافعات المحكمة فيما بعد، طلب القاضي منه هويته، فتبين أنه ينتسب إلى قبيلة أخرى غير القبيلة التي ينتسب إليها أخوه!

بعدها دخلت في دوامة من المشاكل والقضايا، والمرافعات في المحاكم، والمراجعات لدوائر الشرطة والداخلية والأمن والحزب. وفي كل مرة يلفقون قضية ضدي. وحين كنت أواجه المسؤولين، كانوا يقولون: نحن نعرف كل شيء، ولكن ماذا نفعل إزاء القانون الذي يمنح كل مواطن حق الشكوى ضد أي شخص؟!

وما زالت الملاحقة والتهديدات جارية. ولكن الله تعالى سلمني ويسلمني من شرهم في كل مرة، ولي ظن بفضله أن يحفظني حتى أؤدي رسالتي وأصل بها إلى مبتغاها بإذن الله.

لكن ما يؤسف له وقوع بعض المنتسبين للسنة في حبائل مؤامراتهم وهذا ما كان يساعد كثيرا على تمرير مخططاتهم الخبيثة .

فكم عانينا من بعض المؤسسات بل والمعممين السنة الذين مررت من خلالهم مؤامرات الشيعة.

فعلى المجتمع السني أن يفقه شخصية التشيع وها هو صدام حسين كم كان عدد وزرائه وقادته الشيعة لكن ما هي النتيجة ؟ والحكيم أو السعيد من اتعظ بغيره.

  1. هل ترى ومن خلال متابعتك للأحداث الأخيرة في الوطن العربي من ثورات ضد الظلم والاستبداد أن العراق سيكون له موقف من الحكومة الطائفية المزدوجة العمالة؟

السؤال الأهم

السؤال الأهم: بعد تقديم القرابين والضحايا ونجاح الثورة لمن ستؤول النتيجة؟ ومن سيتحكم بالثورة ويقطف ثمراتها؟ أم سنظل دائما نحن الوقود تحت طبيخ لا نذوق منه سوى الدخان والرماد؟

إذا لم يكن التغيير أو الثورة ضمن مشروع وخطة يشرف على وضعها وتنفيذها قادة معروفون، فربما سرقت الثورة وتبخرت تضحياتنا وصرنا ضحية لمشاريع الآخرين من المتربصين والمتصيدين والانتهازيين. ليس المهم تغيير الماضي، إنما المهم هل سيكون المستقبل خيراً وأفضل؟ لكنني على كل حال متفائل بالذي يجري، وأتوقع بالمجمل أن تكون له آثار جيدة.

لست أخشى التشيع خارج العراق، بل إنه يحمل تابوته بيديه، (يتوسع أفقياً ويسقط عمودياً) ولا بد. ويمنح جسم الأمة المخدر أو المشغول النظر بأمريكا واليهود فقط عن رؤية خطر الشيعة وإيران، يمنح هذا الجسم المناعة المطلوبة. وهذه قلتُها منذ زمن بعيد، والبحرين شاهد.

لكن الخوف على العراق؛ إذ الضربة فيه كانت ماضية.. [أقول: ماضية، ولا أقول: قاضية]. لكن رياح التغيير شملته بالهبوب، وحاجز الخوف انكسر، وقالب الجمود واليأس الذي تموضع فيه السنة بدأ بالذوبان. وليس ذلك بفضل أحد من القادة القدماء من ذوي التفكير النمطي البائس، إنما التجربة المرة هي التي صارت تعلم الناس وتدلهم على الطريق. ما يجري في سامراء اليوم شاهد، وتعالي صيحات الناس في صلاح الدين والأنبار وغيرهما من محافظات السنة بالمطالبة بالحكم أو الإدارة اللامركزية علامة خير، ودلالة على أنهم ما عادوا يثقون بتلك القيادات النمطية القديمة، التي جلبت عليهم الكثير من الأذى والدمار. جمهور السنة صار يقود نفسه بنفسه، وهذه دعوة ملحة لتهيئة قيادات جديدة واعية تتقدم الصفوف. وإن غداً لناظره قريب.

  1. هل دور العشائر في العراق مقتصر على حل النزاعات بين أفرادها؟ أم امتد الدور ليشمل الإصلاح السياسي، وربما تعدى ذلك الى المطالبة بتغيير الحكومة الحالية؟ وماهو الدور المأمول من شيوخ العشائر وأفرادها لإنقاذ العراق من التدهور السياسي والإنساني والخدماتي الذي بدأ مع بداية الاحتلال الأمريكي الفارسي له؟

أي العشائر تقصد ؟!

السؤال ذو شطرين.. ما يخص الشطر الأول عن دور العشائر.. فهل المقصود السنية منها؟ أم الشيعية؟

إذا كان المقصود العشائر الشيعية فهذه ليس لها من الهوية العربية إلا الاسم، وأما ولاؤها فللعجم بسبب عقيدة المرجعية التي بها أحكمت عمائم العجم سيطرتها عليها. وبذلك فقدوا الانتساب الحقيقي لعروبتهم ودينهم. والاستثناء وارد، ولكنه قليل، وغير مؤثر.

أما العشائر السنية فدورهم في الإصلاح السياسي ما زال محدوداً في حاجة إلى تفعيل؛ لأسباب ذاتية منها صعوبة جمعهم في كيان سياسي واحد أو كيانات منظمة متعاونة. وأسباب خارجية منها سيطرة المنظومة السياسية السنية رغم ضعفها، المتشعبة ما بين الحزب الإسلامي وبقية الكيانات السنية الأخرى. فهم بحاجة إلى تغيير النظرة القديمة، وإلى وعي يوحدهم أو يوجد لهم حداً مقبولاً من التوافق والتنسيق للوقوف في وجه التحدي المحدق بهم من قبل إيران وشيعتها وعملائها.

نحن لا ننتفع بأي إصلاح ما لم يكن فيه التمكين لأهل السنة بقيادة سنية، وليست سلطة شيعية متحكمة فينا تعمل على ترضيتنا بإشراك بعض الترضويين أو المائعين بحضن التشيع من المحسوبين على أهل السنة والذين يعتاشون على فتات موائد عملاء إيران، والأمثلة كثيرة. ولا يخرجنا من هذا المأزق إلا وجود قيادة سنية محررة ومتحررة من التشيع فكرا وأفرادا.

فشعار (الشعب يريد إسقاط النظام) في العراق لا يعول عليه كثيراً كما في غيره من الأقطار. فالحكومة حتى لو تغيرت وجيء بحكومة أخرى فإنها ستقوم بخدمة التشيع ومصالحه. إذن ما الذي استفدناه؟

دور العشائر يجب أن يبنى على قاعدة التحدي وخذ وطالب، واخطُ وتقدم، وليس على الترضية والقبول بما هو أدنى.

العشائر فيها خير كثير، والتحدي الذي يواجهنا هو كيف نُشيع الوعي بينها أننا إزاء عدو شعوبي (إيراني – شيعي) يريد استئصال قيمنا وتغيير جغرافية وديموغرافية بلدنا ومناطقنا. أن نفقَه ونفقّه عشائرنا بذلك هذا من أول مهامنا, فإذا نجحنا صار دور العشائر يعول عليه لتحقيق نتائج ايجابية. وإلا ما قيمة الرضا بواقع تحت حكم شيعي نطالبه بتحسين الخدمات؟

“الإعتصامات في الموصل كما نعلم أنها سنية هل ستؤتي أكلها في القريب العاجل؟ أم أن سُراق التاريخ – وكما هي عادتهم – سيركبون الموجة لتحويل هذه الاعتصامات من اعتصامات سنية شعبية الى شيعية سياسية، وستحمل لافتات لأسماء مرجعيات؟ وهذا لا يخفى عليكم للنيل من التغيير لصالح السنة”.

  1. وماموقف أغلبية أهل السنة في العراق من هذا التدخل الصفوي السافر؟

حركة بحاجة إلى تنظيم موجه

الموقف العام لأهل السنة في العراق صار يتجه ويتسارع نحو النقمة من التدخل الإيراني في شؤون البلد. فما من سني علماني أو إسلامي إلا هو ناقم على ذلك.

لكنني أقول: إن كل حراك فكري أو فعلي غير منظم ولا موجه بإحكام ووعي نحو الهدف لا قيمة له كبيرة ترجى على الواقع.

ما لم تكن عندنا منظومة ذات منطلقات ربانية سليمة، وأهداف سامية واضحة، وخطة علمية محددة، ووسائل فعالة مناسبة تلتف حولها هذه الجموع فلا قيمة لكثرة الناقمين.

أؤكد دائما لا بد لنا من منظومة مبنية على هذه الأسس الأربعة (المنطلقات، والأهداف، والخطة، والوسائل) بالمواصفات المذكورة، تجمع أهل السنة وتستغل الحدث لصالحها.

أما موضوع الاعتصامات التي تكون هنا وهناك في مناطق أهل السنة…

نعم هذه تضعف دور الحكومة وتشكل عامل ضغط، ولكن ما لم تنظم على الصورة التي ذكرت سيكون مصيرها مصير المقاومة، التي دفعت الثمن واستغل غيرها الثمرة.

واليوم هناك فضائيات شيعية تلعن الأمريكان واحتلالهم للعراق وتتمجد ببطولات الشيعة (المقاومة) له، وذلك بدفع من إيران بعد أن استهلكت الورقة الأمريكية “فترة صلاحيتها” بالنسبة لإيران، والسنة إما ساكتون أو مجاملون! أو مداهنون مؤيدون.. تاريخنا يسرق – بعد أن سلبوا حاضرنا – ونحن نتفرج!

الخونة يلبسون لبوس الوطنية والمقاومة

المقاومة السنية الأسطورية هي التي أجبرت المحتل على أن يسبل ذيله بين رجليه ويعلن برمجة هزيمته، حتى إذا لم يبق إلا الإعلان النهائي إذا بثعالب الشيعة – كجيش المهدي) المجرم – ينفشون ذيولهم ويستعرضون فلولهم ويدخلون الساحة ويعلنون عن أسماء لفصائل لم نسمع بها يوماً من قبل! (لواء اليوم الموعود) وما شابه من هذه الأسماء النكرات، ليقولوا: نحن أخرجنا المحتل! فكان مثلهم كمثل محتال شهد صراعاً ضارياً بين بطلين حتى إذا سقط أحدهما مغشياً عليه بوكزة من خصمه، الذي انتحى جانباً يلهث من الإنهاك، إذا بذلك المحتال يرتدي ملابس المصارعة على عجل ويتسلل إلى الحلبة ليرفع يديه بالفوز بعد أن ركل الخصم الساقط بلا حراك بقدمه ركلة أو ركلتين! هكذا عمل الشيعة على نهب حاضرنا وسرقة تاريخنا ويريدون لمقاومتنا أن لا تحصد شيئاً مما زرعته، حتى مراسيم الاحتفال بجلاء المحتل الذي تحقق على يدها لا يريدون لها حضوره أو أن تكون أحد شهوده!

ولكن هيهات هيهات؛ لقد تغير الزمان، وما عادت الأكاذيب في زمن الفضائيات أو (الفضائحيات) تنطلي إلا على أصحابها! وأبشركم بأن الشوط ما زال أمامنا، والنفق لا يخلو من مصباح، بل مصابيح.

“قناة صفا ووصال تحملان رسالة التوحيد وقضية الدفاع والذود عن عرض النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام البررة ولحقت بهم بعد سنة من الدعم المادي بالرسائل sms وعبر الحسابات المصرفية البنكية قناة وصال فارسي والتي ستغزو الصفويين في عقر دارهم فالكل متعطش للنيل من هذا الدين الصفوي وتدميره والقضاء عليه عقائدياً”

  1. فهل لقناة جديدة تساندهم وتحمل لواء القادسية لتعيد المجد التليد ويكون شعارها “كل يوم كل أرض قادسية”؟؟

أما قناتا صفا ووصال. فهما صوت رغم انفراده بين أبواق الشيعة وإمكانياتهم التي سخرت لخدمة التشيع، لكنه دوى فخلع قلوباً وأطاش عقولاً وزلزل عروشاً حتى صاروا يهيمون في كل واد من أجل وأد هذا الصوت وعلى أعلى المستويات. فلو تعززتا بقنوات أخرى لكان اشد وأنكى.

الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يقول لحسان: (اهجهم حسان وروح القدس معك) ولم يكن حسان (رضي الله عنه) يحسن سوى الشعر ومع ذلك يخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأن معه روح القدس.! فللإعلام دور عظيم وخطير.

نتطلع معكم دوماً لتأسيس قناة أخرى وأخرى لردع هذا الباطل الشيعي. ونحن في القادسية نتطلع ونأمل من أهل السنة وندعوهم للقيام معنا لإنشاء قناة على غرار الموقع بهذا الشعار (كل يوم كل ارض قادسية). هو حلم ولكن الغد آت بتأويله إن شاء الله. كما كانت قناة كصفا ووصال حلماً قبل سنوات معدودات ثم ها هو الحلم له صولة وجولة، ونتائج وثمار!

” للرافضة مليشيات تقتل أهل السنة دون أي رادع، والجيش التابع للمالكي الطائفي والاحتلال يقف متفرجاً! في ظل هذه الأوضاع الدموية التي ترتكب بحق اهلنا في العراق والاحتلال الفارسي الصفوي يقود كل تلك المجازر”

  1. فهل هناك موقف واضح لهيئة علماء المسلمين غير خروج المحتل الأمريكي؟؟ وهل هناك جيش أم مجموعات شعبية مسلحة تقوم بحماية الأهالي والمساجد والأحياء السكنية التي يقطنها اغلبية سنية؟ وإذا لم يكن موجوداً من سيحميهم بعد الله؟ وأين علماء السنة في العراق من إعلان الجهاد ضد الاحتلال الفارسي والأمريكي؟

الآتون من الماضي المتجهون إليه !

موقف هيئة علماء المسلمين وغيرها من المؤسسات العراقية السنية ذات الصبغة الدينية وغير الدينية يمتاز بضبابية الرؤية وتشوش البصيرة، والبعد عن التركيز على الهوية السنية، والركض وراء وهم مقولة (الشيعة العرب)، حتى لا توصم بالتطرف والطائفية. إضافة إلى ضياع الهدف وفقدان المشروع، وعدم وجود خطة. جاء بها تيار الأحداث العاصف فطفت برهة من الزمن فوق أمواجه، حاولت أن تتعلم السباحة وهي في وسط الأمواج، وهذا غير ممكن، فصارت تغوص وتغوص، وقد آلت إلى مجرد ظواهر صوتية ستتمزق مع الوقت.

مشكلة هذه المؤسسات أنها تعيش في غير زمانها، إنها صوت من الماضي يريد أن يجر عربة الأحداث إلى الوراء. وهذا عكس طبيعة الأشياء؛ فالمؤسسات التي يعول عليها هي القادمة من المستقبل إلى الحاضر لتأخذ بيده إلى المستقبل، بينما وجدنا ما بين أيدينا من مؤسسات قادمة من الماضي إلى الحاضر تريد أن تعود به إلى ما وراء وراء. بعضها – كالحزب الإسلامي – أدركته الشيخوخة منذ زمن بعيد، فهو يمشي على عكاز في غير الطريق، ومنها – كالهيئة – ولدت وهي في (عز) الشيخوخة. مشكلتها أنها قيدت نفسها بأفكار تسميها (ثوابت)، أغلبها انتهت فترة صلاحيته، أو هو فاسد من الأساس، أو موضوع لزمان غير زماننا ومكاننا كالذي يركب فرساً مطهماً ويسير به مختالاً في نفق للمترو!

مؤسسات علمانية بواجهات دينية !

نريد من إخواننا فقه الواقع بما يتناسب وحجم التحديات ويتكيف ونوع الخطر، وفقه الموقف أو الحكم الشرعي طبقاً لذلك الواقع. هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية أن يكون الشرع فوق كل مفهوم أو مرجعية. بعض هذه الهيئات ذات واجهة دينية، لكنها تنطلق من مرجعية وطنية لا دينية، بمعنى أن الحكم النهائي هو لما يمليه قيد الوطنية وإن كان مخالفاً للدين، وهو – بطبيعة الحال – لا يحقق المصلحة ولا يتواكب مع الزمن ولا يتناغم مع الواقع. الصحيح هو العكس. نحن نعلم أن الوطنية من الدين، وتتطابق معه كثيراً، ولكن ليس دائماً. ونحن كمسلمين عندنا الدين وأحكامه فوق كل شيء.

حين تطلق شعارات وحدة العراق واللحمة الوطنية والتعايش الأخوي مع الشيعة. ومعها الدعوى باتفاق الطرفين في الدين. فهذا مخالف للشرع مناقض للواقع؛ فالقتل والتهجير والاعتقالات قائمة على أشدها ضد أهل السنة. إن هذه الترقيعات تنم عن رقة أو جهل بالدين، وتخلف عن فقه الواقع وبعد عن رؤية معطياته، ما يعطي فرصة للشيعة للتغلب والاستفادة منها بتمييع وإذابة وتضييع قضية أهل السنة. وها هي نتائج هذا (التآخي): الشيعة اليوم يصولون ويجولون حتى في المناطق السنية كالفلوجة والرمادي. أما السني فهو مهجر مطارد حتى في بيئته وحاضنته!!

المشكلة في المحتل الداخلي وليس الخارجي

المشكلة – ومنذ البداية – ليست في المحتل الخارجي ، وإنما بالمحتل الداخلي الذي جاء بالمحتل الخارجي إلى البلد كي يتمكن من خلاله وتكون له السيطرة على شؤونه. وهذا ما حاول السنة بكل سبيل تجاهله، وتفرغوا لمقارعة المحتل الأمريكي، فوقعوا في المصيدة.

لقد شارك السنة أنفسهم – قبل غيرهم – مشاركة في فعالة في تشويش وتضليل الرأي العام العراقي والعربي والإسلامي والعالمي حين حصروا المشكلة كلها في الاحتلال الأمريكي، وصوروا للآخرين أنه ما من مشكلة حقيقية بين السنة والشيعة، فضيعوا قضيتهم. المشكلة والأزمة والكارثة والقضية الحقيقية في العراق هي (القضية السنية). وهذا – رغم وضوحه وفداحته – لا يلتفت إليه، ولم يتشكل رأي عام على أساسه. إنما الرأي المستقر عليه داخلياً وخارجياً أنه إذا تخلص العراق من الاحتلال فأزمته إلى اضمحلال. وليس إلا مخلفات يتعاون الجميع (سنة وشيعة وعرباً وكرداً وتركمان وصابئة ويزيدين وكلدان وآشوريين و… و… وما صنع الحداد) على إزالتها. وهذا كله وهم في وهم، ومن عاش على الوهم ثماني سنين وفي ظل كارثة مثل كارثتنا ماذا تتوقعون نتيجته؟!

المحتل الداخلي يتمكن شيئاً فشيئاً، ويريد الانتهاء من خروج المحتل الخارجي ليستفرد بالبلد على حساب السنة. وليس من السهل اليوم في ظل هذا الاختلال في معادلة القوة، ومعادلة الفكر تكوين جيش سني، أو تشكيل مجموعات مسلحة؛ لأنها ستكون خارجة على القانون ومتهمة بالإرهاب ومكشوفة الظهر، لا سيما في غياب الدعم العربي، وسكوته أو خفوت صوته.

قبل أن تريد عليك أن تكون

والسؤال عن علماء السنة في العراق وأين هم من إعلان الجهاد ضد الاحتلال الفارسي والأمريكي، هو نتيجة من نتائج ضعف وضوح الرؤية هذه عن أزمة العراق تنظيرياً وميدانياً. فـ(قبل أن تريد عليك أن تكون). عليك أن تجيب: من أنت؟ قبل أن تقول ماذا تريد؟ والكلام في هذا معقد وطويل.

هل هناك مشروع قيادي سني يتبلور لاستمكان الأرض بعد الأمريكان؟ أم السنة يغرسون والشيعة يجنون؟

على أهل السنة تدارك الأمور قبل فواتها؛ فهناك إرهاصات لعودة المليشيات وعلى رأسها جيش المهدي، ولا بد لنا من بلورة فكرة تتحوط للكارثة قبل وقوعها.

نقول هذا، ولكن يبقى السؤال بـ(كيف) هو جوهر الأسئلة كلها.

“ماحدث في البحرين من قتل وتخريب ودمار على أيدي الرافضة كنت قد توقعته قبل حدوثه”

  1. فهل لك أن تحدثنا عن سبب توقعك لذلك؟ ما هي بنظرك مؤشرات حدوث هذه الغوغائيات الرافضية؟ وهل دول الخليج سيحدث بها ماحدث في البحرين أم سيتخذون وسائل أخرى لإسقاط حكومات وأنظمة تلك الدول؟

التاريخ والعقيدة فقط لا غير

إذا أردت أن تعرف أي أمة أو طائفة أو جهة فاعرف عقيدتها وقلّب صفحات تاريخها، أما واقعها فيكفيك منه الإشارات. وكما قيل: “إذا أرد أن تفهم ما يحصل عليك أن تعرف ما حصل”. نحن كتبنا عن الشيعة ودسائسهم وما يتوقع منهم منذ سنين. قرأنا الماضي ونظرنا في الواقع، فنظّرنا للمستقبل.. ولم نكتب تنظيرنا ذلك من وحي الخيال أو من وراء المكاتب المنعزلة عن ساحة الصراع. وشيئين فقط احتجناهما: العقيدة والتاريخ، ثم التمعن في إشارات الأحداث التي لم تكن تستطيع الإفصاح عن نفسها قبل حينها بوضوح. نعم من نظر في عقيدة قوم وتاريخهم لم يحتج من الواقع إلا الإشارات.

نحن أصحاب تجربة واقعية وقد خضنا الصراع على أرض الميدان، فأصبحنا بفضل الله أصحاب بصر وبصيرة بالقضية.

لقد كنا نعلم وأنذرنا مجتمعنا بأن التشيع ورم خبيث يستبطن جسد الأمة عليها التعامل معه بما يوازيه، حتى لو بالتداخل الجراحي. بل إذا كانت القاعدة تقول: “آخر الدواء الكي”، فنحن نقول: مع الشيعة لا بد من عكس القاعدة: فـ”أول الدواء الكي”، وهذا كان عنوان مقالة لي عن دخول درع الجزيرة إلى البحرين.

هل الشيعي ( مواطن ) ؟

ليس من علاج غير الجراحة، أو (الحجر الصحي). وأما إشراك الشيعة في الحكم والقرار في أي بلد سني فهذا حمق وجهل وهلاك. الشيعي لا يمتلك صفة المواطنة حتى يكون له حق المشاركة السياسية.

المواطنة تقوم على الإيمان بالسلم الاجتماعي القائم على الاعتراف بحق الآخر في العيش والتملك. وعقيدة (الإمامة) الشيعة تفرض على معتنقها وجوب قتلي واستباحة مالي! فأين اعترافه مع نفسه بحقي في العيش والتملك؟ فأين السلم الاجتماعي؟ فأين المواطنة؟ فأين حق المشاركة السياسية؟

لهذا وغيره كان لنا ولأمثالنا السبق بالتنبيه والتحذير من الخطر الشيعي والإيراني. ومحاولة وضع منهج متميز في مواجهته هو الذي نشرنا ونعيد نشر حلقاته تباعاً في موقعنا تحت عنوان (المنهج الأمثل في مواجهة خطر التشيع)..

ما حصل في البحرين من حراك عربي خليجي كان ضربة معلم، وكان هو الرد وهو الحل.

وإن هذا له ما بعده.

لقد بدأ العد التنازلي للشيعة

أنا أعتبر هذا الحدث هو بداية العد التنازلي لقوة الشيعة وزوال خطرهم. ولن يطول الأمر حتى تنكفئ إيران ان شاء الله على نفسها تلعق جراحها، وتهرش جربها، بشرط الاستمرار بهذه الخطوة وتحويلها إلى مسيرة، وعلامات أو بشارات ذلك لا تخفى على العيان. أما بقية دول الخليج فسيحاول الشيعة لعب الدور الخبيث نفسه، لكن بتغيير في سيناريوهات بعض مشاهده. فهم ينتظرون حدثا ما ليظهروا على السطح كالثعالب تحت الأنفاق لا تظهر إلا بالخفاء أو تحت جنح الليل.

ربما ستكون المحاولة القادمة الكويت على بعد فشلهم في البحرين لما للشيعة فيها من تغلغل بمؤسسات الدولة وتحكمهم بالاقتصاد ووسائل الإعلام ومشاركتهم السياسية التي صرنا نرصد تناميها في السنين الأخيرة.

وقد قام الشيعة ببناء عدة حسينيات غير مرخصة من الدولة, ورجال الدين الشيعة بالكويت لا ينضوون تحت قانون أي مؤسسة: لا تربوية ولا دينية تابعة للدولة وهذا الفلتان ينذر بخطر وقد ظهرت بوادره قبل أيام حين أقدمت الحكومة الكويتية على اكتشاف بعض الخلايا التجسسية المرتبطة بإيران وقدمتهم للمحاكم.

أقول.. على إخواننا العرب استيعاب الدرس واستئصال المرض والحجر على المرضى والسفهاء، وتطوير وتوسيع الخطوة الرائعة التي اتخذت في البحرين. وما سمعناه أخيراً من قرب انضمام الأردن – وربما المغرب – إلى مجلس تعاون الخليج العربي خطوة أُخرى رائعة رائدة تعد بالكثير.

  1. ماذا عن مصر والتحالف الواضح بين قيادات الإخوان المسلمين وخامنئي ونجاد فقد سمعنا لقاء لكمال الهلباوي وما جاء فيه من مديح وشكر وعرفان على ما قامت به إيران من دور لإنجاح الثورة المصرية؟ وهل هناك نية مبيته لظهور خميني مصري أصبح وشيك الحدوث؟

مصر بلد عريق ولها تاريخ مجيد وشعبها معروف ببطولاته ولنا نحن العراقيين مع إخواننا المصريين وحدة مصير دينية وأخوة دم عربية فصلاح الدين (رحمه الله) حرر مصر من الفكر الفاطمي الرافضي وقاد شعبها نحو تحرير بيت المقدس.

واليوم ننظر لهم بعين الأُخوة نفسها، ونأمل من إخواننا المصريين النظر بعين البصيرة للنفاق الشعوبي الإيراني وما فعلوه بإخوانهم أهل السنة بالعراق وغيره.

العلمانيون أقرب إلى قضيتنا من كثير من ( الإسلاميين ) !

نقول لجماعة (الإخوان المسلمين) هذه الجماعة التي تمثل اكبر التنظيمات السنية في العالم الإسلامي: لا يكونن غيركم أفقه منكم في قضية دينية عقائدية.. فالأولى أن يكون أهل الدين هم أفقه بها وأدرى بغور خطرها.

أنتم تقولون: نحن إسلاميون. وهذا يستلزم أن تكون المواقف السياسية منضبطة بالشريعة الإسلامية، ويقتضي أن لا يكون العلمانيون أقرب للدين والواقع منكم. فقد وقف الرئيس صدام حسين أمام المشروع الإيراني وأخر تصديره إلى المنطقة ثلاثين سنة، بينا وقفتم أنتم مع الخميني، وما زلتم تقفون مع خلفائه وحلفائه. وسمعنا الرئيس السابق حسني مبارك يقول إن الشيعة لا ولاء لهم تجاه أوطانهم بل ولاؤهم لإيران. وحذر الملك عبد الله ملك الأردن من الهلال الشيعي، وكان لملك المغرب وحكومتها موقف رائع تجاه إيران والتخريب الشيعي.

لا يليق بالإخوان أن يكونوا شهود زور لإيران التي تتعبد بلعن الصحابة والطعن بعرض النبي (صلى الله عليه وسلم) وتحريف القرآن وقتل أهل السنة. فقد قال تعالى (ستكتب شهادتهم ويسألون). وقال: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) .

أنتم أكرم من أن تكونوا شهود زور لشرار الملل !

فأي شهادة زور أعظم حين تشهد بصحة دين يكفر الأمة ويلعنها ابتداء من أبي بكر الصديق إلى آخر مسلم فيها وأي لغو أفحش من لغو إيران وتشيعها وشيعتها؟؟

ثم إن إيران تعيش على قمع شعبها ومصادرة حرياته بالقتل والتعذيب فأي خير يرتجى منها وهل هي من ستكون الداعمة لثورات الشعوب الأخرى؟ ثم هل نتعامى عن التعذيب والإعدامات لأهل السنة والعرب الاحوازيين؟!!

لكن إيران تحاول الهرب عن الداخل برمي مشاكلها إلى الخارج بما تسميه تصدير الثورة التي فشلت في إيران نفسها فأنى لها النجاح خارجها!!؟؟

أما ظهور خميني في مصر. فأرى أن ذلك الأمر مستبعد؛ لأن الظروف المحيطة لا تسمح بمثل هذا (الخميني) في مثل مصر. وأرى أن الإخوان تحولوا من جماعة لها جلالة دعوتها وعنفوان مبادئها وقوة التزام قادتها وشدة ثقة أتباعها ولهيب حركتها وبريق عنوانها، إلى مجرد إدارة ومكاتب وأرقام، ولو وصلت إلى ممارسة الحكم أو السلطة بأي شكل أو نسبة فليس ذلك في صالحها؛ ستنكشف عيوبها أكثر، ويزيد انفضاض الناس عنها، ويحصل التصدع في صفوفها، كما آل إليها حالها في التجربة العراقية والفلسطينية، وليس بعيداً عنها التجربة الأردنية، وقد يصلح الاستشهاد هنا بالتجربة السودانية.

“حماس التي مازالت تراوح مكانها مابين المصالحة الوطنية الفلسطينية وما بين التدخل الإيراني مقابل المساعدات المادية وعباس والولاءات الخارجية”

  1. هل القضية الفلسطينة أصبحت بين طرفين يتعامل كل منهم بعملة مختلفة فحماس تدعم بالتومان وعباس يدعم بالدولار؟ وهل هناك مخرج لهذه الأزمة السياسية والتي أضرت كثيراً بالقضية الفلسطينية من قضية مقدسات وأرض ولاجئين الى قضية قادة أصبحوا سماسرة سياسية غير آبهين بمعاناة الشعب الذي بات يسكن بالعراء من شدة الجور والفقر؟ هل القضية الفلسطينية ستتحرر من هذه الحركات التي كشفت عن وجهها متأخراً؟ أم لا زالت فلسطين قضية الشرق الأوسط الذي لا يعرف متى نهايتها؟

أما حماس فهي تفقد يوما بعد يوم لدى الأمة مصداقيتها؛ لارتمائها في حضن إيران وخروجها من حاضنتها العربية والإسلامية السنية. والمعيب أنها تصرح دون مواربة أن ولاءها لإيران لأجل الحصول على الدعم الإيراني ومنه المال.

حماس .. أسئلة تبحث عن جواب !

إنها بهذا تضع نفسها أمام أسئلة ومواقف محرجة شرعياً وسياسياً، من ذلك:

  1. هل المال الإيراني يذهب لمصلحة الشعب الفلسطيني؟ أم لتنظيم حماس التي ورطت نفسها في:

أ. تكوين حكومة محكومة بالاحتلال الإسرائيلي من جهة

ب. وتقييدها بسيطرة حكومة منظمة فتح بقيادة أبو مازن من جهة أخرى

جـ. ومسؤوليتها كحكومة أمام الشعب ومتطلباته المادية والأمنية والسياسية وغيرها من جهة ثالثة!

  1. كيف يمكن الجمع بين دخول العملية السياسية تحت ظل الاحتلال وفي الوقت نفسه إدارة أو خوض عملية مقاومة ضد هذا الاحتلال؟
  2. هل المال الإيراني سيسهم في تحرير فلسطين؟ أم ماذا؟ والمفارقة تظهر من حقيقة جلية هي أن قضية فلسطين قضية أمة، لن تحل أو تحرر فلسطين من داخلها إنما من خارجها. فالمال الإيراني لن يسهم في تحقيق الهدف ولا السير باتجاهه. هذا إذا سلمنا بنظافته من الشروط والتبعية، وذلك غير ممكن. فكيف وهذا المال لم ينعكس على الشعب الفلسطيني إلا فتنة وتفرقة؟! انظر كيف أدت الأوضاع في سوريا وتأثيرها على القرار الإيراني وإمكانية ضمور السيطرة الإيرانية.. كيف أدت إلى المصالحة مع فتح. وهذا يشير بوضوح أن إيران أحدى الجهات المؤثرة – إضافة إلى أمريكا وإسرائيل – وراء العراقيل التي كانت تمنع المصالحة بين الطرفين، وأن قرار حماس خاضع لقرار إيران، بسبب من ذلك السحت الحرام!
  3. لم تكن علاقة حماس بإيران متوازنة بل كانت على حساب قضايا عديدة منها القضية العراقية، وسكوتها لا عن الجرائم الإيرانية بحق العراقيين فحسب، بل سكتت حماس حتى عن الدم الفلسطيني الذي هدر على يد فيلق (القدس!) والمليشيات الشيعية التابعة له! وسكتت عن المصير المجهول لآلاف المهجرين الفلسطينيين من العراق إلى المنافي!
  4. إن هذا بطبيعة الحال يزيد الانقسام بين شعوب الأمة، ويرتد سلبياً على القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى. وهذا ما قلته للأخ خالد مشعل في رسالة وجهتها إليه في شتاء/2006. لقد أضعف هذا الموقف من شعور العراقي والأحوازي والخليجي نحو المأساة الفلسطينية. وهذا شيء طبيعي؛ فقانون الحياة لا يقوم على الأخذ فقط دون العطاء. فعندما أرى الفلسطيني (ولا أعمم وإنما أقصد من فعل ذلك) لا يفكر إلا في قضيته وإن كان ذلك على حساب قضيتي، بل قد يصل الأمر إلى حد التواطؤ (ولا أريد القول التآمر) مع عدوي الأول إيران.. فأنا تلقائيا سيضعف شعوري تجاهه. والنتيجة سيتركز اهتمامي في قضيتي فقط. وبهذا تقسم الأمة قضية وفكراً وشعوراً، بعد أن قسمت جغرافياً. والخاسر الأكبر هو فلسطين وشعبها؛ لسبب بسيط هو أنني – كعراقي أو خليجي مثلاً – لست محتاجاً للفلسطيني كحاجته لي. فهل حماس في غفلة عن هذه النتائج، وقد وضحت لهم ذلك بالتفصيل من خلال الرسائل واللقاءات المباشرة؟ أم هي لا تفكر إلا في حزبها وسلطتها؟
  5. ثم متى قصرت الأمة عن دعم أبنائها في فلسطين سواء على المستوى الشعبي أم الحكومي؟ وهل ما تدفعه إيران أكثر مما تحصل عليه حماس من العرب والمسلمين؟ بل كثير من دول العالم في الشرق والغرب يسندهم مادياً وسياسياً وإعلامياً.
  6. والسؤال المثير: أين يذهب هذا الدعم؟ إن فلسطين كلها لا تساوي محافظة واحدة من محافظات العراق، فما بالك بغزة التي لا تساوي في حجمها قضاء كالمحمودية بل ناحية من نواحيها كاللطيفية، والسؤال: إذا كانت حماس عاجزة مع كل هذا الدعم عن حل مشكلة منطقة صغيرة كغزة فعلام هذه الجعجعة؟ وهل الأمة في خدعة إعلامية اسمها غزة؟ هل غزة هي راية لاستدرار عطف جيوب المسلمين وغير المسلمين؟ فأين تذهب تلك الأموال؟ هل يعقل أن هذا الدعم كله يعطى لحماس وهي متخلفة عن إغاثة هذه المنطقة الصغيرة؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ لا ينبغي أن نكون مغفلين إلى هذه الدرجة! ما المانع أن تريد حماس لغزة أن تبقى جائعة محاصرة كي تكون لها قضية مستمرة وقميصاً ترفعه على الدوام تهيج به عاطفة الجناهير وتستدر جيوبهم باستمرار لغايات لا تصب أصلاً في مصلحة أهل غزة؟ والاستفهام والاحتمال قائم أنه لولا ذلك لحلت مشاكل غزة على الأقل المادية منها.
  7. ثم أين عمليات المقاومة التي تحتاج إلى أموال طائلة لتمويلها، حقاً كعراقي احتل بلده ويعرف الأسلحة وتكاليفها المادية ومعنى القتال وأعبائه أضحك ساخراً من تلك الصواريخ الكبريتية [كأنها أعواد الكبريت الطويلة]، التي تطلقها حماس كل بضعة أشهر مصحوبة بجعجعة إعلامية: مسلحون ملثمون ولافتة كبيرة وراءهم وخطاب حماسي وضجيج. ولا أحد يسأل ما جدوى هذه الصواريخ؟ وما تأثيرها على العدو؟ ثم كم كلفة تلك الأعواد الكبريتية؟ شيء مضحك والله! ربما لا يكلف الواحد منها 20 دولاراً! ألا يثير ذلك الشك، ويجعلنا نحتمل أن الأمة كلها تعيش خدعة إعلامية، الغاية منها تحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن الخط الصاعد باتجاه التحرير؟
  8. أسئلة كثيرة كعاصفة الغبار تثور أمامي وأنا أراجع مواقف حماس، وأنظر إلى تواطئها مع إيران على التغطية على المقاومة العراقية، وفي الوقت نفسه تسوق لإيران وأنها أم المقاومة وتتمدح بالزنديق حسن نصر الله وتنفخ من حجمه!
  9. ثم متى تباع المبادئ والقضايا بالمال؟أين التوكل على الله؟ وأين حماس من قوله عن المنافقين أشباه إيران وشيعتها: (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ [المنافقون:7]؟

كيف يمدح من يكفر الصحابة والأمة ويطعن بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكيف يرضى مسلم بتصدير هذه الزندقة إلى داخل شعبه، كل ذلك من أجل عرض من الدنيا قليل؟!!

أين هم من قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه الإمام مسلم عَنْ أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « بادِروا بالأعْمالِ الصَّالِحةِ ، فستكونُ فِتَنٌ كقطَعِ اللَّيلِ الْمُظْلمِ يُصبحُ الرجُلُ مُؤمناً ويُمْسِي كافراً ، ويُمسِي مُؤْمناً ويُصبحُ كافراً ، يبيع دينه بعَرَضٍ من الدُّنْيا»؟!

و أنا اذكرهم بالعروض التي عرضت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو بأشد الحاجة لها. فحين عرضت عليه قريش الملك والمال والنساء أبى كل ذلك.

فلماذا تتنازل حماس عن مبدئها وتتحالف مع اعتى دولة تشن أبشع حرب على دين الإسلام ورموزه؟

ما يصل حماس من مساعدات العرب والمسلمين يكفي وزيادة

وأقول لإخواننا في (حماس): ما يصلكم من مساعدات الدول العربية والإسلامية والعالمية كاف – ويزيد – لسد جوعكم ومصاريف إعلامكم، فلا حاجة كم لهريسة إيران، وسحتها الحرام.

ولو أنهم تحالفوا مع عباس لكان أطهر لهم، وخيراً لشعبهم، وأكثر توحداً لصفهم من تحالفهم مع إيران؛ فهذا علماني ولكنه لا يسب الصحابة ولا يطعن بأزواج النبي ولا يرسل المليشيات لبلدان أهل السنة للقتل والتهجير ولا يأخذ الخمس ولا يقر بمتعة الأعراض وتفخيذ الرضيعة!!

أليس دينه أفضل من دين الخميني؟

القضية الفلسطينية تكاد تكون مجرد تاريخ يعيش على تركته شركات تسمي نفسها حركات.. إلا من رحم.

والحل أن يعود الفلسطينيون إلى دينهم، وإلى حاضنتهم العربية، وينزعوا بأسرع وقت يدهم من يد خامنئي المشلولة، وإلا فإنها لن تزيدهم إلا وهناً وشللاً.

“بعض الدول العربية تمكن النظام الإيرانى من إرساء قواعد له فيها من خلال أفراد أصبحوا مواطنين منذ عشرات السنين وهم الطابور الخامس من المواطنين”

  1. لماذا لم تنبه الدول العربية لهذا الخطر الفارسي إلا مؤخراً؟ وكيف يتم علاج المشكلة بعد أن أصبحوا من الشعب الآن؟

شيء من الرجوع إلى الوراء

لهذا أسباب كثيرة، لكن لو تتبعنا الموضوع حسب تسلسله الزمني نجد أن الخميني استهدف العراق أول ما استهدف في مشروعه الذي أسماه (تصدير الثورة)، كما رفع شعار (تحرير القدس يمر من كربلاء)، إضافة إلى شعارات أخرى رنانة تعبر عن وقوفه إلى جانب الفلسطينيين ضد اليهود. إن هذا التصرف بشقيه نتج عنه أمران:

1. اكتفاء الدول العرب بوقوف العراق في واجهة الصراع أمام الأطماع الإيرانية، والتعاون معه ولكن من خلف الواجهة الأمامية التي تصدى العراق لامتلاك ناصيتها. ولا شك أن الاكتفاء بالغير يمنح الآخرين شعوراً بالأمان يؤدي إلى ضعف شحذ الأسلحة الفكرية بكل أنواعها الدينية والعقائدية والقومية والتاريخية والأمنية والاستخبارية وغيرها، إضافة إلى توقف الأسلحة العسكرية من الأصل، ما ينتج عنه شعور بالضعف يعالج بالمداراة وعدم المواجهة، وإخماد أي حركة بهذا الاتجاه. مما ساعد على هذا الضعف أن العراق لم تكن منطلقاته ضد إيران تلامس الشعور الديني الذي عليه جمهور الأمة؛ إذ كان يتبنى فكراً قومياً عن طريق حزب علماني هو حزب البعث، الذي أفتى بعض العلماء خصوصاً في الجزيرة العربية بتكفيره، لا سيما وأن على رأسه رجلاً مسيحياً. فأمست صورة المعركة لدى جمهور عريض من أمة العرب والمسلمين تمثل شكلاً من أشكال الصراع بين جانب علماني قومي وجانب ديني رافضي، أي كأن المعركة لا تعنيهم. وهذا أخر كثيراً دورة عجلة التفكير لدى هذا الجمهور في سبيل فهم الخطر الشعوبي الإيراني. على أن نسبة غير قليلة منهم كانوا يتعاطفون مع إيران على أساس أنها دولة إسلامية يقاتلها نظام أقل ما يوصف به أنه علماني! وهكذا راحت صيحات العراق وندواته وإعلامه في غالبه أدراج الرياح!

2. الأمر الآخر هو انخداع كثير من الفلسطينيين وغيرهم بشعارات إيران وتوهمهم صدقها فوقفوا – وما زال بعضهم – إلى جانبها. عزز ذلك النظرة القاصرة للأحزاب الدينية إلى أن إيران دولة إسلامية، وأن الخلاف بينها وبين غيرها بسيط لا يتجاوز الاختلافات الفقهية. وهذه سذاجة ما بعدها سذاجة. أضف إلى ذلك انخداع بعض القوميين بما يسمى بـ(حزب الله) على أنه مقاومة عربية حقيقية، وبما أن إيران هي الأم لهذا الحزب فكانت النتيجة أن نظر إليها على أنها أم المقاومة ضد أمريكا وإسرائيل. ولا تنس دور المال الإيراني الذي يغدق على الأتباع والعملاء وجيوش من الإعلاميين والمفكرين والصحفيين والأحزاب والهيئات، بل وحتى السياسيين والرؤساء!

انتهت الحرب مع إيران في آخر سنة 1988، وبعد سنتين ارتكب الرئيس صدام حسين خطأ ستراتيجياً فقام باجتاح الكويت، وحصل ما حصل مما هو معلوم. وهذا ما زاد الطين بلة والضعف علة؛ إذا بدا العراق كأنه هو العدو الأول والخطر الأكبر الذي يهدد المنطقة، وليس إيران. وهكذا عمل الجميع بصورة أو أُخرى على إسقاط النظام العراقي وإن كان البديل نظاماً شيعياً موالياً لإيران! وفاتهم – وسط هذه الحمى – أنه إذا سقط هذا النظام فإن البوابة الشرقية لن تفقد الحارس فقط وإنما ستقتلع من أصولها. وهذا ما كان. فعالجت زكاماً بجذام!

تخلف الثقافة السائدة

ومن الأسباب تخلف الثقافة العربية السائدة في قراءتها لتاريخ الصراع العربي الفارسي، وخصوصاً تاريخ العراق في هذا الشأن، مع جهل حاد في معرفة التركيبة النفسية وخصائص الشخصية الفارسية، يؤدي بصاحبه إلى الوهم بأن إيران يمكن أن تدرأ خطرها أو تكسب صداقتها بالمداراة والمجاملة، والاستجابة لمطاليبها، بينما الأمر على العكس من ذلك: فالطبيعة الفارسية تفهم كل استجابة أو مجاملة على أنها ضعف.

بعد سقوط النظام في العراق صار العرب وجهاً لوجه أمام الخطر الإيراني. ولكن للأسباب التي قدمناها وغيرها بدا وكأن العرب لم يكونوا يريدون أن يصدوا أعينهم فيروا الواقع على ما هو عليه، فلجأوا إلى تجاهل المشكلة أو (الانسحاب Withdrawal) كما يسمى في مصطلح (علم النفس) وهو [كما يقول د. أحمد عزت راجح في كتابه (مدخل إلى علم النفس)، ص454] (ابتعاد الشخص المتأزم عن المواقف التي يحتمل أن تثير في نفسه القلق… ويقترن الانسحاب بالتبلد وعدم الاكتراث واللامبالاة). فرغم كل ما فعلته إيران بعد الاحتلال وأحزابها في العراق فقد كان رد الفعل الصحيح بطيئاً وجاء متأخراً جداً. ومن أسباب ذلك – ربما – الشعور بالأمان على أساس آخر هو أن أمريكا وحلفاءها لن تسمح لإيران بتهديد مصالحها في هذه الدول. إلى أن وصل الخطر إلى مستويات لم يعد مسموحاً بها، فبدأ الحراك السياسي والفكري والأمني وحتى العسكري، كما حصل أخيراً في البحرين. والحمد لله فأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي وإن كنا نحن العراقيين كبش الفداء، وحقل التجربة.

“الأحوازيون يقتلون ويشردون وتمارس إيران ضدهم أبشع أنواع العنصرية فالقضية الأحوازية قضية دولة عربية محتلة غفل عنها العرب”

  1. ما هو السبب من وجهة نظرك؟

أنا أرجع ذلك إلى سببين، بعد استحضار أن احتلال الأحواز مؤامرة إيرانية غربية، فالغرب منح الأحواز لإيران مقابل وقوفها في وجه الاتحاد السوفيتي أن يصل إلى منطقة الخليج، أو ما يسمى بـ(المياه الدافئة):

السبب الأول: الهيمنة الغربية على المنطقة واستلاب إرادة دولها أخرس العرب عن الدفاع عن إخوانهم في الأحواز المحتلة.

نسيان شق القضية من الدين الذي هو عبادة وقضية لا تنفصلان

والسبب الثاني هو الثقافة السائدة، التي تفهم الدين عبادة بلا قضية. فحتى فلسطين لولا تعلقها بمعنى ديني عبادي عقائدي وما يوحيه بيت المقدس أو “المسجد الأقصى” من ذلك ومنزلته الدينية في نفوس المسلمين لما ارتقت مأساتها إلى مستوى القضية، فقضية فلسطين لم تصبح قضية من باب القضية التي هي الشق الآخر للدين، وإنما ولجت دائرة القضية من باب العبادة.

الجهل بمحركات التاريخ

كذلك تخلف الوعي الديني عن إدراك محركات الحدث أو صناعة التاريخ شارك في تجاهل قضية الأحواز والجهل بها. الصراع بين الإسلام والكفر كمحرك للأحداث هو الذي يهيمن على ثقافتنا الدينية السائدة، ويندر أن تلحظ هذه الثقافة أن محركاً أقدم تاريخياً من المحرك الديني هو عامل فعال آخر لما يجري في المنطقة من أحداث ألا وهو الصراع بين الفارسية والعربية، أو – بتعبير آخر – بين الشعوبية والعروبة. وإذا كان الإسلام هو الذي استفز الكفر فدارت عجلة الصراع الديني، فإن الشعوبية هي التي أدارت وتدير عجلة الصراع القومي باستفزازها الدائم للعروبة.

إن هذا التنظير صعب على العقل المسلم البسيط أن يستوعبه، وكثيراً ما يتوهم البعض أن صاحبه ينطلق من منطلق قومي بحت في نظرته للصراع. بينما هو مجرد راصد لمجرياته من الخارج، يحاول أن يصف ما يجري كما يجري، ويرسم الصورة كما هي عليه قدر ما يمكن دون مسؤولية في تركيب أجزائها على الواقع.

قد يتقاتل اثنان بسبب المال، أو التنافس على امرأة أو منصب. وقد يتستر المتصارعون على هذه المطامع بأثواب دينية. ولا ذنب لشخص تكلم فوصف الأمور كما هي عليه، ولا يلزم من ذلك نسبته إلى أي وصف من هذه الأوصاف ما لم مشاركاً في الحدث مبيتاً النية المتلبسة بذلك الوصف. كذلك الحال مع الصراع بين الإسلام والكفر، فإن هذا السبب الديني لا يلغي أن يكون للصراع أسباب أُخرى قومية مثلاً.

وهذا راجع في جزء منه إلى غلبة الثقافة التي تنظر إلى الدين على أنه عبادة لا على أنه عبادة وقضية لا يتنفصلان: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (آل عمران:81-83). هذا هو دين الله إيمان ونصرة، عبدة وقضية.

“التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن لاختلاف العقيدة”

  1. فهل التعايش والحوار معهم في البلد الواحد ممكن ؟

القوة – وليس غيرها – هي الحل

التعايش بين السنة والشيعة في بلد ما لا يمكن أن يمر بسلام بعيداً عن الظلم والتهميش والاجتثاث، إلا في حالة واحدة هي توفر القوة لدى السنة التي بها يمنعون الشيعة من ظلمهم والاعتداء عليهم.

إن الشيعة عدوانيون بطبعهم؛ وذلك جراء عقائدهم وعُقدهم ذات السلوك السرطاني، فـ(الإمامة) – مثلاً – لا تكتفي عند تكفير السنة وتتوقف عند هذا الحد، بل تتعداه إلى وجوب قتلهم واستباحة أموالهم. الشيعة لا يؤمنون تديناً وعقيدة بحق الآخر في الحياة ولا في التملك. السبب الآخر بعد العقيدة هو العقدة. فالشيعي معبأ نفسياً بعشرين عقدة – على الأقل – ضد الآخر، يأتي على رأسها الشعور بالاضطهاد والمظلومية من قبل السنة؛ فهو متحفز دوماً وعند أي فرصة للانقضاض عليهم والانتقام منهم. والعراق والبحرين ولبنان وغيرها شواهد واضحة على هذه النفسية المعقدة. سبب ثالث هو المرجعية المرتبطة بإيران التي تلعب بعقول الشيعة شرقاً وغرباً دون أن يكون لديهم ممانعة اتجاه فتوى المرجع لأن عقيدة التقليد عندهم تمنعهم من ذلك، ما خلق عند الشيعة إجمالاً عقلية تقبلية فاقدة لقابلية الشك أو التردد أو الاعتراض على ما يقول المرجع. هذا باختصار وإلا فإن الأسباب كثيرة. وكلها تصب في غير صالح إمكانية التعايش مع الشيعة في بلد واحد دون أن يظلموك ويقصوك ويزيحوك ويهمشوك، إلا في حالة واحدة هي أن تكون قوياً، وأنت الحاكم والمتصرف. ومن لا يصدق فلينظر إلى تعامل الحكومة الإيرانية إلى أهل السنة في إيران. وأما الأحواز فما يجري لشعبها فإنما بسبب الحقد العنصري الفارسي ضد العرب وإن كانوا شيعة.

” يقوم الرافضة في بعض البلدان العربية في إستمالة حب عوام المسلمين ممن لا يعلمون خبث عقائدهم”

  1. فهل نجحوا بهذا الأسلوب ؟

نعم نجحوا كثيراً حتى مع النخب والمثقفين: قناعةً، أو رغباً أو رهباً. ولقد عانينا وما زلنا من تأخر فهم أهلنا لخطر التشيع والانخداع بحيله وحبائله.

“المد الأسود للمذهب الرافضي الصفوي الاستعماري الهدام لكل ماهو عربي إسلامي أصبح يهدد المنطقة العربية وما زال البعض يقف معهم ويحابيهم ويدافع عنهم بذريعة أنها دولة ضد إسرائيل وأمريكا وهي ايضاً التي تساعد فصائل المقاومة الفلسطينية”

  1. ما السر وراء إغفال وتجاهل الدور العربي الداعم لقضية فلسطين منذ بداية النكبة؟ ما هو الثمن الذي دفعته وستدفعه الفصائل الفلسطينية المرتبطة بإيران؟

ظلم ذوي القربى

عانى الفلسطينيون كثيراً جراء تشردهم خارج وطنهم، وكانت قوانين السفر والإقامة مجحفة – في كثير من الأحوال – قاسية في حقهم، وكثيراً ما تؤدي إلى تفرق العائلة الواحدة، فيزدادون عناء على عناء وغربة على غربة. أضف إلى ذلك غربة الموطن أرضاً وناساً. ومن طبيعة الإنسان أنه كلما كان الظلم الذي يصيبه صادراً من الأقرب إليه كان أكثر أذى وتحسساً وإشعاراً بالقسوة مما لو صدر من الأبعد، على قاعدة:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على النفس من وقع الحسامِ المهندِ

وهي قاعدة نفسية اجتماعية فردية وجمعية لا تقبل الخطأ أو التخلف. فنشأ عند الفلسطيني دون إرادة منه شعور خفي – وربما ظاهر – بالكره والاشمئزاز ضد العرب، يزيد ذلك ويؤججه بعض التصرفات الظالمة القولية والفعلية لكثير من السفهاء في البلدان التي لجأوا إليها.

تضخم القضية الفلسطينية

من ناحية أُخرى فإن الإعلام العربي والمزايدات السياسية ضخمت كثيراً من حجم القضية، وعمقت من الشعور بالمأساة – وهي مأساة حقاً – لدى الفلسطيني. يسند ذلك أن لفلسطين بعداً دينياً يوجب حقاً على كل مسلم، يتضاعف هذا الحق إذا كان هذا المسلم عربياً، يلزمه بنصرتها وتقديم العون والغوث لأهلها. هذا وغيره جعل الشخص الفلسطيني نرجسي الشخصية متضخم الشعور في النظر إلى حقه وتقصير الآخرين في أدائه، بل صار ينظر إلى ما يمنح له من ذلك على أنه مجرد حق يجب أن يؤدى إليه دون أن يثيره ذلك إلى مقابلته بجزاء أو شكور، فمن قام به فلم يزد على أن أسقط عن نفسه دَيناً وأزاح عن رقبته قيداً، ومن لم يقم به فهو مذموم. فالمقصر فيه يطعن به ويحقد عليه، والمؤدي له ليس شرطاً أن يشكر ولا واجباً أن يجازى بمثله أو يستحق أن يحب لفضله.

أضف إلى ذلك أنه إذا رجعنا إلى طبيعة الأمور فإن (قانون الفضل عكس قانون الظلم نسبة إلى القريب والغريب): فبينما يتضاف الشعور بالظلم إذا صدر من القريب وإن كان يساوي حجم الظلم الصادر من الغريب، فإن الشعور بالفضل يتضاءل بالطريقة نفسها.

هكذا صار الفضل الذي يصدر من العرب ينظر إليه بتجاهل من قبل الفلسطيني، بينما يتضخم الشعور به أضعافاً مضاعفة إن صدر من الإيراني.

نشوء ( عقدة المظلومية )

من ناحية ثالثة: فإن شعور الفلسطيني بأنه مظلوم من قبل إخوانه العرب إلى حد يمكننا أن نصفه بالشعور بـ(عقدة المظلومية) أدى به إلى نتائج سلبية متعددة:

منها الرغبة الخفية أو الواعية بالانتقام ممن يشعر أنه يظلمه ويضطهده، وهذا يأخذ صوراً متعددة لا أقل من تشويه سمعتهم وعدم الاعتراف بفضلهم، وهذا معناه نشوء حالة نفسية أُخرى هي (نكران الجميل). وحين تتطور هذه الحالة إلى عقدة يصبح كل فضل يؤديه العربي مهما كبر أو عظم لا يلتفت إليه ولا يعترف به.

ومن صور التعبير عن الانتقام من العرب مدح أعدائهم من العجم.

أرجو من الأخ الفلسطيني أن ينظر إلى كلامي هذا على أنه مجرد محاولة لتوصيف الحالة من الخارج، وتحليل – قابل للنقاش – من أجل التشخيص، بالضبط كما يفعل الطبيب مع مراجعه، يشخص حالته وهو لا يشعر إلا بالرحمة به والشفقة عليه.

أنا مجرد طبيب أو راصد يفسر ما يرى ويحاول فهم ما جرى. مع شعوري بالحب والانحياز إلى كل أخ فلسطيني؛ لما لاقاه من ظلم وتشرد واضطهاد. لكنني أوصيه بأن يعي حالته حتى يتوازن ويشعر بدفء الحضن العربي مهما قست يده عليه، كما أنني في الوقت نفسه أنصح العراقيين الذين صاروا ينحدرون إلى السياق نفسه بسبب ما شاهدوه في تغربهم ولمسوه من بعض إخوانهم. بل أنصح نفسي وأحاول أن أقاوم نوازعها الطبيعية وأكبحها بما عندي من وعي لحالتي، وما أستثيره في نفسي من إنصاف وتقوى أوجبها الله تعالى علينا، وقد لا أفلح أحياناً. لكنني أعلم أن أخي العربي مهما قسا علي فهو ليس عدواً لي بحال، وإنما يفعل ذلك – إن فعله – ظلماً وجهلاً لا عداوةً. بينما الفارسي – إلا من غلبه دينه القويم وشعوره الإنساني النبيل – له حساب آخر.

 

“إيران في عهد الهالك الخميني تلقت إمدادات عسكرية وإستخباراتية من إسرائيل وقد سربت الوثائق التي تثبت ذلك”

  1. ماهو تقديرك وقراءتك لما يحدث من قتل وتهجير للفلسطينيين في العراق على يد مليشيات شيعية وبمساندة فرق صهيونية خاصة وبمشاركة القوات الحكومية الطائفية وبين علاقة إيران اليوم بالفصائل الفلسطينية؟

العلاقة التاريخية بين اليهود والفرس

التعاون الإيراني الإسرائيلي معلوم. ومن شواهده التي لم يعد أحد قادراً على إنكارها ما سمي بفضيحة (إيران كيت) في تهريب الأسلحة الإسرائيلية إلى إيران. ومنها المجازر التي ارتكبتها منظمة (أمل) بحق الفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا. وتاريخ الشيعة مليء بالخيانات والغدر بأهل السنة فهم كما قال تعالى في أمثالهم: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) (التوبة:10). وقال: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (المائدة:82). وأشر أنواع الشرك تشيع إيران، وشر أصناف المشركين شيعتها. لقد بلغوا من الشرك والحقد والعداوة ما لم يبلغ عشره المشركون الأوائل!

والعلاقة بين اليهود والفرس (الذين أشركوا) قديمة قدم كورش الذي يسميه اليهود في توراتهم المحرفة (مسيح الرب). والعداوة بين العرب والفرس قديمة قدم وجود الشعبين. وكانت صواريخ اليهود تطلق على بغداد في حرب الثمانينيات بأيدي الفرس. بل قصف اليهود في سنة 1982 مفاعل تموز النووي، في الوقت الذي كانت فيه إيران تغزونا وتقصف مدننا. وشيعة الفرس يكرهون الفلسطينيين كره اليهود لهم فهم من طينة واحدة. وكيف لا وهم من لب العرب ومسلميهم وسنتهم؟!

ولما احتل العراق لم يفرق الشيعة بين سني عربي عراقي أو فلسطيني. كلهم في نظرهم عرب يجب القصاص منهم وأخذ الثأر انتقاماً لما جرى على أيدي آبائهم في القادسية ونهاوند.

أما ما تلقيه إيران من فتات لبعض المتسولين، وما يتظاهر به الخميني وآله من عنتريات وتهديدات بمحو إسرائيل فليس أكثر من فرقعات واستعراضات يخدعون بها السذج والبسطاء من أجل فسح المجال للتمدد في المنطقة، وإلا فإننا إلى اليوم لم نسمع ولم نر طلقة واحدة ثارت ضد إسرائيل في كل حروبها مع العرب والفلسطينيين. وما يسمى بـ(فيلق القدس) قتل الفلسطينيين في حي البلديات وغيره من أحياء بغداد، لكنه لم يقتل يوماً يهودياً واحداً!

لقد قال صدام حسين يوماً من أيام سنة 1989 “إذا اعتدت علينا إسرائيل فسنحرق نصف كيانها” فلم يهدأ لليهود بال ولم يقروا على حال حتى وضعوا المشنقة في رقبته. وها هي إيران من الخميني حتى نجاد تهدد بمسح إسرائيل من الخريطة، وكأن شيئاً لم يكن. ربما يقصدون الخريطة الموجودة في كراسة الأطلس المدرسي، من يدري؟! إسرائيل تعرف أعداءها، والناس يعرف بعضهم بعضاً.

ثمة حكمة استفدناها من الحياة تقول: “إذا ملئ الفم حبس اللسان”! تمثل سر علاقة بعض الفصائل الفلسطينية المحسوبة على الجهاد وولائها لإيران، لا أكثر ولا أقل.

17- ما هو الأسلوب الأمثل في مواجهة خطر التشيع ؟ وبماذا تنصح المجتمع العربي السني حتى يتدارك هذا الزحف الأسود القادم من مكونات المجتمع من الشيعية ومن السنة الذين باعوا ذممهم للصفويين؟

العراق مطبخ التشيع

يمكن وصف العراق بأنه (مطبخ التشيع).

لهذا فإن التجربة العراقية مع الشيعة هي أغنى التجارب: سواء على صعيد الدول العربية أم الدول الإسلامية؛ فليس بمستغرب أن ندّعي أننا أخبر الناس بالشيعة وأساليب مواجهتهم؛ ولذلك ندعو إخواننا أن يستفيدوا من تجربتنا، ويضعوها في رأس القائمة. على أننا لا نقول بعصمتها، ولكن نقول بأفضليتها. لم يواجه إيران أحد من الدول كما واجهه العراق عسكرياً، ولم يفهم حقيقة الخطر الشيعي كما يفهمه أبناء العراق. وهذا ليس لميزة جينية أو وراثية في العراقيين على سواهم، وإنما لكون العراقيين أكثر الناس ابتلاء بإيران وشيعتها، فشيء طبيعي أن تكون خبرتهم أعمق وأوسع وأرسخ من خبرة غيرهم. ومن جرب مثل تجربتنا عرف مثل معرفتنا.

عين على الواقع .. والثانية على الوحي

كتبنا هذا المنهج بطريقة تنظر إلى الواقع بعين وإلى الوحي بعين: الواقع يضع أمامنا المشكلة، والوحي يضع لنا أُسس العلاج. ثم طوفنا النظر في تجارب الأمم، وخرجنا بخلاصة نعتبرها هي (الأسلوب الأمثل لمواجهة التشيع). الذي ووضعنا فيه عصارة فكرنا وتجربتنا الواقعية الميدانية، ونشرناه من خلال موقع (القادسية)، وما نظّرنا له من الكتابات التي تواكب الحدث وتحلل وتشخص المرض وعلاجه. وهذا هو لب قضيتنا نحن أهل القادسية، مع تفعيل المنهج على الواقع.

المنهج الأمثل في مواجهة التشيع

المنهج الأمثل [وأقول (الأمثل) ولا أقول (المثالي)؛ ليبقى مفتوحاً للنقد والإغناء] في مواجهة التشيع يقوم على ست ركائز مقسمة إلى ثلاثة أقسام كالآتي:

القسم الأول : الركائز العلمية

  1. المقاصد أو الأهداف الكبرى لمنهج التغيير الذي نبتغي تحقيقه
  2. المنهج القرآني في الاستدلال الأصولي
  3. الموضوعات الأساسية التي يرتكز عليها منهج المواجهة التغييرية

القسم الثاني: الركائز العملية

  1. منهج التغيير الجمعي، والفرق بينه وبين منهج التغيير الفردي
  2. الأسلوب الرباني في طرح الفكرة التي ندعو إليها

القسم الثالث:

6. نقد المنهج الترضوي (الذي يقوم على التقريب والمعايشة وليس المواجهة)

ولا تحتمل صفحات هذا اللقاء شرحاً لهذه الخطوط العامة؛ لذا لا بد من الرجوع إلى ما كتبناه في الموقع. سوى أن أبين في نقاط مختصرة المقصود بالركيزة الأولى أي مقاصد المنهج وألخصها في أربعة مقاصد رئيسة هي:

1. سحب المشروعية الدينية من الشيعة صراحة، ونقلها إلى أهل السنة

2. تحصين الصف الداخلي السني من الغزو الشيعي بجميع أشكاله

3. إثارة طاقات السنة وتوجيهها ضد المشروع الإيراني – الشيعي

4. تسنين الشيعة ليس مقصوداً قصداً أولياً

الكَي .. أول الدواء لداء الشيعة

ووصية خبير هي عبارة عن رسالة أُوجهها للأمة حكاماً ومحكومين ملخصها: “إذا كانت طبيعة الأمور تقضي بأن آخر الدواء الكي، فإن القاعدة مع الشيعة على العكس من ذلك: أول الدواء الكي”. وقد كتبت مقالة بهذا العنوان بمناسبة دخول درع الجزيرة إلى البحرين الشقيقة.

” من خلال هذا اللقاء المبارك نحن في أمس الحاجة لتواصل معك على المحبة والخير لننهل من علمك حفظك المولى سبحانه ونسأل الله أن يجعلنا ممن يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله ”

  1. فهل هناك روابط نستطيع من خلالها قرأت كتبك ومتابعة كتاباتك ومقالاتك وتسجيلاتك المرئية والمسموعة؟

الموقع أحد الروابط بيننا، ومن خلاله يمكن متابعة ما ننتجه من كتب وإصدارات مرئية وصوتية ومكتوبة. ونحن جاهزون لإرسال أي مجموعة كتب أو كل ما يتوفر لدينا هدية لموقعكم. كذلك يمكننا التواصل عن طريق البريد الإلكتروني الخاص. ولا بأس أن نتواصل عن طريق الهاتف. وإن كان ثمة فرصة للتواصل المباشر فذلك عز الطلب، وذلك يفرحنا وتنشرح له صدورنا.

كلمة أخيرة نختم بها هذا اللقاء المبارك مع فضيلتكم

كلمتي الأخيرة.. أقول لكل منا فرصة أعطاها الله إياه ليحصل على بطاقة دخوله للجنة كما أعطى ذلك لأبينا آدم عليه السلام.

في كل عصر صحابة

وقد ذكر لنا القرآن قصص بعض الأفراد الذين فازوا بهذه البطاقة في وقت غفل الناس فيه عن نصرة الحق واتباع نهج الرسل كقصة صاحب سورة يس.. وسورة المؤمن (غافر). وأنا أؤمن بالحكمة التالية: (في كل عصر صحابة) فالله يقول: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ) (الواقعة: 10-14). والقلة هنا – بطبيعة الحال – نسبية لا عددية؛ وهذا يجعل الفرصة للفوز بهذا الشرف معروضة للملايين من الأمة التي يبلغ تعدادها أكثر من مليار ونصف مليار نسمة.

فدونكم أيها الإخوة: حكاماً ورعية، علماء وعامة، نساء ورجالاً، شباباً وشيوخاً، عرباً وكرداً وأعاجم! هذه المنزلة تسابقوا إليها، ونحن نواجه اليوم أخطر عدو على ديننا وأوطاننا هو إيران وشيعتها وذيولها التي تتعبد بسب الصحابة والطعن بعرض النبي صلى الله عليه وسلم، وتحريف الدين، وقتل الموحدين واحتقار العرب والمسلمين، واحتلال واستحلال أرضهم وعرضهم. فأي جرم أعظم من هذا الجرم؟ وأي نصر أعظم من نصرة ملة التوحيد، والوقوف بوجه شر ملل الخوارج ألا وهم الشيعة الروافض النواصب.

والسلام عليكم ورحمة الله…..

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى