مقالات

لو تكرمتم يا ( كبار العلماء ) ! أي علم أنتم فيه كبار ؟ (2)

د. طه حامد الدليمي

عاجز يستغيث بعاجز

انظر إلى (كبار علماء العراق) كيف افتتحوا بيانهم بدعوة (الأمة أن تشمر عن ساعد جدها وتقف وقفة رجل واحد بوجه الظلم والظالمين الذين لا يرقبون في عراقي إلاً ولا ذمة، وأن يتركوا وراء ظهورهم كل أسباب الفرقة والتمزق والتشتت التي كانت السبب الرئيس لتسلط هؤلاء الطغاة على رقاب الناس). أيَّ أمة يخاطب هؤلاء الشيوخ بهذه المطالب التي لو أراد حلف الأطلسي والاتحاد الأوربي مجتمعين تلبيتها لعجزوا [وقفة رجل واحد (اثنين غير جائز)! وترك كل أسباب الفرقة (تخلف ولو سبب واحد غير مقبول)]؟ من يمثل الأمة حتى يكون للخطاب من يجيبه: المسلمون الذين لا يسمعون؟ أم العرب وهم متفرقون أقطاراً كل قطر بما لديه من مصيبة معلول مشغول؟ أم العراقيون والعراقيون: إما كرد احتموا بإقليمهم يتفرجون، ثم هم (متشكرين) لم يخولوا أحداً بالكلام أو الدفاع بالنيابة عنهم ولا هم في حاجة لدفاع أحد. وإما شيعة للبلد يبلعون وللسنة يبيدون ولعلماء السنة (كباراً) وصغاراً يلعنون؛ فمن خول المجتمعين منهم بالمحاماة عنهم؟! أو سنة سمعوا باجتماعهم من التلفاز، ولا يملكون من أمرهم شيئاً، ولا (كبار العلماء) هؤلاء يملكون من أمر أنفسهم من شيء فضلاً عن أن يملكوه لغيرهم. ومن ورم أنفه لهذا الكلام فليتفضل يقدم حله لهؤلاء المنكوبين بهم قبل غيرهم. وهل عند عاجز يستغيث بعاجز غير العجز! ولولا أنه عاجز ما استغاث بالجامعة العربية! [من معاني الجامعة في “لسان العرب” – والعهدة على ابن منظور – الغُلُّ؛ لأَنها تَجْمَعُ اليدين إِلى العنق].

إذن المخاطَب بمنزلة المعدوم! وإذا كان المخاطب كذلك فكأن هؤلاء يخاطبون ميتاً لا يسمع دعاءهم ولا يستجيب! ثم هل يعلم هؤلاء أنه (حتى تريد لا بد أن تكون، وحتى تكون لا بد أن تتكون)؟ فكيف يأملون من سنة العراق أن يلبوا نداءهم وهم بلا كيان؟!

يا (كبار العلماء)! لو أراد أحدكم أن يكسب منظمة حقوقية لاستحصال حق عائلة منكوبة واحدة في العراق، هل يعلم كم يحتاج من جهد ومال وسفر ودوران في عواصم العالم ووقوف على أعتاب المسؤولين؟! وهل يعلم أن أول خطوة على الطريق هي أن ينطلق من مؤسسة أو منظمة رسمية؛ فالعالم لا يتعامل مع فرد. فكيف وأنتم لا تكتفون بالدفاع عن عائلة ولا عشيرة ولا مكون العرب السنة، أنتم تدعون العالم للوقوف إلى جانب (الشعب العراقي) كله! هل تدركون حقيقية ما تقولون وما تريدون؟ وهل أنتم جادون أم تهزلون؟ العالم لا يعمل عندكم (برسم الخدمة) يا معاشر (كبار العلماء)!

لا يجيدون غير المواعظ والكلام

ماذا تقولون عن (كبير) قوم درس الفقه وعلوم الشريعة، أصيب قومه بكارثة صحية وليس في بيئتهم مستشفى واحد ولا مركز صحي. وقف على رؤوس الملأ وخطب فيهم قائلاً: لا بد من دعوة المنظمات العالمية لإعانتنا في سبيل وضع حل لهذا الوضع الصحي المتدهور. واكتفى بذلك ثم بعد أن تناول وليمته الدسمة مسح عارضيه وفتل شاربيه وانصرف إلى بيته لينعم بنومته المعتادة، وانتهى الأمر.. ماذا قولون في هذا؟ وما فائدة علمه الذي تلقاه طول عمره والموت يتخطف أهله وهو لا يملك غير الكلام؟!

أنتم – يا (كبار العلماء)! – أشد مثالاً من هذا!

هذا حال السنة العرب فهل عندكم من حل غير الخطاب ؟

قبل خمسة أيام وصلتني هذه الرسالة من أحد القابعين في سجن التاجي وهو يستغيث من إجراءات التعذيب والإبادة الوحشية أنقلها بنصها دون تعديل: (ياناس انا اخوكم وراء قضبان الرافضة في بغداد، خلصوا اخوانكم مما يجري بهم في سجن التاجي،هذه الايام النحسات رأينا اشياء من الرافضة، لم أرها حتى في الافلام الامريكية او الهندية،، بل ليس لها شبيه من ذي قبل. على سبيل المثال، بعد الهروب الذي حصل من سجني ابي غريب والتاجي الذي أنا اعتبره مدبرا ومرتبا لقتل وقمع السنة، قامت زمرة من مليشات المالكي بالتفنن والمراهنة على قتل الاسرى، قد جمعونا في ساحة كبيرة وقيدوا ايدينا وارجلنا، ووضعوا اللاصق على افواهنا واغمضوا اعيننا بحيث نرى بعض رجالهم من فتحات الغطاء كونه شفاف، واسمع ياشيخ السنة ومفتي العراق لاهل السنة والجماعة ماذا حصل؟ واسمعوا يا فصائل المقاومة ماذا حصل بنا؟ قال زعيم الزمرة لجنوده: من يستطع ان يقتل هذا بخمسة ضربات له مني مكافئة. والجندي يحمل بوري [قضيد معدني مجوف لنقل الماء] طوله متر تقريبا، فخرج احدهم فقال:أنا، فقال قائدهم: إن حصل هذا منك كافئناك، فظننا أنه يمزح، لكن انتابنا خوف شديد، ياويلهم هل سيفعلوا؟! ولم تمض الا دقائق، فيضرب احدنا بضربات صوت البوري، لكن دون صراخ، لان الافواه موصدة لكن نسمع انينا مرتفا وبعد ثوان ينقطع ذلك الانين. ونافس آخر من الجنود عن ضربتين، والذي نال مكافئة اكبر من قتل بضربة واحدة. وقد حصل هذا كثيرا لان الضرب على الرأس بشدة باهضة يا مفتي الديار، وقتل ما يقارب 30 معتقلا تقريبا بحجة انهم يريد الهروب، فاصابني ياشيخي الجليل دم من رأس صاحبي، وبقينا من الفجر حتى المساء فصليت الظهر مع العصر جمع تاخير ايماءا كوني مقيدا، والدماء تملأ ثوبي من رأس صاحبي، فهل اعيد الصلاة ام صلاتي صحيحة؟ اذا اردتم التأكد ياشيخ السعدي ويا علماء السنة ويا فصائل المقاومة، فاذهبوا مع اي لجنة تابعة للأمم المتحدة، لان الصليب الاحمر قد منع من الدخول، ومنعوا كل المواجهات الخاصة والعامة، فهل انتم سامعون؟ أم هي نفخة في رماد او صيحة في واد، فستذكرون ما أقول لكم وافوض امري الى الله. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد..”.

هذا حال السنة العرب في العراق اليوم، وليس العراقيين كما يقول (كبار العلماء). واعلموا علماً جازماً أنكم بتمييعكم قضية (السنة العرب) وتذويبها تحت مسمى (العراقيين) ترتكبون بحقهم جناية كبيرة لن يحاسبكم الله عنها فحسب، وإنما سيسبق ذلك حساب الأجيال. فبعضهم سمعناه يذهب في تأويل هذا الضعف المذاهب! هل تعلمون؟

نعم وهل أنتم سامعون؟ وإذا سمعتم فماذا أنتم فاعلون؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى