تحرير الموصل من الاحتلال الشيعي (1)
د. طه حامد الدليمي
هذا ما حدث ..!
قبل أيام اجتاح جنود السنة سامراء ومرغوا أنوف جنود الشيعة بالوحل ثم انسحبوا، فقيل: إنها مكيدة مدبرة لضرب هذه المنطقة السنية العريقة، التي تحمل في قلبها (مسمار جحا) فما زال ينخسه ويدميه. قال لي أحدهم ضاحكاً: اصبر قليلاً؛ ليس المقصود سامراء، إنما الموصل.
فجر يوم أمس أرسل إلي ضابط برتبة عميد رسالة يقول فيها: “الليلة تطور الأمر وتقدمت أرتال المقاتلين لتحتل الجانب الغربي (الأيمن) من الموصل مع تراجع وهروب أغلب قوات الهالكي المذعورة، ولولا الجهد الجوي، والسمتي تحديداً، لما بقي عسكري واحد. استمر القتال طول الليل على مشارف قيادة العمليات ومقر المحافظة ومقر الشرطة. ومن الشرق تم قطع الجسر الرابط بكركوك وسقوط ناحية (النمرود). ومن الجنوب أُسقطت ناحية (حمّام العليل) و(القيارة) بعمق 50 كم باتجاه بغداد. والتقدم الآن باتجاه سجن (بادوش). لم يبق لجيش الصفويين إلا منفذ كردستان”. وختم رسالته يقول: “الأقدار لا تعرف الأسوار”.
وحل المساء وفي الساعة التاسعة إلا ربعاً أرسل إلي صديق يعمل في حقل الإعلام من داخل الجانب الغربي من الموصل يقول: “تنظيم الدولة يتقدم الآن لاقتحام الجانب الشرقي بعدما سيطروا على الجانب الغربي”. وعند منتصف الليل أخبرني أن المقاتلين دخلوا مبنى المحافظة ومركز شرطة (الدواسة)، وسيطروا على قناة (نينوى الغد)”. ثم بعد قليل أخبرني بأن التقدم الآن باتجاه المطار. وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف وصلتني منه رسالة أُخرى: “دكتور أظنهم وصلونا! اشتباكات عنيفة بالقرب منا في الجانب الأيسر (الغربي)، والآن أرى أفراد السيطرات تهرب بالمئات”. ثم في الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل: “الجنود الذين في منطقتنا هربوا ما بقي منهم جندي. معسكر الكندي مقر الفرقة الثانية فارغ. والرمي توقف، لكن الخشية من القصف. لا شيعي الآن في الموصل بجانبيها الأيمن والأيسر”!
وعند مطلع الفجر أقسم بالله أن الهمرات الآن تدور بالشوارع وبعض الشباب سيستقلونها للذهاب إلى صلاة الفجر! وصار يبعث إلي بالصور تباعاً، تلك التي تشفي صدور المؤمنين وتذهب غيظ قلوبهم.
جنود الشيعة يخلعون ملابسهم العسكرية ويلبسون الدشاديش ويندسون بين الناس. والذين لم يجدوا دشاديش كانوا يملأون الشوارع “كأنهم في يوم المحشر من كثرتهم” – على حد وصف شاهد عيان في مهاتفة – يركضون يتعلقون بسيارة عساها أن تبعدهم عن موت يحيط بهم، أو يلوبون لا يدرون أين يذهبون لائذين بالفرار!
أما القيادات – وعلى رأسهم قادة العمليات علي غيدان وعبود چنبر ومهدي الغراوي – فقد هربوا بطائرات إلى كردستان.
قال لي الشاهد: إن شيعة (تلّعْـفَر) في حيرة من أمرهم، هرب عنهم الجيش وتركهم لمصيرهم مع تزويدهم ببعض الأسلحة. قسم حاول الفرار لكنه وجد الطرق مسدودة فرجع يبكي يندب حظه. والناس تتميز غيظاً للانتقام منهم، وربما تعرضوا لهجمات انتقامية هذه الليلة! لم يصدقنا الشيعة حين قلنا لهم: لماذا هذه القسوة في ظلم السنة وإذلالهم؟ اتركوا لكم خطاً للرجعة؛ فوالله ليأتين عليكم يوم تجدوننا نحاول كف الناس عنكم ولا نستطيع!
وأضاف: الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها “قيامة!” أي كثيرة لا تحصى.
وهذا صحيح؛ فقد استولى المجاهدون على كميات من الأسلحة والأعتدة والعربات والدبابات والمدافع وأسلحة أخرى متطورة بمقادير هائلة، منها طائرات مروحية تركها جيش الاحتلال الشيعي في المطار!
واقتحمت السجون وحرر جميع الأسرى. لكن المؤسسات الحكومية والبنوگ بقيت سالمة مؤمنة.
لم ينتصف نهار اليوم حتى عم الهدوء التام حد الطمأنينة والسكينة محافظة نينوى كلها بمدنها وأقضيتها ونواحيها وقصباتها وقراها وأريافها. وتوجه المقاتلون جنوباً فحرروا (الشورة) و(حمام العليل) و(الحضر) و(الشرقاط)، في طريقهم إلى محافظة صلاح الدين. ومن جهة الغرب فتحت الحدود باتجاه محافظة دير الزور في سوريا.
لم يتعرض المجاهدون لجنود البشمرگة الكرد، وتركوا من يريد الانسحاب دون أذى، وقالوا لهم: أنتم سنة ونحن سنة. لكن حكومة إقليم كردستان نشرت جنودها على الحدود السورية واحتلت مناطق متنازعاً عليها في الموصل.
مجمل القول أن انهياراً كبيراً يجتاح صفوف الجيش والشرطة والقوى الأمنية والمليشياوية، والهروب مستمر، ولا يستبعد أن يصل الانهيار إلى بغداد.
حتى الآن تم استرجاع مدن عديدة في كركوك شرقاً مثل قضاء (الحويجة) الذي ارتبطت به تلك المجزرة الرهيبة، وناحية (الرياض) المجاورة لها وناحية (الزاب) و(العباسي)، والمساجد تضج بالتكبير. واستمر التقدم فاستردت مدن أُخرى في صلاح الدين جنوباً مثل ناحية (الصينية) و(سليمان بيك) ومعظم قضاء (طوزخورماتو). وتدور معارك ضارية في قضاء (بيجي) وقضاء (الدور) وإعلان النفير العام في قضاء (الفلوجة) وناحية (الگرمة) المجاورة لبغداد من جهة الفلوجة. والاستيلاء على ثكنات منطقة (الجلام) في قضاء (سامراء). وما زالت الانتصارات متوالية، وانهيارات العدو متتالية، والمدن السنية في حالة غليان وانتفاضة. وطرق عديدة استراتيجية قطعت ومخازن كبيرة للأسلحة غنمت. وأغلقت جميع مقار المسؤولين في قضاء (تكريت) مركز محافظة (صلاح الدين) مع هروب المسؤولين منها، وأخلي السجن الذي فيها.
واشتد الجهد العسكري السني ضراوة في بقية المحافظات والمناطق مثل ديالى والرمادي وطوق بغداد. والرعب يصل أقصى الجنوب الشيعي. وصاروا يستغيثون ويتصلون بالقنوات الفضائية (السنية) يتمسكنون ويظهرون جلوداً ناعمة تقطر أخوة للسنة حتى النخاع!
رئيس الحكومة نوري المالكي في حيرة من أمره، طلب من مجلس النواب أن ينعقد ويصوت على إعلان حالة الطوارئ، واستنجد بالمواطنين وأبناء العشائر للتطوع وحمل السلاح. ووجه نداءات للمنظمات العربية والدولية. ضحكت وقلت: (ضعف الطالب والمطلوب)!
أما آل النجيفي (رئيس مجلس النواب أسامة وأخوه أثيل محافظ نينوى) فقد أصابتهم حالة هلع وهستيريا يهددون ويوعدون، لم تصبهم هذه الحالة وأعراض المحصنات السنيات تنتهك في الموصل على مرمى حجر منهم، وهم حكام المحافظة! ويصفون ما حدث بأنه حالة احتلال خارجي، وأعلنوا تضامنهم مع المالكي للعودة بالوضع إلى ما كان عليه، وكأن الوضع كان طبيعياً لا إبادة لأهل السنة ولا اعتقال ولا اغتصاب ولا قتل ولا تهجير ولا تشريد، ولا تغيير للدين والديموغرافيا السنية!
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
10/6/2014