تحريف التوراة على يد الفرس .. مقتطفات من ( سفر عزرا )
د. طه حامد الدليمي
قبل كل شيء أذكر بمقتطفات من (سفر عزرا) في التوراة المحرفة:
الإصحاح الاول
1 :1 وفي السنة الأولى لكورش ملك فارس عند تمام كلام الرب بفم إرميا نبه الرب روح كورش ملك فارس فأطلق نداء في كل مملكته وبالكتابة أيضا قائلاً:
1 :2 هكذا قال كورش ملك فارس: جميع ممالك الأرض دفعها لي الرب إله السماء وهو أوصاني أن أبني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا.
الإصحاح السادس
6 :3 في السنة الأولى لكورش الملك أمر كورش الملك من جهة بيت الله في أورشليم ليبن البيت المكان الذي يذبحون فيه ذبائح ولتوضع اسسه ارتفاعه ستون ذراعاً وعرضه ستون ذراعاً.
6 :11 وقد صدر مني أمر ان كل انسان يغير هذا الكلام تسحب خشبة من بيته ويعلق مصلوبا عليها و يجعل بيته مزبلة من اجل هذا.
الإصحاح السابع
7 :11 وهذه صورة الرسالة التي أعطاها الملك أرتحشستا لعزرا الكاهن الكاتب كاتب كلام وصايا الرب وفرائضه على إسرائيل.
7 :12 من أرتحشستا ملك الملوك إلى عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء الكامل.
7 :13 قد صدر مني أمر أن كل من أراد في ملكي من شعب اسرائيل وكهنته واللاويين أن يرجع إلى اورشليم معك فليرجع.
7 :14 من أجل أنك مرسل من قبل الملك ومشيريه السبعة لأجل السؤال عن يهوذا وأورشليم حسب شريعة إلهك التي بيدك.
7 :21 ومني أنا أرتحشستا الملك صدر أمر إلى كل الخزنة الذين في عبر النهر أن كل ما يطلبه منكم عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء فليعمل بسرعة.
7 :26 وكل من لا يعمل شريعة الهك وشريعة الملك فليقض عليه عاجلاً إما بالموت أو بالنفي أو بغرامة المال أو بالحبس.
وقائع تحريف التوراة
في حوالي منتصف القرن السادس/539 قبل الميلاد قام كورش بالتحالف مع اليهود فأسقط دولة بابل. وأعاد من رغب من اليهود بالعودة إلى أورشليم، وبنى لهم معبداً فيها.
توسعت الإمبراطورية الإخمينية بحيث امتدت من وادي السند حتى ليبيا، وابتلعت الأناضول حتى مقدونيا، ووصلت إلى شمال غرب البحر الأسود، مروراً بالعراق والشام ومصر. وبطبيعة الحال كان لهذه الشعوب الكثيرة رفضها وثوراتها المستمرة. حتى أجبرت مقاومة الشعوب الإمبراطورية الفارسية على التوقف عن التوسع.
وكان الفرس دائمي التفكير في كيفية معالجة الأمر. لم يجدوا لهم أنسب من اليهود لتحقيق حالة من توازن القوى، تطورت مع الزمن وحسب الحاجة إلى ما هو أخطر وأدهى.
ابتدأت السلسلة بأولى حلقاتها وهي إرجاع اليهود إلى فلسطين ابتداءً من عهد كورش، والاستفادة من وجودهم كعامل صد من الجهة الغربية.
تطور الأمر في عهد أرتحشستا بعد أقل من مئة عام، وكان الهدف إقامةَ كيان مُعادٍ لمحيطه على المفصل الحيوي بين بابل ومصر والأقاليم الأخرى. فكان الاتفاق مع عزرا الكاهن على كتابة توراة جديدة تخدم الهدف، من خلال ترسيخ عقيدة وإنتاج ثقافة تستند إلى تلك العقيدة تعيد تشكيل الإنسان بحيث يكون بحكم الدين معادياً لمحيطه أشد العداء، يسعى في تقويضه وتخريبه ولا يمكنه الانصهار فيه البتة. ووضع الملك بين يدي الكاهن جميع مَكِنات الدولة. فكتب عزرا التوراة بصورتها التى بين أيدينا، لصناعة مثل هذه الشخصية الخطيرة!
من هو الكاهن عزرا بن سرايا ؟ وماذا فعل ؟
عزرا بن سرايا كاهن وكاتب ماهر، كان يشغل وظيفة مسؤول شؤون اليهود في البلاط الفارسي. وهو قائد الفوج الثاني لليهود العائدين إلى أورشليم عاصمة مملكة يهوذا، وذلك في السنة السابعة لحكم أرتحشستا. كان الفوج العائد الأول بقيادة زوربابل قبل ذلك بثمانية عقود.
قسم عزرا الأسفار إلى ثلاثة أقسام: الناموس، والأنبياء، والكتب المقدسة. وأضاف سفرَي الأيام، والسفر المسمى باسمه/سفر عزرا. وغيّر بعض أسماء الأماكن، وحذف ما هو غير (قانوني)، حسب دعواه. وادعى أن ما يضيفه ويشرحه إنما هو بوحي من الروح القدس/هروح هقودش. وأخرج نسخة للتوراة هي التي بين أيدينا اليوم. وذلك تحت إشراف أستاذه العجوز باروخ بن نريه، الذي لم يستطيع لعجزه أن يرحل إلى أرض إسرائيل.
تذكر المصادر اليهودية المتقدمة والمتأخرة، وهو ما اتفق عليه معظم المؤرخين، أن التوراة كتبها عزرا في القرن الخامس قبل الميلاد في القدس بعد انتهاء السبي البابلي الذي تم على يد نبو خذ نصّر الثاني. ولأن عزرا كتبها بعد 500 عام من الوقائع أو بعثة موسى كان لا بد له من حيلة تبدو معقولة بل وتلزم الآخرين بالأخذ بها.. فكانت فكرة أن (هروح هقودش) هو الذي أملى التوراة على عزرا!
عودة عزرا إلى فلسطين
في السنة السابعة لحكم أرتحشستا ملك فارس، سلم الملك لعزرا رسالة سمح فيها لكل من أراد في مملكته من شعب إسرائيل وكهنته واللاويين أن يرجع معه إلى أورشليم محملين بالهدايا الثمينة بقيادة عزرا الكاتب. ومختصر الرسالة (سفر عزرا/ الإصحاح السابع): “من ارتحشستا ملك الملوك إلى عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء.. أما أنت يا عزرا فحسب حكمة إلهك وشريعة الهك التي بين يديك ضع حكاماً وقضاة يقضون لجميع الشعب الذي في عبر النهر من جميع من يعرف شرائع إلهك، والذين لا يعرفون فعلمهم، وكل من لا يعمل شريعة إلهك وشريعة الملك فليُقضَ عليه عاجلاً: إما بالموت أو النفي أو بغرامة المال أو الحبس”.
وصل عزرا مدينة القدس وأنشأ هناك (الكنيست) وترأسه. وقرأ فيه ومساعدوه التوراة كلها بصوت عال أمام جميع بني إسرائيل واتخذ تدابير هامة عديدة منها:
- إنشاء الكتاب المقدس اليهودي الكنسي في شكله الحالي والذي يتضمن (٢٤) كتاباً.
- وضع صيغة للصلاة اليهودية الموحدة لا تزال حتى يومنا هذا تستخدم فى العبادة.
- إنشاء نظام تعليمي متطور في أرض إسرائيل لنشر دراسة التوراة لتصبح التوراة معروفة من قبل الشعب بأسره وليس العلماء والكهنة فقط. وأمر عزرا بأن تنشأ مدارس إضافية للأطفال في كل مكان، كما أنه قام بتقسيم التوراة إلى أجزاء.
ويقال: إن الكنيست الكبير استمر حوالي ٢٠٠ سنة، لكن هيكل وبنية الحياة اليهودية التي كرسها لا تزال على حالها حتى يومنا هذا..
25/8/2016